توقع خبيران مصرفيان أن تؤثر التدفقات النقدية الأجنبية الكبيرة التى تشهدها مصر إيجابيا على التصنيف الائتمانى للبلاد وتكاليف تمويل السندات الدولية، فمع هذه التدفقات الاستثمارية الضخمة وتحويل الودائع إلى استثمارات مباشرة، ستتعزز الاحتياطيات الأجنبية وتزداد قدرة البلاد على الوفاء بالتزاماتها الدولية، مما يقلل من مخاطر التمويل ويرفع ثقة الأسواق، مشيرين إلى أن مؤشرات هذا التحسن تظهر بالفعل، حيث ثبتت وكالات التصنيف الائتمانى تصنيفات مصر أو عدلت نظرتها المستقبلية إلى "إيجابية".
وأكدا أن هذا التحسن سيؤدى إلى خفض العوائد المطلوبة من المستثمرين على السندات الدولية، وبالتالى تقليل تكلفة الاقتراض على الدولة، مما يعكس الثقة فى قدرة مصر المتزايدة على تحقيق أهدافها التنموية، مدعومة ببيانات قوية مثل ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية وتراجع معدلات التضخم.
وتشهد مصر تدفقات نقدية أجنبية كبيرة تتمثل فى شكل استثمار قطرى مرتقب بقيمة تتراوح بين 3.5 و5 مليارات دولار لتنمية مشروعات كبرى بالساحل الشمالى، بالإضافة إلى مباحثات جادة لتحويل وديعة كويتية بقيمة 4 مليارات إلى استثمارات مباشرة فى البنية التحتية والموانئ، وتتزامن هذه التطورات مع زيارة مثمرة لوزير المالية، أحمد كجوك إلى لندن، والتى أسفرت عن مبادرات لمبادلة الديون باستثمارات وحوافز لجذب المزيد من الاستثمارات الدولية.
استثمارات أجنبية ضخمة
وأوضح أحمد أبو الخير، الخبير المصرفى، أن مصر تشهد حاليًا تحولًا اقتصاديًا ملحوظًا، مدعومًا بتدفقات نقدية أجنبية كبيرة ومتوقعة.
وتوقع أن تساهم فى تسريع مراجعة صندوق النقد الدولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، مما يعزز الثقة الدولية فى الاقتصاد المصرى، وفقًا للخبير المصرفي.
وكالات التصنيف تراقب عن كثب
ويرى "أبو الخير" أن هذه التدفقات ستنعكس مباشرة على تقييمات وكالات التصنيف الائتمانى الدولية مثل "موديز"، و"فيتش"، و"ستاندرد آند بورز"، مشيرًا إلى أن زيادة الاحتياطيات الأجنبية تُعد أحد أبرز المؤشرات التى تنظر إليها هذه الوكالات باهتمام، حيث ستساهم التدفقات الكبيرة من الدولار فى رفع مستوى الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى المصرى، بما يعزز قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية ويقلل من مخاطر نقص العملة الصعبة، مما يعد إشارة إيجابية على قوة الموقف المالى لمصر.
وفى وقت سابق، كشف البنك المركزى المصرى فى بيان عن ارتفاع صافى الاحتياطيات الأجنبية لديه إلى 48.7 مليار دولار فى يونيو الماضى مقابل 48.526 مليار فى مايو الماضي.
مكاسب متعددة
وأكد "أبو الخير" أن وفرة العملة الأجنبية فى السوق المحلية ستساهم فى دعم استقرار الجنيه المصرى، مما يخفف من الضغوط التضخمية ويقلل من المخاطر المرتبطة بالديون المقومة بالعملات الأجنبية، كما يعكس تحويل الودائع الخليجية إلى استثمارات مباشرة ثقة قوية من المستثمرين فى مستقبل الاقتصاد المصرى، وهى ثقة تنعكس إيجابًا على ميزان المدفوعات وتقلل من الاعتماد على الاقتراض الخارجى لتمويل العجز.
