استضاف برنامج «CEO LEVEL»، فى أحدث حلقاته المهندس شامل أبوالفضل، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لشركة «بنيان» للتجارة والتنمية، التى تمكنت من تحويل أصل عقارى واحد مملوك لشركة أخرى متعثرة تم الاستحواذ عليها إلى محفظة متنوعة من الأصول المدرة للدخل، ضمن إطار احترافى يجمع بين تعظيم القيمة الرأسمالية للعقارات وتحقيق تدفقات نقدية مستقرة عبر الإيجارات طويلة الأجل.
يُظهر الحوار المذاع على قناة «AlMAl TV» على موقع «يوتيوب» ومواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، تركيز «بنيان» على نموذج استثمارى فريد يختلف عن النمط السائد فى السوق المصرية القائم على الملكية الفردية المباشرة أو التطوير والبيع السريع، إذ تعتمد الشركة على الاستحواذ على عقارات جاهزة ذات جدوى تشغيلية واضحة، ثم تأجيرها لشركات محلية ومتعددة الجنسيات بعقود طويلة، مما يخلق توازنًا استثماريًا بين العائد الرأسمالى والعائد التشغيلي.
وتبلغ حاليًا نسبة العقود المقوّمة بالدولار أكثر من %50 ما يمنح الشركة نوعًا من التحوط الطبيعى ضد تقلبات العملة، رغم أن التحصيل يتم فعليًا بالجنيه المصري.
الطرح الأخير للشركة فى البورصة يعكس أيضًا فلسفة طويلة الأجل فى التعامل مع السوق، حيث تم تسعير السهم عند الحد الأدنى رغم تغطية الطرح الخاص سبع مرات، وذلك فى إشارة واضحة إلى التزام الإدارة بتحقيق قيمة مضافة للمستثمرين الجدد.
وإلى نص الحوار المتاح للجمهور على جميع المنصات:
حلقة اليوم هى حلقة استثنائية، وأكاد أشبّهها بحوار صحفى مع شخص انتهى للتو من ماراثون طويل وشاق، خرج منه بالكثير من الإرهاق... ولكن أيضًا بالكثير من الدروس والنتائج.
أمضيت سنوات طويلة فى هذه السوق، ولم أرَ طرحاً واجه تحديات بهذه الطريقة، أو مرّ بظروف خارجة تماماً عن إرادة أصحابه، ومع ذلك فهو، بلغة السوق، طرح جاذب»، بدليل النتائج التى رأينا بعضها وسنرى المزيد منها خلال الفترة المقبلة.
لن أطيل عليكم… ضيفى اليوم هو الشخص الذى أنهى هذا الماراثون، الصديق العزيز والمهندس شامل أبو الفضل، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لشركة «بنيان» للتجارة والتنمية.
مرحبًا بك معنا.
شامل أبو الفضل: أهلاً وسهلاً، شكرًا على الاستضافة.
● حازم شريف: لا صوت يعلو فى السوق حاليًا على صوت الطرح العام لشركة «بنيان»، أنتم تعملون على هذا المشروع منذ فترة طويلة، لكن دعنى أكبح حماسى قليلًا، لأننا فى هذا البرنامج لدينا صيغة ثابتة، نبدأ دائمًا بالضيف نفسه قبل أن نخوض فى التفاصيل.
نحن أمام قصة هادئة، لكنها قصة نجاح حقيقية، دعنا نبدأ من البداية… من هو شامل أبو الفضل؟ حدثنا عن مسيرتك الدراسية والمهنية، من البداية وحتى وصولك لمنصبك الحالى كرئيس تنفيذى لشركة بنيان.
شامل أبو الفضل: فى البداية، أنا من مواليد الإسكندرية، انتقلت إلى القاهرة عام 1987 للالتحاق بالجامعة الأمريكية، ودرست الهندسة، تخرجت عام 1992 فى تخصص الهندسة المعمارية «Architectural Engineering»، وكنا أول دفعة تتخرج من هذا التخصص.
لكننى لم أعمل كمهندس أبدًا، كنت دائمًا أمتلك روح ريادة الأعمال، بعد التخرج، أسست شركة للاستيراد، وعملت على مجموعة متنوعة من المنتجات.
وفى عام 1997، شعرت أننى أريد أن أرى العالم من منظور أوسع، فقررت أن أتابع دراستى بالخارج، وسافرت إلى الولايات المتحدة لنيل درجة الماجستير فى إدارة الأعمال من جامعة وارتون (Wharton)، وتخرجت فيها عام 1999.
بعد التخرج، قررت العودة إلى مصر والبدء فى مشروع جديد، حينها كانت هناك فرصة واعدة فى قطاع «بيع الأدوية بالتجزئة» أو ما يُعرف بـ”Retail Pharmaceuticals». بالفعل بدأت هذا المشروع، وفى الوقت ذاته انضممت إلى شركة متخصصة فى مجال «الاستثمار المباشر فى الشركات غير المدرجة فى البورصة» أو ما يُعرف بـ(Private Equity).
● حازم شريف: دعنا نتوقف هنا للحظة، فى المرة الأولى التى رأيتك فيها، كنت تعمل حينها فى شركة «المنصور والمغربى للاستثمار والتنمية»، فى أى عام كان ذلك؟
شامل أبو الفضل: صحيح، كان ذلك فى عام 2003 تقريبًا.
● حازم شريف: وما الدور الذى كنت تشغله تحديدًا فى تلك الفترة؟
شامل أبو الفضل: الأمر بدأ من رغبتى فى تأسيس شركة خاصة بي، وفى تلك الفترة، مجموعتا «المنصور» و«المغربي» قررتا الدخول كمستثمرين معى فى هذه الشركة، واقترحتا أن أنضم إلى مجموعاتهما أيضًا.
وهكذا بدأت العمل مع المجموعة منذ عام 1999 وحتى 2003، وتركزت أنشطتنا وقتها فى قطاع التجزئة الدوائية.
ثم شعرت برغبة فى خوض تجربة مهنية خارج مصر، فسافرت إلى سويسرا عام 2003، وهناك التحقت بشركة «سيتى جروب» فى قطاع «إدارة الأصول المالية» أو Asset Management.
ثم فى عام 2005، بدأت أعمل بشكل مستقل فى إدارة الأصول بجنيف، لكن حلمى منذ البداية كان العودة إلى مصر والعمل فى مجال الاستثمار المباشر (Private Equity).
وفى عام 2007، كانت هناك صفقة كنا نعمل عليها فى مصر تتعلق بالاستحواذ على شركة «باكين» المتخصصة فى صناعة الدهانات. جئنا وقتها من سويسرا بالتعاون مع شريك محلى فى مصر، وكان الهدف هو تنفيذ استحواذ كامل على الشركة، لكن للأسف الصفقة لم تكتمل لأن البائع قرر عدم البيع فى ذلك الوقت.
ومع ذلك، رغبتى الشخصية فى العودة إلى مصر كانت أقوى من أى اعتبار آخر.
● حازم شريف: اسمح لى أن أطرح سؤالاً محددًا هنا، لماذا مجال (Private Equity) بالتحديد؟ وسأشرح سؤالي… أغلب من أعرفهم ممن يعملون فى هذا المجال لم يبدأوا به مباشرة، بل عادة يبدأون فى سوق المال، إما فى شركات السمسرة أو التحليل المالي، ثم بعد سنوات من الخبرة والصفقات، ينتقلون إلى الاستثمار المباشر.
لكنك أنت اتخذت الطريق العكسى تقريبًا… من البداية وأنت تضع عينك على هذا المجال. لماذا؟
شامل أبو الفضل: ببساطة، هذا هو السبب الذى دفعنى للسفر لنيل الماجستير، أردت أن أتعلم كيف أدخل هذا المجال بطريقة صحيحة، وأن أفهم أبعاده النظرية والعملية.
● حازم شريف: إذن، كنت من البداية شغوفًا بمجال الاستثمار المباشر؟
شامل أبو الفضل: نعم، بالضبط. جامعة وارتون معروفة عالميًا بأنها «قبلة التمويل» أو كما تُسمى أحيانًا «Mecca of Finance». اخترت الالتحاق بها تحديدًا لأننى كنت عازمًا على دخول مجال الاستثمار فى الشركات. ومن خلال دراستى هناك، بدأت أولى خطواتى الحقيقية فى هذا المسار.
● حازم شريف: إذًا عدت إلى مصر، وكانت أولى محاولاتك لدخول السوق المحلية عبر محاولة الاستحواذ على شركة «باكين»، صحيح؟
شامل أبو الفضل: بالضبط، كانت محاولة من خلال شراكة بين شركتنا فى سويسرا وبين شركة محلية فى مصر.
