أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يوم الجمعة إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب، مع ملاحظة وجود مستوى عالٍ من عدم اليقين يصعب على صانعي السياسات النقدية اتخاذ القرارات، بحسب شبكة سي إن بي سي.
في خطابه المنتظر في مؤتمر جاكسون هول السنوي في وايومنغ، أشار إلى "تغيرات جذرية" في السياسات الضريبية والتجارية والهجرة، مما أدى إلى تحول في مخاطر الاقتصاد بين هدفين رئيسيين للبنك المركزي: التوظيف الكامل واستقرار الأسعار.
على الرغم من أن سوق العمل لا يزال في حالة جيدة، وأظهر الاقتصاد مرونة، إلا أن باول حذر من تزايد المخاطر السلبية، مع تزايد احتمالات ارتفاع التضخم مرة أخرى بسبب الرسوم الجمركية، مما يهدد سيناريو الركود التضخمي الذي يسعى البنك المركزي لتجنبه.
وأوضح باول أن معدل الفائدة القياسي للبنك أقل بمقدار نقطة مئوية كاملة عن مستواه قبل عام، مع استمرار معدل البطالة منخفضًا، مما يتيح المجال لاتخاذ قرارات حذرة بشأن السياسة النقدية.
وفي الوقت الذي لم يعلن فيه بشكل صريح عن نية لخفض الفائدة، أشار إلى أن الظروف الحالية قد تتطلب تعديل السياسة، خاصة مع وجود مخاطر متزايدة تؤثر على التوازن بين أهداف التضخم والتوظيف.
وكان ذلك بمثابة إشارة غير مباشرة إلى توقعات السوق بأن خفض الفائدة قد يكون قيد الدراسة في الاجتماع القادم للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في 16-17 سبتمبر، خاصة مع الضغوط التي يمارسها الرئيس دونالد ترامب على البنك المركزي للموافقة على تخفيضات حادة.
ظل البنك المركزي يثبت سعر الفائدة بين 4.25% و4.5% منذ ديسمبر، مع استمرار صانعي السياسات في توخي الحذر بسبب عدم اليقين حول تأثير الرسوم الجمركية على التضخم، مع اعتقادهم أن الظروف الاقتصادية الحالية تسمح بمزيد من الوقت لاتخاذ قرارات مستقبلية. وأكد باول على أهمية استقلالية البنك المركزي، موضحًا أن قرارات اللجنة ستستند فقط إلى البيانات والتوقعات الاقتصادية، ولن تتأثر بالضغوط السياسية.
وفي سياق التوترات التجارية المستمرة، أشار إلى أن التوقعات تتفاوت حول تأثير الرسوم الجمركية، حيث يعتقد البعض أنها لن تؤدي إلى تضخم دائم، بينما يرى آخرون أن تأثيرها قد يكون مؤقتًا. وأوضح أن تأثير الرسوم على سلاسل التوريد والأسواق قد يستغرق وقتًا للظهور، مع استمرار تطور معدلات الرسوم الجمركية، مما قد يطيل فترة التكيف الاقتصادي.
كما استعرض باول مراجعة استراتيجية السياسة النقدية التي أجرتها اللجنة على مدى السنوات الخمس الماضية، والتي شهدت اعتماد نظام استهداف التضخم المرن، الذي يسمح بارتفاع مؤقت في التضخم فوق هدف 2%، بهدف دعم تعافي سوق العمل.
ومع ذلك، أدت الزيادات في التضخم بعد ذلك إلى تقييمات مختلفة، حيث اعتبر البعض أن التضخم تجاوز الهدف بشكل غير مقصود، مما أدى إلى دروس مهمة حول أهمية السيطرة على التضخم وتأثيره على الفئات ذات الدخل المحدود.
وفي الختام، أكد باول أن التزام البنك المركزي بهدف التضخم عند 2% هو عنصر أساسي في الحفاظ على توقعات التضخم طويلة الأمد مستقرة، مع الاعتراف بأن السنوات الأخيرة كانت بمثابة تذكير مؤلم بآثار التضخم المرتفع، خاصة على الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع.
