فضيحة تضخيم مبيعات السيارات الكهربائية تهدد سمعة بكين

بينما تواصل صناعة السيارات العالمية التكيف مع التحولات المستمرة فى سوق الطاقة النظيفة والتقلبات الكبيرة فى سلاسل الإمداد، شهد النصف الأول من عام 2025

مبيعات السيارات الكهربائية
Ad

بينما تواصل صناعة السيارات العالمية التكيف مع التحولات المستمرة فى سوق الطاقة النظيفة والتقلبات الكبيرة فى سلاسل الإمداد، شهد النصف الأول من عام 2025 تطورات بارزة لفتت الأنظار فى هذا القطاع الحيوي.

وتأتى هذه التطورات فى محورين أساسيين؛ الأول يتعلق بعودة تصدير مغناطيسات العناصر الأرضية النادرة من الصين إلى السوق الأمريكية، بينما يتناول الثانى فضيحة تتعلق بتضخيم مبيعات سيارات كهربائية من قبل شركات صينية، ما يهدد بتقويض الثقة فى العلامات التجارية الصينية.

قفزة ضخمة فى الصادرات إلى الولايات المتحدة

شهدت صادرات الصين من مغناطيسات العناصر النادرة إلى الولايات المتحدة فى يونيو 2025 زيادة غير مسبوقة، حيث ارتفعت الشحنات إلى 353 طناً مترياً، بزيادة تصل إلى 660 % مقارنة بشهر مايو من العام نفسه.

وتُعد هذه المغناطيسات عنصراً أساسياً فى صناعة المحركات الكهربائية للسيارات ومولدات طاقة الرياح، مما يجعلها من المكونات الاستراتيجية التى تتحكم فى سلاسل الإمداد للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية.

وجزء كبير من هذه الزيادة يعود إلى اتفاق تجارى بين بكين وواشنطن، والذى أسهم فى تخفيف القيود الجمركية المفروضة على تصدير هذه المواد.

وهذا الاتفاق شمل أيضًا تسهيلات فى تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي، بما فى ذلك شريحة H20 التى تنتجها شركةإنفيديا”.

وفى أبريل 2025، كانت الصين قد أدرجت عددًا من هذه العناصر النادرة على قائمة المواد المحظورة أو المقيد تصديرها، فى رد فعل على السياسات الجمركية الأمريكية.

وبالنظر إلى سيطرة الصين على أكثر من %90 من الإنتاج العالمى لهذه المغناطيسات، تسبب هذا القرار فى صدمة فى أسواق المعادن النادرة، ما أدى إلى توقف جزئى فى الإنتاج لدى العديد من شركات السيارات الأوروبية والآسيوية.

تحسن تدريجى فى السوق العالمية

رغم أن صادرات الصين إلى الولايات المتحدة شهدت طفرة ملحوظة، إلا أن إجمالى صادرات الصين من هذه المغناطيسات على مستوى العالم بلغ 3.188 طناً فى يونيو، بزيادة %157.5 مقارنة بمايو، و مع ذلك، هذا الرقم لا يزال أقل بنسبة %38.1 مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.

ويتوقع المحللون أن تشهد صادرات الصين مزيداً من الانتعاش فى يوليو مع تسريع إصدار تراخيص التصدير للشركات الصينية.

وفى النصف الأول من عام 2025، انخفض إجمالى الصادرات بنسبة 18.% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، مما يعكس تأثير التوترات الجيوسياسية المتزايدة على سلاسل الإمداد الصناعية، وخاصة فى القطاعات التى تعتمد بشكل كامل على المغناطيسات النادرة الصينية.

فضيحة تضخيم مبيعات السيارات الكهربائية

فى تطور آخر، كشفت وكالةرويترزعن فضيحة هزت سوق السيارات الصينية تتعلق بتضخيم أرقام مبيعات السيارات الكهربائية من قبل شركتىنيتاوزيكر”.

وتم الكشف عن أن الشركتين عمدتا إلى تسجيل السيارات كأنها مباعة قبل أن تصل فعلاً إلى عملائها، وذلك عبر إصدار وثائق التأمين الإجبارى عليها قبل بيعها، مما جعلها تُسجل كمبيعات فعلية وفقاً للنظام الجمركى والتسجيل الصناعى فى الصين.

نيتا: تسليمات مضللة

وفقًا لوثائق حصلت عليهارويترز، قامت شركةنيتابتسجيل 64.719 ألف سيارة باعتها خلال الفترة من يناير 2023 إلى مارس 2024، رغم أن هذه السيارات لم تُسلم بعد إلى العملاء.

