تستهدف وزارة النقل تنفيذ 25 ميناءً جافًا وبريًا خلال الفترة من 2030-2025، فى محاولة لتعويض السنوات الماضية، لاسيما أنه لم ينفذ سوى ميناءين “الأول فى ميناء 6 أكتوبر، والثانى فى العاشر من رمضان” خلال عقد كامل من 2024-2014.
رغم أن الوزارة عرضت فى أكثر من مناسبة، أنه ستوفر العديد من المزايا والدعم للراغبين المنافسة على هذه النوعية من المشروعات، إلا أنها لم تتلق عروضًا قوية حتى الآن لاستكمال تنفيذ مخططها بسبب عدة معوقات، وفقًا لعدد من الخبراء تحدثوا لـ”المال”.
طالب الخبراء والمتخصصون، بضرورة إزالة المعوقات والتحديات التى تواجه القطاع، خاصة المتعلقة بالتشريعات، ووضع عدد من التسهيلات والإجراءات التى تضمن انسيابية التجارة من وإلى تلك المشروعات.
أشار الدكتور محمد علي، مؤسس كلية النقل واللوجستيات، مستشار وزير النقل الأسبق، أن أى توسعات تتم فى الميناء البحرى مكلفة للغاية، وبالتالى كان الاتجاه بوجود موانئ أخرى، ولكنها جافة ويتم معاملتها معاملة الميناء البحرى ليتم به كل العمليات والإجراءات على البضائع على أن ينحسر دور الميناء البحرى على أنه مجرد بوابة لمرور البضائع وليس تخزينها.
وأضاف أن المعايير الخاصة باختيار الميناء البرى والجاف أن يكون قريبًا من الموانئ البحرية من ناحية، وكذا مناطق الاستهلاك، وكذا توسطه للمناطق الصناعية، لتكون أسعار التخزين بها أقل من الموانئ البحرية، وتخفيف الغرامات التى قد تتحملها البضائع نتيجة ضعف معدلات الشحن والتفريغ، بالإضافة إلى إمكانية التوسع فى حالة الحاجة إلى ذلك، وبذلك تقل الرسوم الخاصة باستيراد البضائع، مما يعمل على انخفاض السلع بالسوق المحلية.
وأوضح أن الغرامات التى يتم فرضها على البضائع نتيجة التأخير فى أعمال الشحن والتفريغ وتصل من 150 – 380 دولارًا لكل حاوية والتى يكون مسئول عنها الميناء وشركات الشحن والتفريغ، ولكن فى النهاية تتحملها البضائع المطروحة بالأسواق.
وأكد أنه بالرغم من الأهمية العلمية والعملية للموانى الجافة والبرية، خاصة الأعمال الخاصة بالقيمة المضافة على البضائع خلال عمليات الاستيراد أو الترانزيت، فإن هذا يتم تطبيقه فى نطاق ضيق حتى الآن.
وأوضح “علي” أن وزارة النقل أعلنت مؤخرًا عن طرح 25 ميناءً بريًا وجافًا أمام القطاع الخاص، إلا أنه يرى أن هذا العدد كبير للغاية، مشيرًا إلى أنه بالرغم من استهداف الجهات المعنية إنشاء وتأسيس 25 مشروعًا بهذا القطاع، فإنه لم يتم التعاقد على مشروعين فقط.
وأرجع إحجام المستثمرين عن الدخول لهذا النشاط، إلى حداثة المفهوم بالنسبة للمستوردين والمصدرين، موضحًا أن هناك أهمية النظر إلى التجارب العالمية، وتنفيذها ليكون لدينا تجربة محلية.
وأكد أن معظم البنية التحتية لنجاح تجربة الميناء الجاف فى مصر موجود بالفعل، منها شبكة الطرق التى تم تنفيذها مؤخرًا، بالإضافة إلى بدء إنشاء ممرات لوجستية جديدة تصل إلى 7 ممرات من خلال شبكة سكة حديد متطورة يمكن أن تساهم فى نقل البضائع من الموانئ إلى المناطق الصناعية وتجمعات السكان، على التطوير الذى تم بالموانئ البحرية مؤخرًا، وتنفيذ نظم جديدة بها وبالمنافذ الجمركية مثل نظام التسجيل المسبق ونظام النافذة البحرية الموحدة.
وطالب بضرورة التمهل فى طرح الموانئ دفعة واحدة، بحيث يتم طرح تلك المشروعات تباعًا وبعد وجود تجارب ناجحة حتى تكون سببًا فى جذب المستثمرين لهذا النشاط.
من جانبه، قال الدكتور محمد البنا، نائب رئيس ميناء القنطرة شرق الجاف أن وزارة النقل أعدت مخططًا شاملًا لإنشاء 25 ميناء جافًا ومنطقة لوجستية، مُقيمًا ذلك أنه يعزز كفاءة تشغيل حركة البضائع، وتقديم خدمات لوجستية متكاملة فى المناطق الصناعية.
وقال “البنا” إن إسناد تلك المشروعات إلى الخطوط الملاحية بنسب كبيرة يجعلها تحقق أرباحًا هائلة فى حين حصول الدولة على نسب ضئيلة من تلك الأرباح، علمًا بأن الشركات الوطنية يمكنها العمل بشكل جيد أسوة بشركة السويدي، مرجعًا ذلك إلى وجود أزمة ثقة – على حد قوله - فى القطاع المحلي.
