تستهدف وزارة النقل، التوسع فى خطوط المرور مع الدول المجاورة، فى محاولة منها لزيادة الصادرات فى الفترة المقبلة، إضافة إلى تقليل زمن وتكلفة وشحن البضائع، خاصة نحو شمال إفريقيا والخليج العربي.
أشار عدد من الخبراء وعاملين فى السوق الملاحية، فى حديثهم لـ”المال”، إلى أنه رغم وجود حزمة معوقات أمام استمرار خدمات خطوط الرورو فإن هذه التحديات يمكن تخطيها فى بعض الحالات، خاصة مع وجود بنية تحتية ملائمة، ودعم حكومى وطلب سوقى متزايد، لتحقيق قيمة مضافة إقليمية تخدم مصالح الطرفين.
تخطط وزارة النقل لتسيير 4 خطوط بحرية من موانئها بمصر إلى دول الاتحاد الأوروبى وإفريقيا، والسعودية؛ بهدف زيادة التبادل التجارى بين السوقين المحلية ونظيرتها الخارجية، على غرار رحلات الرورو التى تم تنفيذها من دمياط إلى إيطاليا، وخط فيسكو الرابط بين ميناء الدخيلة وروسيا.
خطوط “الرورو” عبارة عن رحلات ملاحية مباشرة ومنتظمة تُستخدم لنقل الشاحنات والمقطورات المحملة بالبضائع عبر سفن مخصصة، دون الحاجة إلى تفريغ الحمولة وإعادة تحميلها، ما يساهم فى تقليص زمن وتكلفة الشحن، ويخفف من الاعتماد على الطرق البرية الطويلة أو النقل عبر أطراف وسيطة.
وتستخدم هذه الخطوط عادة لنقل الحاصلات الزراعية سريعة التلف، إلى جانب المركبات والآلات الثقيلة، كما تمثل فرصة لتسريع التبادل التجارى بين الأسواق.
وأشار مصدر بشركة الخليج مصر ، إلى أن خط سفاجا -نيوم (المملكة العربية السعودية) يوفر إمكانية Ro-Ro بين ميناء سفاجا وميناء نيوم “ضبا “ السعودي، مما يدعم تصدير البضائع وضخ شحنات صناعية وزراعية إلى السوق السعودية.
ولفت إلى أن موانئ سفاجا والسخنة ونويبع تعمل فى نشاط الرورو ونقل الصادرات المصرية الزراعية بشكل جيد، مشيرًا إلى أن تلك الموانئ تشهد طفرة فى عوائد وحجم التصدير للأسواق الخليجية والسعودية والأردن لأنها بعيدة عن التداعيات الجيوسياسية بالبحر الأحمر.
وقال المصدر إن شركة الاتحاد أدخلت عَبَّارة جديدة للعمل على خط سفاجا ضبا وسفاجا نيوم لدعم تصدير البضائع، وضخ شحنات صناعية وزراعية إلى السوق السعودية.
وأشار إلى أن تعظيم الصادرات المصرية على خطوط الرورو والعبارات العاملة على ميناء سفاجا ضبا، يلزمه توسعة حجم المساحات المخصصة لاستقبال سفن الرورو بميناء سفاجا الذى تديره حاليًا موانئ أبو ظبي، وذلك تحسبًا لزيادة جديده متوقعة فى الصادرات الزراعية لدول الخليج والسعودية.
من جانبه، قال القبطان أيمن شلبي، رئيس مجلس إدارة شركة ميد بالك لحلول الشحن، إن الخط الملاحى بين مصر والسعودية عبر البحر الأحمر يشهد حاليًا نشاطًا مستمرًا، خاصة فى نقل الركاب والبضائع من خلال العبارات التقليدية وبعض خدمات الشاحنات عبر سفن الدحرجة، إلا أن الطاقة التشغيلية الحالية لا تزال دون الإمكانيات المتاحة، ولا تواكب حجم الطلب المتزايد من شركات النقل البرى والتجار والمستوردين.
ولفت إلى أن عددًا من الشركات الخاصة بالفعل تعمل على هذا الخط، وتحقق أرباحًا جيدة، ما يعكس الفرص الاستثمارية الواعدة فى هذا المجال، خاصة فى ظل مبادرة الحكومة المصرية لإضافة خدمة سفن الرورو على هذا الخط الملاحى بهدف تعزيز الصادرات المصرية إلى دول الخليج، عبر تسهيل نقل المنتجات الزراعية والغذائية والسلع الاستهلاكية بشكل أسرع وأكثر أمانًا.