وتعد هذه الكمية أكثر من نصف مبيعات الشركة المعلنة فى نفس الفترة، والبالغة 117 ألف سيارة، وقد أشار بعض وكلاء الشركة إلى أنهم تلقوا السيارات مؤمنة مسبقًا، وطُلب منهم اعتبارها مباعة لتحقيق الأهداف البيعية الفصلية.

زيكر: تنفيذات وهمية ضمن «عرض صالات»

أمازيكر، العلامة الفاخرة التابعة لمجموعةجيلي، فقد استخدمت أسلوبًا مشابهًا، حيث تم إصدار تأمين على عدد كبير من السيارات عبر وكيلها فى مدينة شيامن، ما مكّن الشركة من تسجيلها كمبيعات قبل بيعها فعلاً،وهذه السيارات تم بيعها لاحقًا فى مدن أخرى مثل بكين وتشونغتشينغ.

ردود فعل وشكاوى من المستهلكين

أثار هذا التلاعب غضبًا واسعًا بين المستهلكين الذين اكتشفوا أن سياراتهم كانت مؤمنة مسبقًا دون علمهم، مما قلل من فترة صلاحية التأمين، وبعضهم حاول استرداد المبالغ المدفوعة دون جدوى، مما أضاف بُعدًا أخلاقيًا للأزمة.

من جهتها، ردتزيكرفى بيان عبر منصةويبوالصينية، مبررة الممارسات بأن السيارات كانت مخصصة للعرض فقط فى صالات البيع، وأن التأمين تم فقط لأغراض النقل والعرض، دون توضيح ما إذا كانت قد تم احتسابها ضمن مبيعات التجزئة.

استجابة السلطات الصينية

أثار هذا التلاعب انتقادات حادة فى الإعلام الصيني، حيث نشرت صحيفةالشعبافتتاحية تهاجم ظاهرةالسيارات المستعملة صفر كيلومتر، وهى السيارات التى يتم تسجيلها كمباعة دون أن تتحرك من أرض المصنع.

تأثيرات أزمة الثقة على صناعة السيارات العالمية

هذه الفضائح تأتى فى وقت حساس للغاية بالنسبة لصناعة السيارات العالمية، التى تعتمد بشكل كبير على السوق الصينية كمركز تصنيع رئيسى ومصدر للمواد الخام.

و تضر تداعيات هذه الفضائح بسمعة الشركات الصينية، مما قد يدفع الشركات العالمية إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد الخاصة بها، والبحث عن بدائل لمغناطيسات الصين النادرة، أو فرض رقابة صارمة على شراكاتها مع هذه الشركات لضمان الشفافية.

فى الوقت الذى تبذل فيه الصين جهودًا لتعزيز مكانتها فى السوق العالمية للطاقة النظيفة، تُظهر هذه الأزمات أن مصداقية الشركات الصينية أصبحت تحت ضغط متزايد، ويبدو أن عام 2025 سيكون عامًا حاسمًا فى تحديد مستقبل العلاقات بين الصين وبقية العالم فى مجال صناعة السيارات.

فى سياق آخر أنهت الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة فى الولايات المتحدة (NHTSA) تحقيقًا تمهيديًا بشأن أعطال محركات سياراتنيسانبعد استدعاء 454.840 سيارة فى يونيو 2025، فالتحقيق بدأ فى ديسمبر 2023 بعدما تلقت الوكالة شكاوى من حالات فقدان مفاجئ لقوة الدفع من محركات سيارات نيسان.

استجابة «نيسان» وتحسين الضمان

استجابةً لهذا التحقيق، قامتنيسانباستدعاء السيارات المتأثرة، وأعلنت عن خطة لفحص المحركات وتبديل الأجزاء المعيبة إن لزم الأمر، ولتعزيز ثقة العملاء، أعلنت عن تمديد ضمان السيارات المتأثرة لمدة 10 سنوات أو 120.000 ميل.

وتثير هذه الحوادث تساؤلات حول معايير الجودة فى صناعة السيارات التقليدية، فى وقت تتسارع فيه الشركات الناشئة فى سوق السيارات الكهربائية التى تسعى لتقديم تقنيات تتنبأ بالأعطال قبل وقوعها.

ورغم انتهاء التحقيق، تظل الثقة فى العلامات التجارية على المحك، خصوصًا مع زيادة الاهتمام بالمصداقية والاعتمادية فى صناعة السيارات العالمية.