هل يغير استحواذ الحكومة الأمريكية على 10% من أسهم «إنتل» سياسات العملاق العالمي؟

قال عدد من المتخصصين فى قطاع تكنولوجيا المعلومات إن دخول الحكومة الأمريكية فى هيكل ملكية شركة إنتل العالمية يهدف إلى حماية الشركة من التعثر المالى، وضمان عدم خروجها عن سياسة الكونجرس.

شركة إنتل العالمية
Ad

قال عدد من المتخصصين فى قطاع تكنولوجيا المعلومات إن دخول الحكومة الأمريكية فى هيكل ملكية شركة إنتل العالمية يهدف إلى حماية الشركة من التعثر المالى، وضمان عدم خروجها عن سياسة الكونجرس.

وأكدوا على أن حكومة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد تعيد تكرار النموذج خلال المرحلة القادمة، من خلال العمل على الدخول فى شراكات مع كيانات تكنولوجية أخرى من بينها انفيديا وتيك توك وتطبيق اكس.

وكان وزير التجارة الأمريكية هارولد لوتنيك أعلن فى بيان رسمى منذ أيام عن شراء الحكومة الأمريكية نحو 433.3 مليون سهم من إنتل بسعر 20.47 دولار للواحد، بقيمة إجمالية بلغت 8.9 مليار دولار.

إسماعيل: يهدف إلى تعزيز قدرتها المالية

وأرجع الدكتور خالد إسماعيل الشريك المؤسس لصندوق هيم إنجلز للاستثمار فى الشركات الناشئة سبب تنفيذ الحكومة الأمريكية لهذه الصفقة إلى سعى البيت الأبيض لإنعاش العملاق التكنولوجى وضمان عدم تعرضها لأى عثرات مالية، علاوة على ضمان استمرارها فى السوق الأمريكية بنفس حجم أعمالها خلال المرحلة المقبلة.

وأشار إلى أن الشركة واجهت خلال الفترة الماضية عددًا من المصاعب التقنية ساهمت بدورها فى تراجع أسهمها بشكل ملحوظ، وعلى رأسها عدم لحاق الشركة بركاب تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى بشكل ملموس، إذ لم تعمل انتل على تطوير مسرعات أعمالها لكى تنافس فى هذا القطاع،والذى بات أحد أهم الأذرع التكنولوجية لكافة الشركات حول العالم.

وذكر إسماعيل أن الحكومة الامريكية سبق وأن عقدت صفقات مماثلة فى القطاع الخاص بهدف إنقاذه واستعادة نشاطه مرة أخرى، مبينا أن إنتل تعد أحد أبرز الشركات العاملة فى قطاع التكنولوجيا على الصعيد العالمى.

وأرجع سبب تعرض إنتل إلى بعض العثرات المالية لاتباعها نفس الأسلوب الكلاسيكى المتعارف عليه فى إدارة أعمال شركات التكنولوجيا العالمية، خاصة وأنها تتفاخر باستمرار بالإعلان عن مواكبة المتغيرات العالمية وتعزيز قدراتها التقنية، لمواجهة منافس قوى آخر على الصعيد العالمى وهو شركة إنفيديا.

ولفت إلى أن إنتل تستحوذ على 85 % من إجمالى مبيعات الخوادم الذكية حول العالم، وهو الأمر الذى ساهم فى ثبات القمية السوقية لها خلال الفترة الماضية، خاصة وأنها تقدم العديد من الخدمات الأخرى التقنية للشركات الصغيرة والمتوسطة.

الرفاعى: ترامب يخشى خروجها عن السيطرة

فى سياق متصل، أشار أيمن الرفاعى الرئيس التنفيذى لشركة IX DEV للحلول الرقمية والتكنولوجية إلى أن دخول الحكومة الامريكية ضمن هيكل ملكية إنتل يعد سابقة جديدة هى الأولى من نوعها فى إطار الاستحواذ على شركات تكنولوجية، مبينا أنها ليست التجربة الأولى لواشنطن للشراكات مع القطاع التكنولوجى والدفاع والإنشاءات وخلافه.

وأوضح أن إنتل تعد أحد الشركات القديمة فى قطاع التكنولوجيا حول العالم، فضلا عن كونها تمتلك سابقة أعمال جيدة فى قطاعات متعددة، إذ تعد أول كيان يقوم بتصنيع المعالجات والمعروفة علميا بالبروسيسور،وتستحوذ على نصيب الأسد منها.

ولفت الرفاعى إلى أن هناك العديد من الأهداف من وراء هذا الاستحواذ على رأسها العقلية الاقتصادية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والتى تنجم عن رغبة كامنة للسيطرة على إنتل والحفاظ على عدم خروجها عن السيطرة خلال الفترة المقبلة، وسط مخاوف من اشتعال الحرب مجددا على صناعة أشباه الموصلات عالميا.

ورأى أن هناك صراعًا حاليا بين القوى الكبرى للهيمنة وبسط النفوذ على سوق صناعة أشباه الموصلات، خاصة وأن هذا المجال يعد عصب الحياة، إذ يدخل فى العديد من المجالات الحساسة، والتى تجعله محط أنظار جميع دول العالم، مبينا أن هناك قاعدة كبيرة من الشركات الكورية التى بدأت خوض غمار تجربة الدخول فى تلك الصناعة.

