عودة أزمة نقص الأدوية تهدد استقرار السوق

وخلال الأسابيع الأخيرة، رصدت “المال” اختفاء عدد من الأصناف الحيوية من الأسواق، وهو ما أثار جدلا واسعا حول الأسباب الحقيقية وراء الأزمة.

أزمة نقص الأدوية
Ad

بعد أشهر من الهدوء النسبى الذى شهدته السوق الدوائية فى مصر بفضل الإجراءات التى اتخذتها هيئة الدواء المصرية للسيطرة على النواقص، عادت من جديد الأزمة لتلقى بظلالها على المرضى والأطباء، وسط تحذيرات من تفاقم الوضع إذا لم يتم التدخل العاجل لوقف الممارسات غير المنضبطة فى القطاع.

وخلال الأسابيع الأخيرة، رصدت “المال” اختفاء عدد من الأصناف الحيوية من الأسواق، وهو ما أثار جدلا واسعا حول الأسباب الحقيقية وراء الأزمة.

ففى حين يرى مراقبون أن بعض الشركات تمارس ضغوشطا بغرض تحريك أسعار أصناف دوائية طالبت برفع أسعارها خلال الأشهر الماضية، يؤكد آخرون أن انتشار المخازن غير المرخصة يعد أحد أبرز الأسباب، حيث تعمل على تخزين الأدوية الأكثر طلبا وإعادة بيعها بأسعار تتجاوز السعر الرسمى بما يصل إلى عشرة أضعاف فى بعض الأحيان.

جهود الهيئة.. وعودة الأزمة

كانت هيئة الدواء المصرية قد كثفت خلال العام الماضى حملاتها الرقابية على الأسواق، مع تدبير بدائل للأصناف الناقصة، ما أسهم فى استقرار السوق لفترة امتدت عدة أشهر.

غير أن تكرار الأزمة يطرح تساؤلات حول قدرة تلك الإجراءات على مواجهة ممارسات بعض الشركات والموزعين، خصوصا فى ظل استمرار الحديث عن ارتفاع تكاليف الإنتاج والضغط على سلاسل الإمداد.

أصناف حيوية غائبة

بحسب المتابعة الميدانية، فإن قائمة الأدوية التى سجلت نقصا ملحوظا خلال الفترة الأخيرة تضم أصنافا واسعة النطاق، بعضها يستخدم لعلاج أمراض مزمنة أو خطيرة، الأمر الذى يضاعف من خطورة الموقف، ومن أبرز هذه الأصناف:

“ دابسون والمستخدم كعلاج أساسى لمرضى الجذام وبعض أمراض الجلد، و دوفالاك، ملين لعلاج الإمساك، وأفاميس لأعراض التهاب الأنف التحسسى، و ديكابيبتايل لعلاج سرطان البروستاتا المتقدم”.

كما شملت قائمة النواقص” جلوكوفاج XR 1000 وهو أحد أهم العلاجات لمرض السكرى من النوع الثانى، وإنتيكافير لعلاج التهاب الكبد الفيروسى (B)، و سانديميون نيورال 100 ملجم لمرضى زراعة الأعضاء لمنع رفض الجسم للعضو المزروع.

ولعل أبرز الأصناف التى اختفت “زولادكس وهو علاج تلطيفى لسرطان الثدى وإدارة مرض بطانة الرحم، و توفاكسا لأمراض المناعة الذاتية، وسولو ميدرول و بريدنيزولون لعلاج التهابات مختلفة والحساسية والربو”.

كما احتوت قائمة النواقص على، “ إبيجونال 75 لعلاج العقم عند النساء والرجال، وكولشيسين لعلاج حمى البحر المتوسط والنقرس، و كونتراكتيوبكس، لعلاج الندبات الناتجة عن الجروح والحروق، ولانوكسين: لتنظيم ضربات القلب، وديفارول إس لعلاج هشاشة العظام، و جلسرين لبوس، ملين للأطفال والكبار، و كولوسالازين لأمراض مناعية، وجوسبرين، بخلاف علاجات سيولة الدم.

غياب هذه القائمة لا يقتصر أثره على المرضى فقط، بل يمتد ليشكل عبئا اقتصاديا إضافيا على الدولة والأسر، فى ظل اضطرار بعضهم للجوء إلى السوق السوداء أو البحث عن بدائل أقل فاعلية.

المخازن غير المرخصة

.. «قنبلة موقوتة»

يؤكد عدد من الصيادلة أن أزمة نقص الأدوية لا تنفصل عن نشاط المخازن غير المرخصة، التى تعمل بعيدا عن أعين الأجهزة الرقابية، إذ يتم تخزين كميات كبيرة من الأصناف الأكثر طلبا، ثم إعادة ضخها بأسعار مرتفعة مستغلة حاجة المرضى، وهو ما وصفه بعض الخبراء بـ”القنبلة الموقوتة” التى تهدد استقرار السوق على المدى الطويل.

وطالبوا بضرورة تشديد الرقابة على تلك الكيانات غير القانونية، وإغلاقها بشكل فورى، إلى جانب فرض عقوبات رادعة على المخالفين، بما يحافظ على استقرار السوق ويحمى المريض المصرى.

دعوات لتوازن الأسعار

على الجانب الآخر، تشير بعض الشركات إلى أن ارتفاع تكاليف الإنتاج والاستيراد نتيجة تقلبات أسعار العملات والمواد الخام، هو السبب الرئيس وراء الأزمة، مطالبة بضرورة إعادة النظر فى تسعير بعض الأصناف لضمان استدامة توافرها بالسوق المحلية.

الحاجة إلى رؤية شاملة

بين ضغوط الشركات، والممارسات غير الشرعية للمخازن، وتحديات تسعير الدواء، يبقى المريض هو المتضرر الأول من استمرار الأزمة.

ويرى متخصصون أن الحل يكمن فى وضع رؤية شاملة توازن بين قدرة الشركات على الاستمرار من ناحية، وحماية حقوق المرضى فى الحصول على العلاج بأسعار عادلة من ناحية أخرى.

كما يشددون على أهمية الإسراع فى تعزيز التصنيع المحلى للخامات والأدوية الأساسية وتوطين الصناعات المرتبطة بها، بما يقلل من الاعتماد على الاستيراد ويضمن استقرار الإمدادات الدوائية على المدى الطويل.