وأوضح أن توفير خط رور من مصر إلى السعودية والعكس، سيعمل على تخفيف الضغط على الطرق البرية، وتقليل الحوادث والتكاليف المرتفعة للنقل البرى وتحسين تجربة نقل الركاب والشاحنات، خاصة في فترة المواسم.
وعن الجدوى الاقتصادية والفنية لتشغيل سفن الرورو أكد “شلبي” نمو الطلب على خدمات النقل بين مصر والسعودية، خاصة فى ظل تنامى التجارة البينية ومشروعات الإعمار فى السعودية، وتوفر البنية التحتية المناسبة فى موانئ مثل سفاجا ونويبع، والتى يمكن تطويرها بتكلفة محدودة لتلائم متطلبات سفن الرورو الحديثة، بجانب توفير فرص تحقيق عوائد مجزية سواء للمشغلين الحكوميين أو الشركات الخاصة التى يتم منحها امتيازات تشغيل أو شراكات مع الدولة.
وأضاف أن هناك توافر فى سفن الرورو فى السوق العالمية يمكن استئجارها أو شراؤها بأسعار مناسبة، مع إمكانية تصنيع بعضها محليًا على المدى المتوسط، وتوفير العملة الصعبة من خلال تقليل الاعتماد على الطرق البرية عبر الأردن أو سوريا، وما يتبعها من رسوم وتكاليف إضافية.
وطالب رئيس مجلس إدارة شركة ميد بالك بسرعة تنفيذ خطة تشغيل منتظمة سفن الرورو، بدعم حكومى فنى وتشريعي، وتشجيع القطاع الخاص على الدخول فى شراكات وتقديم حوافز جمركية وتسهيلات فى الموانئ لجذب الشاحنين والمصدرين، بجانب تعزيز التعاون الفنى مع السعودية لتنسيق الخدمات والمواعيد، والتوسع لاحقًا فى الربط مع موانئ اليمن والسودان لتوسيع نطاق الخط الملاحى.
وكذلك تعزيز التعاون بين الموانئ المصرية والسعودية بما يخدم التكامل الإقليمي، وتُعزز التنافسية الاقتصادية، وتفتح آفاقًا جديدة للاستثمار فى قطاع النقل البحرى والخدمات اللوجستية.
وقال محمد فودة، رئيس الشركة الدولية للخدمات اللوجستية، إن نجاح خطوط الرورو فى إنعاش الصادرات المصرية مرهونه يرتبط بقصر المسافة وزمن الرحلة؛ لأنها خطوط سريعة ومباشره مثلا خط الرورو بين دمياط وتريستا الإيطالى خط سريع ينقل الخضراوات والفواكه.
وأوضح أن المسافة والتوقيت عاملان مهمان لنجاح رحلات الرورو، ويمكن التوسع فى إنشاء خطوط جديدة بين الموانئ المصرية والخليجية، إذ إن أطول مسافة تقطعها رحلات سفن الرورو لا تزيد عن أربعة أيام حتى تكون اقتصادية فى تشغيلها.
وأضاف أن مصر تغطى موانئ البحر الأسود والبحر الأدرياتيكى والبحر الأحمر أما موانئ شمال إفريقيا فليست مستهدفة لعدم وجود حجم بضائع بينها وبين مصر، مثل تونس والمغرب التى تنافس مصر فى موسم العنب لأنهم مصدرون له ويملكون خطوط رورو مباشرة منها على جنوب أوروبا مثل فرنسا أو تريستا بإيطاليا.
وأشار إلى أن أبرز المشكلات التى تواجه خط الرورو الجديد بين دمياط تريستا هو موسمية البضائع المنقولة بين البلدين حتى إن شهرى أغسطس وسبتمبر سيعانى خلالها الخط من عدم وجود طلب.