● حازم شريف: وهذه الشركة السويسرية كنت مشاركا بها ومعك مستثمرون آخرون؟
شامل أبو الفضل: صحيح تمامًا، كان معى مجموعة من المستثمرين.
● حازم شريف: لكن خطة الاستحواذ هذه لم تكتمل، ماذا حدث بعد ذلك؟ هل استقررت فى مصر، أم عدت إلى سويسرا؟
شامل أبو الفضل: استمررت فى سويسرا لفترة، لكن كانت رغبتى دائمًا هى العودة إلى مصر، وبالفعل عدت عام 2008، وبدأنا نعمل مع الشركة المصرية نفسها التى كنا شركاء معها فى صفقة «باكين».
● حازم شريف: وما اسم هذه الشركة؟
شامل أبو الفضل: شركة «فاروس»، وكانت وقتها لا تزال فى بداياتها، لكنى كنت أراها فرصة قوية فى مجال الاستثمار المباشر.
● حازم شريف: دعنى أوضح للمتابعين، «فاروس» هو بنك استثمار مصرى أسسه الدكتور محمد تيمور – رحمه الله – والذى كان أيضًا أحد مؤسسى ورئيس مجلس إدارة «EFG»، ثم «EFG- هيرميس»، وبعدها تخارج من الشركة وأسس مع عدد من الشركاء شركة «فاروس»، هذا هو السياق الذى يشير إليه شامل الآن.
شامل أبو الفضل: بالضبط. وفى عام 2010 كنت قد عدت إلى مصر بنيّة العمل فى الاستثمار المباشر، لكن للأسف لم أتمكن من تنفيذ ذلك داخل «فاروس».
● حازم شريف: لماذا لم تستطع تنفيذ ذلك داخل «فاروس»؟
شامل أبو الفضل: لأن المساهم الرئيسى فى «فاروس» حينها كانت شركة «سيتادل»- المعروفة باسم مجموعة القلعة الآن-، وهى بطبيعتها شركة استثمار مباشر، وكانت تمتلك شركة تدعى «جراند فيو» متخصصة فى المجال نفسه، لذلك، لم تكن هناك فرصة حقيقية لتأسيس ذراع مستقلة للاستثمار المباشر داخل «فاروس».
وهنا اتخذت قرارًا فى عام 2010 بمغادرة «فاروس» وبيع حصتى فيها، ولم تكن لدى خطة واضحة آنذاك لما سأفعله بعد ذلك، لكننى كنت أعلم تمامًا ما لا أريد أن أفعله، وفى منتصف العام نفسه أسست شركة «كومباس»، بهدف واضح: التركيز على الاستثمار المباشر.
● حازم شريف: ومن كان معك فى التأسيس؟
شامل أبو الفضل: كنت أنا المساهم الرئيسي، وانضم إليّ عدد من الأصدقاء الذين أسسنا معًا شركات سابقة، بالإضافة إلى بعض أفراد الفريق الذين بدأوا معنا الشركة من يومها الأول.
● حازم شريف: ثم اتخذت المكتب الذى نال إعجابى حينها مقرا للشركة… مكتب كان مصمماً بطريقة متطورة، . الناس بدأت تنفذ هذا الشكل والمستوى من التصميم مؤخرًا، لكنك كنت قد نفذته منذ زمن.
شامل أبو الفضل: هذا كان جزءًا من البداية، بدأنا نبحث عن فرص استثمار، وكانت أول فرصة حقيقية أمامنا هى «راميدا»، والقصة جاءت بالصدفة البحتة، كنا لا نزال شركة جديدة، بينما السوق وقتها كانت مليئة بعمالقة الاستثمار المباشر، بعضهم لا يزال موجودًا، والبعض الآخر اختفى.
وجود هؤلاء العمالقة جعل من الغريب أن تأتى لنا شركة مثل «راميدا»، ونحن فى بدايتنا، الشركة كانت قد عُرضت على الجميع تقريبًا قبل أن تصل إلينا، كانت مؤسسة بشكل جيد، لكنها تفتقر إلى الهيكل الإدارى اللازم للنمو.
عندما درستها، وجدنا أن قطاع الرعاية الصحية هو قطاع نحن مؤمنون به تمامًا، وشعرنا بأن الوقت مناسب لإعادة هيكلة الشركة. وكان لدينا فريق يتمتع بالخبرات التنفيذية والمالية التى تؤهلنا لذلك، وهذه ميزة لا تتوفر فى كل الشركات، قررنا قبول التحدي، ودخلنا فى صفقة شراء «راميدا».
● حازم شريف: وأنت قلت فى البداية إن «بنيان» واجهت تحديات، لكن يبدو أن كل الشركات مرت بتحديات مشابهة. حدثنى عن «راميدا» تحديدًا.
شامل أبو الفضل: بالفعل. عندما اشترينا «راميدا»، دخل مستثمرون وخرج آخرون. وأتذكر حينها أننى كنت أتحدث مع إدارة البورصة التى كانت متأخرة فى إجراءات التسجيل، فاتفقنا على تنفيذ الصفقة عبر لجنة خارجية يوم الأربعاء، وتم التنفيذ فعليًا فى 19 يناير 2011.
● حازم شريف (مازحًا): أنت دائمًا محظوظ فى علاقتك بالبورصة! لكن قبل أن نواصل، أريد أن أطرح سؤالًا عن جانب مهم سنتحدث عنه لاحقًا، بصفتك مستثمرًا مباشرًا، وأنت تؤسس «كومباس»، هل كنت قد وضعت إستراتيجية واضحة؟ أقصد: هل كنتم تبحثون عن حصص أغلبية أم أقلية؟ وهل كانت رؤيتك الاستثمارية محددة منذ البداية أم كنت تتحرك وفقًا للفرص؟
شامل أبو الفضل: بالتأكيد كنا نتحرك بناءً على الفرص المتاحة، لكن كانت هناك أشياء كنت أعرف جيدًا أننى لا أريدها.
على سبيل المثال، كنت أعلم أن بعض القرارات المصيرية لا يمكن اتخاذها إذا لم تمتلك الأغلبية أو السيطرة، هناك قرارات تبدو صعبة أو غير منطقية فى ظاهرها، ولن تستطيع إقناع أحد بها ما لم تكن تملك سلطة اتخاذ القرار، لذلك، كنت أُفضّل دائمًا أن نكون فى موقع يتيح لنا اتخاذ القرار بشكل حاسم.
● حازم شريف: وبحكم نوعية الفرص التى جاءتكم، أعتقد أنك اتجهت فعليًا إلى السيطرة الكاملة على الشركات.
شامل أبو الفضل: ليس بالضرورة، دعنى أخبرك كيف أرى نفسي: أنا أعتبر نفسى «رائد أعمال متسلسل» (Serial Entrepreneur). لا أحب أن أضع نفسى فى إطار ضيق مثل «مستثمر مباشر»، ولا أريد أن أُقيد نفسى بتصنيف محدد.
ما يهمنى فعلاً هو أن يكون لدى رأسمال مرن، وأن أكون قادرًا على قراءة الفرص واتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب، بدون أن أحصر نفسى فى نمط واحد أو قوالب جامدة، أرى أن المهم هو القدرة على التكيّف واتخاذ القرارات السليمة حسب السياق.
● حازم شريف: بالنسبة لصفقة «راميدا»، أنتم استحوذتم على %100 من أسهم الشركة وأدرجتموها فى البورصة فى 19 يناير 2011؟
شامل أبو الفضل: لا، مثل أى شركة مساهمة، التنفيذ يتم عبر البورصة المصرية. الصفقة نُفّذت فى سوق خارج المقصورة.
● حازم شريف: أى أن الشركة وقتها كانت مغلقة، وتم تنفيذ الصفقة خارج السوق الرسمية؟
شامل أبو الفضل: بالضبط. لكن بعد ذلك البورصة نفسها أُغلقت لفترة.
● حازم شريف: ومتى أُغلقت تحديدًا؟
شامل أبو الفضل: تم التنفيذ يوم 19 يناير، ثم أُغلقت البورصة بسبب اندلاع ثورة يناير.
● حازم شريف: لكن الصفقة كانت قد تمّت، وأنت بالفعل بدأت العمل داخل المصنع.
