كيف تصنع «باراجون للتطوير» مسـتقبلًا عقارياً ذكياً فى مصر؟

استضاف حازم شريف، رئيس التحرير ومقدم CEO LEVEL PODCAST، فى الحلقة الأخيرة من الموسم الرابع للبرنامج، أحد أبرز الأسماء الشابة بقطاع العقارات وهو المهندس بدير رزق، المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة

حازم شريف يستضيف بدير زرق
Ad

استضاف حازم شريف، رئيس التحرير ومقدم CEO LEVEL PODCAST، فى الحلقة الأخيرة من الموسم الرابع للبرنامج، أحد أبرز الأسماء الشابة بقطاع العقارات وهو المهندس بدير رزق، المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة باراجون للتطوير العقاري.

كشف رزق، خلال الحلقة، عن رحلة مهنية غير تقليدية، بدأت من مدينة طوخ بمحافظة القليوبية، مروراً بالتحاقه بكلية الهندسة فى الجامعة الألمانية بالقاهرة، وصولًا إلى مراكز الأعمال والتكنولوجيا فى فرانكفورت وبرلين، ثم عودته إلى مصر للمشاركة فى تأسيس واحدة من الشركات الواعدة بقطاع العقارات.

تحدّث رزق عن بدايات تأسيس «باراجون» وحجم مبيعاتها المستهدفة وخططها الاستثمارية، خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى التوسعات الإقليمية للشركة، خاصة فى السوق السعودية.

وتطرّق رزق إلى تفاصيل الشراكات الأخيرة مع «أدير» التابعة لمجموعة سمو القابضة السعودية و«ميدار» لتطوير أكثر من 500 ألف متر داخل «مستقبل سيتي»، بالإضافة إلى المشروع الفندقى المقرر تدشينه فى مرسى علم، بالشراكة مع مستثمر مصري.

وأوضح رزق الفرق بين السوق العقارية فى مصر ونظيرتها بالسعودية، وفرص تدشين صناديق استثمار عقارية، بعد اللقاء الأخير مع رئاسة مجلس الوزراء.

 وإلى نص الحوار، المتاح على قناة «ALMAL TV» بموقع «يوتيوب» ومنصات البودكاست والتواصل الاجتماعي.

حازم شريف: حلقة اليوم مختلفة؛ ليس لأنها الحلقة الأخيرة من الموسم الرابع من برنامج Podcast CEO LEVEL والأول منه فى شكل بودكاست فحسب، بل لأنها أيضًا تضم ضيفًا مميزًا ينتمى لجيل من الشباب، والذى يعمل فى قطاع واعد فى جزء متخصص منه، وإن كان بدأ يتوسع ليشمل جوانب ومشروعات مختلفة، بخلاف ما بدأ وعُرف به، سواء كشخص أو كشركة فى السوق العقارية.

ضيفنا، اليوم، هو المهندس بدير رزق، المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة باراجون للتطوير العقاري، مرحبًا بك معنا يا بدير.

بدير رزق: أهلًا بك يا حازم.

حازم شريف: دعنا نبدأ دون أن نطيل على المشاهدين والمستمعين بسؤالنا الكلاسيكي، مَن بدير رزق؟ ومِن أين تخرجت؟ وكيف كانت رحلتك حتى أصبحت المؤسس والرئيس التنفيذى لـ«باراجون للتطوير العقاري»؟

بدير رزق: أولًا، أشكرك على هذه الفرصة وعلى وجودى فى البرنامج، فأنا من أشد المعجبين به، واستفدتُ كثيرًا من الضيوف الذين استضفتهم فى الحلقات السابقة.

حازم شريف: ونحن سُعداء بأنك معنا اليوم، وبالتأكيد هناك الكثير من الشباب الذين سوف يستفيدون منك خلال الحلقة.

بدير رزق: بالنسبة لرحلتي، فقد كانت مليئة بالتنقل والتغيرات، وكنت أعتقد دائمًا أن هذا التنقل مشكلة، لكننى أدركت، فى السنوات الخمس الأخيرة أن هذا كان فى الواقع ميزة.

هذا النمط نفسه كان واضحًا فى حياتى منذ الطفولة، حتى من طريقة ممارستى للرياضة، فقد مارست الكاراتيه، ثم كرة القدم، ثم كرة السلة، ثم التنس، وكنت سريع الملل من أى نشاط.

بدأت رحلتى بالتحاقى بالجامعة الألمانية فى القاهرة بمجموع %98 فى الثانوية العامة، وكنت من طلبة الأقاليم المتفوقين الذين انتقلوا من الأقاليم إلى الجامعات الكبرى.

حازم شريف: من أى منطقة بالأقاليم تحديدًا؟

بدير رزق: أنا من مدينة طوخ بالقليوبية، ودرست فى مدرسة طوخ الخاصة، ثم التحقت بالجامعة الألمانية بالقاهرة، رغم أن مجموعى كان يُلحقنى بجامعة القاهرة، لكننى كنت دائمًا أريد دراسة هندسة الكمبيوتر، منذ أن كان عمرى أربع سنوات، لا أعرف لماذا، لكنه كان حُلمًا واضحًا لديَّ منذ الصغر.

بعدما تخرجت فى الثانوية العامة بهذا المجموع، عرض عليَّ والدى أن يشترى لى سيارة إذا التحقت بجامعة القاهرة لدراسة الهندسة المدنية أو العمارة، لكننى رفضت وأخبرته بأننى سألتحق بالجامعة الألمانية ولا أريد سيارة، وحتى اليوم لم أحصل على تلك السيارة!

درستُ هندسة الكمبيوتر بالجامعة الألمانية، وأنا بطبيعتى أحب المذاكرة والحياة والسفر كذلك، لكن المشكلة أن الجامعات فى مصر عمومًا لا تعطيك رؤية واضحة لما سيكون عليه مستقبلك المهني، لذا تخرجت فى قسم هندسة الكمبيوتر، لكن لم أكن أدرك ماذا سأكون بالتحديد.

كنت محظوظًا عندما حصلت على أول تدريب لى بشركة فودافون عام 2008، وكان أول راتب لى هو 500 جنيه، فى الحقيقة خلال فترة الجامعة كنت محظوظًا جدًّا لكننى غير موفَّق.

حازم شريف: ولماذا كنت غير موفق؟

بدير رزق: لأننى كنت قادمًا من الأقاليم، ومن الأوائل، وعندما التحقتُ بالجامعة الألمانية تعرضت لما يمكن وصفه بـالصدمة الحضارية»، فى السنة الأولى كانت درجاتى جيدة، فى السنة الثانية بدأت التراجع، وفى الثالثة خسرت المنحة الدراسية، وبدأت أشعر بـ«التوهان» وأتساءل: من أنا.

حازم شريف: وأين كنت تقيم خلال تلك الفترة؟

بدير رزق: فى أول سنتين، كنت أسافر يوميًّا من طوخ إلى القاهرة، كنت أقضى ثلاث ساعات فى الطريق ذهابًا وإيابًا، وخلال فترة الجامعة كنت محظوظًا أنها تضم عددًا كبيرًا من الأساتذة الألمان، فتأثرت بالثقافة الألمانية لدرجة أن أحد الأساتذة الألمان وثق بى وساعدنى فى تنفيذ مشروع التخرج الخاص بى فى ألمانيا دون علم الجامعة، خاصة أن مجموعى لم يكن يسمح بذلك.

خلال فترة وجودى بألمانيا استعدتُ شغفى بالدراسة مرة أخرى، خاصة أن المناخ مختلف، وأننى بدأت أدرك ماذا يمكننى أن أكون، فعدت إلى مصر بعد حصولى على الشهادة، ثم استكملت دراستى فى ألمانيا، وكنت هناك من عام 2012 حتى 2020 تقريبًا.

حازم شريف: إذن أنت تخرجت فى 2012 ثم سافرت إلى ألمانيا مرة أخرى، فماذا فعلت هناك؟

بدير رزق: بدأت رحلتى بعد التخرج مهندس كمبيوتر متخصصًا فى الذكاء الاصطناعى والروبوتات، وهكذا مررت بعدة مراحل، بدأت من كونى طالبًا من الأوائل بالثانوية العامة، ثم التحاقى بالجامعة، ومن ثم انخفاض درجاتى عامًا بعد آخر إلى أن بدأت أقوم بعمل أبحاث فى مجال الذكاء الاصطناعى والروبوتات.

