كشفت مصادر أن مسؤولين أميركيين وروس ناقشوا خلال الشهر الجاري عدة صفقات طاقة على هامش محادثات السلام الرامية إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة من واشنطن لتقديم حوافز اقتصادية للكرملين مقابل قبول تسوية سياسية وتخفيف العقوبات الغربية المفروضة، منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022، وفقا لما ورد في وكالة رويترز..
عودة إكسون موبيل إلى "ساخالين-1"
تطرق المسؤولون إلى إمكانية عودة شركة إكسون موبيل الأميركية إلى مشروع النفط والغاز الروسي "ساخالين-1"، الذي انسحبت منه الشركة عام 2022 مسجلة خسائر قيمتها 4.6 مليار دولار، بعد أن استحوذت موسكو على حصتها البالغة 30%.
كما ناقشت الأطراف احتمال سماح واشنطن لموسكو بشراء معدات أميركية لتطوير مشاريع الغاز الطبيعي المسال الروسية، مثل مشروع "أركتيك LNG 2" الخاضع للعقوبات الغربية منذ العام نفسه.
ووفقاً لمصادر أخرى، طرحت أيضاً فكرة شراء الولايات المتحدة سفن كاسحات جليد نووية روسية، وهي خطوة وصفت بأنها رمزية لإظهار مرونة في العلاقات الاقتصادية.
المفاوضات جرت خلال زيارة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إلى موسكو هذا الشهر، حيث التقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومبعوثه الاستثماري كيريل ديميترييف. كما ناقشت الإدارة الأميركية الملف ذاته مع الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، وتداولته سريعاً على هامش قمة ألاسكا في 15 أغسطس.
وقال أحد المصادر: "البيت الأبيض كان يسعى لإعلان صفقة استثمارية كبرى عقب قمة ألاسكا، ليظهر ترامب أنه حقق إنجازاً ملموساً".
سياسة الضغط والعقوبات
وفي موازاة هذه المحادثات، جدّد ترامب تهديده بفرض عقوبات أشد على روسيا إذا لم تحرز محادثات السلام تقدماً، كما لوّح بفرض تعريفات جمركية قاسية على الهند – أكبر مستورد للنفط الروسي – وهو ما قد يعقّد قدرة موسكو على الحفاظ على مستويات صادراتها النفطية الحالية.
وكانت الإدارة الأميركية قد بحثت مطلع العام خططاً لإعادة تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا ضمن تسوية مع موسكو، لكن المفوضية الأوروبية أوقفت هذه الخطط عبر إعلانها خطة للتخلص التدريجي من واردات الغاز الروسي بحلول عام 2027.
وتزامنت هذه المناقشات مع إصدار بوتين مرسوماً يسمح للمستثمرين الأجانب – ومن ضمنهم "إكسون موبيل" – باستعادة حصصهم في مشروع "ساخالين-1"، شرط العمل على رفع العقوبات الغربية.
أما مشروع "أركتيك LNG 2"، المملوك بأغلبية لشركة نوفاتك الروسية، فيواجه صعوبات كبيرة بعد العقوبات الأميركية التي حرمت موسكو من الحصول على سفن الجليد المتخصصة الضرورية لتشغيل المشروع. وبرغم ذلك، استأنف المشروع إنتاج الغاز الطبيعي في أبريل الماضي بطاقة محدودة، حيث تم تحميل خمس شحنات هذا العام على ناقلات خاضعة للعقوبات.
وتسعى موسكو حالياً لاستكمال ثلاث وحدات لمعالجة الغاز المسال في المشروع، مع الاعتماد جزئياً على التكنولوجيا الصينية في ظل القيود الغربية. غير أن مصادر التفاوض أشارت إلى أن واشنطن تحاول إقناع روسيا بالتحول إلى المعدات الأميركية بدلاً من الصينية، في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى فك الارتباط بين بكين وموسكو.
الصين في المعادلة
تأتي هذه التطورات في ظل العلاقة المتينة بين روسيا والصين، إذ أعلن البلدان قبل أيام من غزو أوكرانيا عن شراكة "بلا حدود". ومنذ ذلك الحين، التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر من 40 مرة خلال العقد الماضي، فيما وصف بوتين بكين مراراً بأنها الحليف الأهم لموسكو في مواجهة الغرب.
