سجلت شركة Anthropic، الناشئة المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي والمطورة لسلسلة نماذج Claude AI، إيرادات سنوية تُقدّر بـ 5 مليارات دولار.
ومع ذلك، يرى المراقبون أن تقاريرها المالية تكشف عن مشهد أكثر تعقيدًا خلف الكواليس، حيث تُواجه الشركة الناشئة تحديات هيكلية تهدد استدامة هذا النمو.
بحسب تقرير حديث نشرته VentureBeat، تعتمد إيرادات الشركة الأمريكية بشكل كبير على الشراكة الاستراتيجية مع عميلين فقط وهما cursor، أداة برمجة قائمة على الذكاء الاصطناعي، وGitHub Copilot التابع لمايكروسوفت، وهما السبب الرئيسي في هذه الإيرادات المرتفعة، هذا التركّز في مصادر الدخل، في ظل بيئة تسعير تنافسية وارتفاع تكاليف البنية التحتية السحابية، يُعدّ مخاطرة واضحة.
ويُشير مراقبون إلى أن أي تغيير في العلاقة مع هذين العميلين – سواء عبر إعادة التفاوض على العقود أو تعديلات في الأسعار – قد يُحدث أثرًا مباشرًا على الوضع المالي للشركة. فقد قامت Cursor بالفعل بتعديل أسعارها علنًا ردًا على زيادات فرضتها Anthropic، وفقًا لمناقشات نُشرت على منصة إكس في يوليو 2025.
في خضم منافسة شرسة بين عمالقة الذكاء الاصطناعي، تُواجه نماذج Claude ضغوطًا متزايدة نتيجة حرب أسعار تقودها OpenAI، خاصة مع قرب إطلاق نموذجها المرتقب GPT-5، الذي يُتوقع أن يُقدم أداءً عاليًا بتكلفة أقل.
ووفقًا لتقديرات من The Information ومصادر داخل الصناعة، تُنفق Anthropic أكثر من 2.5 مليار دولار سنويًا على الحوسبة السحابية، في وقت لم تصل فيه بعد إلى عتبات الربحية. هذه الديناميكية أثارت تساؤلات حول مدى قابلية نموذج الأعمال الحالي للاستمرار، في ظل تدني هوامش الربح وتزايد نفقات التشغيل.
تُشير بيانات من مواقع مثل OfficeChai إلى أن إيرادات Anthropic ارتفعت من 3 مليارات دولار في مايو 2025 إلى 4.5 مليار دولار بعد شهرين فقط، ما يدل على نمو سريع، أكده الرئيس التنفيذي داريو أمودي في تصريحات علنية. إلا أن المحللين، من بينهم إد زيترون، حذروا من أن هذا النمو غير مستدام ما لم تُعالج الشركة تحديات التركز وارتفاع التكاليف.
في محاولة لتحسين تدفقاتها المالية، ركزت Anthropic على إبرام صفقات مع مؤسسات وشركات كبرى، مبتعدة عن نموذج الاشتراكات الفردية الذي يُعد ساحة سيطرة واضحة لـ OpenAI.
وفي تحليل نُشر على موقع SaaStr في يوليو 2025 أشار إلى أن بلوغ الشركة لحاجز 4 مليارات دولار من الإيرادات المتكررة سنويًا يعكس تحولًا في نموذج النمو، لكنه في المقابل يُعيد صياغة اقتصاديات SaaS بتوجه يفضل الحجم على الربحية الفورية وهو خيار محفوف بالمخاطر في ظل ضغط الأسواق لتحقيق كفاءة عالية في التكاليف.
يرى محللون أن استمرار Anthropic في الاعتماد على عدد محدود من العملاء، مع غياب التنوع في مصادر الإيرادات، قد يجعلها عرضة للاضطرابات السوقية. كما أن التزام الشركة بخطها الأخلاقي المستمد من جذورها الخيرية في تقديم نماذج آمنة ومتوافقة، قد يُعيق قدرتها على المنافسة التجارية الشرسة.
مقارنةً بـ OpenAI التي تُسيطر على السوق الاستهلاكية عبر تطبيق ChatGPT المستخدم في مليارات المحادثات يوميًا، لا تزال Anthropic تفتقر إلى الزخم الشعبي، ما يزيد من الضغوط لتنويع قاعدة عملائها وتحقيق التوازن بين الرسالة والقابلية الاقتصادية.
بينما تُعد الإيرادات السنوية البالغة 5 مليارات دولار إنجازًا يُحسب لـ Anthropic، إلا أن التحديات التي تُواجهها من اعتماد مفرط على شركاء محددين، إلى تآكل الهوامش وارتفاع النفقات تُنذر بضرورة التغيير السريع. فمع اشتداد المنافسة وتسارع الابتكار، قد يُصبح البقاء مرهونًا بقدرة الشركة على التوسع، وضبط التكاليف، والخروج من عباءة نموذج الإيرادات الضيق.
وفي حال تعثّرت، قد يُمهّد ذلك الطريق لموجة اندماجات واسعة في قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث لا مكان إلا لمن يملك الموارد والمرونة الكافية للاستمرار.