مكثتُ هناك سنتين فى معمل أبحاث بجامعة بادربورن فى ألمانيا، وهى جامعة صغيرة جدًّا هناك لكنها من أفضل 5 جامعات فى مجال هندسة الكمبيوتر على مستوى العالم، خلال هذه الفترة شعرت بأننى أثبتُّ لنفسى أننى قادر، لكننى أدركت أيضًا أن هذا ليس ما أريد أن أفعله، لم أكن أرغب فى الاستمرار بالبحث العلمى أو فى العمل التقنى الصريح كمطوِّر تكنولوجيا.

حازم شريف: بعد أن اكتشفت أنك لا تريد أن تكون باحثًا فى الذكاء الاصطناعي، ماذا فعلت؟

بدير رزق: شاهدت مسلسل «Suits»، وألهمنى بشخصيات المحامين الذين يقومون بحل المشاكل، فقلت لنفسي: لا أريد أن أكون محاميًا، لكن أريد أن أرتدى بدلة وأحل المشاكل! فبدأت البحث عن دراسة البيزنس بعد أن تقدمت إلى 500 وظيفة تقريبًا فى شركات مختلفة بألمانيا، وكنت أعتقد أننى سأحصل على نسبة قبول عالية نظرًا لكون مهندساً، لكن لم يتم قبولى فى أى شركة منها.

حازم شريف: بالتأكيد لأنك لم تكن دارسًا لذلك التخصص؟

بدير رزق: لقد اكتشفت من تلك التجربة أن الألمان دقيقون للغاية فى التخصصات، قالوا لى ببساطة: أنت مهندس، لكن ماذا تعرف عن المبيعات؟ وهذا ما جعلنى أقرر الالتحاق لدراسة ماجستير إدارة الأعمال فى Frankfurt School of Finance.

حازم شريف: وكيف موَّلت دراستك هناك؟

بدير رزق: جزء كان تمويلًا من أسرتي، وجزء من عملى أثناء الدراسة، إذ تُدعم ألمانيا نموذج «الطالب العامل»، ومن ثم فهى تمنحك الفرصة لرؤية ماذا تريد أن تعمل وأن تدرس، وتقوم بمساعدتك فى التمويل أيضًا.

كان البرنامج الذى درسته «Master of Science» مثل الـ«MBA»، لكنه يؤهلك لعمل دكتوراه فى مجال البيزنس، الدراسة هناك كانت نقلة كبيرة فى حياتي؛ لأنها كانت أيضًا «الصدمة» الحقيقية التالية.

حازم شريف: لماذا تعدّها صدمة؟

بدير رزق: لأننى انتقلت من مدينة ألمانية صغيرة تُدعى «بادربورن» يسكنها نحو 150 ألف نسمة، إلى فرانكفورت العاصمة المالية لأوروبا، النقلة كانت ضخمة، فقد وجدت نفسى فى جامعة يُدرس بها أبناء كبار رجال الأعمال، مثل ابن الرئيس التنفيذى لدويتشه بنك، وأنا قادم لهم من طوخ.

بعد التحاقى بالجامعة فى سبتمبر 2014، عملت فى KPMG فى نوفمبر من العام نفسه، والتحقت بالعمل فى وظيفة استشارى الصفقات الخاصة بشركات التكنولوجيا، وهكذا ساعدتنى دراستى للجانب التكنولوجى فى مجال البيزنس.

وأصبحت أتمتع بميزة تنافسية أعلى، ورأيت أنه بمجرد إضافتى فى السيرة الذاتية الخاصة بى أننى أدرس ماجستير إدارة الأعمال من جامعة فرانكفورت، تمكنت من العمل مع شركة بحجم KPMG بعد رفضى من عدة شركات فى أوقات سابقة، وكنت أعمل هناك أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وأدرس بنظام الـ«Part-Time» أيام الخميس والجمعة والسبت، ولم يكن لديّ سوى يوم واحد إجازة وهو الأحد.

بعد ذلك جاءت لى فرصة للدراسة فى جامعة «Columbia Business School» فى نيويورك كجزء من الماجستير، وهى من أفضل الجامعات فى العالم بكل المجالات، وتخرّج فيها شخصيات كبيرة مثل باراك أوباما ووارن بافيت، ومن يقومون بالتدريس هناك هم الأساتذة الذين ألّفوا الكتب التى ندرس منها.

حازم شريف: وهل كنت انتهيت من دراسة الماجستير الخاص بك فى ألمانيا؟

بدير رزق: قمت بعمل «Assessment Abroad» وهو ما يمكّنك من الدراسة فى دولة خارج ألمانيا لمدة 6 شهور كجزء من الماجستير، ودعنى أقُل لك إن نيويورك مدينة مختلفة، إذ تشعر كأنها تقول لك إنك من الممكن أن تكون كل شيء، لكنك لستَ أى شيء فى الوقت نفسه، فأنت مجرد واحد من ضمن 20 أو 30 مليون نسمة هناك.

وهى واحدة من التجارب التى أثّرت فيَّ بشكل كبير، فحتى وإن كان التعليم ليس مختلفًا كثيرًا عن نظيره فى ألمانيا، لكن الناس مٍن حولك مختلفون جدًّا، فهم أذكياء ويعملون بجدية، وفى الوقت نفسه يستطيعون ممارسة حياتهم الاجتماعية بشكل لا يؤثر على عملهم، هذا المزيج ليس موجودًا فى مصر، ربما كان موجودًا فى ألمانيا، لكنه على مستوى مختلف تمامًا فى أمريكا.

بعد عودتى إلى ألمانيا من أمريكا قبل انتخابات ترامب فى عام 2016، التحقت بالعمل فى بنك استثمارى فرنسى وهو BNP Paribasله مقر فى فرانكفورت، كانوا يعملون من التاسعة صباحًا حتى الخامسة مساء.

حازم شريف: فى أى قسم عملت هناك؟

بدير رزق: لقد عملتُ فى قسم الاندماجات والاستحواذات، وكان تخصصى فى قطاع التكنولوجيا مرة ثانية.

حازم شريف: هذا بالطبع لأن لديك خلفية فى هذا المجال.

بدير رزق: بالضبط، ولم أكن أعمل من التاسعة صباحًا حتى الخامسة مساء فقط، بل من التاسعة صباحًا حتى الخامسة فجرًا، لقد كنت أعمل 20 ساعة فى اليوم، كل يوم، حتى فى عطلات نهاية الأسبوع كنت أعمل من التاسعة صباحًا حتى الثانية عشرة منتصف الليل، كان يمكنهم الاتصال بى فى أى وقت ويطلبون منى العمل، ولم تكن هذه هى المشكلة.

لكن المشكلة كانت فى أن البنك وضع أمامى حواجز وظيفية يجب أن أتخطاها لكى أتقدم، تبدأ كـAnalyst، ثم Associate ثمSenior Associate، ثم Manager، ثم Director، وهكذا، وتلك كانت النقطة الأولى.

النقطة الثانية جاءت عندما حدث لى موقف غير مفهوم فى حياتى بالكامل، إذ نصحنى مديرى هناك وهو هندى الجنسية، بأن أقوم بحلاقة شعري، وقال إنه يقول لى هذا الكلام لأنه يحبنى ويرانى مجتهدًا وأن لديَّ فرصة أن أكون مثله، فقال لي: مظهرنا يبدو مختلفًا عنهم، فيجب أن نحاول تقليل اختلافنا لنصل مثلهم، لكننى لم أستطع تقبُّل هذا الأمر.

حازم شريف: كيف كان شعورك وقتها؟

بدير رزق: شعرت بأنه إذا كنت مختلفًا فعلًا فيجب أن أزيد من اختلافي؛ لأن هذا ما يجعلنى مميزًا، وإذا حاولت أن أكون مثل الألمان، فلن أستطيع أن أكون مثلهم، دائمًا سيفوز، شعرت بأن هذه ليست البيئة التى أريد أن أكون موجودًا فيها، وكانت المرة الأخيرة التى حلقت شعرى فيها.

حازم شريف مازحًا: إذن أنت حلقت شعرك ثم تركت العمل، أليس كذلك؟

بدير رزق: نعم، حلقت شعرى ثم تركت العمل فى فرانكفورت، وقررت أن أذهب إلى بيئة منفتحة أكثر، بها حرية أكبر وألتقى بأجانب أكثر.

