تشهد سوق الهواتف المحمولة المحلية طرح موديلات جديدة من الشركات، رغم تراجع القوى الشرائية، وانشغال أغلب الأسر بتدبير الاحتياجات الأساسية على حساب الرفاهيات.
وأجمع عدد من العاملين فى صناعة وبيع أجهزة الهواتف المحمولة بمصر، على أن اتجاه الشركات لتقديم طروحات متكررة فى السوق المصرية حاليا يرجع لأكثر من عامل، على رأسها السعى لتعزيز التواجد ومواجهة المنافسة، فضلا عن التماشى مع الاستراتيجية العالمية للشركات الأم والتى ترى ضرورة طرح تلك الأجهزة.
وأكدوا أن مصر تعد سوقا جاذبة لصناعة الهواتف الذكية، وأن أغلب المصنعين العالميين الذين قرروا التوسع فى مصر وافتتاح مصانع لهم يسعون إلى تحويل مصر لمركز محورى لتصدير منتجاتهم إلى باقى الدول.
يشار إلى أن “إنفينيكس” الصينية طرحت مجموعة جديدة من الهواتف الذكية والأجهزة القابلة للارتداء بالسوق المحلية خلال الأسبوع الماضى، من بينها هاتف Infinix NOTE 50S 5G المصنع محليا بسعر يتجاوز 12 ألف جنيه، كما أطلقت “أوبو” أيضا هاتفها الجديد رينو 14 والذى يدعم تكنولوجيا خدمات الجيل الخامس للاتصالات 5G بسعر 26990 جنيه يرتفع إلى 36990 جنيه لإصدار “البرو”.
وقال محمد سالم، الرئيس التنفيذى للشركة المصرية لصناعات السيليكون “سيكو تكنولوجي” - إحدى المصنعيين المحليين لأجهزة المحمول – لـ”المال”: إن طروحات شركات الهواتف العاملة فى مصر تعد أمرا إيجابيا، خاصة وأن الصناعة تشهد نموا تدريجيا .
وأضاف أن شركات الهواتف العالمية فضلت التواجد فى مصر نظرا لموقعها الجغرافى المتميز، وسعيا لتحويلها إلى مركز استراتيجى لتصدير جزء من المنتجات، ومن ثم زيادة الحصيلة الدولارية.
وأكد أهمية أن تسعى الدولة بكافة أجهزتها المعنية لمنح الشركات الحوافز اللازمة لتنمية صناعة المحمول فى مصر، مبينا أن تقديم الحوافز يرفع من نسبة المكون المحلى، ويشجع المصنعيين على التواجد فى مصر .
وشدد على أهمية ضم صناعة المحمول وإكسسواراتها إلى برنامج دعم تنمية الصادرات خلال المرحلة اللاحقة، موضحا أن هذا القرار سينعكس بشكل إيجابى على الصناعة، علاوة على أنه سيسهم فى تشجيع تواجد لاعبين جدد لساحة صناعة المحمول.
وقال وليد رمضان، نائب رئيس شعبة الاتصالات بالغرفة التجارية بالقاهرة: إن شركات الهواتف لديها خطط توسعية فى مصر، ما يجعلها تعكف على طرح أجهزة جديدة بغض النظر عن القوة الشرائية للمستهلك.
وأضاف أن الشركات ترى أن السوق المحلية جاذبة بشكل كبير، خاصة وأنها تمتلك عدة مقومات، منها التعداد السكانى الكبير والذى يعد لاعبا أساسيا لخطط الشركات، وأيضا الموقع الجغرافى المثالى الذى يلعب دورا بارزا فى استقطاب تلك الكيانات العالمية لمصر، وتحويل خطوط إنتاجها فى بعض الأحيان للسوق المحلية .
وأشار إلى أن قرارات الحكومة الأخيرة بشأن تطبيق منظومة حوكمة استيراد أجهزة الهواتف من الخارج، شجع الشركات على تعزيز تواجدها بمصر، إلا أنها تحتاج إلى تنظيم جيد حتى تستفيد كافة أطراف المعادلة.
وأرجع عمرو الحفناوى، الخبير التقنى فى مجال صناعة الهواتف الذكية، سبب اتجاه الشركات العالمية لطرح موديلات جديدة فى مصر - رغم ضعف القوى الشرائية للمستهلك - إلى وجود خطة عالمية ومحفظة متنوعة من أنواع الهواتف والموديلات فى منطقة الشرق الأوسط .
وأضاف أن أى شركة هواتف عالمية تمتلك خطة محددة بداية كل عام، مرهونة بجداول زمنية متفق عليها سلفا بشأن مواعيد طرح موديلات أجهزتها بما يتماشى مع خطط المجموعات الأم، مستشهدا بتجربة “سامسونج” التى تمتلك قرابة 36 موديل هاتف ذكى تطرحها سنويا، مع الآخذ بعين الاعتبار أن كل موديل يندرج تحت أكثر من طراز فى فئات سعرية مختلفة.. على حد قوله.
وأكد أن شركات صناعة الهواتف عالميا شهدت تغييرا جذريا خلال الفترة الماضية، مما دفع المصنعيين إلى إطلاق أكثر من موديل فى نفس الشريحة السعرية كل منها يتضمن مواصفات فنية مختلفة، لافتا إلى أن “أوبو وريلمي” الصينين طرحتا أكثر من طراز خلال الفترة الماضية بمصر.
ولفت إلى أن الشركات العالمية لديها خطط عمل مختلفة لكل دولة وفقا لحالة وطبيعة كل سوق، مؤكدا أن الشركات تحرص على تقديم كافة الموديلات لكل الدول بما فيها مصر فى وقت متقارب.