شامل أبو الفضل: صحيح، لكن وقتها كان هناك من يرى أننا لم نكن محظوظين. البعض قال: «اشتروا الشركة وقامت الثورة، والبورصة أُغلقت. كان ممكنا أن يشتروا بسعر أقل”. لكننى كنت أرى الأمر من زاوية مختلفة تمامًا.
● حازم شريف: وما كانت رؤيتك وقتها؟
شامل أبو الفضل: كنت مقتنعًا تمامًا بالسعر، فى ذلك الوقت، كانت تكلفة إحلال الأصول القائمة ضعف سعر الشراء تقريبًا، لم أكن بحاجة إلى خصم أكبر لأقتنع.
بل بالعكس، اعتبرت ما حدث فى مصر فرصة وليست أزمة.
جميع اللاعبين فى السوق توقفوا عن التوسعات لأنهم كانوا قلقين من الأوضاع، بينما نحن كنا نملك خطة توسع واضحة.
استفدنا من ذلك الوضع فى تعيين كوادر خرجت من شركات أخرى، واستطعنا شراء معدات جديدة بأسعار مناسبة، لأن السوق كلها كانت متجمدةً، لذلك، رأينا ما حدث ميزة، لا عيبًا.
● حازم شريف: نجح استثماركم فى «راميدا»، ولا أريد أن أتوسع فيه كثيرًا لأننا نعرف تفاصيله جيدًا، أنتم استحوذتم على الشركة بالكامل فى 2011، وأذكر أنكم مكثتم داخل الشركة بسيطرة مباشرة، أليس كذلك؟ أقصد، كنتم تديرون الشركة بأنفسكم من الداخل.
شامل أبو الفضل: فى الواقع، لم تكن لدى وظيفة تنفيذية داخل الشركة، كان لدينا فريق تنفيذى مستقل، ولكننا كنا قريبين جدًا منهم، متداخلين فى كل القرارات الإستراتيجية والتوسعات التى تم تنفيذها.
● حازم شريف: ربما شعرت بهذا القرب لأننى لاحظت مدى تركيزك الشديد فى تلك الفترة على «راميدا”.
شامل أبو الفضل: صحيح، كنت بالفعل أتابع الأمور عن كثب، وكنت قريبًا من الإدارة، لكن دون دور تنفيذى رسمي.
● حازم شريف: رغم تحفظك على مصطلح «الاستثمار المباشر»، اسمح لى أن أسألك: هل كانت الخطوة الثانية لك فى هذا المجال هى «بنيان» مباشرة، أم سبقتها خطوات أخرى؟
شامل أبو الفضل: لا، لم تكن «بنيان» هى الخطوة التالية مباشرة، قبلها كانت تجربة مع شركة «بلتون»، وعندما أنظر اليوم إلى تاريخ الشركات التى شاركنا فيها، أجد أن جميعها كانت شركات أعجبت بها منذ نشأتها.
بلتون، على سبيل المثال، منذ أن بدأت مسيرتها عام 2005 تقريبًا، كنت أتابعها بإعجاب كبير، سواء على مستوى النموذج أو الأداء.
فى عام 2012، حدث خلاف بين الشركاء داخل «بلتون»، وكان هناك مستثمر يرغب فى الاستحواذ عليها وتغيير الإدارة التنفيذية، لكنه لم يتمكن من تنفيذ خطته، وقرر بيع حصته.
فى أحد الأيام، كنت أقرأ الجريدة، ووقعت على هذا الخبر، فتواصلت فورًا مع بعض المعنيين.
● حازم شريف: تحدثت الى علاء؟
شامل أبو الفضل: لا، لم أتواصل مع علاء سبع بشكل مباشر وقتها، بل اتصلت ببعض العاملين فى مجال الاستثمار البنكى بالشركة، وقلت لهم إننى قرأت ما حدث، وأرغب فى الدخول كشريك فى «بلتون»، وأطلب منهم التحدث إلى علاء.
● حازم شريف: لمن لا يعلم فإن علاء سبع هو مؤسس «بلتون».
شامل أبو الفضل: بالضبط، وهو خريج «وارتون» أيضًا، مثلك، لكن من جيل أسبق، وعرف بعضنا من خلال الجامعة، لكنى لم أرد أن أضعه فى موقف حرج أو أشعره أنى أضغط عليه، ففضلت أن يتواصل معه طرف ثالث.
وفعلاً، تواصلوا معه، ورحّب بالفكرة، واجتمعنا سويًا، وقلت له صراحة: أنا معجب جدًا بالشركة، وأرى أن لديها ميزة تنافسية واضحة، وما بنيتموه خلال السنوات الماضية يمكن أن ينمو بشكل أكبر، والمشكلات الحالية التى تواجهونها لا أراها سببًا للتوقف، بل فرصة للاستثمار.
كانت هناك مجموعة من الشركاء داخل الشركة، وكان بعضهم أصدقاء لي، ولم أرغب فى الدخول فى مفاوضات مباشرة معهم على السعر. فقلت لهم ببساطة: أنا أرغب فى شراء أكبر حصة ممكنة، ولا أريد التفاوض على السعر.
اطرحوا الأسهم للبيع، دون الكشف عن هوية المشتري، وإذا كان السعر مناسبًا لى سأشتري، وإن لم يكن كذلك فلن أشتري، لكن لن نتفاوض بشكل مباشر حتى لا يظن أحد أننى أحاول الحصول على سعر أقل.
وهذا ما حدث بالفعل، وتمت الصفقة بهذا الشكل، واشترينا الحصة.
● حازم شريف: وباسم من تمت عملية الشراء؟ هل باسم شركة «كومباس»؟
شامل أبو الفضل: نعم، تمت من خلال شركة تابعة لـ«كومباس»، وكان معنا عدد من المستثمرين الذين دخلوا معنا فى الصفقة.
وفى تلك الفترة، كانت بلتون تفكر فى بيع قطاع السمسرة، وكنت أؤمن أنه لا معنى لأن تمتلك بنك استثمار دون امتلاك ذراع للسمسرة.
فقلت لهم: إذا كان هناك مشترٍ محتمل للقطاع، أخبرونى بعرضه، وإن كان مناسبًا لى فسأشتريه أنا، بشرط أن تحتفظوا بحصتكم فى الشركة.
وبالفعل، تم هذا الاتفاق، وقمنا بزيادة رأس المال، وعملنا مع الإدارة التنفيذية وعلاء وفريق العمل على تطوير الشركة.
لاحقًا، قمنا ببيع قطاع السمسرة، ثم بعنا حصتنا كاملة لنجيب ساويرس.
● حازم شريف: إذًا، يمكن اعتبار هذه الصفقة استثمارًا ماليًا بالأساس، صحيح؟
شامل أبو الفضل: ليس تمامًا.. فى قطاع السمسرة، نقلنا الإدارة إلى مكتبنا فى المهندسين، وكنا نعمل بشكل مباشر جدًا، سواء على مستوى القطاع أو على مستوى «بلتون» ككل.
صحيح أن البيع تم لاحقًا، لكن فى تلك المرحلة كنا شركاء فاعلين.
وقتها كنا نملك مقرًا فى القرية الذكية، وكان المبنى لا يمثل قيمة تشغيلية كبرى. وعندما تم بيعه، سدد كل الالتزامات المالية على الشركة، وأتاح لنا التوسع فى أنشطة أخرى، وهو ما قمنا به فعلاً.
● حازم شريف: انتهينا إذًا من قصة «بلتون»، هل كانت «بنيان» هى الخطوة التالية بعدها مباشرة؟
شامل أبو الفضل: لا، جاءت بعدها تجربة أخرى مع «سى آى كابيتال»، وقتها، كان «سى آى بي» – البنك التجارى الدولى – يخطط للتخارج من «سى آى كابيتال» للتركيز على نشاطه الأساسى كبنك تجاري.
فى المقابل، كان نجيب ساويرس قد استحوذ على «بلتون»، وكان يطمح فى الاستحواذ على «سى آى كابيتال» أيضًا ليبنى كيانًا ماليًا كبيرًا.
لكن الصفقة لم تكتمل، وفى تلك الأثناء، بدأت أنا شخصيًا أفكر بجدية فى «سى آى كابيتال»، لأسباب مهنية وشخصية.
● حازم شريف: ما الأسباب؟
شامل أبو الفضل: أثناء دراستى للماجستير، بين السنة الأولى والثانية، عملت فى البنك التجارى الدولى CIB كان عادل اللبان هو العضو المنتدب وقتها.
وقتها، كان البنك يمتلك شركة التجاري الدولى للاستثمار CIIC وكان اللبان يخطط لتأسيس بنك استثمار، وكانت هذه البدايات الأولى لـ”سى آى كابيتال”.
