أكد اتحاد شركات التأمين المصرية في نشرته الصادرة اليوم أن قطاع التأمين يواجه حزمة من الأخطار متعددة الأبعاد، من بينها الأخطار السيبرانية والتشغيلية وأخطار الالتزام، وهي أخطار تتطور بشكل متسارع وتزداد تعقيدًا مع وتيرة التحول الرقمي. وأوضح الاتحاد أن الأساليب التقليدية لم تعد كافية للتعامل مع هذه التحديات، خاصة في ظل البيئة التنظيمية المعقدة والمخاطر العالية التي تميز صناعة التأمين، الأمر الذي يجعل تطبيق إطار الحوكمة وإدارة الخطر والالتزام (GRC) ضرورة حتمية لضمان فاعلية القطاع واستقراره.
وأشار الاتحاد إلى أن هذا الإطار يسهم في تعزيز الاستقرار المالي للقطاع من خلال الإدارة الفعّالة للمخاطر وحماية الأصول، بما يضمن قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها تجاه حملة الوثائق. كما يحمي حقوق العملاء عبر الالتزام الصارم باللوائح المنظمة وتقديم خدمات تأمينية عادلة وشفافة. وإلى جانب ذلك، فإنه يعمل على تحسين الكفاءة التشغيلية من خلال تبسيط الإجراءات وتقليل الازدواجية في المهام، مع دعم عملية اتخاذ القرار بشكل أكثر فعالية. كما أكد الاتحاد أن الالتزام بالمتطلبات القانونية والتنظيمية يحمي الشركات من الغرامات والعقوبات ويحافظ على سمعتها في السوق، بينما يساهم تحقيق الشفافية والمساءلة في بناء جسور الثقة مع العملاء والمستثمرين والجهات الرقابية.
وأوضح الاتحاد أن تطبيق إطار GRC الفعّال يقوم على ثلاثة مكونات مترابطة. أولها الحوكمة المؤسسية، التي ترتكز على وضع هيكل واضح للمسؤوليات والصلاحيات وآليات اتخاذ القرار، حيث يلعب مجلس الإدارة دورًا محوريًا في صياغة الاستراتيجيات والإشراف على الإدارة، وضمان تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة. كما تبرز أهمية اللجان المتخصصة مثل لجان الأخطار والمراجعة والالتزام في تقديم إشراف نوعي، إلى جانب صياغة سياسات وإجراءات داخلية دقيقة تضمن الشفافية والمساءلة في مختلف العمليات.
أما المكون الثاني فهو إدارة الأخطار، باعتبارها جوهرية لطبيعة عمل شركات التأمين. وتشمل هذه الإدارة تحديد جميع أنواع المخاطر المحتملة مثل أخطار الاكتتاب المرتبطة بالتسعير والتقييم، وأخطار السوق الناتجة عن تقلبات الأسعار، وأخطار التشغيل الناجمة عن الأخطاء البشرية أو الأعطال الفنية، وأخطار الائتمان المرتبطة بعجز الأطراف المقابلة عن الوفاء بالتزاماتها. وتتم هذه العملية عبر تقييم احتمالية حدوث المخاطر وتأثيراتها المحتملة، ثم وضع استراتيجيات للتعامل معها سواء بالتخفيف أو النقل أو القبول، بالاعتماد على أدوات مثل إعادة التأمين وتنويع المحافظ الاستثمارية وتطبيق ضوابط داخلية مشددة، مع المتابعة المستمرة وتحديث الاستراتيجيات بشكل دوري.
ويتعلق المكون الثالث بـ الالتزام التنظيمي، حيث شدد الاتحاد على أن شركات التأمين مطالبة بالالتزام بمجموعة واسعة من القوانين واللوائح المحلية والدولية. ويشمل ذلك الالتزام بلوائح الترخيص والتشغيل، وتطبيق قواعد حماية البيانات والخصوصية لضمان سرية معلومات العملاء، إلى جانب اتباع إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فضلًا عن الالتزام بمتطلبات الملاءة المالية المتعلقة برأس المال والاحتياطيات اللازمة لضمان قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها تجاه حملة الوثائق.
وأكد الاتحاد أن الحوكمة وإدارة المخاطر والالتزام لا تُعد مجرد متطلبات تنظيمية تُفرض على صناعة التأمين، بل تمثل ضرورة استراتيجية لتحقيق الاستدامة والنمو في القطاع. فوجود إطار قوي ومتكامل يعزز من قدرة الشركات على مواجهة التحديات، والتكيف مع المتغيرات التنظيمية، وترسيخ ممارسات قائمة على الشفافية والنزاهة.
وختم الاتحاد بالتأكيد على أن الاستثمار في هذا الإطار يُعد ركيزة أساسية لتعزيز الثقة وحماية حقوق العملاء، وزيادة مرونة شركات التأمين في مواجهة التحديات الاقتصادية والتطورات التنظيمية، بما يساهم في دعم الاستقرار المالي وتأكيد مكانة سوق التأمين المصري على المستويين الإقليمي والدولي.