حازم شريف: أين ذهبت بعد فرانكفورت؟

بدير رزق: ذهبت إلى برلين وهى مدينة تقول لك إنك تستطيع إعادة استكشاف نفسك، فقد كانت مدينة منقسمة سابقاً إلى شرق وغرب، بينهما جدار وراءه فى كل جانب عالم موازٍ ومختلف، بلد متقشفة اشتراكية، والثانية منفتحة ورأسماليةـ إحداهما بوليسية بشكل فج، والثانية منفتحة أكثر حتى بعد سقوط هذا الجدار، اندمج هذان العالمان، لكنهم عاشا معًا فى الشوارع، لذلك فإن فكرة الاختلاف مقبولة جدًّا فى برلين، لهذا السبب، فإن كل المختلفون فى أوروبا ينتقلون إلى برلين، يهاجرون إليها لأنها تحتضن ثقافتهم وتشجع الاختلاف.

حازم شريف: كيف كانت بداية رحلتك العملية بعد انتقالك إلى برلين؟

بدير رزق: بعد أن تركت فرانكفورت وانتقلت إلى برلين، بدأت أعمل استشاريًّا بنظام الـ«فرى لانس» مع الشركات الناشئة فى مجال التكنولوجيا، كنت أقدم لهم استشارات إستراتيجية فى مجالات الـBanking أو الـFundraising وأساعدهم فى جمع الأموال، وجزء آخر كـ”Product»، كل خبرتى كنت قادرًا على منحها لنوع معين من الشركات، ولم أكن أعلم تحديدًا كيف يمكننى استثمار خبرتى فى بيئة جديدة كليًّا بالنسبة لي.

إحدى هذه الشركات عرضت عليَّ الانضمام شريكًا مؤسسًا متأخرًا «Late Co-founder»، وكانت الشركة تعمل فى مجال الـ«Computer Vision» ضمن قطاع الذكاء الاصطناعي، وتحديدًا فى قطاع تجارة التجزئة «Retail Supermarkets» إذ كنا نعمل على تطوير تكنولوجيا تقوم بمراقبة الأرفف داخل السوبرماركت باستخدام روبوتات مزوّدة بتقنيات الرؤية الحاسوبية، الروبوت يقوم بجولة داخل المتجر ليلًا بعد انتهاء ساعات العمل، ويقوم برصد حالة الأرفف والمنتجات عليها، ويحدد المنتجات التى نفدت من المخزون، وتلك التى أوشكت على النفاذ، بالإضافة إلى رصد الفروق السعرية، وحالة ترتيب المنتجات على الأرفف، وفى الصباح يتم تقديم تقارير دقيقة للإدارة حول العناصر التى تحتاج إلى التغيير، هذه التكنولوجيا كانت متوافقة تمامًا مع دراستى الأكاديمية باحثًا ومبرمجًا.

بعد انضمامى للشركة، توليت مسئولية إدارة الجانب التجارى بالكامل، بما فى ذلك المبيعات، والتسويق، وجمع الاستثمارات، ووضع الإستراتيجية، كان هذا الدور يتطلب توظيف جميع الخبرات التى اكتسبتها، سواء من دراستى بالجامعة أو من خبراتى السابقة فى شركات مثل KPMG وغيرها.

بدأنا العمل على هذه الشركة منذ عام 2017، واستمررنا حتى تم بيعها فى 2020، أنشأنا مكاتب فى باريس وبرلين، وتمكّنا من اجتياز عدة جولات استثمارية ناجحة حتى إتمام عملية البيع لشركة اسمها «Kokius AI”.

حازم شريف: كيف كانت تجربتك بعد بيع الشركة؟

بدير رزق: التجربة كانت مزيجًا من السعادة والحزن فى آن واحد. أثناء عملية بيع الشركة، فقدت جواز سفري، واضطررت للعودة إلى مصر لتجديد هذا الجواز، وحينها أُغلقت المطارات بسبب جائحة كورونا، وجدت نفسى عالقًا فى مصر، لكننى قابلت شريكة حياتى وتزوجنا.

كنت قد قمت ببيع الشركة، ولم يكن لديّ عمل أعود إليه فى أوروبا، ولا أستطيع السفر حتى مع إعادة فتح المطارات؛ لأننى كنت بحاجة إلى إنهاء إجراءات جواز السفر والحصول على التأشيرة، والسفارات كانت مغلقة، فلم يكن أمامى سوى أن آخذ إجازة لمدة عام كامل دون عمل.

حازم شريف: كيف كان رأى والدك خلال تلك المسيرة التى بدأت بداية كلاسيكية من شخص قادم من طوخ إلى أن شققت طريقك فى ألمانيا؟

بدير رزق: العلاقة مع والدى كانت علاقة صداقة، كان هو مستشاري، وأنا أيضًا كنت أبادله الرأى مستشارًا له، ولأن فرق السن بيننا لم يكن كبيرًا فقد كان أصدقائى هم أصدقاءه فى الوقت نفسه، إذ كانوا يتواصلون معى دائمًا، حتى وهم يتناولون الطعام فى بورسعيد. عشت قرابة عشر سنوات بين أوروبا وأمريكا، وكانت تجربة تأسيس شركة وبنائها من الصفر لها تأثير عميق على رؤيتى المستقبلية.

حازم شريف: مِن هذه النقطة هل اتخذت قرار الاستقرار فى مصر؟

بدير رزق: فى الحقيقة تقرر لي، بمعنى أنه فى تلك اللحظة لم يكن قرار الاستقرار فى مصر اختياري.

حازم شريف: أعتذر عن مقاطعتك، لكن أودّ أن أسأل: هل قرار الزواج كان مرتبطًا بفكرة الاستقرار فى مصر؟ فقد يتزوج الإنسان ويخطط للانتقال للخارج بعد ذلك.

بدير رزق: كانت الخطة أن يتم الزواج مع نية السفر لاحقًا، لكن العالم كان مغلقًا بالكامل فى الخارج، عندما تزوجت فى عام 2020 حتى صيف 2021 كانت جائحة كورونا فى شدتها، فكان من غير المنطقى أن أذهب إلى ألمانيا أو أوروبا فى وقتٍ لا يتوفر لى فيه عمل هناك.


حازم شريف: إذن، ما الذى قررت أن تفعله خلال فترة وجودك بمصر؟

بدير رزق: خلال فترة وجودى بمصر، كان والدى مع مجموعة من الشركاء يعملون على مشروع يُدعى «باراجون نيو كابيتال»، والذى كان لا يزال فى مراحله الأولى، والمشروع كان عبارة عن قطعة أرض مساحتها نحو فدان بمنطقة الحى المالى بجانب الأوبرا مباشرة فى العاصمة الإدارية الجديدة، يتم بناء مكاتب إدارية عليها.

حازم شريف: هل كانت أول عملية تطوير عقارى لوالدك باعتبار أنه كان يأتى من خلفية المقاولات؟

بدير رزق: نعم، والدى مهندس مقاولات، لقد شاهدته وهو يؤسس شركته فى هذا المجال منذ ولادتى فى عام 1989، وعلى مدار ثلاثة عقود، أعاد بناء شركته ثلاث مرات، ففى كل عشر سنوات تقريبًا كانت الشركة تمر بأزمة مالية أو خلافات مع الشركاء تؤدى إلى انهيارها أو تفككها، ليعود والدى ويبدأ من جديد من الصفر، لقد عايشت هذه الدورات الثلاث، وكنت شاهدًا على كل مرة يعيد فيها تأسيس شركته من البداية.

مشروع «باراجون» كان يتمثل فى تطوير مبنى إداري، وقد حصلوا على الأرض فى عام 2019، وبدأوا تصميم المشروع خلال العام نفسه، كان الهدف هو تطوير وبيع وحدات مكتبية بالعاصمة الإدارية الجديدة، التى كانت آنذاك منطقة جديدة تمامًا فى بدايتها.

بدأوا أعمال التسويق فى عام 2020، لكن جاءت جائحة كوفيد 19، وتسبّب ذلك فى توقف حركة المبيعات، فمن سيشترى مكتبًا بغرض الاستثمار فى وقتٍ أصبح الجميع يعملون من منازلهم؟!

من هنا بدأ يكون لى دور معهم، بدلًا من الجلوس بالمنزل حتى تجديد الباسبور ثم قررت الاستمرار بعد الزواج، وبدأنا إعادة التفكير فى نموذج العمل، ففكرنا فى أن يتحول هذا المشروع إلى شركة لها أهداف وقيم محددة، وبدأت تطبيق عقلية التكنولوجى وما تعلّمته فى أوروبا وأمريكا فى هذا المشروع، وأخذنا اسم المشروع وحوّلناه إلى شركة مصرية باسم باراجون للتطوير بفلسفة الـ«Startup»، ولكن فى قطاع «established» بالفعل.