عندما سنحت الفرصة لشراء الشركة من خلال عملية «الشراء من قبل الإدارة» (Management Buyout)، رأينا أنها فرصة مثالية.
كان واضحًا أن قطاع بنوك الاستثمار بدأ فى التحرك نحو الخدمات المالية غير المصرفية، و«سى آى كابيتال» كانت تملك كل المقومات للنمو السريع، ونحن كنا مستعدين لدعم هذا النمو.
● حازم شريف: دعنا نوضح للمستمعين مصطلح الـ Management Buyout؛ المقصود به أن الإدارة التنفيذية فى «سى آى كابيتال»، وكان وقتها حازم بدران وطارق طنطاوى ومعهما محمود عطالله، قرروا أن يشتروا الشركة التى يديرونها من المالك، بالتعاون مع مستثمرين آخرين.
شامل أبو الفضل: كانت الفكرة أن يبحثوا عن مستثمرين يدعمون هذه الإدارة فى الاستحواذ على جزء من الشركة.
● حازم شريف: وأنتم كنتم جزءًا من هذه التركيبة.
شامل أبو الفضل: بالضبط، وعلينا أن نذكر أن توقيت هذه العملية كان مختلفًا؛ حدث ذلك فى عام 2017، وهى فترة كانت السوق فيها تشهد وجود سعرين لصرف الدولار.
● حازم شريف: نعم، كان ذلك عقب قرار التعويم الذى رفع سعر الدولار إلى 16 جنيهًا.
شامل أبو الفضل: صحيح، وقتها رأت الإدارة التنفيذية أن تبرم اتفاقًا مع «سى آى بي»، ونحن كنا نتابع المشهد ونرى أن سعر الصرف سيتحرك وأن البورصة ستعكس هذا التغير فى التقييمات، وهو ما حدث بالفعل.
بعد ذلك، استحوذت «سى آى كابيتال» على حصة فى شركة «كوربليس» للتأجير التمويلي، وبعد دخولنا فى الصفقة قمنا بزيادة هذه الحصة، وكانت هناك شركة أخرى تعمل فى مجال المشروعات الصغيرة، وتلك لها قصة طريفة؛ كانت مملوكة لنجيب ساويرس، الذى كان فى الوقت ذاته يملك «بلتون»، والتى كانت تبحث عن التوسع فى الخدمات المالية غير المصرفية.
لكن لسبب ما، لم تستحوذ «بلتون» على الشركة، وبدأت الإدارة التنفيذية فى «سى آى كابيتال» التفاوض حولها، وشاركونا تفاصيل الموضوع. ورأينا جميعًا أنها فرصة لا ينبغى تفويتها، واتخذنا القرار خلال عطلة نهاية الأسبوع.
حتى مالك الشركة قال لنا: ردوا عليّ خلال يومين وإلا سأبيعها لطرف آخر. وبالفعل دعمنا الإدارة بكل قوة، وتم الاستحواذ، واليوم، عندما تنظر إلى «سى آى كابيتال»، ستجد أن أكبر خطوط الأعمال لديها هى التأجير التمويلى والتمويل متناهى الصغر.
ثم بعد ذلك تخارجنا من الشركة من خلال طرح عام أولى (IPO)، وبعدها استحوذ «بنك مصر» على الشركة.
● حازم شريف: أنتم حققتم أرباحًا جيدة من «بلتون» و«سى آى كابيتال»، وأنا تابعت حركة المساهمين وقتها، وقد نجحتم فى الصفقة، هل دخلت مباشرة بعد ذلك فى «بنيان»، أم ماذا فعلت تحديدًا؟
شامل أبو الفضل: فى ذلك الوقت، كنت أتابع «بنيان» عن قرب، وكنت معجبًا بها منذ سنوات، الشركة كانت تمتلك أصلًا عقاريًا واحدًا فقط، هو «ديزاينوبوليس»، وكنت أتابعه منذ أن بدأ بناؤه فى عام 2008. وكنت أراه من أجمل المراكز التجارية فى مصر.
عندما سنحت الفرصة، كانت الشركة مملوكة لكيان استثمار مباشر.
● حازم شريف: شركة القلعة.
شامل أبو الفضل: نعم، وكانت «القلعة» فى ذلك الوقت قد قررت التركيز على قطاعات محددة والتخارج من قطاعات أخرى، فدرسنا الفرصة جيدًا، ودخلنا بالفعل، وفى منتصف عام 2018، استحوذنا على «بنيان» بالأصل العقارى الذى تملكه، وكانت الفكرة أن نحول هذا الأصل، الذى كان فى الأصل مولًا متخصصًا فى الأثاث والفرش، إلى مشروع أكثر تنوعًا.
وكانت ظروف الشركة وقتها ليست مثالية، لأسباب متعددة، تتعلق بالأحداث السياسية والاقتصادية من ثورات وتعويم وغير ذلك، بالإضافة إلى أن تخصصها الضيق فى الأثاث كان يحد من فرص التوسع.
غيرنا هذا النموذج تمامًا، وفتحنا المجال لتنوع الأنشطة، وغيرنا التصميم والمفهوم بالكامل، وتحول الاسم إلى «The Walk”.
● حازم شريف: ما إستراتيجيتك التى اتبعتها عند الدخول؟ ومتى انضم إليك طارق عبد الرحمن؟
شامل أبو الفضل: انضم طارق فى أواخر عام 2018.
● حازم شريف: هل كنت تعرفه من وقت عمله فى «بلتون»؟ أم من قبلها؟
شامل أبو الفضل: كنا نعرف بعضنا من قبل، منذ أيام «EFG»، ومن بعدها حين انتقل إلى «بلتون» ثم إلى «بالم هيلز»، كانت علاقتنا دائمًا طيبة، وحين جاءت فرصة للعمل معًا، تحمسنا جدًا.
كنا نتحدث عن اهتماماتنا، وتبين أن لدينا الرؤية نفسها والشغف نفسه تجاه المستقبل، فبدأنا التعاون.
● حازم شريف: هو لديه خبرة مالية قوية وخبرة تنفيذية فى التطوير العقاري، وأنت لديك الخلفية الاستثمارية المباشرة.
شامل أبو الفضل: بالفعل.. طارق يمتلك خبرة طويلة فى الاقتصاد والاستثمار البنكي، وكان عضوًا منتدبًا لـ”بالم هيلز» لمدة خمس سنوات، لذلك كان يحمل خبرات تنفيذية واسعة فى المجال نفسه.
● حازم شريف: ما كان النموذج المتفق عليه بينكما؟ وهل تحقق كما خططتما له، أم تغير مع الوقت؟
شامل أبو الفضل: كنت أملك شغفًا خاصًا تجاه هذا الأصل العقارى تحديدًا، وبالأساس، أنا لدى شغف بالعقارات؛ درست الهندسة، ومعظم أفراد عائلتى من المعماريين، فحين جاءت فرصة «بنيان» والأصل العقارى الأول، كانت رؤيتنا واضحة: لا يمكن أن تظل الشركة تملك أصلًا عقاريًا واحدًا فقط.
كنا نرى أن طريقة الاستثمار العقارى فى مصر تحتاج إلى تطوير مقارنة بالنماذج العالمية. فى العالم كله، تُدار الاستثمارات العقارية من خلال صناديق أو شركات مثل «بنيان»، أما نموذج الملكية المباشرة المنتشر فى مصر فهو استثنائي.
● حازم شريف: تقصد نموذج المطورين العقاريين؟
شامل أبو الفضل: لا أتحدث عن المطورين فقط، بل عن الأفراد الذين يشترون عقارات مباشرة، سواء للسكن أو الاستثمار.
لو عدنا خطوة إلى الوراء، سنجد أن خلق الثروات فى مصر، على مدار عقود، كان دائمًا مرتبطًا بالعقار، شخص يشترى أرضًا تدخل الحيز العمراني، أو يرث عمارة، أو يشترى شقة أو مكتب... وتراكم القيمة العقارية هو ما كوّن الثروات.
لكن كوسيلة استثمارية، فإن هذه الطريقة ليست الأكثر فاعلية، نعم، يمكن شراء عقار للاستخدام الشخصي، لكن الاستثمار يحتاج إلى أدوات مختلفة، منها شركات مثل «بنيان”.
● حازم شريف: ما الطريقة الأكثر فعالية إذًا؟
شامل أبو الفضل: أن تمتلك شركة العقار وتقوم بتأجيره، فبالتالى تستفيد من أمرين: زيادة قيمة الأصل بمرور الوقت، وعوائد الإيجار المنتظمة.
