توقع البنك الدولي أن تؤدي التوترات التجارية العالمية التي تقودها الولايات المتحدة (رسوم ترامب الجمركية)، إلى تباطؤ النمو في ما يقرب من ثلثي الاقتصادات النامية هذا العام.
ووفقا لصحيفة "فايناشال تايمز" البريطانية، فقد حذر تقرير صادر عن البنك من أن العولمة التي أدت إلى طفرات اقتصادية في العديد من البلدان النامية تحولت إلى الاتجاه المعاكس.
وبحسب أحدث التوقعات الاقتصادية للبنك الدولي، ستشهد الاقتصادات الناشئة والنامية نموًا بنسبة 3.8% هذا العام، مقارنة مع 4.2% في عام 2024.
كما سيبلغ نمو دخل الفرد 2.9% في البلدان النامية هذا العام، وهو أيضًا أقل بأكثر من نقطة مئوية عن المتوسط بين 2000 و2019.. ووفقًا للتوقعات، سيكون النمو العالمي الإجمالي هو الأبطأ منذ عام 2008، باستثناء فترات الكساد.
وسلط التقرير الضوء على الضرر الذي ألحقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالتجارة العالمية في الدول التي كانت من بين أكبر المستفيدين من حرية التجارة حول العالم خلال العقود الأخيرة.
وتابع: من المتوقع أن يتباطأ نمو التجارة العالمية في السلع والخدمات بشكل حاد في عام 2025، ليصل إلى 1.8% مقارنةً مع 3.4% 2024.
وأضاف تقرير البنك أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في البلدان النامية، تضاعف أربع مرات تقريبًا خلال نصف القرن الماضي، ما أدى إلى انتشال أكثر من مليار شخص من براثن الفقر المدقع، لكن هذا التحول أصبح الآن في خطر، إذ تجد البلدان النامية نفسها على خط المواجهة في صراع تجاري عالمي.
بدوره، حذر إندرميت جيل، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، قائلاً: خارج آسيا يتحول العالم النامي إلى منطقة خالية من التنمية، لقد انخفض النمو في الاقتصادات النامية بشكل حاد على مدى ثلاثة عقود، وذلك من 6% سنويًا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى 5% في العقد الثاني، ثم إلى أقل من 4%.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما يزيد الضغوط على الدول النامية هو انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى النصف، مقارنةً مع ذروتها في عام 2008.
وحذر البنك الدولي من أن المخاطر السلبية التي تهدد التوقعات، هي السائدة، ومن بينها المزيد من التشديد في القيود التجارية، واستمرار حالة عدم اليقين السياسي، وتصاعد التوترات الجيوسياسية.
وأكد البنك على الحاجة إلى تعاون دولي لاستعادة بيئة تجارية عالمية أكثر استقرارًا وشفافية، وزيادة الدعم للدول الضعيفة التي تعاني من الصراعات وأعباء الديون وتغير المناخ.
يشار إلى أنه في مايو الماضي، خفض البنك المركزي في المكسيك - وهي سوق ناشئة تعتمد بشكل كبير على الظروف الاقتصادية الأمريكية - توقعات النمو هذا العام إلى ما يقرب من الصفر.
كما حذّر البنك المركزي في جنوب أفريقيا مؤخرًا من أن النمو المتوقع بنسبة 1.2% هذا العام في البلاد معرض للخطر، مشيرا إلى أن المزيج من القيود التجارية، وتزايد حالة عدم اليقين، من المرجح أن يُضعفا الاقتصاد العالمي.
ورغم الرياح المعاكسة، تشهد الاستثمارات انتعاشًا في الأسواق الناشئة الكبرى هذا العام، استجابةً لضعف الدولار الأمريكي، ويراهن المستثمرون على إلغاء رسوم ترامب الجمركية.
وارتفع الريال البرازيلي بنسبة 11% مقابل الدولار خلال النصف الأول هذا العام، متجاوزًا الفرنك السويسري أو اليورو، كما ارتفع البيزو المكسيكي والدولار التايواني بنحو 10%.
كما ارتفعت السندات والأسهم بالعملات المحلية في الأسواق الناشئة بنحو 10% خلال النصف الأول من عام 2025، لتحتل المرتبة الثانية بعد الأسهم الأوروبية كأفضل الأصول أداءً على مستوى العالم.
ورغم أن العديد من المستثمرين في بداية العام قد راهنوا على أن الاقتصادات الآسيوية الناشئة على وجه الخصوص ستتضرر بشدة من الرسوم الجمركية الأمريكية على صادراتها، إلا أن عملاتها ارتفعت بدلا من ذلك.
واستثمر المدخرون وشركات التأمين في هذه البلدان بكثافة في الأسهم والسندات الأمريكية في السنوات الأخيرة، إلا أنهم يتجهون الآن نحو الأصول الدولارية.
ويقول محللو بنك "جي بي مورجان": تُفسر هذه العوامل ارتفاع قيمة العملات الآسيوية الحساسة للتجارة، على الرغم من تضرر النمو القريب.