وأوضح أن ترامب قام خلال الفترة الماضية بالترويج سياسيا لإنجازاته وعرض قدراته الاقتصادية أمام الكونجرس الامريكى، مشيرا إلى أن وجود الحكومة الأمريكية ضمن هيكل ملكية إنتل بنسبة تصل إلى10%، سيعقبه تعيين ممثلين عنها ضمن مجلس إدارتها بشكل فعلى، مما يسهم فى متابعة اتجاه عمل إنتل والقرارت التى ستصدر خلال المرحلة القادمة، خاصة وأن هناك بعض التخوفات من الحكومة الأمريكية من طبيعة عمل إنتل ، بعد اجراء بعض الدراسات من قبل أجهزة المخابرات الأمريكية، والتى أسفرت عن وجود بعض الأسلحة والصواريخ التى تعمل بشرائح ذكية وتقنيات أمريكية.

وبين أنه من الغير المستبعد تطوير إنتل لبعض الأسلحة والتقنيات العالمية، خاصة وانها تعمل على تصنيع أشهر معالج على مستوى العالم والمعروف باسم Z80، والذى يتسم بصغر حجمه و كفاءته الشديدة والتعامل معه، مبينا أن هناك صعوبات بالغة للتحكم فى مثل هذه الصناعة الدقيقة.

ولفت الرفاعى إلى أن الحكومة الأمريكية لديها رغبة ملحة لمراقبة عمل إنتل خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن الشركة الأمريكية تمتلك العديد من التقنيات الحساسة التى تدخل فى صميم عمل بعض الصناعات وعلى رأسها التكنولوجيا العسكرية، والتى أثارت مخاوف الحكومة الأمريكية ودفعتها للتواجد ضمن هيكل ملكية إنتل.

وتابع قائلا إن تواجد الحكومة الأمريكية فى مجلس إدارة إنتل بغض النظر عن النسبة يعد ضمانة جيدة لحياد الشركة وعدم خروجها بأى شكل من الأشكال عن طبيعة السياسة الأمريكية والقرارات التى قد تتخذها الحكومة خلال الفترة المقبلة، مبينا أنه فى حالة رفض الشركة تواجد الحكومة فإن ذلك سيمثل خطرا على استمراراها فى الأسواق العالمية.

وذكر الرفاعى أن جميع المنتجات التى يجرى تصنيعها من قبل إنتل يتم توريدها بشكل أكبر للكيانات الأمريكية، فضلا عن دخول كافة الشرائح الذكية والمعالجات فى العديد من الصناعات هناك وعلى رأسها العسكرية، وهو الأمر الذى سيصعب من رفض إنتل للعرض الذى قدمته حكومة واشنطن خشية تعرضها لخسارة

فادحة.

ولفت إلى أن نسبة امتلاك الحكومة الأمريكية والتى تمثل %10 من أسهم إنتل بواقع 10 مليارات دولار لن تؤثر على الخزانة الامريكية، لافتا إلى أن الهدف الأكبر لحكومة ترامب هو السيطرة على قطاع تصنيع الرقائق الذكية، على أن يجرى تكرار هذا النموذج فى شركات أمريكية مماثلة، خاصة وان هناك أكثر من لاعب محورى فى تلك الصناعة هناك.

ورأى ان الفترة المقبلة قد تشهد تكرار نموذج استحواذ الحكومة ودخولها فى شراكات مع القطاع الخاص فى حالة ظهور أية أخطار قد تنشأ عن التكنولوجيا وقد تؤدى إلى تأثر المجتمع الأمريكي، مبينا أن هذا الأمر يعد أحد المفارقات المثيرة،خاصة مع النظر للنموذج المصرى على سبيل المثال مع صندوق الدولي،والذى طالب الحكومة المصرية بالتخارج من القطاع الخاص.

الحارثى: التجربة مرشحة للتكرار

وعلى صعيد آخر أوضح محمد الحارثى خبير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن حكومة ترامب لديها دوافع لعقد شراكات متعمقة والاستحواذ على نسب مؤثرة فى كبرى الشركات الأمريكية، لافتا إلى أن ذلك يأتى فى إطار دعم تلك الكيانات، وتوفير غطاء مالى لها بعد فرض الرسوم الجمركية من قبل الرئيس الأمريكي.

وبين أن الحكومة الأمريكية تتبع نفس النموذج مع شركة إنفيديا والتى حققت أرباحا كبيرة خلال النصف الأول من العام الجاري، مبينا أن ترامب لديه استراتيجية ترتكز على تشجيع وجود الحكومة فى ملكية شركات القطاع الخاص وعقد شراكات متنوعة معها بهدف دعم الكيانات هناك بشكل كبير.

وذكر أن تواجد حكومة ترامب فى هيكل ملكية الشركات الأمريكية لديه أبعادًا خطيرة تتمثل فى التأثير السلبى لبعض الشركات، مما قد يؤثر على استمرار عملها خلال الفترة المقبلة.

ورأى أن الصين تعد من أكثر الدول التى تعتمد على التكنولوجيات الأمريكية، وهو الأمر الذى دفع بكين لإنشاء شركات تكنولوجية كبرى تعمل فى مجال تصنيع الرقائق الذكية، مما يتيح لها الاستعاضة عن الأمريكية بحسب تعبيره.

وأشار الحارثى إلى ان الحكومة الأمريكية بصدد تعميم نموذج الشراكة بين القطاع الحكومى والخاص خلال المرحلة القادمة بهدف دعم تلك الشركات، مبينا أن النموذج الصينى يعمل على دعم شركات التكنولوجيا فى الصين دون الحاجة للدخول ضمن هيكل ملكيتها.

وبين أن تويتر وتيك توك تعدان أحد أبرز المرشحين خلال المرحلة القادمة لتواجد الحكومة الأمريكية ضمن هيكل ملكيتهما، فى إطار تعزيز نمو تلك الكيانات واستمرار تواجدها فى الأسواق.