أكد اتحاد شركات التأمين المصرية، في نشرته الصادرة اليوم الأحد 27 يوليو 2025، أن التنوع البيولوجي يُمثل ركيزة أساسية للاستقرار البيئي والاجتماعي والاقتصادي على مستوى العالم، وأن التهديدات المتزايدة التي يواجهها هذا التنوع باتت تتطلب استجابات مالية ومؤسسية فعالة، يلعب فيها قطاع التأمين دورًا محوريًا لا غنى عنه.
وأشار الاتحاد إلى أن القيمة الجوهرية للتنوع البيولوجي لا تقتصر على الاستفادة الاقتصادية، بل تشمل أبعادًا بيئية وإنسانية وثقافية تتعلق بالحفاظ على الطبيعة للأجيال القادمة، واستدامة الموارد الطبيعية، واحترام الكائنات الحية لذاتها، وهو ما يستدعي حماية هذا التنوع كقيمة قائمة بذاتها تستحق الرعاية.
وأوضح الاتحاد أن فقدان التنوع البيولوجي يحدث على مستويين مترابطين: النظام البيئي والأنواع، إذ يؤدي اختلال أحدهما إلى تدهور الآخر، ما يُضعف مرونة النظام البيئي ويعرضه لمزيد من الانهيار.
وأضاف أن الغابات، والشعاب المرجانية، والأراضي الرطبة، وغابات المانغروف، وأنظمة المياه العذبة تُعد من أكثر النظم البيئية تعرضًا للخطر، حيث فقد العالم منذ عام 1990 نحو 420 مليون هكتار من الغابات، بينما تراجعت الشعاب المرجانية بنسبة 14% خلال أقل من عقد، وفقدت الأراضي الرطبة 35% من مساحتها منذ عام 1970.
وفيما يخص التهديدات على مستوى الأنواع، لفت الاتحاد إلى أن متوسط انخفاض أعداد الحيوانات البرية بلغ نحو 73% خلال الفترة من 1970 إلى 2020، مع تضرر شديد في أنواع المياه العذبة بنسبة 85%، تليها الأنواع البرية والبحرية. وأشار إلى أن العوامل المسببة لذلك تتراوح بين فقدان المواطن الطبيعية والصيد الجائر، إلى التغير المناخي والتلوث، مستشهدًا بحالة بحيرة فيكتوريا التي تضرر تنوعها الحيوي بسبب إدخال سمك الفرخ النيلي، ما أثر على الأمن الغذائي والاقتصاد المحلي.
وأكد الاتحاد أن انقراض الأنواع لا يُمثل فقط فقدانًا للتنوع الجيني، بل يؤدي أيضًا إلى تآكل الهويات الثقافية وأنظمة المعرفة التقليدية، الأمر الذي يُهدد التراث الإنساني والبيئي على حد سواء.
وحددت النشرة ثلاث فئات رئيسية للأخطار الناجمة عن فقدان التنوع البيولوجي، أولها الأخطار المادية الناتجة عن تدهور خدمات النظم البيئية، مثل انخفاض التلقيح بسبب تراجع أعداد النحل، ما يؤدي إلى انخفاض إنتاج المحاصيل، وزيادة الخسائر المناخية بسبب اختفاء الحواجز الطبيعية.
أما الفئة الثانية فهي أخطار التحول، والتي ترتبط بتغيرات السياسات والتشريعات وتفضيلات السوق، مثل فرض قيود تنظيمية أكثر صرامة أو تحوّل المستهلكين إلى المنتجات المستدامة، وهو ما يضع ضغطًا على الشركات غير المتوافقة بيئيًا. وتتمثل الفئة الثالثة في الأخطار النظامية، التي تُهدد الاقتصاد العالمي بأسره نتيجة اختلالات بيئية واسعة النطاق، مثل ظهور أوبئة جديدة أو انهيار قطاعات إنتاجية تعتمد على البيئة.
وفي هذا السياق، شدد اتحاد شركات التأمين على أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه التأمين في مواجهة هذه الأخطار، موضحًا أن القطاع يمتلك من الأدوات والخبرات ما يؤهله لتقديم حلول مبتكرة لإدارة المخاطر المرتبطة بالتنوع البيولوجي. وأكد الاتحاد أن التأمين يمكن أن يُسهم في تقليل الخسائر المادية، وتحفيز التحول نحو الممارسات المستدامة، ودعم المشروعات التي تحافظ على النظم البيئية، من خلال تطوير منتجات تأمينية مخصصة، وإدماج معايير الاستدامة في سياسات الاكتتاب والاستثمار.