وطالب “البنا” بضرورة الاعتماد على المستثمرين المصريين فى إسناد الموانئ بدلًا من طرحها للإدارة على الشركات الأجنبية التي تستفيد بالأرباح.
وتابع “البنا” أن السوق الملاحية تتطلب منح المستثمرين المصريين حوافز ومزايا وقوانين خاصة على الاستثمار فى مشروعات النقل الدولى والموانئ والمراكز اللوجستية.
لفت محمد كامل، الباحث فى شئون النقل الدولي، إلى ضرورة مراجعة التشريعات المنظمة للموانئ الجافة، خاصة فيما يتعلق بالإجراءات الجمركية، موضحًا أنه فى حالة طلب نقل البضائع من الميناء البحرى إلى الميناء الجاف يتم المطالبة بوجود ضمانات، حتى لا يتم تهريب الشحنة، وهو من أهم أسباب عدم فاعلية الموانئ الجافة حتى الآن.
وأضاف أن الوكلاء الملاحيين بالسوق المحلية يحددون الوجهة النهائية للبضائع بالميناء البحري، وهو يتسبب فى صعوبات تواجه نقل البضائع إلى الميناء الجاف، إذ يتطلب عند وصول البضائع إجراءات تكميلية لنقلها إلى الميناء الجاف، وهو ما يعتبر من الصعوبات التى تواجه المستوردين، لحاجة الجمارك الحصول على ضمانات كافية قد تصل إلى مثل ثمن البضاعة حتى يتم الموافقة على خروجها للميناء الجاف من نظيره البحري.
وأشار الباحث فى اقتصاديات النقل الدولي، إلى أنه حتى ينجح مفهوم الموانئ الجافة بالسوق المحلية، فلا بد من دراسات دقيقة لاختيار الموقع الخاص بها، لتكون قريبة من التجمعات السكنية، ومراكز التصنيع، والمنافذ البحرية المختلفة، مشيرًا إلى أن سبب عدم نجاح مشروع مدينة الأثاث بمدينة دمياط هو الاختيار غير الجيد لموقع المدينة.
وأكد “كامل” ضرورة وجود ضوابط تسمح للموانئ الجافة تنفيذ النظم الجمركية الخاصة مثل السماح المؤقت والإفراج المسبق، بالإضافة إلى ضرورة توضيح المزايا التى يمكن أن يتم الحصول عليها بعد نقل البضائع إلى الموانئ الجافة والبرية.
وطالب بضرورة تبنى الجهات المعنية بعملية التجارة مثل المجلس الأعلى للموانئ والذى يضم كل تلك الجهات، لتسويق هذه المشروعات بين المصدرين والمستوردين بحيث تقدم كل جهة مزايا للبضائع التى يتم التعامل معها من خلال هذه المشروعات.
أكد محمد العرجاوي، نقيب مستخلصى الإسكندرية، ضرورة التسريع لخطوات إنشاء الموانئ الجافة والبرية، خاصة تلك المرتبطة بمستلزمات الإنتاج، لما لها من دور محورى فى خفض تكاليف التصنيع وزيادة تنافسية الصادرات المصرية من ناحية لأنها مراكز رئيسية لتجميع الفوارغ على سبيل المثال، وكذا لمساهمتها فى تخفيض الرسوم، مشيرًا إلى أن أسعار التخزين فى تلك الموانئ لن تكون بنفس المعدلات التى تتم بها فى الموانئ البحرية.
وشدد العرجاوى على أن المناخ الاستثمارى بات جاذبًا بقوة لإقامة مثل هذه المشروعات، لكن هناك ضرورة ملحة لتعديل بعض نصوص اللوائح التنفيذية لقانون الجمارك بما يسمح بمرونة أكبر فى الإجراءات، ويشجع المستثمرين على الانخراط فى هذا النوع من الأنشطة الحيوية.
وطالب العرجاوى بإنشاء لجنة مشتركة تضم ممثلين عن المجتمع التجارى ووزارتى الاستثمار والمالية، بهدف دراسة التحديات التى تواجه تنفيذ هذه المشروعات واقتراح حلول تشريعية وإجرائية مناسبة، تضمن سرعة التنفيذ وتحقيق أعلى استفادة ممكنة.
دعت وزارة النقل، ممثلة فى الهيئة العامة للموانئ البرية والجافة، خلال أبريل الماضى المستثمرين ورجال الأعمال والمصدرين والمنتجين للاستثمار فى مجال الموانئ الجافة والمناطق اللوجستية، محددة أن المشروعات المطروحة حاليًا، تضم ميناء السادات الجاف، وثانٍ في برج العرب، وثالث فى سوهاچ، ورابع فى قنا.
وتقوم فكرة الميناء الجاف على توفير مساحات بديلة بالقرب من الموانئ البحرية ما يسهم فى سرعة التفريغ والتحرك دون انتظار أو تحمل تكاليف غرامات إضافية، والقضاء على زمن الانتظار، ما ينعكس على انخفاض أسعار السلع النهائية.
البنا: اشتراط وجود «خط» فى التحالف المنفذ عائق كبير أمام الكيانات المحلية
مستشار وزير النقل الأسبق: يجب أن يكون الطرح للمواقع ذات الأولوية والعائد الاقتصادى المرتفع وليس دفعة واحدة