حازم شريف: وهل التحقت بها شريكًا مع والدك والشركاء؟

بدير رزق: بالضبط.

حازم شريف: وتم إسناد الإدارة التنفيذية لك لأنك مَن قمت بعمل الخطة، أليس كذلك؟

بدير رزق: بلى، بالضبط، أنا ووالدى وأحد الشركاء الذين كانوا موجودين معنا فى الفترة الأولى من الشركة.

حازم شريف: متى تم تأسيس الشركة؟

بدير رزق: أسسنا الشركة فى يوليو 2021 واستحوذنا حينها على قطعة أرض أخرى بالمنطقة نفسها فى الحى المالى بجانب بنكيْ مصر والقاهرة بمساحة 2.5 فدان، ثم استحوذنا بعد ذلك، بعدة شهور أيضًا، على قطعة أرض ثالثة بالمنطقة نفسها.

حازم شريف: أنت دخلت الشركة ولم تكن حينها المبيعات تسير بشكل جيد، فماذا دفعت للاستحواذ على قطعتيْ أرض أخريين فى هذا التوقيت؟

بدير رزق: لقد حققنا مبيعات جيدة فى عام 2021، وهو ما دفعَنا للاستحواذ على قطعتين جديدتين لتصبح باراجون شركة تطوير يتم البناء عليها بإستراتيجية طويلة الأمد بأهداف محددة لتكون علامة تجارية، وتبدأ نشر القيم الخاصة بها كشركة تنمو سريعًا فى المجال العقارى المتخصص فى المبانى الإدارية الحديثة، بدلًا من أن تكون شركة قائمة على مشروع واحد.

حازم شريف: دعْنا نقف عند موضوع القيم الجوهرية أو الرئيسية للشركات، ما القيم الجوهرية التى وضعتموها للشركة عندما قررتم إعادة هيكلتها؟

بدير رزق: هناك كتابان قريبان من بعضهما؛ الأول «Good to Great»، والآخر اسمه «Built Last»، وهما يتحدثان عن الشركات التى وضعت قيمًا وحددت «Strong Value Preposition» وسارت عليها، هذه القيم تكون بمثابة دستور يحكم الشركات بعد ذلك، وهو ما يجعلها تعيش لمئات السنين.

هناك أربع قيم أساسية بُنيت عليها فلسفة باراجون؛ أولاها أن ما نفعله بهدف خدمة الإنسان «Human Centric Design»، بمعنى أنك لا تقوم ببناء مبنى لمجرد أن يكون واجهة، ولكن بهدف أن يتم استخدامه، ثانى قيمة أننا ما دمنا نعمل بقطاع المقاولات فيجب أن يكون لك تفكير مستدام فى المواقف البيئية، لذلك قررنا أن تحصل كل مشروعاتنا على شهادات بيئية عالمية «شهادة الليد”.

أما القيمة الثالثة فأن تقوم ببناء مشروع فى عام 2020 بهدف أن يستمر حتى 2100، ومن ثم لا يمكن أن تقوم بالبناء على منهجية قائمة على الأسمنت والحجارة والزجاج وغيرها، فأصبح استخدام وتنمية التكنولوجيا والإبداع جزءًا لا يتجزأ من مشروعاتنا؛ لأن كل الشركات التى ستكون موجودة فى المبانى الخاصة بنا بعد 10 سنوات ستكون شركات تكنولوحيا، وأخيرًا ضرورة أن تستطيع خدمة المجتمع داخل المبانى وحولها، فتقوم بالتفكير بمنهجية أبعد من المبنى نفسه.

حازم شريف: إذن، هل تطلبت هذه القيم إعادة هيكلة شاملة داخل الشركة وضخ أموال، خاصة أنه بالتأكيد والدك والشركاء لم يكن لديهم هذا التصور منذ البداية؟

بدير رزق: القيم الموجودة كانت قيم الشركاء، فهى لم يتم اختراعها أو فرضها، بل تم استخراجها من الشركاء الموجودين ثم إعادة صياغتها.

حازم شريف: وكيف كان هيكل التمويل للشركة؟

بدير رزق: التمويل فى المرحلة الأولى جاء من خلال الشركاء أنفسهم، رأس المال المبدئى للشركة كان 45 مليون جنيه مصرى تقريبًا.

حازم شريف: وما حجم رأس المال الآن؟

بدير رزق: الأمر اختلف كثيرًا، الآن؛ لأننا قمنا بتغيير كامل فى هيكل الشركة، فى السابق كان يتم تأسيس شركة واحدة لتمويل المشروع مباشرة، أما الآن فقد اعتمدنا نموذجًا مختلفًا يعتمد على تأسيس شركة تطوير عقارى مستقلة هى «باراجون للتطوير»، بينما يدخل الاستثمار فى شركات منفصلة تمتلك الأصول (الأراضي)، ويكون الاستثمار موجهًا إلى هذه الشركات المالكة للأراضي، وليس إلى شركة التطوير نفسها.

حازم شريف: لكن فى النهاية، هيكل التمويل هذا يمثل شيئًا مهمًّا فى التقييم، فعندما أقول إن هناك شركة قابضة بالتأكيد سيكون لديها حصص كبيرة فى الشركات التابعة لها. كم عدد الشركات التابعة لـ«باراجون القابضة»؟

بدير رزق: نحو 5 شركات.

حازم شريف: كم عدد المشروعات التى تُمثلها هذه الشركات؟

بدير رزق: 4 مشروعات.

حازم شريف: كم يمثل إجمالى الاستثمارات فى تلك المشروعات تقريبًا؟

بدير رزق: ليس لديَّ رقم محدد الآن؛ لأننا نقوم بضخ استثمارات فى مشروعات جديدة بشراكة سعودية سأتحدث عنها لاحقًا، ومن ثم لا أريد أن أذكر رقمًا قد لا يمثل حجم تلك الاستثمارات بشكل واقعي، لكن من الممكن أن أقول إجمالى حجم المبيعات «الحالى والمستهدف» هو 10 مليارات جنيه تقريبًا.

حازم شريف: إذن، وفقًا لخبراتى المتراكمة فى التطوير العقاري، أنت تتحدث عن تكلفة فى حدود 6 - 7 مليارات جنيه تقريبًا، أليس كذلك؟

بدير رزق: تقريبًا، على حسب سعر صرف الجنيه.

حازم شريف: دعْنا نعد للحديث عن القيم الجوهرية التى حددتموها لشركة باراجون، مَن الذى اختار اسم الشركة.

بدير رزق: الاسم اختاره الفريق الذى كان مسئولًا عن إدارة عمليات البيع فى البداية، هم من قرروا أن يكون الاسم «باراجون»، وهو اسمٌ ظلّ معنا حتى الآن، فى النهاية، الاسم يكتسب قيمته من الجوهر والمضمون الذى يوضَع فيه.

حازم شريف: فى النهاية أنتم تركزون على القطاعين التجارى والإداري، وتعملون وفقًا لأربعة مبادئ رئيسية، حجم المبيعات المستهدف فى المشروعات الثلاثة يبلغ 10 مليارات جنيه، كما ذكرنا، هل هناك مستثمرون رئيسيون بعيدًا عن آل بدير يشاركونكم فى هذه التركيبة الاستثمارية؟

بدير رزق: نعم، هناك مجموعة من المؤسسين؛ شركة «زيلا كابيتال» وهم مساهمون معنا فى شركة «باراجون للتطوير»، هدفنا المشترك معهم هو الاستفادة من خبراتهم الاستثمارية فى السوق المصرية، بالإضافة إلى علاقاتهم مع الجهات التمويلية، وبناء الشركة وفقًا لأعلى معايير الحوكمة المؤسسية.

حازم شريف: الشركة بدأت بثلاثة مشروعات فى العاصمة الإدارية فى القطاعين التجارى والإداري، هذا يقودنا للحديث عن مسألة التنوع، والذى يقودنا بدوره إلى ثلاثة اتجاهات؛ الأول أنك تبتعد عن العاصمة وتذهب لمناطق أخرى فى البلد نفسه، والثانى أنك قد تعمل فى تخصصات أخرى بجانب التجارى والإداري، أما الثالث فهو أن تعمل بأسواق مختلفة خارج مصر، فماذا فعلت فى الاتجاهات الثلاثة؟

بدير رزق: قبل الحديث عن التنوع، يجب التركيز على التخصص، إذا كنت ترغب فى بناء شركة تريدها أن تنمو، فعليك فى السنوات الأربع أو الخمس الأولى أن تركز على التخصص، نحن بدأنا بالتخصص فى القطاع التجارى الإداري، وبنينا عليه علامة تجارية قوية.