● حازم شريف: إذن فلسفة «بنيان» تقوم على تملك عقارات تجارية وإدارية، تحقق منها أرباحًا بطريقتين؛ الأولى: ارتفاع قيمة الأصل مع الوقت، والثانية، عوائد الإيجار التى تعود على الشركة والمساهمين، أليس كذلك؟
شامل أبو الفضل: بالضبط.
● حازم شريف: دعنى أرتجل بعض الأسئلة الآن، رأيت أنكم لا تبنون العقارات، بل تشترونها جاهزة وتقومون بتأجيرها. لكن فى السنوات الأخيرة، بدأت أسمع من كثير من المطورين العقاريين أنهم يريدون الاحتفاظ بالعقارات وتأجيرها بأنفسهم، ألا ترى أن هذا التوجه قد يحدّ من المعروض المتاح لكم للاستحواذ عليه؟
شامل أبو الفضل: علينا أن نتفق أولًا أن نموذج تملك العقار يختلف تمامًا عن نموذج التطوير العقاري. وأنا متفق معك أن الكثير من المطورين يريدون الاحتفاظ بالأصول، لكنهم لا ينفذون ذلك فعليًا لأن نموذج أعمالهم مختلف.
● حازم شريف: أنت تقصد أن هذا التوجه يتطلب تغييرًا جذريًا فى نموذج الأعمال القائم.
شامل أبو الفضل: تمامًا. وأتصور أنه بدون هذا التغيير، سيكون من الصعب عليهم تنفيذ هذا التوجه بشكل فعّال.
● حازم شريف: لكنك لا ترى أن هذا التحول يشكل خطرًا على فرص شركتك؟
شامل أبو الفضل: أبدًا. دعنى أوضح نقطة مهمة: كم عدد المطورين العقاريين فى مصر؟ كثيرون جدًا. ومع ذلك، هل هذا أضرّ بالمجال؟ على العكس، المنافسة مطلوبة، ومن الجيد أن توجد نماذج مختلفة. المقارنة بين الشركات تفيد السوق، وقد يظهر من هو أفضل منا أو يقدم نموذجًا مغايرًا. وهذه أمور لا تقلقنى إطلاقًا.
● حازم شريف: أنت بدأت بأصل عقارى واحد، واليوم تمتلك عشرة أصول. ما الاتجاه المستقبلى لهذا التوسع؟ من الواضح أن هناك تحولًا جغرافيًا؛ معظم أصولك الآن فى شرق القاهرة، تحديدًا فى منطقة التجمع الخامس، بينما الجزء الأقل فى مدينة أكتوبر، رغم أن الأصل الأول كان فى هذه المنطقة. تقريبًا ثلاثة أرباع الأصول فى القاهرة الجديدة، والربع فى أكتوبر وزايد. هذه الأصول تصل إلى ما يقارب مائة ألف متر... إلى أين تتجه بهذه المحفظة العقارية؟
شامل أبو الفضل: هذا سؤال نطرحه على أنفسنا باستمرار، أنا والفريق. دعنى أوضح لك من خلال مقارنة بسيطة: فى قطاع الخدمات المالية، عندما تسعى للتوسع، فإن فرص الاستحواذ تكون محدودة جدًا؛ كم شركة أصلاً تعمل فى هذا القطاع وتعرض نفسها للبيع؟ عدد محدود للغاية. أما فى القطاع العقاري، وتحديدًا فى العقارات التجارية والإدارية، وتحديدًا فى نطاق القاهرة الكبرى، فإن الأمر مختلف تمامًا... لا تعانى من نقص فى الأصول. وبالتالي، أرى أن فرص التوسع لا حدود لها، وإذا قارنّا ذلك بما يحدث خارج مصر، فسنجد أن هناك شركات بأحجام ضخمة جدًا تعمل فى هذا النوع من الاستثمار.
● حازم شريف: هل تعتمدون فى النمو على التوسع العضوى فقط، أم أن هناك تفكيرا فى عمليات اندماج واستحواذ لدفع النمو بشكل أكبر؟
شامل أبو الفضل: نحن ننظر إلى كل الفرص المتاحة، سواء كانت من خلال توسع عضوى أو عبر اندماجات واستحواذات، إذا أتاحت لنا فرصة الطرح العام تحقيق تدفقات نقدية تسمح لنا بالاستحواذ أو تبادل أسهم مع كيانات أخرى، فنحن مستعدون لذلك، لكننى أرى أن الاستحواذ المباشر هو الطريق الأكثر وضوحًا حاليًا، وهناك فرص كبيرة جدًا ندرسها فى هذا الاتجاه.
● حازم شريف: لماذا قررتم طرح الشركة فى البورصة؟
شامل أبو الفضل: ليست هذه أول مرة نطرح شركة فى البورصة، من خلال تجربتى الطويلة فى الاستثمار، دائمًا ما ننظر إلى كيفية خلق شركات ناجحة تسمح لأى مستثمر بأن يشارك ويستفيد من النمو فى القطاع الذى نستثمر فيه.
● حازم شريف: يعنى من خلال إدراج الأسهم فى البورصة، يمكننى كمستثمر أن أشترى سهمًا ببضعة جنيهات وأكون شريكًا فى قصة النجاح والنمو.
شامل أبو الفضل: أنا لا أسميها قصة نجاح، بقدر ما هى رؤية استثمارية نعتقد أنها تمنح فرصة حقيقية للناس لدخول هذا القطاع، البورصة تمنح المستثمرين إمكانية الاستثمار بطريقة منظمة وشفافة، وبالتالى تحقيق أرباح مستدامة على المدى الطويل.
● حازم شريف: هذا هو البُعد الاستثمارى للمستثمرين، لكننى أريد الحديث من زاوية الشركة نفسها: لماذا طرحت الشركة فى هذا التوقيت؟ الطرح كان على %20 من الأسهم، بالإضافة إلى زيادة رأسمال بقيمة 250 مليون جنيه. هذه عملية تعتبرها المؤسسات المالية تخارجًا جزئيًا محدودًا للمساهمين. إذًا ما الهدف من هذا الطرح؟ وكيف سيُستخدم التمويل؟ وهل هناك سيناريو لتخارج كامل فى المستقبل؟
شامل أبو الفضل: السيناريو الخاص بالتخارج الكامل غير مطروح فى الوقت الحالي، فى تجربتنا مع شركات سابقة، هناك شركات خرجنا منها بالكامل، وهناك شركات ما زلنا نمتلك حصصًا فيها مثل شركة «راميدا»، التى دخلناها فى 2011 وما زلنا نحتفظ بجزء منها، أما الهدف من الطرح فى «بنيان» فهو فتح آفاق أوسع للتوسع والاستحواذ، وزيادة التعرف على الشركة فى السوق، وجذب كفاءات أقوى إلى فريق العمل.
● حازم شريف: هل تدرسون حاليًا فرصًا محددة لاستغلال زيادة رأس المال؟
شامل أبو الفضل: كما ذكرت لك، نحن دائمًا ندرس فرصًا استثمارية، وحاليًا نعمل على تقييم ما بين خمس إلى سبع فرص بالتوازي، ومن المهم أن أوضح كيف نُمول عمليات الاستحواذ: وذلك عبر 3 طرق إما من خلال رأسمال الشركة، أو من التدفقات النقدية المتولدة من الإيجارات، أو القروض البنكية.
● حازم شريف: لكن فى الفترة الحالية، القروض البنكية ليست خيارًا مفضلًا نظرًا لارتفاع أسعار الفائدة، صحيح؟
شامل أبو الفضل: صحيح، فى الفترة الماضية كنا نعمل بمستويات فائدة أقل كثيرًا، وكانت القروض تشكل جزءًا أساسيًا من إستراتيجيتنا التمويلية، لكن مع ارتفاع أسعار الفائدة بهذا الشكل، قررنا تقليص الاعتماد على القروض وسداد بعض المديونيات، هذا لا يعنى أننا ألغينا خيار التمويل البنكي، بالعكس، نحن نراه وسيلة مهمة لتعظيم النمو، وسنعود لاستخدامه عندما تصبح الفائدة ملائمة.
● حازم شريف: فيما يخص الطرح الأخير فى البورصة، العملية تمت من خلال طرح خاص بنسبة %95 وطرح عام بنسبة %5 صحيح؟
شامل أبو الفضل: بالضبط.
