قالت مصادر مصرفية إن وجود البنوك الصينية فى مصر سيظل مرهونا بمدى الحاجة إلى نظم دفع تلبى مستوى التعاون المالى بين البلدين، وهو الأمر الذى يعتمد فى المقام الأول على حجم ومستوى التبادل التجاري.
وأضافوا فى تصريحات لـ «المال» أن الضغوط التى تواجهها الصين من قبل الولايات المتحدة عبر فرض رسوم جمركية على صادراتها قد يدفعها إلى تعزيز علاقاتها التجارية مع مصر، وهو الأمر الذى قد يؤدى إلى وجود بنوك صينية فى السوق المصرفية المصرية أو العكس.
كان حسن عبد الله محافظ البنك المركزى المصري، قد وقع مؤخراً، مذكرة تفاهم مع بان قونغ شنغ، محافظ البنك المركزى الصيني، بهدف تعزيز التعاون والتنسيق المشترك فى مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك ، فى خطوة هامة لتعزيز العلاقات المصرفية والمالية بين مصر والصين.
قال محمد عبد العال الخبير المصرفى إن البنك الأهلى المصرى متواجد فى شنغهاى عبر فرع له، وهو ما يعنى أن هذا البنك يعد بمثابة رمز للدولة المصرية على الأراضى الصينية، مؤكداً أن كل القنوات والمسارات المصرية مفتوحة، فى الوقت الحالى مع الصين.
وأضاف أن العلاقات مع الصين تقوم على أساس مبدأ الندية وتحقيق المكاسب لكلا الطرفين، مشيرا إلى أن هناك بعض العوامل والمتغيرات الدولية التى تشكل عبئًا على الصين من جهة، وتعد فرصة سانحة لمصر من جهة أخرى، وعلى رأس هذه العوامل الرسوم الجمركية التى يحاول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فرضها على بكين.
وخفضت الولايات المتحدة رسومها الجمركية المؤقتة على السلع الصينية من %145 إلى %30 فى حين ستخفض الصين بدورها الرسوم المفروضة على الواردات الأميركية من 125 فى المئة إلى %10 وذلك بحسب ما ورد فى البيان المشترك خلال مايو الماضي.
وأوضح «عبد العال» أن هذه الرسوم تدفع الصين إلى تقليص وارداتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية نظراً لارتفاع تكلفة الرسوم ،وعلى الجهة الأخرى تحاول بكين فتح مسارات أخرى بديلة لهذه الصادرات، وربما تكون مصر على رأس أو من ضمن هذه المسارات.
التبادل النقدى والمالي
وأوضح محمد عبد العال الخبير المصرفى أن تعزيز التبادل المالى والنقدى بين مصر والصين قد يتطلب وجود بنوك صينية فى مصر أو العكس، لافتا إلى أن كلا الدولتين (مصر والصين) ضمن تحالف بريكس، وهو الأمر الذى قد يعزز التبادل التجارى بين البلدين، ثم مع بقية دول بريكس كافة، وهو ما قد يتطلب وجود تمثيل مصرفى بين هذه البلدان والعواصم.
وتتضمن مذكرة التفاهم التى أبرمها البنك المركزى المصرى مع نظيره الصيني، إطارًا للتعاون يشمل تبادل الخبرات الفنية والمعلومات، بالإضافة إلى تدريب وتطوير الكوادر البشرية بالبنكين المركزيين فى مجال السياسة النقدية، والأسواق المالية، ونظم وخدمات الدفع الإلكترونية، واستخدام أحدث التقنيات فى مجال الرقابة والإشراف المالي، وكذلك التعاون فى مجال إصدار الأوراق النقدية.
التبادل التجاري
وأكد عبد العال أن وجود بنوك صينية فى مصر أو العكس مرتبط فى المقام الأول بحجم التبادل التجارى بين البلدين ووجود نظم دفع مختلفة، وكذلك مدى الحاجة إلى وجود كيانات مصرفية تسهل عملية التبادل والتسويات المالية.
وأشار إلى أن هناك الكثير من أوجه التعاون بين الصين ومصر ،سواء تم ذلك من خلال تعزيز تدفقات الاستثمار المباشر وغير المباشر ، أو حتى إبرام اتفاقيات دفع بالعملات المحلية بين البلدين.
ولفت الخبير المصرفى إلى أنه قد لا تكون هناك حاجة ماسة إلى وجود كيانات بنكية ومؤسسات مصرفية ممثلة لدى بعضهما، لا سيما وأن القنوات والمسارات الرقمية تكفي، أى أنه ليست هناك حاجة لوجود فروع تقليدية لبنوك صينية فى مصر أو العكس، طالما كانت الآليات الرقمية يمكنها الوفاء بالغرض.
وتهدف مذكرة التفاهم، التى أبرمها البنك المركزى المصرى مع نظيره الصيني، إلى تشجيع استخدام العملات المحلية فى تسوية المعاملات المالية والتجارية، وكذلك تسهيل الاستثمارات المباشرة بين الجانبين، بما يسهم فى تعزيز التكامل الاقتصادي، كما تتضمن تعزيز التعاون فى مجال العملات الرقمية للبنوك المركزية، إلى جانب دعم الابتكارات المالية باستخدام التكنولوجيا الحديثة، من خلال إجراء بحوث ودراسات مشتركة وتبادل المعلومات والخبرات الفنية فى هذا الشأن.
وتُعد الصين شريكًا تجاريًا واستثماريًا رئيسيًا لمصر، حيث بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين أكثر من 17 مليار دولار فى عام 2024، وشهدت الاستثمارات الصينية فى مصر ارتفاعًا ملحوظًا، خصوصًا فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
السوق المصرفية المصرية
ومن جانبها أوضحت سهر الدماطى الخبيرة المصرفية أن السوق المصرفية المصرية قد لا تكون بحاجة إلى وافدين جدد من البنوك أو المصارف الصينية أو غيرها من الدول، لا سيما وأن «القاهرة» لديها عدد كاف من البنوك، فى حين قد لا يكون الأمر كذلك على الناحية الأخرى، بمعنى أنه من الممكن أن تكون هناك الحاجة إلى وجود مصارف مصرية فى الصين.
يذكر أن البنك الأهلى المصرى متواجد فى الصين، وحصل فى نهاية 2017، على رخصة التعامل بالعملة المحلية الصينية من خلال فرعه بمدينة شنغهاي، كأول مصرف مصرى وعربى وإفريقى يحصل على هذا الترخيص، وهو ما سيؤدى إلى فتح آفاق جديدة للتعاون بين بكين والقاهرة وكافة دول المنطقة.