تخصصنا فى منطقة محددة، بما منحَنا القدرة على التحكم فى الأسعار، وأصبحنا المرجعية Benchmark فى هذه المنطقة، وهو ما ساعدَنا فى أن نبنى شريحة نتميز فيها بأننا الأفضل فى هذا التخصص، ومنها بدأنا النظر إلى التوسع منذ عام 2023، أول خطوة كانت التوجه إلى الأسواق الخارجية، وبالتحديد إلى السعودية، إذ وجدنا أن %80 من مبيعاتنا تأتى من خارج مصر، و%50 من هذه النسبة تحديدًا من السوق السعودية، لذلك كان من الطبيعى أن تكون السعودية هى أول وجهة للتوسع الخارجي.

ثانيًا: قررنا الاستمرار فى تخصصنا، لكن مع تنويع الأنشطة بداخله، بينما لم نخطط للدخول فى القطاع السكنى بسبب شدة المنافسة ووفرة المعروض، بل ركزنا على الأنشطة التجارية والإدارية، بالإضافة إلى التوسع فى القطاع الفندقي.

النقطة الثالثة تشمل الخروج من العاصمة الإدارية إلى مناطق جديدة تشهد طفرات فى التطوير الحضري، مثل مدينة المستقبل، بالإضافة إلى ذلك نحن نستهدف التوسع فى مناطق ساحلية ذات طابع سياحي، مثل مرسى علم، إذ نرى أنها ستشهد نموًّا كبيرًا خلال الثلاثين عامًا المقبلة.

حازم شريف: قبل أن ننتقل إلى تلك المحاور، لفت نظرى ما ذكرته بشأن هيكل مبيعاتك أن %80 منها تأتى من الخارج، و%50 من السوق السعودية، هل مَن يقوم بعملية الشراء هم مستثمرون وفقًا لملاحظاتك أم شركات بالفعل راغبة فى الحصول على أماكن لمزاولة أعمالها؟

ولو أردت أن تقوم بتقسيم مبيعاتك، كم فى المائة تُعد استثمارًا، وكم فى المائة شركات تبحث عن Office Building؟

بدير رزق: %80 من الذين يقومون بالشراء منا هم مستثمرون، سواء أكانوا مصريين أم أجانب، وتحديدًا عرب، وهذا يرجع إلى عدة عوامل؛ أهمها الموقع نفسه، بالإضافة إلى أن هناك فارق سعر واضحًا، فعلى سبيل المثال كنا نقوم ببيع المتر الواحد بـ30 ألف جنيه، ولكن، اليوم، الموقع نفسه يباع بسعر 150 أو 180، أو حتى 200 ألف جنيه، وهذا الفرق يأتى بمجرد تطوير المنطقة الصحراوية وتحويلها إلى منطقة عمرانية، وهو ما يُحدث فرقًا فى السعر.

العامل الثانى هو أن المصريين العاملين فى الخارج يتحمسون للشراء لدينا لرغبتهم فى استثمار أموالهم بمشروعات تُدر عليهم دخلًا، سواء أكانوا يخططون للعودة إلى مصر أم ما زالوا فى الخارج لأن الاستثمار فى الوحدات الإدارية والتجارية هو الأفضل، ومن ثم هذه هى العوامل التى نحلل من خلالها طبيعة المشترين.

حازم شريف: دعنا، الآن، ننتقل إلى الاتجاهات الثلاثة الأخرة، ونبدأ بالتوسع الإقليمي. وللعلم فقد تقابلنا، أمس، وتحدثنا فى هذا الشأن، وأرغب فى أن أطرح هذا السؤال عليك؛ وهو ما الفرق بين السوقين السعودية والمصرية ككل، خاصة أنك، الآن، تمتلك خبرة فى مجالات الاستثمار والعقارات والتكنولوجيا، وأيضًا ما الفرق بين السوق العقارية فى كلا البلدين؟

بدير رزق: السوقان مختلفتان تمامًا عن بعضهما البعض من ناحية العرض والطلب، فمصر لديها حجم طلب ناتج عن الزيادة السكانية الهائلة.

هذا الطلب يصطدم بأزمة ضعف القدرة الشرائية بسبب الأزمات الاقتصادية المتتالية، ومن ثم هناك فجوة كبيرة بين الطلب والقدرة الفعلية على الشراء، وهو ما يؤثر على العرض بشكل مباشر.

النقطة الثانية أن المنظومة العقارية فى مصر تحتاج إلى تطوير أكبر فى مجال التمويل، سواء كان تمويلًا عقاريًّا أو صناديق عقارية.

أما فى السعودية فالسوق مختلفة، فهناك قوة شرائية كبيرة، بالإضافة إلى طلب مستقر؛ لأنه لا يوجد شراء من قِبل الأجانب، والسوق ليست بالحجم نفسه الموجود فى مصر، ومن ناحية أخرى فالعرض كبير وكذلك القدرة على بنائه بسبب أن المؤسسات التمويلية هناك تلعب دورًا رئيسيًّا فى خدمة القطاع العقاري.

باختصار، السوقان عكس بعضهما البعض، فى مصر هناك طلب لكن دون قوة شرائية كافية، بينما فى السعودية هناك قوة شرائية عالية وقدرة على بناء معروض بشكل مستدام.

وفى السوق المصرية لا تستطيع أن تبنى مشروعًا ثم تؤجره، مما يضطر الجميع إلى البيع، ولكن فى السعودية يمكنك أن تبنى وتؤجر بعد ذلك بسهولة.

من الناحية الاقتصادية، الاختلاف واضح جدًّا بين السوقين، ونحن قررنا التوجه إلى السعودية لأننا نرى فيها تطورًا كبيرًا، خاصة فى قطاع العقارات التجارية والإدارية.

حازم شريف: إذن أنت توجهت إلى السوق السعودية مع الحفاظ على تخصصك؟

بدير رزق: نعم، أنا مستمر فى هذا التخصص؛ لأنه ما يجعلنى أكون الأفضل فى مجالي.

حازم شريف: دون قطع حديثك، هذا يعنى أنك سوف تستثمر بمرسى علم فى التخصص نفسه، أليس كذلك؟

بدير رزق: بلى، فى القطاعين التجارى والإداري.

ومن ثم توجهنا إلى السعودية بفلسفة التخصص نفسها، وتحدثنا عن قيامنا ببناء نموذج عمل نجح فى تخطى أزمات اقتصادية متعددة، واستطعنا تنفيذ مشروعات ذكية ومستدامة بمستوى عالمى مرتفع، ولكن بطريقة اقتصادية، ونرغب فى تطبيق ذلك هنا.

وبدأنا البحث عن الشريك المثالى الذى يمكننا التعاون معه، هل يجب أن يكون هذا الشريك صاحب قدرة مالية فقط؟ أم يجب أن يكون شركة عقارية؟ أم صاحب شركة مقاولات؟ أم قد يكون من خارج القطاع تمامًا؟ وكان أول من قابلناهم مجموعة سمو القابضة، والتى تمتلك شركة «أدير إنترناشيونال» هنا فى مصر، بالإضافة إلى «أدير القابضة» فى السعودية.

حازم شريف: وهل تنطبق على مجموعة سمو وأدير أحد تلك المعايير التى ذكرتها؟

بدير رزق: ينطبق عليهم معياران شديدا الأهمية؛ الأول هو أنهم من أكبر مُلاك محفظة أراض فى السعودية، إذ يمتلكون أكثر من 60 مليون متر مربع، كما أن لديهم خبرة كبرى فى تطوير الأراضي، وأيّ مطور عقارى يرغب فى الحصول على أراضى خام.

حازم شريف: وأحد معايير قياس حجم المطور العقارى هو حجم محفظة الأراضى التى يمتلكها.

بدير رزق: النقطة الثانية هى قدرتهم الكبرى على تأسيس الصناديق العقارية، إذ قاموا بإنشاء ما يقرب من 10 إلى 15 صندوقًا عقاريًّا، كان آخِرها بقيمة 8 مليارات ريال، وصندوق آخر بقيمة 2 مليار ريال.

حازم شريف: ومن الذى يقوم بعملية التطوير؛ شركة أدير أم سمو؟

بدير رزق: «سمو» تقوم بعملية التطوير، أما «أدير» فمنوطة بتقديم خدمات عقارية؛ منها التسويق، وهى النقطة الثالثة التى كنت أتطرق إليها والمتمثلة فى قدرتهم الكبيرة على التسويق العقاري.

