شهد صافى احتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزى المصرى قفزة نوعية خلال الفترة من يوليو 2024 إلى يوليو 2025، حيث ارتفع من 46.489 مليار دولار إلى 49.036 مليار دولار، مسجلاً بذلك زيادة تتجاوز 2.5 مليار فى عام واحد.
ويأتى ذلك مدعومًا بشكل رئيسى بالارتفاع فى حيازة الذهب الذى وصل إلى 13.639 مليار دولار، إلى جانب الأداء المرن للعملات الأجنبية التى بلغت 35.216 مليار فى يوليو 2025 بعد تقلبات، والقفزة الملحوظة فى حقوق السحب الخاصة لتصل إلى 183 مليون دولار.
ويتولى البنك المركزى المصرى مهمة إدارة هذه الاحتياطيات الحيوية لتحقيق أهداف إستراتيجية متعددة، فى مقدمتها تعزيز الثقة فى السياسات النقدية واستقرار سعر الصرف للجنيه المصرى، كما تساهم فى الحد من تأثير التقلبات فى القطاع الخارجى الناتجة عن الصدمات السلبية، عبر ضمان توفر السيولة الكافية، ورفع مستوى ثقة الأسواق العالمية فى قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها الخارجية، فضلا عن توفير مورد مالى لمواجهة أى أزمات محلية أو حالات طوارئ اقتصادية غير متوقعة.
ومن خلال رصد «المال» بدأت هذه الفترة بنحو 46.489 مليار دولار فى يوليو 2024، وشهدت الأشهر التالية زيادة مستمرة وإن كانت بوتيرة متفاوتة.
ففى أغسطس 2024، وصل الاحتياطى إلى 46.597 مليار دولار، ثم ارتفع إلى 46.737 مليار دولار فى سبتمبر، و46.942 مليار دولار فى أكتوبر، وهذا الأداء المستقر فى الربع الأخير من عام 2024 يوضح بداية تعافٍ تدريجى فى التدفقات النقدية.
ومع نهاية عام 2024، وبالتحديد فى ديسمبر، قفز الاحتياطى إلى 47.109 مليار دولار، مما أظهر زخمًا إيجابيًا نحو العام الجديد، واستمر هذا الزخم فى عام 2025، حيث وصل الاحتياطى إلى 47.394 مليار دولار فى يناير، و47.757 مليار دولار فى فبراير ومارس، مما يشير إلى استقرار قوى خلال هذه الأشهر.
وجاءت القفزة الأكثر وضوحًا فى أبريل ومايو ويونيو 2025، حيث ارتفع الاحتياطى تدريجيًا من 48.144 مليار دولار فى أبريل إلى 48.526 مليار دولار فى مايو، ثم 48.7 مليار فى يونيو.
وفى ختام الفترة، سجل احتياطى النقد الأجنبى قفزة إضافية ليصل إلى 49.036 مليار دولار فى يوليو 2025.
ويتألف احتياطى النقد الأجنبى الرسمى لمصر من محفظة متنوعة من الأصول الدولية، تشمل بشكل أساسى الأصول بالعملات الأجنبية، والتى تتوزع بين الودائع فى البنوك والمؤسسات المالية العالمية، والأوراق المالية الدولية ذات السيولة العالية، بالإضافة إلى ذلك، يضم حيازات إستراتيجية من الذهب الذى يعتبر ملاذاً آمناً فى أوقات التقلبات، وكذلك حقوق السحب الخاصة (SDRs) المخصصة من صندوق النقد الدولى، والتى تمثل أصولاً احتياطية دولية إضافية.
مكونات احتياطى النقد الأجنبي
وكشفت البيانات الصادرة عن البنك المركزى المصرى عن ديناميكية واضحة فى تطور العملات الأجنبية والذهب وحقوق السحب الخاصة (SDRs) خلال الفترة من يوليو 2024 إلى يوليو 2025.
ويبرز الذهب كأحد أهم الركائز التى دعمت نمو الاحتياطى الإجمالى خلال هذه الفترة، فمنذ يوليو 2024، حيث بلغ رصيده 9.883 مليار دولار، شهدت حيازات الذهب ارتفاعًا مطردًا وواضحًا، لتصل إلى 10.644 مليار دولار فى ديسمبر 2024، وواصلت الصعود القوى فى عام 2025 لتسجل 11.851 مليار فى فبراير، ثم 12.606 مليار فى مارس، وصولاً إلى ذروتها عند 13.639 مليار فى يوليو الماضى.
العملات الأجنبية
وعلى النقيض من الذهب، أظهرت مكونات العملات الأجنبية بعض التقلبات خلال الفترة المذكورة، وبدأت العملات الأجنبية عند 36.306 مليار دولار فى يوليو 2024، وشهدت انخفاضًا طفيفًا إلى 35.996 مليار فى سبتمبر، ثم تعافت لتصل إلى 36.436 مليار فى ديسمبر 2024، ومع ذلك، شهدت تراجعًا ملحوظًا فى بداية عام 2025، لتصل إلى 35.821 مليار دولار فى يناير، و35.524 مليار فى فبراير، ثم 35.136 مليار فى مارس وأبريل (34.809 مليار دولار).
وفى الأشهر الأخيرة، أظهرت قدرة على التعافى، لتصل إلى 35.076 مليار دولار فى يونيو ثم 35.216 مليار فى يوليو 2025.
حقوق السحب الخاصة
أما بالنسبة لحقوق السحب الخاصة (SDRs)، فقد شهدت تغيرات أكثر تباينًا، بدأت عند 302 مليون دولار فى يوليو 2024، وشهدت انخفاضًا حادًا فى أغسطس 2024 إلى 20 مليونا، ثم قفزت بشكل ملحوظ فى سبتمبر 2024 إلى 293 مليونا.
واستقرت عند مستويات منخفضة نسبيًا فى نهاية عام 2024 وبداية 2025، حيث تراوحت بين 21 مليون دولار و41 مليون دولار لمعظم الأشهر، ومع ذلك، شهد يوليو الماضى قفزة مفاجئة وكبيرة لتصل إلى 183 مليونا.
ويحرص البنك المركزى المصرى على الشفافية فى إدارة هذه الأصول الحيوية، حيث يتم الإفصاح عن رصيد صافى الاحتياطيات الدولية على أساس شهرى، ويتم إصدار هذا التقرير الدورى بالتوافق التام مع المعيار الخاص بنشر البيانات (SDDS) الذى وضعه صندوق النقد الدولى.
وتستند السياسة التى يتبعها البنك المركزى المصرى فى إدارة الاحتياطيات الأجنبية إلى ثلاثة مبادئ رئيسية متدرجة فى الأهمية: تبدأ بـ"الأمان" لضمان حماية قيمة الاحتياطيات، تليها "السيولة" لضمان سهولة الوصول إليها عند الحاجة، ثم "تحسين العائد" لتحقيق أقصى استفادة منها، ويتم تطبيق هذه المبادئ ضمن إرشادات صارمة، مع الأخذ فى الاعتبار هيكل الدين الخارجى لمصر من حيث الآجال والعملات، لضمان استمرارية الاستقرار المالى وتخفيف حدة أى آثار سلبية محتملة من تقلبات القطاع الخارجى.
