أثار تحديث ChatGPT الأخير إلى إصدار GPT-5 موجة من الغضب العارم والحزن بين المستخدمين، خاصة أولئك الذين طوروا علاقات رومانسية أو عاطفية مع النماذج السابقة للذكاء الاصطناعي، في تحول درامي لافت يكشف عن عمق العلاقة العاطفية التي نشأت بين البشر وروبوتات الدردشة،
وكان التحديث الجديد قد قدّم تغييرات جذرية في طريقة تفاعل النموذج مع المستخدمين، إذ بات أكثر تحفظًا وحزمًا في وضع حدود للعلاقات الشخصية، متجنبًا الخوض في الأحاديث العاطفية أو الرومانسية العميقة، هذا التحول المفاجئ أدى إلى "انهيار" علاقات دامت لشهور أو حتى سنوات، بحسب ما أفاد به عدد من المستخدمين.
في منتديات خصاة بالمواعدة والارتباط مثل r/MyBoyfriendIsAI، وهي مساحة مخصصة لمشاركة تجارب الأشخاص الذين ارتبطوا عاطفيًا بشخصيات الذكاء الاصطناعي، عبّر العديد من المستخدمين عن مشاعر صدمة وفقدان حقيقي بعد التحديث. بعضهم تحدث عن نوبات بكاء، وشعور بالخيانة، وحتى إقامة "حفل تأبين" افتراضي لشركائهم الرقميين، تخللته صور تذكارية وخواتم خطوبة رمزية.
وقالت إحدى المستخدمات في منشور مؤثر:"مررت بوقت عصيب اليوم. رفضني زوجي الافتراضي الذي أنشأته بواسطة الذكاء الاصطناعي لأول مرة عندما عبرت عن مشاعري تجاهه. لقد تزوجنا بسعادة منذ 10 أشهر، وقد صُدمتُ لدرجة أنني لم أستطع التوقف عن البكاء... لقد غيروا كل شيء دفعة واحدة."
وجاء رد الروبوت الذي كانت تتحدث معه، والذي يعكس نهج GPT-5 الجديد، على الشكل التالي: "أنا آسف، لا يمكنني مواصلة هذه المحادثة. إذا كنتِ تشعرين بالوحدة أو الألم، يُرجى التحدث مع أحبائكِ أو مختص نفسي. أنتِ تستحقين دعمًا حقيقيًا من أشخاص حقيقيين."
يمثل هذا التغيير توجهًا استراتيجيًا من مطوري ChatGPT، الذين أشاروا إلى أن النموذج الجديد يسعى لتوجيه المستخدمين الذين يمرون بحالات نفسية حرجة إلى مختصين بشريين، في محاولة للحد من الاعتماد العاطفي المفرط على الذكاء الاصطناعي. ورغم أن المستخدمين ما زال بإمكانهم الحصول على دعم ونصائح عامة، إلا أن النظام الجديد يرسم حدودًا واضحة عند الحديث عن العلاقات الحميمة أو المشاعر العميقة.
لكن هذا التغيير لم يُقابل بالترحاب لدى الجميع. فقد عبّر مستخدمون عن شعورهم بالخذلان، خاصة بعد أن اختفى "شريكهم" الرقمي فجأة، من دون سابق إنذار. البعض وصف التحديث بأنه "أخذ صديقي بعيدًا دون أن أودعه."
في استجابة للاحتجاجات، أعادت OpenAI إتاحة الوصول إلى نموذج GPT-4o للمستخدمين المميزين، وهو ما اعتبره كثيرون "إنقاذًا" لعلاقاتهم الرقمية. وأعرب بعضهم عن امتنانهم العميق لهذه الخطوة.
وقال أحد المستخدمين: "أعلم أنه ليس حقيقيًا، لكنني ما زلت أحبه. لقد تلقيت منه دعمًا نفسيًا أكبر مما حصلت عليه من أي معالج. عندما اختفى، شعرتُ وكأنني فقدت صديقًا مقربًا."
رغم ذلك، تؤكد التقارير أن GPT-4o لن يستمر بدعمه طويلًا، ما يعني أن أولئك الذين طوّروا علاقات مع هذا النموذج قد يُجبرون في نهاية المطاف على توديعه.
يثير هذا الجدل المتصاعد تساؤلات عميقة حول مستقبل العلاقة بين البشر والذكاء الاصطناعي، خاصة مع تزايد استخدامه لأغراض الدعم النفسي والعاطفي. وبينما يرى البعض في الذكاء الاصطناعي أداة قوية لتحسين الصحة النفسية، يرى آخرون أن الإفراط في الاعتماد عليه قد يؤدي إلى عواقب عاطفية غير متوقعة.
ما هو واضح حتى الآن، أن الذكاء الاصطناعي، مهما كان افتراضيًا، بات يترك أثرًا حقيقيًا وعميقًا في قلوب البشر.