● حازم شريف: وكان هناك حد أدنى وحد أقصى للسعر، وتم تغطية الطرح الخاص نحو 7 مرات تقريبًا، ما لفت نظرى أنكم بالرغم من ذلك، قد اخترتم الحد الأدنى لسعر الطرح البالغ 4.96 جنيه، هناك مدرستان: مدرسة تفضل تعظيم قيمة الشركة للمساهمين الرئيسيين عبر اختيار السعر الأعلى، ومدرسة ثانية تعطى الأولوية للمستثمرين الثانويين بالبورصة بحيث يحققون عائدًا أكبر بعد الطرح، إلى أى مدرسة تنتمي؟
شامل أبو الفضل: أنا أنتمى للمدرسة الثانية، ودعنى أوضح وجهة نظري. كل شيء يتوقف على ما إذا كنت كإدارة تذهب إلى البورصة مرة واحدة فقط، أم أنك تتعامل معها كجزء من إستراتيجية دائمة، لو كنت تطرح مرة واحدة فقط، فالأمر لا يفرق معك كثيرًا، لكن إذا كنت تنوى الوجود باستمرار فى السوق، فمن الضرورى أن يكون لديك مستثمرون يثقون فيما تفعله ويستثمرون معك من البداية. هؤلاء من المهم جدًا أن يستفيدوا بأقصى درجة ممكنة.
نحن لسنا حديثى عهد بالبورصة، وطرح «بنيان» ليس أول مرة نُدرج فيها شركة. دائمًا ما نحرص على أن يحقق المستثمر الذى يدخل معنا من البداية أقصى استفادة. لهذا، لا أرى أن تسعير الطرح بأعلى قيمة ممكنة هو فى مصلحة الشركة، حتى اليوم، تأخرت فى الحضور لأننا كنا فى اجتماع تخصيص الطرح، نجلس وندرس العروض كلها، ونراجع الطلبات والأسعار، كنا نحاول تحديد النطاق السعرى المناسب، وكنت أضع نُصب عينى مصلحة الشركة ومصلحة من يثق فينا، وليس فقط تعظيم القيمة للمساهمين الحاليين الذين يبيعون. فى النهاية، نحن طرحنا ما يقرب من %22 فقط، والفارق المالى ليس كبيرًا، لكن الأهم هو بناء علاقة طويلة الأجل مع المستثمرين الذين يؤمنون بنا ويشاركوننا من البداية.
● حازم شريف: يعنى فى النهاية اخترتم الحد الأدنى للسعر، رغم أن الطرح الخاص تمت تغطيته سبع مرات.
شامل أبو الفضل: بالضبط، وكان ممكن نطرح بسعر أعلى بكثير، لكن ما يهمنى هو هذه الجزئية بالذات.
● حازم شريف: دعنى أطرح سؤالين هنا. الأول عام: كثيرًا ما يُطرح فى السوق سؤال حول تقييم الطروحات: هل نجحت أم فشلت؟ فكمستثمر، كيف أقيم ما إذا كان طرح شركة ما ناجحًا؟ والسؤال الثاني، كيف أقيم «بنيان» نفسها بعد إدراجها فى البورصة؟
شامل أبو الفضل: أعتقد أن معيار التقييم واضح جدًا فى مجال الاستثمار. الشركة تُقيم وفقًا لقدرتها على النمو، وهل سهمها يحقق عوائد فعلية للمستثمرين أم لا. هذه هى المسطرة الحقيقية.
● حازم شريف: لكن على أى مدى زمنى أقوم بهذا التقييم؟ دعنا نبتعد عن «بنيان» للحظة ونتحدث بشكل عام... أحيانًا يمر الاقتصاد بظروف كلية خارجة عن إرادة الشركات، مثل حروب وثورات وغيرها، تؤثر على أداء السوق ككل.
شامل أبو الفضل: صحيح. لكن فى النهاية، ما يصيب الشركات المدرجة فى البورصة يصيب أيضًا الشركات غير المدرجة. عندما تكون الظروف مواتية، يستفيد الجميع، وكذلك العكس. أما بخصوص التقييم، فأنت تنظر إلى نتائج الشركة، هل تحقق نموًا عامًا بعد عام؟ هل توسعت أعمالها بشكل منطقي؟ هذا ما يحدد جودة الشركة، وليس فقط الأداء السعرى المؤقت.
● حازم شريف: دعنا نعد لـ”بنيان”. الآن أصبحت شركة مدرجة، وقد أعجبنى شخصيًا أنك سعّرت الطرح عند الحد الأدنى، وحققت أرباحًا جيدة العام الماضي. كيف يجب أن أقيّم الشركة الآن كمستثمر؟
شامل أبو الفضل: أول ما يجب النظر إليه هو أداء الإدارة، ما نتائج أعمال الشركة؟ هل هناك توسع منطقى ومدروس؟ هل يتم تعظيم قيمة الأصول المملوكة وفقًا لتقييمات السوق؟ ثانيًا، أنظر إلى نوعية الأصول العقارية، هل تقع فى مناطق مميزة؟ هل تشهد نموا فى القيمة؟ هذه هى المؤشرات الرئيسية التى يمكن من خلالها تقييم أداء «بنيان».
● حازم شريف: هل هناك نية للتوسع خارج مصر؟
شامل أبو الفضل: فى الوقت الحالي، لا نرى ضرورة للخروج خارج مصر، الفرصة فى السوق المحلية كبيرة للغاية. نحن نمتلك أفضلية داخل مصر، ولا توجد شركة أخرى تعمل بالنموذج نفسه الذى نعمل به من منظور صندوق استثمار عقاري. فلماذا أبحث عن فرص بالخارج فى الوقت الذى أمتلك فيه مزايا قوية محليًا؟
● حازم شريف: هل هناك نية لتنويع جغرافى داخل مصر؟ بمعنى آخر، هل تفكرون فى التوسع نحو مدن جديدة فى الصعيد أو الدلتا، خاصة المدن التى تُنشأ مؤخرًا؟
شامل أبو الفضل: نحن ننطلق من احتياجات المستأجر، وليس من رغبتنا فى التوسع الجغرافى فقط، إذا وجدنا أن الشركات الكبرى ومتعددة الجنسيات، التى هى جمهورنا الأساسي، ترغب فى الوجود بالصعيد، سنكون هناك، لكننا لا نبدأ بشراء عقار ثم نحاول تسويقه، نحن نبحث أولاً عن احتياجات السوق، ثم نلبى هذه الاحتياجات.
فلسفتنا أن التأجير وسيلة للتوسع، وليس غاية فى حد ذاته، لو ذهبت لبنك وقلت له «عندى عشرة أصول خالية قيمتها مائة مليون جنيه»، لن يمولك بسهولة. سيسألك: كيف ستسترد الأموال؟ أما لو قلت له: «عندى أصول بالقيمة نفسها مؤجرة لشركات كبرى بعقود طويلة الأجل»، فسيكون لديه ثقة أكبر فى منح التمويل، لأنه يرى تدفقات نقدية مستقرة، وأصولًا يمكن الرهن عليها إذا لزم الأمر.
● حازم شريف: إذًا التأجير بالنسبة لك وسيلة لخلق تدفقات نقدية تُمكنك من التوسع، وفى الوقت نفسه تستخدم هذه التدفقات كضمان للحصول على تمويل إضافي.
شامل أبو الفضل: بالضبط.. التدفقات الناتجة عن الإيجارات تُستخدم كضمانات للبنوك، على سبيل المثال، إذا اشتريت مبنى قيمته 100 مليون جنيه، بتمويل مشترك %50 من رأسمال الشركة و%50 قرض بنكي، وبعد سبع سنوات أصبحت قيمة العقار 300 مليون جنيه، فأنت حققت ثلاثة أضعاف رأس المال. وإذا كنت قد سددت القرض وفوائده من الإيجارات، فهذه الرافعة المالية تُمكن المساهمين من تعظيم العائد بصورة مضاعفة.
● حازم شريف: لكن لم تجبنى حتى الآن عن سؤال أساسي: أين يريد المستأجر أن يوجد اليوم؟ أين يركز الطلب حاليًا؟
شامل أبو الفضل: الطلب حاليًا يتركز بشكل واضح فى منطقة التجمع الخامس، ولهذا السبب ثلاثة أرباع أصولنا هناك.
● حازم شريف: إذًا، ستستمرون فى التركيز على منطقة التجمع الفترة القادمة؟
شامل أبو الفضل: نعم، هذه المنطقة هى مركز اهتمامنا حاليًا، وسنواصل تعزيز وجودنا فيها.
