أجرى الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، سلسلة من اللقاءات المكثفة في العاصمة البريطانية لندن، حيث التقى بممثلي شركة Jefferies، إحدى أبرز المؤسسات المالية العالمية المتخصصة في خدمات بنوك الاستثمار وأسواق المال، والاستشارات المالية، بجانب حضور مكثف من مجتمع المال والأعمال والمستثمرين الدوليين، وذلك ضمن مشاركة وفد رسمي في الجولة الترويجية لبعثة الأعمال التي تنظمها الجمعية المصرية البريطانية للأعمال (BEBA) بعنوان "العصر الجديد لمصر.. فرص الاستثمار". وشارك في الجلسة أيضاً كل من غادة نور، مساعد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، ونهى خليل، القائم بأعمال المدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي.
خلال اللقاءات، استعرض الدكتور محمد فريد أبرز فرص الاستثمار المتاحة في القطاعات المالية غير المصرفية، مع تركيز خاص على التطورات الجارية في قطاع التأمين. وأكد أن صناعة التأمين في مصر تشهد حاليًا نقلة نوعية وتطورًا متسارعًا، في ظل التوجه الوطني نحو تعزيز الشمول المالي وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، خاصة للفئات الأكثر احتياجًا.
وأوضح رئيس الهيئة أن اللقاءات تضمنت اجتماعات مباشرة مع نحو 8 مؤسسات استثمارية ومالية دولية، بهدف عرض تجربة الإصلاح في القطاع المالي غير المصرفي بمصر، وتبادل الرؤى حول مستقبل الاستثمار في هذا القطاع الحيوي. وأشار إلى أن الهيئة تحرص دائمًا على تحقيق التوازن بين متطلبات الحماية التأمينية والتطورات الاقتصادية، بما يسهم في تعزيز قدرة قطاع التأمين على دعم أهداف التنمية الشاملة والمستدامة.
وفي سياق استعراض تطورات القطاع، لفت الدكتور فريد إلى أن إصدار قانون التأمين الموحد في يوليو 2024 شكّل محطة فارقة في تطوير البيئة التشريعية والتنظيمية لسوق التأمين. وأعقب صدور القانون تعديل قواعد وضوابط ونسب استثمار أموال صناديق التأمين الخاصة وشركات التأمين، ليُتاح لها ولأول مرة الاستثمار في قنوات جديدة ومتنوعة، منها وثائق صناديق الاستثمار في المعادن وصناديق الاستثمار المفتوحة في الأسهم المقيدة بالبورصات، بالإضافة إلى صناديق رأس المال المخاطر وصناديق الملكية المباشرة داخل مصر.
وأشار إلى أن الهيئة ألزمت شركات التأمين بتوجيه نسب محددة من استثماراتها لدعم قطاعات استراتيجية، حيث شملت التوجيهات استثمار 2.5% على الأقل من رأس المال المدفوع في وثائق صناديق الأسهم، و5% من الأموال المستثمرة في وثائق صناديق المعادن، إلى جانب 10% كحد أقصى لشركات تأمينات الأشخاص و5% لشركات تأمينات الممتلكات في صناديق الاستثمار العقاري.
وأضاف رئيس الهيئة أن هذه الإصلاحات تأتي في إطار رؤية الدولة الهادفة إلى تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وبيئية شاملة، وتحقيق حياة كريمة وآمنة لجميع المواطنين، مع التركيز على دمج شرائح جديدة في النظام المالي لتعزيز النمو الاقتصادي.
وتابع أن الهيئة تواصل تطوير الأطر الداعمة لرفع كفاءة القطاع، ومن بين الإجراءات المهمة التي تم اتخاذها، إصدار ضوابط جديدة لرفع الحد الأدنى لرؤوس أموال شركات التأمين، ليصل إلى 600 مليون جنيه في المرحلة الثانية، بما يعزز ملاءتها المالية، إلى جانب إصدار إطار تنظيمي لاحتساب وتكوين المخصصات الفنية المتعلقة بتأمينات الممتلكات والمسؤوليات، وزيادة الحد الأقصى للتغطية التأمينية في نشاط التأمين متناهي الصغر.
كما أشار إلى إصدار قواعد فنية جديدة لتنظيم تأسيس وترخيص شركات التأمين وإعادة التأمين، إلى جانب إصدار قواعد لاحتساب المخصصات الفنية الخاصة بتأمينات الأشخاص وعمليات تكوين الأموال، بهدف دعم الاستقرار المالي وحماية حقوق حملة الوثائق.
وفيما يتعلق بالتحول الرقمي، أكد الدكتور فريد أن الهيئة تدعم تسريع وتيرة الرقمنة في قطاع التأمين، من خلال تعزيز استخدام التكنولوجيا المالية لتوسيع نطاق الخدمات التأمينية، وتحقيق الحماية الاجتماعية للفئات المهمشة. وشدد على أن إصدار بعض وثائق التأمين إلكترونيًا أصبح ممكنًا، مثل وثائق التأمين الإجباري على المركبات، والتأمين المؤقت على الحياة، والحوادث الشخصية، والتأمين متناهي الصغر.
وأوضح أن الهيئة أصدرت قرارات تنظيمية داعمة لذلك، تضمنت قرارات مكملة لقانون التكنولوجيا المالية رقم 5 لسنة 2022، من أبرزها القرار رقم 139 لسنة 2023 بشأن البنية التكنولوجية وأنظمة الحماية، والقرار رقم 140 لسنة 2023 بشأن الهوية الرقمية والعقود الرقمية، والقرار رقم 141 لسنة 2023 بشأن سجل التعهيد.
وأكد رئيس الهيئة أن هذه المبادرات تصب في إطار تطوير البنية التحتية الرقمية للقطاع المالي غير المصرفي، وتعزيز الابتكار، ورفع كفاءة الخدمات المقدمة، بما يتماشى مع التحولات العالمية في قطاع التكنولوجيا، ويخدم أهداف الشمول المالي في مصر.
وشدد الدكتور فريد على التزام الهيئة بمواصلة تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية، وتقديم المبادرات الداعمة لسوق التأمين، بهدف تحقيق الاستدامة المالية، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، ودعم النمو الاقتصادي القائم على الابتكار والشمول.
