رفع حد التمويل الاستهلاكي إلى 50 ألف جنيه.. دفعة للقطاع أم خطوة أولى فقط؟

بلال خليل: قد نصل إلى 100 ألف جنيه.. والطلب سيعود بقوة

محمد الفقى
Ad

فى خطوة وصفها خبراء القطاع بـ«المهمة والمنتظرة»، قررت الهيئة العامة للرقابة المالية رفع الحد الأقصى للتمويل النقدى المُسبق للأغراض الاستهلاكية من 10 آلاف إلى 50 ألف جنيه، وسط تحديات اقتصادية تتصدرها موجات التضخم المتتابعة وتراجع القدرة الشرائية للأفراد.

يهدف القرار إلى توسيع قاعدة العملاء وتمكين المستهلكين من تلبية احتياجاتهم عبر حلول تمويل مرنة، خاصة فى ظل الزيادات المستمرة فى أسعار السلع والخدمات. فى المقابل، يضع على عاتق شركات التمويل مسؤولية أكبر فى إدارة المخاطر وتقديم منتجات تتسم بالكفاءة والانضباط الائتماني.

استطلعت «المال» آراء قيادات بشركات التمويل الاستهلاكى حول تداعيات القرار على السوق، وكيف يمكن استثماره فى تحفيز النمو الاقتصادى وإعادة تنشيط الطلب، وأجمع الخبراء على أهمية الخطوة، مع تباين التوقعات بشأن تطور الحدود التمويلية مستقبلًا، وحدود التأثير على السوق فى ظل الظروف الحالية.

وفى شهر يونيو الماضى أصدر مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، قرارًا برفع الحد الأقصى لمبلغ التمويل النقدى المُسبق لأغراض استهلاكية الممنوح للعميل الواحد لكافة العمليات المُمولة إلى 50 ألف جنيه من 10 آلاف جنيه، وذلك فى إطار الحرص من جانب الهيئة على توفير خيارات تمويلية متنوعة للعملاء تلبى احتياجاتهم الاستهلاكية، بما يدعم رؤية الهيئة لتعزيز مستويات الشمول المالى والتمويلي.

ويُقصد بذلك، أنه بعد حصول العميل على حد ائتمانى من شركة التمويل الاستهلاكى بناء على جدارته الائتمانية، يكون الحد الأقصى للتمويل النقدى المُسبق للعميل الواحد 50 ألف جنيه بدلًا من 10 آلاف جنيه، بغض النظر عن اختلاف الحدود الائتمانية للعملاء.

وحظر القرار، حصول العملاء على تمويل نقدى مُسبق إضافى إلا بعد التحقق من تقديمهم لمستندات تثبت صرف التمويل السابق فى الأغراض المُخصصة له وبعد الانتهاء من سداد التمويل السابق، ما يعنى التزام العملاء بإحضار الفواتير أو المستندات الخاصة بعملية الشراء المُمولة نقديًا مسبقًا وإتمامهم سداد المبلغ الذى تسلّموه حتى يمكن لهم الحصول على تمويل نقدى مُسبق مرة أخرى، وذلك ضمانًا لاستقرار الأوضاع المالية للشركات العاملة فى التمويل الاستهلاكي.

وأكدت الرقابة المالية على التزامها المستمر بمراقبة السوق وتطوير الإطار التنظيمى بما يتناسب مع متطلبات السوق والتحديات الاقتصادية، بما يضمن تحقيق أهدافها فى حماية كافة الأطراف وتنمية الأنشطة المالية غير المصرفية.

قال محمد الفقى، العضو المنتدب لشركة “سيمبل” لحلول الدفع الآجل، إن قرار الهيئة العامة للرقابة المالية برفع الحد الأقصى للتمويل النقدى المُسبق لأغراض استهلاكية من 10 إلى 50 ألف جنيه يُعد خطوة مهمة تعكس استجابة الهيئة لمتغيرات السوق، لا سيما فى ظل ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار خلال العامين الماضيين.

وأوضح الفقى أن القرار يعزز من مرونة الشركات فى تلبية احتياجات العملاء، لافتًا إلى أن الحد السابق للتمويل البالغ 10 آلاف جنيه لم يعد كافيًا لتغطية كثير من المتطلبات الاستهلاكية، مؤكدًا أن رفعه إلى 50 ألف جنيه يوفر حلاً عمليًا للتمويل خارج شبكات التجار، إذ يُمكن للعميل تقديم فاتورة شراء من خارج المنظومة المتعاقدة وتحويلها إلى خطة تقسيط تمتد لعدة أشهر.

وفيما يتعلق باشتراط استخدام وسائل الدفع الإلكترونى ضمن القرار الجديد، أكد الفقى أن هذا التوجه يدعم جهود التحول الرقمى داخل القطاع، موضحًا أن معظم شركات التمويل الاستهلاكى باتت تمتلك بطاقات مدفوعة مقدماً لعملائها، أو تقوم بتحويل المبالغ مباشرة إلى حساباتهم البنكية عبر تطبيقات مثل “إنستاباى”، مشيرًا إلى أن الوسيلتين تُعدان الأكثر أمانًا وسهولة فى الاستخدام.