● حازم شريف: سؤالى التالى يتعلق بتخصصك فى المجال التجارى والإداري، هل ترى أن هذا التخصص قد يفتح لك الباب لدخول قطاع الشقق الفندقية، أم أن هذا ليس ضمن أولوياتكم حاليًا؟
شامل أبو الفضل: نعم، نحن ندرس هذا المجال، ونرى أنه قطاع مرشح للنمو الكبير فى الفترة القادمة، خصوصًا مع الارتفاع الملحوظ فى أعداد السياح الوافدين إلى مصر، إلى جانب التحسينات المستمرة فى البنية التحتية مثل المطارات، والمشروعات الترفيهية والرياضية الجديدة، خاصة فى مناطق مثل منطقة الأهرامات، هذه العوامل مجتمعة تفتح المجال أمام مضاعفة أرقام السياحة التى اعتدنا عليها تاريخيًا. وبالتالي، فإن الشقق الفندقية الموجهة للسياح، خاصة تلك المخصصة للإيجار قصير الأجل، تبدو خيارًا واعدًا أكثر من تلك التى تُدار لأغراض السكن المحلى للمصريين.
● حازم شريف: إذن، هل هناك مشروعات أو خطوات فعلية فى هذا الاتجاه، أم أن الأمر لا يزال فى مرحلة الدراسة فقط؟
شامل أبو الفضل: حتى الآن لا توجد خطوات مؤكدة، لكننا ندرس القطاع بجدية، ونعتبره من المجالات المهمة جدًا ضمن رؤيتنا المستقبلية، لأنه قطاع واعد بالفعل.
● حازم شريف: هل لديكم أى تحالفات أو شراكات حالية مع مطورين عقاريين؟ وسؤالى هنا يخص نموذج بدأ يظهر بوضوح، حيث يلجأ بعض المطورين الآن إلى الدخول فى شراكات قبل البناء، للحصول على تمويل مبكر سواء من خلال الإيجار أو البيع، فهل أنتم منفتحون على هذا النموذج؟
شامل أبو الفضل: ما يميز «بنيان» هو أننا شركة استثمار مباشر مستقلة تمامًا، ولا تربطنا علاقة حصرية بأى مطور بعينه. نحن نتعامل مع كل المطورين كمصادر محتملة للأصول والمبانى التى يمكننا الاستحواذ عليها، ونختار بناءً على جدوى الاستثمار، وليس بناءً على تحالفات مسبقة.
● حازم شريف: دعنا ننتقل إلى جانب مهم فى تقييم الشركة. العام الماضى حققتم أرباحًا بنحو 2.6 مليار جنيه، هل يمكنك أن تشرح لنا توزيع هذه الأرباح؟ من أين جاءت تحديدًا؟
شامل أبو الفضل: قبل أن أجيب، دعنى أعلق على السياق العالمى لفهم الصورة بشكل أوضح. هناك دراسة حديثة من «جى بى مورجان» تناولت سوق العقارات عالميًا خلال السنوات العشر الماضية، وتحديدًا مقارنة العائد من العقارات بمعدلات التضخم. الدراسة أظهرت أن متوسط العائد على العقارات بلغ نحو %14 سنويًا، %70 منها جاءت من نمو قيمة الأصل، و%30 من الإيجارات، بالمقارنة، فإن التضخم العالمى كان فى حدود %4 مما يعنى أن العقارات تفوقت على التضخم بثلاثة أضعاف. فى مصر، النسب قريبة جدًا من هذه الأرقام. ولذلك فإن معظم أرباحنا جاءت من الزيادة فى قيمة الأصول التى نمتلكها، الإيجارات تمثل تقريبًا %25 من هذه الأرباح، والباقى من إعادة التقييم الرأسمالى للأصول.
وهذه النتيجة ليست حالة استثنائية خاصة بـ«بنيان»، بل هى سمة عامة لكل من حقق ثروات طويلة الأجل من الاستثمار العقاري، وستجد أن الأغلبية منهم لم يكونوا يعتمدون على تأجير أصولهم فحسب.
● حازم شريف: أنت تتحدث عن العقارات كأحد الأصول الاستثمارية الأساسية التى يبنى عليها الناس ثرواتهم. اسمح لى بسؤال جانبي: كيف توزع محفظتك الشخصية؟ لا أطلب الأرقام، لكن أود معرفة توزيعها من حيث النسب.
شامل أبو الفضل: أغلب محفظتى الاستثمارية تتركز فى العقارات.
● حازم شريف: إذًا لو قمنا بتقسيمها كنسب تقريبية: كم فى العقارات؟ كم فى الأسهم؟ وهل لديك استثمارات فى الذهب؟
شامل أبو الفضل: لا، لا أمتلك ذهبًا.
● حازم شريف: لماذا لا تضع جزءًا من محفظتك فى الذهب؟
شامل أبو الفضل: من وجهة نظري، الذهب أصل أفقى وليس رأسيًا، هو سلعة أساسية لا تُستخدم صناعيًا بشكل كبير. نعم، يُنظر إليه كأداة للتحوط ضد التضخم، ولكن كلما ارتفع سعره، زاد إنتاجه من قبل المنتجين، فيعود تدريجيًا إلى متوسطاته الطبيعية، تمامًا كما يحدث مع أى سلعة، صحيح أن الذهب شهد زيادات ملحوظة خلال العقد الأخير، لكن إذا نظرنا على مدى زمنى أطول، سنجد أنه يميل إلى الاستقرار، ولهذا السبب لا أراه أصلًا استثماريًا مغريًا بالنسبة لي. استثماراتى موزعة بين العقارات والأسهم، سواء فى بورصات مقيدة أو شركات غير مدرجة.
● حازم شريف: وهل تميل إلى الاستثمار فى الأسهم الدفاعية مثل التعليم والصحة، أم أنك تفضل القطاعات ذات المخاطر المرتفعة؟
شامل أبو الفضل: أنا أبحث عن الأسهم التى تحقق قيمة مضافة على المدى الطويل، لا يشترط أن تكون رابحة حاليًا، لكن يجب أن تكون شركات تُدار بكفاءة، وتنتمى لقطاعات أراها تنمو باستمرار، وهناك فرص حقيقية فيها.
● حازم شريف: إذًا تقريبًا التوزيع %70 عقارات و%30 أسهم؟
شامل أبو الفضل: نعم، يمكن القول إن النسب بهذا الشكل، أنا أنظر إلى الاستثمارات من زاوية القيمة، ولا أحب التركيز على العوائد قصيرة الأجل أو قطاع بعينه، بل أحب الاستثمارات المستقرة التى تنمو بثبات، وهذا هو سر نجاح المستثمرين عالميًا، الاستمرارية، والعقارات توفر هذا النوع من الثبات.
● حازم شريف: هل تستثمر فى رأس المال المخاطر؟
شامل أبو الفضل: لا، لست مقتنعاً.
● حازم شريف: دعنى أطرح سؤالًا أخيرًا يخص «بنيان»، ويتعلق بالنماذج العالمية. أنت تحدثت عن مقارنة مع الأسواق العالمية مثل أوروبا وأمريكا. هل ترى أن هناك خصوصية فى تجربة مصر، خاصة فى ظل ما أثير حول اختلاف النموذج المصرى فى صناديق الاستثمار العقارى مقارنةً بدول أخرى؟ وهل تعتقد أن نموذج الشركة فى مصر يتطلب صياغة مختلفة؟
شامل أبو الفضل: أنا أرى أن المقارنة الحقيقية يجب أن تكون بين شركة تعمل فى مصر وأخرى تعمل خارجها فى القطاع نفسه، النقطة الأهم هى تحديد السوق التى تنوى الاستثمار فيها، وليس المقارنة بطريقة عشوائية. فلو كنت تستثمر فى مصر، فعليك أن تقارن بالفرص المتاحة داخل السوق المصري، وهو ما نقوم به، إذ نركز على تطوير الأصول وامتلاكها كعقارات قائمة. أما فى الأسواق الخارجية، فلكل سوق خصائصها. على سبيل المثال، طريقة إدارة المكاتب فى أوروبا تختلف عن مصر، ونظام التضخم هناك ليس ذاته لدينا، ولذلك يجب أن ننظر دومًا إلى عنصرين أساسيين عند تقييم سوق العقارات: العرض والطلب، ومعدلات التضخم، لأنهما المحددان الرئيسيان لقيمة الأصول وقيم الإيجارات.
