تعول وزارة النقل، على الاستفادة من الممر البرى الجديد الذى يربط مصر بالسعودية والعراق، فى خطوة تعكس الدور الاستراتيجى لمنظومة التجارة الإقليمية والدولية، فى زيادة التبادل التجارى، بنى السوق المحلية، ودولتى “العراق” والسعودية”.
نفذت هيئة موانئ البحر الأحمر التابعة لوزارة النقل، منذ أيام أولى رحلات النقل البرى من القاهرة عبر شبكة الطرق القومية الحديثة التى تربط المحافظات المصرية بالموانئ البحرية، مرورًا بميناء سفاجا، ومنه إلى ميناء نيوم السعودى عبر البحر الأحمر، لتستكمل رحلتها برًا حتى مدينة أربيل العراقية، ما أسهم فى خفض زمن النقل بأكثر من 50% مقارنة بالمسارات التقليدية.
عدد من العاملين بقطاع النقل، والتصدير والاسيتراد،، ثمن التجربة فى مراحلها، باعتبارها تفعيلًا لمنظومة النقل البرى المتكامل مع الدول الشقيقة، ومن ثم فرص استثمارية مرتقبة بين الدول الثلاث، خاصة أن الحكومة المصرية تسعى لزيادة التبادل التجارى مع البلدان المجاورة، وزيادة صادراتها بشكل أساسى.
بداية قال اللواء أيمن الأعصر، نائب رئيس ميناء سفاجا البحرى، أن مرور الشحنة جاء فى إطار المرحلة التجريبية للممر التجارى متعدد الوسائط، وضمن المشروع التجريبى للممر التجارى الإقليمى بين مصر والسعودية والعراق.
وأوضح “الأعصر” أن الشحنة عبارة عن حاوية مبردة محملة بمنتجات الألبان، وتم نقلها على إحدى مراكب وكالة “بدوي”، وتعد أول شحنة فى إطار التجربة التشغيلية للممر التجارى متعدد الوسائط الذى يربط بين مصر والسعودية والعراق، مشيرًا إلى أنه لم تفرض أى إجراءات استثنائية، إذ إن الشحنات الصادرة يتم نقلها بشكل ميسر وسريع لعدم وجود منطقة تخزين بالميناء مخصصة للصادرات.
وقال “الأعصر” إن نقل الشحنة بين الدول الثلاث يمنح ميناء سفاجا وأيضًا ميناء نويبع فرصة لتعظيم نقل الصادرات من مصر لدول الخليج والعكس.
من جهته، قال الدكتور محمد البنا، رئيس قسم سلاسل الإمداد واللوجيستيات بشركة “أس أم أى للاستشارات” إن مرور أول شحنة عبر الممر التجارى الجديد بين مصر والسعودية والعراق، يعد إشارة قوية على عودة الروح إلى التكامل اللوجستى والاقتصادى العربى.
وتابع: “أن الشحنة التى مرت ليست مجرد حاوية بل أول خطوة فى ممر لوجستى جديد فى النقل البرى والبحرى بين ثلاث دول ذات ثقل اقتصادى كبير”.
وأوضح “البنا” أن ميناء سفاجا البحرى اعتبره البعض بوابة ثانوية بينما اليوم تحول إلى محور استراتيجى فى منظومة الربط بين الخليج وبلاد الشام عبر الأراضى المصرية.
ويرى أن الربط البحرى البرى باستخدام الممر التجارى الجديد يعد فرصة كبيرة للمصدرين المصريين للدخول إلى الأسواق العراقية والخليجية بقدرة تنافسية.
لفت إلى أن نجاح ذلك الربط مشروط بتطوير البنية التحتية على طول هذا الممر مما يحولها من حدث فردى إلى منظومة مستدامة مع ضرورة تمكين شركات القطاع الخاص من تقديم خدمات متكاملة من تخليص، وتخزين، والعبور.
فى الوقت ذاته، قال الدكتور أحمد الشامى، عضو الجمعية العامة للشركة القابضة للنقل البرى والبحرى، إن إحصائيات وزارة النقل سجلت فى عام 2024 أن ميناء سفاجا شهد تداول 5.6 مليون طن من البضائع بزيادة 18% عن 2023 تزامنًا مع استثمار AD Ports Group الإماراتية نحو 200 مليون دولار لتطوير ميناء سفاجا ليصبح أول ميناء دولى تشغله جهة شركة عالمية فى صعيد مصر عبر محطة متعددة الأغراض.
وأكد أن ذلك التوسع يأتى بالتزامن مع أول شحنة تعبر الممر التجارى الجديد بين مصر والسعودية والعراق، مما خفض زمن الانتقال بأكثر من 50٪ مقارنة بالطرق التقليدية.
