البنوك تتجه إلى أذون الخزانة بعد تقليص العائد على آلية السوق المفتوحة

تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 325 نقطة أساس فى اجتماعين متتاليين عزز الطلب على الائتمان

محمد عبد العال
Ad

قال مصدران مصرفيان إن البنوك تتحكم فى كيفية استثمار فائض السيولة لديها بعد التعديلات الأخيرة فى آليات السوق المفتوحة وتعليمات قبول العطاءات الصادرة منذ أبريل 2024. 

وأضافا فى تصريحات لـ «المال» أن قرار خفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزى دفع البنوك إلى تقليل ودائعها لدى المركزى والاتجاه للاستثمار فى أذون الخزانة التى تقدم عوائد أعلى، ما أدى إلى نمو استثمارات البنوك فى أذون الخزانة لتبلغ 6.8 تريليون جنيه بنهاية فبراير 2025.

وأوضحا أن تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 325 نقطة أساس فى اجتماعين متتاليين عزز الطلب على الائتمان، ما دفع البنوك إلى توجيه فوائض السيولة بعيدًا عن السوق المفتوحة نحو أدوات الدين الحكومى طويلة الأجل، بحثًا عن عوائد مرتفعة. 

وأشارا إلى أن البنك المركزى لم يعد يقبل كامل العروض فى عطاءات السوق المفتوحة كما كان سابقًا، وأن سياسة التيسير النقدى الحالية تدعم تحفيز الإقراض دون المخاطرة برفع معدلات التضخم، خاصة مع استمرار انخفاض معدل التضخم الأساسى خلال الأشهر الماضية.

قال محمد عبد العال الخبير المصرفى إن البنك المركزى المصرى ليس هو المسؤول عن الزيادة أو النقصان فى أحجام السيولة التى يتم سحبها عبر آلية السوق المفتوحة، وإنما الأمر متروك للبنوك نفسها، فهى وحدها التى بيدها كيفية وآلية إدارة فوائض السيولة المتاحة لديها.

وكان البنك المركزى أصدر، خلال أبريل 2024، تعليمات جديدة بخصوص القواعد المنظمة للعملية الرئيسية لربط الودائع (Main Operation) لعمليات السوق المفتوح التى كان يجريها البنك المركزى من خلال إجراء مزاد ثابت السعر (Fixed-rate Tender) بصورة أسبوعية، حيث يتم الإعلان عن حجم العملية التى سيجريها البنك المركزى، وقبول العطاءات بأسلوب التخصيص الذى يتحدد بناء على نسبة العطاء المقدم من قبل البنك إلى إجمالى العطاءات المقدمة ويطبق عليها سعر العملية الرئيسية.

وأوضح «عبدالعال» أن آلية السوق المفتوحة وقبول العطاءات بالطريقة التى تم اعتمادها منذ أبريل 2024 لا زالت موجودة ومتاحة لدى كافة البنوك.

خفض أسعار الفائدة

وفى السياق ذاته، أوضح الخبير المصرفى محمد عبد العال أن تخفيض أسعار الفائدة بواقع 325 نقطة أساس من قبل البنك المركزى خلال اجتماعين متواليين دفع البنوك إلى الإحجام عن إيداع فوائض سيولتها لدى «المركزي» عبر آلية السوق المفتوحة، وتوجيهها عوضا عن ذلك إلى أذون الخزانة.

ولفت إلى أن خفض أسعار الفائدة عزز الطلب على الائتمان، وهو الأمر الذى نتج تعاظم نشاط كافة المقترضين تقريبا، مشيرا إلى أنه فى الوقت الذى يخفض فيه البنك المركزى أسعار الفائدة الأساسية ترتفع أسعار العوائد على أذون الخزانة مما جعلها أكثر جاذبية بالنسبة للبنوك.

قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركـزى المصـرى فى اجتماعها اليوم الخميس 17 أبريل 2025 خفض سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 225 نقطة أساس إلى %25.00 و%26.00 و%25.50، على الترتيب كما قررت خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 225 نقطة أساس ليصل إلى %25.50. ثم قررت اللجنة خفض أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس فى الاجتماع التالى مباشرة، قبل أن تبقى عليها كما هى فى الاجتماع الأخير.

وذكر الخبير المصرفى أن البنوك المحلية تعزز محافظها الاستثمارية فى أدوات الدين طويلة الأجل لاسيما وأنها تريد الحصول على عوائد أعلى فى ظل تعاظم التوقعات بالمزيد من خفض الفائدة على المدى المتوسط. 

سجلت استثمارات البنوك المصرية فى أذون الخزانة ارتفاعًا لافتًا لتبلغ 6.8 تريليون جنيه بنهاية فبراير 2025، وفق أحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزى المصري.

فوائض السيولة وسياسة التيسير النقدي

ومن جانبه لفت الخبير المصرفى محمد البيه أن البنك المركزى لم يعد يأخذ %100 من العروض التى تقدم من البنوك فى عطاء السوق المفتوحة من جهة، كما أن البنوك قلصت توجيه فوائض السيولة لديها إلى المركزى عبر هذه الآلية نظرًا لوجود مسارات أخرى أكثر جذبا فى الوقت الراهن.

وأضاف أن البنك المركزى كان يسحب فوائض السيولة التى تقدمها البنوك عبر آلية السوق المفتوحة رغبة فى تحفيز هذه المصارف ومحاولة منه لسحب السيولة والسيطرة على التضخم، إلا أن الأمور اختلفت الآن، لا سيما بعد انحسار معدلات التضخم بشكل كبير مقارنة بما كانت عليه فى العام الماضي.

وسجل معدل التغير الشهرى فى الرقم القياسى الأساسى لأسعار المستهلكين، الذى يعده البنك المركزى المصرى، سالب %0.2 فى يونيو 2025 مقابل %1.3 فى يونيو 2024 و%1.6 فى مايو 2025. وعلى أساس سنوى، سجل معدل التضخم الأساسى %11.4 فى يونيو 2025 مقابل %13.1 فى مايو 2025.

وأشار «البيه» إلى أن تقلص أحجام السيولة التى يسحبها البنك المركزى عبر آلية السوق المفتوحة يتناغم مع سياسة التيسير النقدى التى يتبناها صانع السياسة النقدية المصرى فى الوقت الراهن.

ولفت إلى أنه على الرغم من ارتفاع نسب السيولة المحلية M2 إلا أن ذلك لا يعد تهديدًا كافيا بالنسبة لمعدلات التضخم، خاصة وأن «المركزي» يدير عملية خفض أسعار الفائدة بحرفية عالية وهو الأمر الذى يمكنه من خفض سعر الكوريدور دون المغامرة برفع معدلات التضخم.

وأكد «المركزي»، فى بيان سابق، أنه سيواصل إدارته للسيولة بما يحقق التوازن لضمان اتساقها مع هدفه التشغيلى والمتمثل فى الحفاظ على متوسط سعر العائد المرجح لمدة ليلة واحدة فى سوق المعاملات بين البنوك حول سعر العملية الرئيسية وهو سعر متوسط الكوريدور.

وتعد آلية الودائع المربوطة إحدى أدوات السوق المفتوحة لإدارة حجم السيولة، وامتصاص فائضها لدى الجهاز المصرفى، ومن أجل السيطرة على السيولة فى السوق، وتستهدف خفض حجم المعروض النقدى من الجنيه، بالإضافة إلى تحجيم التضخم.