أما الخطوط التى تعمل من موانئ البحر الأحمر فلا تستهدف نقل البضائع المبردة فقط، وتخطط وزارة النقل لتسيير خطوط رورو على الخط، لافتًا إلى أن هناك عدة خطوط حكومية حققت معدلات تشغيل مرتفعة، وتجد حجم طلب مرتفع، مما يحفز الاستثمار فى النشاط مثل الشركة المصرية للشحن البحرى – مارترانس (MARTRANS) تابعة للدولة، وتعمل كنقل بحرى مباشر الحبوب والسلع مع شبكة فروع تشمل جميع الموانئ المصرية الكبرى.
وأيضًا شركة الجسر العربى للملاحة مشاركة مصرية أردنية عراقية، تدير خطوط Ro-Ro وشحن السيارات والبضائع بين مصر (نويبع، السلوم) والأردن (العقبة)، إضافة إلى خدمات الشحن التجاري، كما تقوم بعض الشركات الخاصة بتوفير خط مخصص للبضائع الثلاجة إلى أسواق اليمن عبر ميناء عدن.
فى الوقت ذاته، قال القبطان عمرو فهيم، مدير عام شركة لات للتجارة والملاحة ووكيل خط التركى بمصر، أن موانئ بورسعيد والأدبية ودمياط كانت محطات سفن الرورو القادمة من تركيا محملة بشاحنات البضائع، وهى الموانئ التى اختارتها اتفاقية مصر وتركيا لتسيير خطوط رورو منتظمة عام 2011 كنقطة لسفنها الحاملة لشاحنات البضائع الصادرة والواردة والتى تسببت صغر حجم هذه الموانئ وقتها فى حدوث مشكلات مثل تكدس البضائع والشاحنات فى حالة زيادة حجم البضائع الواردة، مقارنة مثلًا بميناء مثل سفاجا الذى يستوعب أى زيادة فى حجم البضائع الواردة والقادمة من دول الخليج إلى ليبيا عبورًا بمصر بسبب مساحته الكبيرة، ويتحمل بقاء الشاحنات به لمدة طويلة.
وطالب محمد خيال، نائب رئيس غرفة ملاحة السويس، بعودة خط الرورو الملاحى بين مصر وتركيا الذى يعتبر فرصه جيدة لتعظيم حجم الصادرات المصرية، خاصة البضائع المبردة لتركيا ودول الخليج، لافتًا إلى أن العقبات التى واجهت انتظام خط الرورو الملاحى بين البلدين تعلقت بمشكلات مالية بين الخط الناقل “سيا لاينز” والوكيل الملاحى فى مصر بسبب تأخر المستحقات المالية.
وقال إن البضائع التى يتم تداولها ونقلها من تركيا إلى دول الخليج باستخدام النقل متعدد الوسائط برى وبحرى تسمى تجارة “ الأوت دور” من الباب للباب، وتفتح بالتالى فرصًا لكل الشركات الملاحية المصرية وشركات النقل البرى والشاحنين والسائقين بجانب ماتحصله الجمارك من رسوم، وكذلك الموانئ نظير التراكى والتداول واستخدام رصيف الميناء.
وأكد وسام ريحان، المدير المالى بشركة تريد مار للملاحة، أن إنشاء خطوط ملاحية جديدة لشحن الصادرات المصرية تحتاج إلى حد أدنى من الطلب لتكون مربحة، وهو ما لا يكون مضمونًا فى البداية، بالإضافة أن هناك بعض المعايير البيئية الأوروبية التى تفرض على السفن تقنيات معينة مثل استخدام الوقود النظيف، مما يرفع تكاليف تشغيل الرحلة، بالإضافة إلى عدم توافر عدد كافٍ من سفن الرورو الحديثة.
وأضاف ريحان أنه قبل أن تعول وزارة النقل على خطوط الرورو لزيادة الصادرات المصرية وعوائدها الدولارية لا بد أن تقضى على الروتين الجمركى والبيروقراطي، وتأخير الإفراج الجمركى عن البضائع، مما يؤثر على جاذبية الخطوط الجديدة، وكذلك تحديد إطار قانونى واضح للتعاون والتشغيل المتبادل لتلك الخطوط.
رئيس مجلس إدارة «ميد بالك»: توفير وسيلة نقل سريعة مع دول الخليج بمثابة فرصة استثمارية جديد للسوق الملاحية
المدير المالى بشركة «تريد مار»: ضرورة القضاء على الروتين الجمركى لضمان نجاح هذه المشروعات