وقال “الشامي” إن شحن الحاوية إلى العراق يثبت نجاح النقل المتعدد الوسائط والإدارة اللوجستية والتعاون الجيد بين السلطات، خاصة أن الشحنة انطلقت من القاهرة إلى ميناء سفاجا إلى ميناء نيوم، وواصلت طريقها بريا إلى أربيل لمسافة 900 كيلومتر بين القاهرة حتى سفاجا ثم 550 كم من السعودية إلى العراق و900 كم أخرى حتى أربيل، بينما الطريق البحرى يستغرق 100 ميل بحرى أى أن الرحلة استغرقت 48 ساعة فقط بسبب تحسن الإجراءات اللوجستية.
وأضاف الشامى، يجب أن يتم زيادة تلك الشحنات معتمدة على توريد احتياجات العراق غير بترولية من فواكه والمكسرات والمعدات والمنتجات الجلدية وبذور الزيت والحبوب، مما سينعكس على زيادة الحجم التجارى بين دول مجلس التعاون الخليجى ومصر والأردن.
وأشار إلى أن استمرار ذلك يؤدى إلى زيادة قيمة العملة المصرية فورًا نتيجة التخفيف من طلب العملات الحرة الأخرى بناء على اتفاقيات تبادلات تجارية.
ولفت إلى أن ذلك الربط البحرى البرى سيؤدى إلى وصول أسرع للبضائع، وتسليم أكثر كفاءة، وفتح مسارات جديدة بين البحر الأحمر والشمال العراقى بجانب تعزيز قدرات اللوجستيات لدى ميناء سفاجا.
من جانبه، شريف صبرى استشارى بإحدى شركات قطاع البتروكيماويات، أن المطلوب لنجاح ذلك الخط معرفة الفرص التصديرية من الخامات المطلوبة للعراق، مما يتطلب دورًا حقيقيًا لوزارة الاستثمار فى مساعدة المصدرين فى تصدير منتجاتها إلى دول الخليج والعراق.
من جانبه، أكد إبراهيم شلبى، رئيس شعبة النقل الدولى واللوجستيات بالغرفة التجارية ببورسعيد، أنه رغم مزايا نقل التجارة وخاصة الصادرات المصرية عبر الممر الإقليمى الجديد مصر السعودية العراق إلا أن هناك مجموعة من التحديات اللوجستية والإجرائية التى يمكن أن تؤثر على كفاءة واستدامة الممر الجديد.
أشار إلى أن أبرز تلك المعوقات تفاوت الإجراءات الجمركية بين الدول الثلاث وصعوبة تطبيق اتفاقيات الاعتراف المتبادل فى فحص الشحنات والشهادات الصحية والرقابية، وعدم وجود ربط إلكترونى بين الجهات المختصة، مما يؤدى إلى بطء نقل البيانات والمستندات، وتأخيرات فى التخليص والإفراج عن الشحنات المنقولة.
ولفت “شلبي” إلى أن عدم جاهزية بعض الطرق البرية فى السعودية أو العراق لعبور شاحنات كبيرة بكثافة عالية والاعتماد على ميناء سفاجا فقط كمحطة بحرية وحيدة قد يسبب تكدس فى حالة زيادة الطلب على الشحن من خلاله، كما أن هناك موانئ مثل نيوم تحتاج الى تجهيزات لوجستية لاستيعاب تزايد حركة عبور الشاحنات.
وحذر شلبى من بعض التحديات الأمنية التى قد تعوق تدفق التجارة عبر مسار الخط مثل الاضطرابات الأمنية الموجودة فى بعض المدن العراقيه، مما يرفع أيضا تكاليف التأمين بجانب بعض التغيرات والتوترات الإقليمية التى قد تؤثر على سلاسة عمل الممر أو استمرار التعاون بين الدول.
وطالب بتشجيع القطاع الخاص لاستخدام المسار، وتحسين البنية التحتية البرية والموانئ، وتوحيد الإجراءات الجمركية والرقابية، وإقرار مجموعة من الحوافز للشركات الناقلة التى تستخدم المسار الجديد من القاهرة الى العراق.
«الأعصر»: لـ«المال» المشروع يتيح نمو التبادل التجارى مع دول الخليج لاحقًا
«البنان»:لا بد من تطوير البنية التحتية وتوفير خدمات متكاملة لضمان الاستمرارية
«الشامي»: لا بد من حصر شامل لاحتياجات الأسواق من السلع وتوفيرها لتحقيق عائد كافٍ لكل أطراف المنظومة