حازم شريف: ومن الذى يقوم بإنشاء تلك الصناديق؟

بدير رزق: «سمو» هى المنوطة بهذا الأمر بالتعاون مع مؤسسات تمويلية؛ من بينها الجزيرة كابيتال والرياض كابيتال وغيرها.

حازم شريف: وهل تُعد شريكًا رئيسيًّا فى الصندوق أم مؤسسًا له. أو بصيغة آخر، ما تركيبة هذا الصندوق؟

بدير رزق: «سمو» هى المطور ومنوطة باستقطاب المؤسسات المالية والفرص الاستثمارية، من خلال شراء الأراضي، ثم تأسيس الصندوق مع المؤسسة المالية، وتطوير المشروع بعد ذلك.

حازم شريف: وهل الصندوق هو الذى يموّل المشروع أم يموّل شراء الأرض فقط؟

بدير رزق: الصندوق يموِّل المشروع ويمتلكه، أما صاحب الأرض فيدخل شريكًا فى الصندوق قد تصل حصته إلى %30 مثلًا، والبنك يموّل جزءًا آخر، وهناك مستثمرون آخرون يساهمون برءوس أموالهم فى الصندوق.

هذه العوامل الثلاثة جعلت من «سمو» و«أدير» الشريك المثالى للشركة فى مشروعاتنا للتوسع خارج مصر؛ ليس فى السعودية فحسب، بل فى أى دولة أخرى؛ لأنها تمتلك محفظة أراضٍ قوية، ولديها خبرة فى إنشاء الصناديق العقارية، بالإضافة إلى امتلاكها قدرة تسويقية كبرى.

وقد بدأنا الرحلة مع تلك المجموعة بشراكة إستراتيجية فى مصر منذ عام 2023، ثم توسعنا إلى شراكة إستراتيجية فى السعودية، وتباحثنا معهم حول إمكانية تأسيس شركة «باراجون السعودية»، بشراكة مناصفة %50 لكل طرف.

حازم شريف: وهل تم تأسيس الشركة؟

بدير رزق: انتهينا من المناقشات وفى مرحلة التأسيس، وشريكنا هناك هو سمو للاستثمار؛ إحدى الشركات التابعة لهم.

وفى مصر، كنا نعرض عليهم الفرص الاستثمارية حتى تمكّنا من العثور على فرصةٍ تُمثلنا وتُمثلهم، وهى مشروع استثمارى ضخم يُعد من أقوى المشروعات التى ستوجد فى السوق المصرية خلال الفترة المقبلة، هذا المشروع يمتد على مساحة بنائية تصل إلى نصف مليون متر مربع، وتقدر استثماراته بنحو 70 مليار جنيه.

المشروع يتميز بكونه متعدد الاستخدامات (Mixed-Use)إذ يضم أنشطة سكنية وفندقية معًا، كما أن رخصة المشروع تتيح تنفيذ أى نشاط.

لكن المشكلة التى تعانى منها السوق العقارية المصرية هى أن التطوير ظلّ لعقود طويلة يتم فى إطار «الكومباوندات» التقليدية، إذ تُبنى مشروعات سكنية مغلقة ومُحاطة بأسوار، مما أثّر، بشكل كبير، على نمط الحياة الاجتماعية والسكنية فى مصر.

نحن جميعًا نعيش داخل أسوار، ولا أعلم مَن المحبوس فعلًا؛ هل من يعيش داخل الكومباوند؟ أم من يعيش خارجه؟ ومن هنا جاءت الفرصة لتدشين مشروع غير مغلق.

نحن نتحدث عن قطعة أرض تستطيع السير فيها اثنين كيلومتر مربع، وكأنها منطقة وسط البلد، نحاول أن ننشئ مثل هذه المنطقة فى قلب مدينة المستقبل، هذا المشروع نسميه «Inclusive Exclusive» فهو مفهوم جديد غير موجود بالسوق المصرية، وهو أول مشروع بهذه الطريقة من التفكير إذ يمكن للناس الاستمتاع والتجول بحرية، وفى الوقت نفسه مع الحفاظ على الخصوصية.

حازم شريف: إذن، المساحة البنائية للمشروع نصف مليون متر مربع، أليس كذلك؟

بدير رزق: نعم، نصف مليون متر بنائي، ومساحة الأرض تبلغ نحو 250 ألف متر مربع، فى مدينة المستقبل باستثمارات تصل إلى 70 مليار جنيه، ونحن وقَّعنا الاتفاقية، الأسبوع الماضي، وهذه الاستثمارات مصرية سعودية مشتركة.

حازم شريف: هل هناك قروض سيتم الحصول عليها ضمن هيكل التمويل الخاص بالمشروع؟

بدير رزق: فى الدراسة المبدئية التى أجريناها، لم نضع القروض جزءًا من التمويل، لكننا نرى أن هناك فرصة مستقبلية للاقتراض.

حازم شريف: وما قيمة الأرض ضمن تكلفة المشروع الإجمالية؟

بدير رزق: إجمالى استثمارات المشروع هو 70 مليار جنيه، ونحن دخلنا شراكة بالأرض مع شركة ميدار المالكة لمشروع مدينة المستقبل.

حازم شريف: هل هناك جديد فيما يتعلق بالاستفادة من الأدوات التمويلية الموجودة بالسوق السعودية والتى يمكن الاستفادة منها داخل مصر؟

بدير رزق: ننظر إلى فرص لتكوين صندوق عقارى هناك يستثمر فى هذا المشروع، فنحن مع المجموعة السعودية منذ عامين ونصف العام نبحث وندرس فرصًا مختلفة، وهذه الفرصة بالتحديد نعمل عليها منذ عام ونصف العام.

ونرى أن لدينا فرصة كبيرة للنجاح فيها؛ لأنها ليست مجرد مشروع، بل هى بداية لنمط جديد من الاستثمار العقارى الذى يمكن أن يُحدث تأثيرًا أكبر بكثير، إذ يستطيع أن يفتح الفرصة لتكوين صناديق عقارية، وكان هناك اجتماع، بالفعل، مع رئيس الوزراء، الأسبوع الماضي؛ لمناقشة تأسيس صناديق عقارية باستثمارات سعودية ومصرية.

حازم شريف: وماذا عن نتائج هذا الاجتماع، خاصة أن هناك حديثًا دائمًا عن تأسيس صناديق استثمار عقارية، لكن لا يحدث ذلك؟

بدير رزق: هذا الأمر حدث بالفعل، وقد وقّعنا اتفاقية المشروع فى الأسبوع الماضي.

حازم شريف: هل قمت بتوقيع المشروع وضمن هيكله صندوق استثمار عقاري؟

بدير رزق: لا، لكن هناك خطة لذلك.

حازم شريف: إذن، الخطة أن تقوموا بإنشاء صندوق استثمار عقارى فى السعودية؟

بدير رزق: نعم، هذه واحدة من الخطط، سواء فى السعودية أم فى مصر.

حازم شريف: بشرط أن تسمح التشريعات بذلك فى مصر؟

بدير رزق: التشريعات فى مصر سوف تسمح بذلك، بالتأكيد.

حازم شريف: هل هناك اتفاق على ذلك؟

بدير رزق: هناك توجه لذلك.

حازم شريف: لكى أكون دقيقًا، أنتم تبحثون عن فرص فى السعودية، أليس كذلك؟

بدير رزق: صحيح.

حازم شريف: لفت نظرى أنهم يمتلكون 60 مليون متر مربع محفظة أراض، ألا توجد فرصة فى هذه المساحة؟

بدير رزق: نعمل حاليًّا على دراسة مجموعة من الفرص لديهم، وندرس كذلك فرصًا خارجية.

حازم شريف: تقصد خارج السعودية؟

بدير رزق: لا، خارج أراضى الشركة نفسها، بمعنى أن هناك مشروعًا أو مشروعين من الأراضى التابعة لهم مناسبين لنا للعمل عليها؛ لأن مشروعاتهم فى الغالب بنية تحتية، وندرس أيضًا فرصًا خارجية.

وللعلم، نحن نحتاج إلى تقديم قيمة مضافة (Value) بحيث لا نذهب فحسب للحصول على مشروعات من محفظة أراضيهم، ولكن نستهدف جلب مشروعات أيضًا.