وأضاف أن شركات الهواتف المتواجدة فى السوق المحلية تعمل على طرح الموديلات الجديدة بكميات قليلة، وذلك مراعاة لضعف القوة الشرائية، فى ظل حرصها على تعزيز تواجدها فى مصر ووجود منافسة كبيرة بين الشركات.
وتابع: توجد مجموعة عوامل تحكم منظومة ومواعيد طرح أجهزة هواتف محمولة جديدة فى مصر، على رأسها ثمن الجهاز خارج البلاد، فضلا عن سعر صرف العملة الأجنبية مقابل الجنيه، خاصة وأنه يتم التسعير دائما بالدولار .
ولفت إلى أن ذلك يظهر بشكل ملحوظ فى أجهزة “انفينكس” و”أوبو”، إذ كانت تعتمد على طرح أجهزة متوسطة السعر، ولكنها سرعان ما اتجهت لتغير أسعارها، وذلك لما تتحمله من فروق ضخمة ناتجة عن عدم استقرار سعر الصرف .
وتابع: فرض رسوم جمركية كبيرة على أجهزة الهواتف أسهم فى حدوث تغييرات سعرية بالسوق، منوها إلى أن سعر الهاتف المصنع محليا أصبح يمثل ضعف نظيره المستورد من الخارج.
وعدد الحنفاوى أسباب رغبة الشركات العالمية فى تعزيز تواجدها بالسوق المصرية، إلى التصدير وفتح أسواق جديدة.
وأشار إلى أن الشركات ترى أن مصر تتمتع بمزايا مختلفة تجعلها قبلة لها، على رأسها استقرار سعر العملة الأجنبية، فضلا عن التعداد السكانى الكبير الذى يتيح لشركات الهواتف تحقيق مبيعات مرتفعة، علاوة على وجود صلة تاريخية تربط بعض الشركات بالسوق المحلية .
ورأى أن الشركات العاملة فى مصر تعمل على تخصيص النسبة الأكبر من طاقتها الإنتاجية للتصدير، وهو الأمر الذى يسهم فى إحداث التوازن بين التكلفة والاستثمارات .
وأوضح أنه فى حالة النظر لشركة “سامسونج”، فإنها ستعمل على تخصيص %25 من إنتاجها للسوق المصرية، بينما سيتم توجيه باقى الإنتاج للتصدير، مبينا أن باقى الشركات ستعمل على تطبيق المسار ذاته.
ورجح الحفناوى أن تشهد سوق الهواتف فى مصر تحسنا كبيرا، بالتزامن مع الاستقرار الكبير فى سعر العملة الأجنبية، فضلا عن ظهور تكنولوجيا جديدة بشكل متكرر، مما يسهم فى تراجع الأسعار، وهو الأمر الذى سيعمل على تحفيز المستهلك بشكل كبير وتحريك القوى الشرائية.
كما لفت إلى أن المستهلك فى الوقت الراهن، يبحث بشكل مستمر عن الهواتف من الشريحة المتوسطة، خاصة وأنها مرتبطة بأسعار العملة وارتفاع معدلات التضخم خلال الفترة الماضية.
وأوضح محمد الحداد، نائب رئيس شعبة المحمول بغرفة الجيزة التجارية، أن شركات الهواتف أصبحت تقدم منتجات متنوعة كل ثلاثة شهور، مع عدم وجود فروقات كبيرة، الأمر الذى يسهم فى زيادة مبيعات إكسسوارات المحمول، وارتفاع معدل الإهلاك لدى التجار، فى ظل حرصهم المستمر على بيع أجهزة جديدة تواكب المتغيرات العالمية .
ولفت الى أن العميل يدرس حاليا إمكانيات ومواصفات الجهاز الفنية، ويحدد الميزانية قبل الشراء.
ورأى أن النموذج الأفضل للشركات - والذى يتماشى مع حالة السوق المصرية - هو الاتجاه لتقديم أجهزتها مرتين فى العام، ما يتيح فرصة أكبر للعميل للحصول على احتياجه بشكل أكبر .
وشدد على أهمية سعى الشركات العاملة فى مصر لتخفيض الأسعار خلال المرحلة المقبلة، خاصة وأن المصنعين المحليين يحصلون حاليا على حوافز.
وأكد أن تسعير جميع الأجهزة المحمولة فى مصر المصنع والوارد من الخارج، أمر مبالغ فيه خاصة أن الدولة باتت تقدم حزما مختلفة من الحوافز للمصنعين، مما خفض التكاليف التشغيلية الواقعة على عاتق الشركات.
يذكر أن شركات هواتف عالمية بدأت فى تصنيع عدد من هواتفها فى مصر، منها “سامسونج” الكورية، و”شاومى وإنفينيكس” الصينتين، و”إتش إم دي” الفنلندية.
يشار إلى أن الطاقة الإنتاجية الحالية لشركات الهواتف العاملة فى مصر تبلغ حوالى 11 مليون وحدة، ومن المخطط زيادتها لأكثر من 20 مليون بحلول 2026 ، وذلك عبر تحديث خطوط التصنيع والاستثمار فى معامل الاختبار والجودة، طبقا للمواصفات والمعايير القياسية العالمية (وفقا لما أفادت به وزارة الاتصالات فى بيان سابق ).
سالم: تكرارها أمر إيجابى خاصة وأن الصناعة تشهد نموا تدريجيا
رمضان: خطوة تعزز خطط توسعات المصنعين
الحنفاوى: استقرار سعر العملة كلمة السر.. والتسويق بكميات قليلة
الحداد : هناك مبالغة فى الأسعار ويجب تخفيضها