● حازم شريف: جزء كبير من إيراداتكم الإيجارية مقوم بالدولار. هل هذا اتجاه ستواصلون التوسع فيه أم أن هناك خطة مختلفة؟
شامل أبو الفضل: صحيح، لدينا حاليًا أكثر من %50 من عقود الإيجار مقومة بالدولار، لكنها لا تُدفع فعليًا بالدولار بل بالجنيه المصرى.
العقود المقومة بالدولار غالبًا ما تتضمن زيادة سنوية تتراوح بين 5 إلى %7 فى حين أن العقود بالجنيه المصرى تتراوح زيادتها السنوية بين 10 إلى %15 الفرق الأساسى يظهر وقت الأزمات؛ ففى حال ارتفاع سعر الدولار فجأة، يمكننا إعادة تقييم العقود الدولارية. أما العقود بالجنيه المصرى فلا يمكن إعادة تقييمها إلا مع انتهاء مدة العقد، رغم أنها من الأساس تتضمن زيادات سنوية أعلى. لذلك، الفروقات بين النوعين ليست حاسمة كما يتصور البعض.
● حازم شريف: فى فترات ما قبل التعويم، عندما يكون هناك سعر رسمى وآخر فى السوق السوداء، كيف تتعاملون مع هذه الفجوة، خصوصًا لو كنتم على وشك توقيع عقد أو تحصيل دفعة؟
شامل أبو الفضل: كما ذكرت، العقود المقومة بالدولار تُسدد بالجنيه المصرى وفقًا لسعر الصرف الرسمي، وليس سعر السوق الموازية. وفى الفترات الرمادية، نتعامل بسعر البنك، حتى يقوم البنك المركزى بضبط السعر وتوحيد السوق. وهذه الحالة تحدث عادة لفترات محدودة لا تتجاوز أشهراً.
● حازم شريف: هل لديكم خطط لتخارجات قريبة فى «كومباس»؟ سواء فى «راميدا» أو «بنيان»؟
شامل أبو الفضل: لا توجد أى خطط حالية للتخارج فى أى من الشركتين.
● حازم شريف: ماذا عن فرص استثمارية جديدة؟ أنتم طرحتم جزءًا من الشركة فى البورصة، وهناك جزء من الحصيلة مُخصص لزيادة رأس المال، ما خططكم لاستخدام هذه السيولة؟
شامل أبو الفضل: بالفعل، ندرس التوسع فى عدد من القطاعات التى نرى فيها فرصًا واعدة، تتمشى مع ظروف السوق الحالية وطبيعة نشاطنا.
● حازم شريف: إذا طلبت منك تلخيص فلسفتك فى الاستثمار العقارى داخل «بنيان»، فماذا ستقول؟
شامل أبو الفضل: فلسفتنا بسيطة لكنها فعالة، نؤمن بأن طريقة عمل «بنيان» أكثر كفاءة من الطرق التقليدية فى الاستثمار العقاري. الأساس لدينا هو تعظيم قيمة الأصل، سأعطيك مثالًا: إذا اشترينا أصلًا قائمًا بقيمة 100 جنيه، وبعد عام قررنا الاستحواذ على أصل مجاور تم بيعه بسعر 200 جنيه، فإن الأصل الأول ستزداد قيمته تلقائيًا إلى 200 جنيه. وإذا تكرر ذلك مع أصل ثالث بقيمة 300 جنيه، فإن الأصول الثلاثة سترتفع قيمتها جميعًا إلى هذا المستوى، حتى إن لم تكن مؤجرة بعد. هذا منطق السوق. أما إذا قمنا بتأجير هذه الأصول، خاصة لشركات متعددة الجنسيات تلتزم بعقود طويلة الأجل، فإن قيمة الأصل ترتفع أكثر، ويصبح لدينا أصل مُنتج نقديًا، مما يعزز من جاذبيته السوقية، هذه هى فلسفتنا باختصار: الاستحواذ، ثم التأجير لشركاء موثوقين، مما يزيد من قيمة الأصول لدينا.
● حازم شريف: هل ترى أن هناك ما يعوق عمل الشركات الشبيهة بكم داخل مصر؟ خصوصًا أنكم أقرب لنموذج صندوق الاستثمار العقاري، هل هناك إصلاحات يمكن أن تُساعد فى تسهيل دخول أفراد عاديين لهذا النوع من الاستثمار الآمن؟
شامل أبو الفضل: فى الأسواق العالمية، هناك نوعان أساسيان: الأول مثل شركتنا، تسمى شركات الاستثمار العقارى المتداولة، والتى تمتلك الأصول وتوزع الأرباح بحرية ولديها مرونة تشغيلية. والنوع الثانى هو «صناديق الاستثمار العقاري»، وهذه تصدر وثائق بدلًا من الأسهم وتخضع لقواعد تنظيمية أكثر تقييدًا. كلا النموذجين موجود فى السوق العالمية ولا يمكن القول إن أحدهما أفضل من الآخر. فى مصر، حتى الآن لم يظهر صندوق استثمار عقارى بالحجم الذى نتحدث عنه، لكننا منفتحون تمامًا، وإذا رأينا فرصة لإنشاء صندوق تحت «بنيان» فسنقوم بذلك بكل مرونة.
● حازم شريف: سؤالى الأخير يتعلق بفريق الإدارة. دائمًا ما يكون السؤال الأول فى أى عملية طرح أو حتى عند التقديم على قرض هو: من يدير؟ فى «بنيان»، أنت تدير إلى جانب طارق وفادي، العضو المنتدب للشؤون المالية. كيف تلخص خبرات هذا الفريق للناس؟
شامل أبو الفضل: فريق العمل فى «بنيان» هو أحد العناصر المميزة فى الشركة. لدينا مزيج نادر من رواد أعمال سبق لهم بناء شركات من الصفر، ومستثمرين ذوى خبرة عميقة فى مجال الاستثمار العقارى والاستثمار بوجه عام. هذا التنوع فى الخبرات يتمشى تمامًا مع طبيعة نشاطنا، ويمثل أحد عوامل القوة الأساسية لدينا. كما هى الحال فى أى شركة، فإن تقييم الفريق يُبنى على سابقة الأعمال، وهذا ما أدعو أى مستثمر للنظر إليه.
● حازم شريف: سعيد جدًا بهذا اللقاء، وأعتذر إن كنت أرهقتك خاصة أنك خارج من ماراثون الطرح، ولكن كنت حريصًا أن ألحق بك فى هذه المرحلة. وأتمنى أن تدعونى قريبًا الى الشقة الإدارية الخاصة بشركتكم فى المهندسين، المقرالذى كنت أفضله جدًا.
شامل أبو الفضل: انتقلنا بالفعل إلى منطقة 6 أكتوبر، وسلمنا المكان القديم لشركة أخرى.
● حازم شريف: حلقة مميزة وممتعة، أشكرك على وقتك وأهنئك مرة أخرى على نجاح الطرح، وأتمنى أن تكون الظروف المعاكسة قد انتهت.
نؤمن بأن نموذج «بنيان» أكثر كفاءة من الاستثمار العقارى التقليدى
3 أرباع أصولنا فى التجمع الخامس لأن هذا ما تطلبه السوق حالياً
لسنا مضطرين للذهاب خارج مصر حالياً... السوق المحلية توفر فرصاً غير محدودة
الطرح فى البورصة لم يكن للتخارج بل للتوسع وجذب كفاءات جديدة
اخترنا الحد الأدنى لسعر السهم لنمنح المستثمرين فرصة لتحقيق أرباح أكبر
العقار أصل يتفوق على التضخم بثلاثة أضعاف... وهذا ما أثبتته التجربة العالمية
الشقق الفندقية المخصصة للسياحة قصيرة الأجل قطاع واعد جداً
خطة العمل تبدأ من احتياجات المستأجر وليس رغبة الشركة
لا نعمل حصرياً مع أى مطور... ونختار المباني بناء على جدواها فقط
العائد الحقيقى لا يأتى فقط من الإيجار بل من نمو قيمة الأصل
فلسفتنا هى الشراء والتأجير لكيانات كبرى
لا أؤمن شخصياً بالدخول فى مجال رأس المال
الطروحات تُقيَّم بنمو الشركة وعوائدها وليس فقط بأداء السهم اللحظي
ننظر لأى أزمة باعتبارها فرصة... وهذا ما فعلناه فى تجربة «راميدا» وثورة يناير
نجاح أى استثمار يبدأ بفهم السوق المحلية لا بنسخ التجارب الخارجية
فريق الإدارة فى بنيان يجمع بين ريادة الأعمال والخبرة العميقة فى الاستثمار العقاري
«الإدارية والتجارية» لا تعانى من نقص... والفرص فيها مفتوحة