وهناك أكثر من فرصة، لكن المشكلة أن السوق السعودية شهدت، خلال الأشهر الماضية، بعض القرارات الجديدة المتعلقة بقوانين الأراضى البيضاء، مما تسبّب فى ارتباك بتسعير الأراضي، خاصة فى الرياض، فمنذ رمضان وحتى الشهر الماضى تقريبًا لم تحدث أى معاملات حقيقية على الأراضي؛ لا بيع ولا شراء، بسبب هذه التغيرات التشريعية، والتى تهدف إلى عدم المتاجرة بالأراضي، والاحتفاظ بها دون تطويرها.

حازم شريف: هذا جيد بالنسبة لكم؟

بدير رزق: بالتأكيد، ستكون هناك أراض متاحة بشكل أكبر، وكانت هناك مشكلة حدثت فى تسعير الأراضى إذ سيتم فرض نسبة %10 من سعر الأرض تُدفع سنويًّا كضريبة، هذا يعنى أن عدد الأشخاص الذين يحتفظون بالأراضى سيتراجع، وستُطرح هذه الأراضى بالسوق، مما سيؤدى إلى انخفاض الأسعار، ولكن إلى أى مدى سينخفض؛ هل بنسبة %10 أم %20 أم %30؟ فالجميع كان فى حالة ترقب للقوانين الجديدة، لأنها ستكون العامل الحاسم فى تثبيت الأسعار.

كما أننا بدأنا ندرس فرصًا أيضًا فى مناطق أخرى غير الرياض، فى جدة مثلاً.

حازم شريف: هل تتوقع بدء مشروعات خلال هذا العام؟

بدير رزق: خطتنا أن نوقّع على مشروع، هذا العام، ونبدأ التنفيذ، العام المقبل.

حازم شريف: كم تبلغ المساحة؟

بدير رزق: نستهدف الوصول من 30 إلى 40 ألف متر، بمشروعات مشابهة فى الحجم لما قمنا به فى مصر قبل التوسع الأكبر.

حازم شريف: ماذا عن مرسى علم؟ وكيف تفكر فى هذه المنطقة؟

بدير رزق: مرسى علم منطقة واعدة للغاية على البحر الأحمر، قريبة فى طبيعتها من التفكير الأوروبي، فالأوروبيون يعشقون الأجواء هناك، وهى تقع فى الجهة المقابلة من السعودية.

ولدينا مشروعٌ أعلنّا عنه فى شهر فبراير الماضي، على أرض بمساحة مليون متر مربع يضم فندقًا تحت الإنشاء بسعة 300 غرفة، ونحن فى مرحلة الحصول على الموافقات من «هيلتون»، للحصول على العلامة التجارية.

حازم شريف: إذن المشروع فندقي، لكن هل هناك جزء تجاري؟

بدير رزق: فى المرحلة الأولى عبارة عن فندق، وبعد ذلك سنضيف وحدات سكنية فندقية Branded Residences، ومن المخطط أن يكون هناك جزء إداري.

حازم شريف: وما حجم استثمارات المشروع؟

بدير رزق: حجم المبيعات المستهدف يصل إلى 500 مليون دولار.

حازم شريف: ومَن الشركاء فى هذا المشروع؟

بدير رزق: صاحب الأرض وهو شريك مصري، ونحن «باراجون”.

الفندق تحت الإنشاء من قِبل صاحب الأرض، ونحن سنتولى تطوير وحدات Branded Residences المحيطة بالفندق بنسبة من الإيرادات.

حازم شريف: دعنا نتطرق إلى ملف ثقافة العمل فى مصر والعمل من المنزل، ما رأيك فى هذا الاتجاه؟ كيف ترى مستقبله؟ وكيف تتعامل معه كشركة؟

بدير رزق: نحن كشركة نقوم ببيع مكاتب، لكننا نرى أنه لا بد أن نقود هذا التغيير، وفى صيف عام 2022 بدأنا تنفيذ فكرة مختلفة، إذ أنشأنا كبائن صغيرة على البحر مساحتها 2×2 متر مزودة بتكييف وطاولة وكرسيين وإنترنت.

وضعنا نحو 10 كبائن على الشاطئ فى الساحل الشمالي، بحيث يمكن لأى شخص لديه مكالمة عمل أو يحتاج إلى مكان هادئ أن يستخدمها، بدلًا من الجلوس فى السيارة، على سبيل المثال.

هذه الخطوة أحدثت طفرة، إذ إننا كشركة نقوم ببيع مكاتب، لكن فى الوقت نفسه شجّعنا الناس على العمل من على شاطئ البحر، وفى صيف 2023 قمنا بتوسيع الفكرة من خلال استئجار أرض أكبر وأنشأنا «كونتينر بارك» من خلال تجهيز حاويات وإعادة تجهيزها كمكاتب مكيفة، ووضعنا خدمات أخرى بجوارها مثل مركز للياقة البدنية وحضانة للأطفال ومطاعم وكافيهات، ودعونا الآخرين للعمل من هناك، وأصبح الموظفون من شركتنا وشركات أخرى يأتون ويعملون من على الشاطئ.

الفكرة لم تكن مجرد علامة تجارية، بل كانت رسالة بأنه لا حاجة لوجودك فى المكتب، وأنه لم يعد مجرد طاولة و«لابتوب» ومقعد، بل يجب أن يوفر قيمة مضافة وبيئة عمل مميزة تجعل العاملين بالشركة يرغبون فى الحضور والعمل من المكتب.

الآن، نحن نطور هذا المشروع بشكل أكبر، إذ حصلنا على قطعة أرض فى الجونة لتنفيذ الفكرة نفسها ولكن بطريقةٍ أكثر تطورًا، من خلال إنشاء مكاتب متعددة الاستخدامات (Mixed-use offices) فى الجونة.

حازم شريف: هل أعلنتم هذا المشروع؟

بدير رزق: لا، لم نعلن عنه بعدُ، وهو مشروع له تأثير قوي؛ لأن هدفه هو المساعدة فى تطوير فكرة العمل من الجونة.

الجونة تم بناؤها خلال الثلاثين عامًا الماضية بصفتها مدينة سياحية، لكن بها الكثير من الوحدات السكنية التى يمتلكها الناس، وهناك أشخاص يقيمون بشكل دائم فى الجونة، ومن هنا تأتى الحاجة لخلق بيئة عمل متكاملة بهذا المكان.

الأمر لا يقتصر على توفير working space بل يتعلق بالبنية التحتية الكاملة التى تُمكّن الأشخاص من العمل من هناك، إذ يجب أن يكون هناك مجتمع متفاعل وبرامج وأنشطة وفعاليات مستمرة.

نحن نعمل مع «أوراسكوم» لتوفير بيئة العمل هذه لمجتمع الجونة، وقد حصلنا على قطعة أرض مؤجرة على مساحة تتراوح بين 5 و6 آلاف متر مربع من «أوراسكوم»، وسنقوم بإنشاء مكاتب مخدومة Serviced offices، مجهزة بالأثاث، بالإضافة إلى جيم، ومطاعم وقاعات اجتماعات، ومساحات مفتوحة لإقامة فعاليات ومؤتمرات، بالإضافة إلى دُور للسينما.

حازم شريف: إذن أنت تبنى مركزًا متكاملًا؟

بدير رزق: نعم، مركز متكامل تمامًا لأن بيئة العمل لم تعد مجرد مكتب، نحن بحاجة إلى خلق نظام بيئى متكامل، بحيث يمكن لأى شخص أن يأتى للعمل من أى مكان، ويجد البيئة المثالية لذلك.

حازم شريف: ومَن الفئات المستهدفة من هذا المشروع؟

بدير رزق: نحن نستهدف قطاعات مختلفة؛ من بينها الأشخاص الذين يمتلكون وحدات هناك أو يقيمون بالفعل فى الجونة.

حازم شريف: لكن هل تستهدف الشركات أم الأفراد؟

بدير رزق: نستهدف الاثنين معًا.

نحن نرى أن مصر لديها فرصة لتغيير شكل سوق العمل، إذ يمكنك العمل عن بُعد من داخل أو خارج مصر، ولكن فى بيئة عمل متميزة من خلال «باراجون».

ونرى أن المناطق المختلفة مثل الجونة والعاصمة وزايد والتجمع، من الممكن أن تُكونDistributed Offices.

وفكرة المشروع ليست مجرد مساحات عمل مشتركة، بل نسعى لبناء مجتمع متكامل Community Space بحيث يأتى الشخص إلى هذا المكان ليجد بيئة عمل تُمكّنه من لقاء أشخاص يرغب فى التعرف عليهم وتكوين علاقات وشبكات مهنية فى كل زيارة، وأن الاستثمار فى هذه المشروعات هدفه أن نوفر قيمة أكبر من مجرد مكتب مغلق.

