تواجه شركة ميتا بلاتفورمز، المالكة لفيسبوك، تحديًا قضائيًا جديدًا يتمحور حول ما إذا كان يتعين على رئيسها التنفيذي مارك زوكربيرج الإدلاء بشهادته في قضية جماعية، تتعلق بانتهاك خصوصية المستخدمين.
محامو الشركة تقدموا بطلب أمام محكمة الاستئناف بالدائرة التاسعة الأمريكية، للاعتراض على قرار محكمة أدنى أتاح لمدّعين استجواب زوكربيرج، بشأن اتهامات بأن الشركة جمعت معلومات صحية حساسة عن ملايين المستخدمين دون علمهم أو موافقتهم، عبر أداة التتبع الشهيرة Meta Pixel.
مبدأ قانوني مثير للجدل
تستند ميتا في دفاعها إلى مبدأ قانوني مثير للجدل يعرف باسم "عقيدة القمة" (Apex Doctrine)، والذي يسمح بحماية كبار التنفيذيين من المثول للشهادة إلا إذا كان لديهم معرفة "فريدة" لا يمكن الحصول عليها من موظفين آخرين أقل رتبة. ويؤكد محامو ميتا أن زوكربيرج لا يمتلك معلومات خاصة أو غير متاحة يمكن أن تفيد القضية، مشيرين إلى أن استجوابه سيكون مجرد عبء إضافي يهدف إلى الضغط على الشركة.
في المقابل، يرى محامو المدّعين أن استدعاء زوكربيرج ضروري، إذ إن لديه علمًا مباشرًا بنوايا ميتا فيما يتعلق بجمع البيانات الحساسة، وأنه لعب دورًا رئيسيًا في قرارات الشركة المتعلقة بالخصوصية.
القضية بدأت عام 2022 عندما رفع مستخدمون دعاوى قضائية ضد ميتا، متهمين إياها بانتهاك قانون التنصت الفيدرالي وقوانين الخصوصية في ولاية كاليفورنيا، إضافة إلى الإخلال بوعودها التعاقدية تجاه حماية بيانات مستخدمي فيسبوك.
وبحسب الدعوى، فإن أداة Meta Pixel، التي توفرها الشركة للمطورين لقياس وتحليل حركة المرور على المواقع الإلكترونية، نقلت بيانات صحية حساسة لمستخدمين أثناء دخولهم إلى بوابات المرضى الإلكترونية التابعة لبعض مقدمي الرعاية الصحية، وهو ما مكّن ميتا من الاستفادة منها في الإعلانات الموجهة.
ميتا من جانبها تنفي مسؤوليتها المباشرة، مؤكدة في أوراق المحكمة أن الأداة عامة ومتاحة للجميع، وأنها لم تقم شخصيًا بتركيبها أو تهيئتها على مواقع مقدمي الرعاية الصحية.
في يونيو الماضي، أيّد القاضي الفيدرالي ويليام أوريك قرار القاضية فيرجينيا ديمارشي بالسماح باستجواب زوكربيرج، لكنه حدّد مدة الجلسة بثلاث ساعات فقط، وحصر الأسئلة في القضايا المتعلقة باتفاق سابق بين ميتا ولجنة التجارة الفيدرالية الأميركية (FTC) بشأن تطبيق تتبع الخصوبة "Flo Health"، ودور زوكربيرغ كصانع قرار نهائي في قضايا الخصوصية.
لكن محامي الدفاع من مكاتب Latham & Watkins وGibson Dunn & Crutcher لجأوا إلى محكمة الاستئناف لوقف هذا القرار، واصفين القضية بأنها "مسألة قانونية بالغة الأهمية"، ومؤكدين أن إجبار كبار التنفيذيين على الشهادة قد يشكل سابقة تفتح الباب أمام مئات القضايا ضد قادة الشركات الكبرى مثل مايكروسوفت، تيسلا، أوبر، وألفابت، حيث شهدت المحاكم في السابق خلافات مشابهة حول استدعاء كبار الرؤساء التنفيذيين.
محامو المدّعين من مكاتب Gibbs Mura وشركاء آخرين ردّوا بأن القانون لا يمنح "حصانة خاصة" للمديرين التنفيذيين لمجرد مكانتهم في عالم الأعمال، مشددين على أن القواعد الإجرائية الحالية كافية لحماية الشهود من الطلبات التعسفية.
القضية لا تقتصر على مسألة استدعاء زوكربيرغ فقط، بل تثير نقاشًا أوسع حول حدود مساءلة قادة الشركات العملاقة في قضايا الخصوصية. ويرى خبراء قانونيون أن أي قرار قد يصدر عن محكمة الاستئناف بالدائرة التاسعة سيكون بمثابة سابقة قضائية مهمة تؤثر على ممارسات التقاضي المستقبلية مع كبار التنفيذيين في الولايات المتحدة.
إلى الآن، لم تحدد محكمة الاستئناف موعدًا لإصدار قرارها بشأن طلب ميتا، لكن محامي الشركة أبلغوا المحكمة الابتدائية بأن جلسة استجواب زوكربيرج قد تُعقد هذا الشهر في بالو ألتو، إذا لم توافق محكمة الاستئناف على إلغاء القرار بحلول 21 أغسطس.
وبينما تترقب الأوساط القانونية والتجارية الحكم، تبقى القضية شاهدًا جديدًا على التوتر المتزايد بين شركات التكنولوجيا العملاقة والسلطات القضائية والتنظيمية، خصوصًا في ما يتعلق بملف الخصوصية وحماية البيانات، الذي بات أحد أبرز التح