وشدد على أن القرار حافظ على أحد الضوابط التنظيمية الأساسية، وهو عدم السماح بالحصول على تمويل نقدى جديد قبل سداد القرض السابق بالكامل، مؤكدًا أن هذا الإجراء يساهم فى ضبط السلوك الائتمانى للعملاء، ويحد من مخاطر التعثر.

واختتم الفقى حديثه بالتأكيد على أهمية القرار فى تعزيز مرونة التمويل وتحقيق التوازن بين تلبية احتياجات العملاء والحفاظ على الانضباط الائتمانى، معتبرًا أن الخطوة تُشكل دفعة قوية للقطاع فى ظل التغيرات الاقتصادية الراهنة.

ومن جانبه، وصف الدكتور بلال خليل، الرئيس التنفيذى لشركة “سكاى فاينانس”، القرار بـ”الإيجابى للغاية”، وجاء فى توقيت بالغ الأهمية، خاصة فى ظل حالة الركود التضخمى التى أثرت سلبًا على قرارات الشراء لدى فئات واسعة من المستهلكين.

وأوضح أن السوق عانت فى الفترة الأخيرة من نقص السيولة وانخفاض حاد فى الطلب، لا سيما فى قطاعات مثل السيارات والتجزئة، لكن القرار سيسهم فى إعادة تنشيط حركة السوق تدريجيًا عبر تسهيلات تمويلية أكبر تتناسب مع الواقع الجديد للأسعار.

وأكد خليل أن السقف الجديد قد لا يكون الأخير، متوقعًا أن يصل فى مرحلة لاحقة إلى 100 ألف جنيه للفرد، مع تزايد الضغوط الاقتصادية والحاجة لتمويل أكبر.

وأشار إلى أن زيادة معدل العمليات التمويلية ستؤدى إلى خفض متوسط تكلفة التمويل لدى الشركات، نتيجة توزيع التكاليف على عدد أكبر من العملاء، ما يُعزز من كفاءة التشغيل ويُحسن العروض التمويلية.

واختتم بالتأكيد على أن النصف الثانى من 2025 قد يشهد تحسنًا ملحوظًا فى القطاع، شرط أن تترافق هذه القرارات مع برامج توعية ومبادرات دعم للمستهلكين، بالإضافة إلى تقديم منتجات جديدة تخاطب مختلف فئات الدخل.

وسجل نشاط التمويل الاستهلاكى فى مصر قفزات ملحوظة خلال الفترة الأخيرة، إذ كشفت أحدث بيانات الهيئة العامة للرقابة المالية عن ارتفاع أرصدة التمويل الاستهلاكى إلى نحو 6.4 مليار جنيه بنهاية فبراير 2025، ضمن إجمالى تمويلات بلغت 118.5 مليار جنيه. 

وخلال الربع الأول من العام ذاته (يناير - مارس)، تم ضخ تمويلات بقيمة 17.465 مليار جنيه، مقارنة بـ12.07 مليار جنيه خلال نفس الفترة من 2024، بنسبة نمو بلغت %44، وارتفع عدد العملاء إلى 2.319 مليون عميل مقابل نحو 804.8 ألف.

كما شهدت الأشهر الأربعة الأولى من 2025 (يناير - أبريل) ارتفاعًا فى حجم التمويل الاستهلاكى بنظام الأقساط ليصل إلى 22.009 مليار جنيه، مقابل 15.587 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام السابق، بمعدل نمو %41.2، فيما ارتفع عدد العملاء إلى نحو 2.919 مليون عميل مقارنة بـ1.098 مليون فى 2024.

أصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية، فى 11 أكتوبر 2024، القرار رقم 184 لسنة 2024، والذى نُشر فى الجريدة الرسمية بتاريخ 10 أكتوبر، بشأن وقف تلقى طلبات تأسيس أو منح موافقات مبدئية للكيانات الراغبة فى مزاولة نشاط التمويل الاستهلاكى أو تمويل المشروعات متناهية الصغر بالوسائل التقليدية.

ويُطبق القرار لمدة عام قابل للتجديد، مع استثناء الشركات القائمة، أو تلك التى تقدمت بطلبات قبل تاريخ سريانه، بالإضافة إلى الكيانات التى تعتمد على التكنولوجيا المالية فى تقديم خدماتها.

وجاء قرار الهيئة فى إطار مساعيها لضبط بيئة التمويل غير المصرفى، بما يتيح لها التحقق من مدى توافر الملاءة المالية لدى الجهات العاملة وقدرتها على إدارة مخاطر التشغيل. ويستند القرار أيضًا إلى ضرورة تنظيم السوق بعد التوسع الملحوظ فى منح التراخيص خلال العامين الماضيين، إذ تم إصدار نحو 15 ترخيصًا لشركات التمويل الاستهلاكى، و10 تراخيص للتمويل متناهى الصغر، إلى جانب تلقى الهيئة عددًا من الطلبات الجديدة التى لا تزال قيد الدراسة.

محمد الفقي: القرار يعزز مرونة الإقراض ويستجيب للتضخم

بلال خليل: قد نصل إلى 100 ألف جنيه.. والطلب سيعود بقوة