حازم شريف: وما حجم الاستثمارات المخصصة لهذا المشروع فى الجونة؟

بدير رزق: لا توجد لدينا تكلفة استثمارية ثابتة، فالمشروع يتم تطويره على مراحل مختلفة، وسنبدأ بمساحة تقريبية تصل إلى 1000 متر مربع.

حازم شريف: هل لديكم خطة للتوسع فى هذا النوع من المشروعات بمناطق أخرى مثل التجمع أو غيرها، وهل هناك فريق لذلك؟ لأننى أرى أنه بوجودك فى هذه الأماكن تصبح علامتك التجارية حاضرة فى تلك المواقع بخلاف مشروعاتك الكبرى؟

بدير رزق: صحيح، وهذا البراند أطلقنا عليه Paragon Hub وقد قمنا بتنفيذه فى الساحل الشمالي، وسيتم تنفيذه فى كل مشروعاتنا بنسبة بنائية تقارب %10 مخصصة لتلك الخدمات.

حازم شريف: هل تم تأسيس شركة مستقلة لهذا المشروع؟

بدير رزق:حتى الآن، لا.

حازم شريف: ولماذا لا تؤسس شركة وتتوسع فى هذا المشروع؟

بدير رزق: لدينا خطة لذلك أو سيكون من خلال شراكة، لكن أول انطلاقة للمشروع ستكون فى الجونة وباراجون 1 فى العاصمة.

حازم شريف: هل ترى أن من الأفضل تأسيس شركة مستقلة أم الدخول فى شراكات؟

بدير رزق: الإجابة عن هذا السؤال تتوقف على التوقيت، نحن لا نستطيع أن نفعل كل شيء بمفردنا، فحينما نقوم بتطوير مشروعات كبيرة، يكون من الضرورى دخول شركاء آخرين.

نحن دائمًا نبحث عن أفضل شركاء، وأن يكون هناك توافق لعقد شراكات معهم، وفى الفترة الماضية عقدنا عدة شراكات مع علامات تجارية مميزة تتماشى مع فلسفتنا، بحيث يتولون إدارة الجيم، أو المطاعم، أو إدارة المنظومة بأكملها.

حازم شريف: سؤالى الأخير، نحن تطرقنا إلى ملف العمل من المنزل، لكن أودّ أن أعرف فى شركتك أنت شخصيًّا هل العمل يتم من المنزل أم من خلال المكاتب؟

بدير رزق: نحن لا نعتمد على سياسة العمل من المنزل، لكن لدينا سياسة مرنة فيما يتعلق بالحضور؛ بمعنى أنه ليس هناك مواعيد للحضور أو الانصراف، إذا أردت اليوم أن تعمل من المنزل فيمكنك ذلك، ولكن التوقع هو أن تأتى إلى المكتب.

نحن نهتم بوجود تفاعل داخل الشركة ونبذل جهودًا فى تصميم المكاتب وتنظيم الأنشطة، إذ لدينا فعاليات تقام مرتين أو ثلاث مرات فى الشهر، وهناك جلسات نقاشية تُعقَد داخل المكتب.

كما أن لدينا نحو 30 متدربًا من الجامعات، لذلك فروح المكتب هو أمر مهم بالنسبة لنا، خاصة أننا شركة تقوم ببيع المكاتب.

حازم شريف: وما سياستكم فيما يخص التدريب أو المِنح التى تقدمونها للطلاب؟

بدير رزق: هذا هو أهم مشروع لدينا فى الشركة.

كشركة، مهتمون بفهم الشباب ومعرفة كيف يفكرون، ونريد أن نبقى قريبين منهم لنشعر بإبداعهم وتفكيرهم المختلف، هم يرون الأمور لأول مرة، ويطرحون أسئلة بسيطة لكنها عميقة مثل: لماذا وضعت الميكروفون مثلاً بهذه الطريقة؟ لماذا لا يكون فى الجهة الأخرى؟

لذلك، نحن نستقبل، كل عام، نحو 30 إلى 40 متدربًا من الجامعات، وأطلقنا مؤخرًا برنامجًا للعمل الجزئي، حيث يعمل الطلاب عشرين ساعة فى الأسبوع، وهو النظام نفسه الذى أنا شخصيًّا عملت به فى ألمانيا. حاليًّا لدينا 9 طلاب يعملون معنا بهذا النظام فى مجالات مختلفة مثل التسويق والمحاسبة والهندسة.

هذا البرنامج يغير حياتهم، فالطالب الذى كان معتادًا الدراسة فقط، يصبح طالبًا وموظفًا فى الوقت نفسه، وتختلف رؤيته للأمور وهو فى الجامعة يفكر فى العمل، وفى العمل يفكر فى الجامعة، وحتى فى حياته اليومية يفكر فى الاثنين معًا.

نحن نؤمن بأن تكوين جيل جديد من القيادات أمر مهم، وفى النهاية هؤلاء المتدربون هم عملاؤنا فى المستقبل، سواء هم أنفسهم أو عائلاتهم من الممكن أن بعضهم سيشترى منا، وبعضهم سيعمل معنا، وآخرون سيفتحون شركاتهم الخاصة، وسيأتون لاستئجار مكاتبَ من عندنا.

حازم شريف: سعدتُ بالحوار معك، رغم أنك أخفيت عنى بعض التفاصيل التى كنت أتمنى أن أسمعها، لكن الحقيقة أن الحوار كان ممتعًا للغاية، وأعتقد أنك كنت اختيارًا موفقًا كى تكون ضيف الحلقة الأخيرة من الموسم الرابع من البرنامج.

بدير رزق: شكرًا لك يا حازم، أنا أيضًا استمتعت بالحوار.

حازم شريف: أشكر مشاهدينا ومستمعينا ومتابعينا على منصات السوشيال ميديا والبودكاست المختلفة، كما أود أن أرى فى التعليقات من الضيوف الذين ترغبون أن نستضيفهم فى الموسم الجديد، والذى سيبدأ فى 14 سبتمبر المقبل.

نحن بالفعل بدأنا إعداد قائمة الضيوف، والعديد منهم كان بطلبات منكم، وإن شاء الله سنتمكن من تلبية أكبر عدد من رغباتكم فى الأسابيع المقبلة، ونراكم فى بداية الموسم الخامس من البرنامج، والثانى من البودكاست.

 

كنت من طلبة الأقاليم المتفوقين الذين التحقوا بالجامعة الألمانية فى القاهرة

  مديرى طلب منى حلاقة شعرى حتى لا نكون مختلفين عن الألمان وتركت العمل بسبب ذلك

 استعدتُ شغفى للدراسة بعد سفرى إلى ألمانيا

بدأت فى مجال أبحاث الذكاء الاصطناعى والروبوتات

اختلاف الثقافة يُعرضك للصدمة لكن يتحول فيما بعد إلى مسار للتطور

تقدمت إلى 500 وظيفة بألمانيا ولم يتم قبولي

قررت دراسة ماجستير إدارة الأعمال وكانت نقطة فاصلة فى مسيرتي

جائحة كورونا وغلق المطارات كانا السبب فى استقرارى بمصر

تأسسنا فى يوليو 2021.. وتحقيقنا مبيعات جيدة دفعنا للاستحواذ على قطعتيْ أرض جديدتين

4 قيم أساسية بُنيت عليها فلسفة «باراجون» من بينها الاستدامة وخدمة الإنسان

5 كيانات للمجموعة تمثل 4 مشروعات بإجمالى مبيعات مستهدفة 10 مليارات جنيه

%80 من مبيعاتنا تأتى من خارج السوق المحلية و%50 منها من السعودية

هناك طلب على العقارات فى مصر لكنه يصطدم بضعف القدرة الشرائية

المؤسسات التمويلية تلعب دورًا مهمًّا فى خدمة هذا القطاع بالمملكة

«سمو القابضة» تمتلك محفظة أراض بنحو 60 مليون متر مربع

جارٍ تأسيس «باراجون السعودية» معها بشراكة «%50-%50»

قوانين الأراضى البيضاء تسببت فى ارتباك التسعير

نستهدف تحويل مشروعنا فى «مستقبل سيتي» إلى منطقة شبيهة بوسط البلد مع مراعاة الخصوصية

ندرس فرصًا استثمارية خارج الرياض... والإعلان عن تطوير أرض بمساحة30 - 40 ألف متر خلال 2025

500 مليون دولار حجم المبيعات المستهدف من مشروع مرسى علم

تعاقدنا مع «أوراسكوم» لإطلاق «Paragon Hub» فى الجونة