دعم صندوق النقد
وأشار "أبو الخير" إلى أن الزيارة الإيجابية لوزير المالية إلى لندن، إلى جانب التوقعات بتسريع وتيرة مراجعة برنامج صندوق النقد الدولى، تمثل رسالة واضحة على استمرار الدعم الدولى والتزام الحكومة بمسار الإصلاح الاقتصادى، مشيرًا إلى أن استمرار برنامج الصندوق يمثل شهادة ثقة مهمة من مؤسسة دولية مؤثرة، مما يعزز من مصداقية السياسات الاقتصادية المتبعة ويطمئن المستثمرين ووكالات التصنيف على حد سواء.
آفاق إيجابية للسندات الدولية
وفى ضوء هذه المعطيات، توقع "أبو الخير" أن تقوم وكالات التصنيف الائتمانى بمراجعة إيجابية لتصنيف مصر أو على الأقل تعديل النظرة المستقبلية إلى "إيجابية" فى الفترة المقبلة. أما على صعيد سوق السندات الدولية، فمن المنتظر أن تسهم هذه التطورات فى تحسين شروط الإصدارات المصرية المقبلة، مع تحسن التصنيف الائتمانى وتراجع درجة المخاطر المتصورة، سيصبح بإمكان مصر إصدار سندات دولية بأسعار فائدة أقل، مما يخفض من تكلفة الاقتراض ويعزز جاذبية السندات المصرية لدى المستثمرين الدوليين.
الاستمرارية ضمان الاستدامة
على الرغم من هذه الآفاق الإيجابية، أكد الخبير المصرفى أن استدامة هذا التأثير تعتمد على استمرار وقدرة مصر فى تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، والحفاظ على استقرار السياسات الاقتصادية، وتعزيز دور القطاع الخاص، كما أن المراجعة القادمة لصندوق النقد الدولى ستكون مؤشرًا هامًا على مدى التزام مصر بهذه الإصلاحات، والتى ستعزز بدورها من ثقة المستثمرين ووكالات التصنيف الائتمانى فى المستقبل.
تدفقات استثمارية وتصنيف ائتماني
وأوضح الدكتور حازم وجدى زيدان، الخبير المصرفى، أن التدفقات الاستثمارية الجديدة والزيارات المكثفة للوزراء المصريين إلى الشركاء الإستراتيجيين والمؤسسات الدولية الداعمة، ستؤثر إيجابًا على التصنيف الائتمانى لمصر وتكاليف تمويل السندات الدولية.
والتصنيف الائتمانى هو تقييم تجريه مؤسسات عالمية مثل "موديز"، و"فيتش"، و"ستاندرد آند بورز" لقدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية، ويعكس قوة الاقتصاد واستقراره.
تأثير إيجابى على التصنيف الائتمانى
وأوضح "زيدان" أن هذه التطورات سيكون لها تأثير إيجابى مباشر على التصنيف الائتمانى لمصر، فقد قامت مؤسسات التصنيف (موديز، فيتش، S&P) بتثبيت التصنيفات أو تعديل النظرة المستقبلية لمصر من "مستقرة" إلى "إيجابية"، مع الإشارة إلى تحسن الاحتياطيات الأجنبية بعد دخول الاستثمارات الخليجية وتبنى سياسات نقدية واقعية.
وأكد أن هذا التحسن ينعكس إيجابًا فى زيادة قدرة مصر على الوفاء بالالتزامات الدولية، وتقليل مخاطر التمويل، ورفع الثقة فى الاقتصاد، كما أن الاستدامة فى التحسن النقدى والتشريعات الإصلاحية تعزز فرص تحسين التصنيف الائتمانى مستقبلاً.
تخفيض تكلفة السندات
وتطرق "زيدان" إلى التأثير المتوقع على تسعير السندات الدولية، فمع تحسن التصنيف الائتمانى أو ثباته، ستنخفض العوائد المطلوبة من المستثمرين عند طرح الحكومة سندات دولية، مما يعنى تقليل تكلفة الاقتراض على الدولة، وقد ساهم ارتفاع مستويات الاحتياطى النقدى وتراجع معدلات التضخم فى تقليل علاوة المخاطر المفروضة على أدوات الدين السيادية، وكلما زادت الثقة فى قدرة مصر على السداد نتيجة للتدفقات الخليجية والإصلاحات، انخفضت تكلفة خدمة الدين الخارجى وسهلت الحكومة تحقيق أهدافها التمويلية والتنموية.
