بدأت إدارة الكشف الإشعاعى بالموانئ والمطارات بهيئة الطاقة الذرية، تطبيق قرار زيادة رسوم خدمات الكشف الإشعاعي، وذلك على كل الواردات سواء الحاويات أو البضائع الصب الجاف، بداية من يوليو الجاري.
استطلعت “المال” رأى السوق الملاحية والتجارية، حول القرار وتأثيره على أسعار السلع الواردة من الخارج خلال الفترة المقبلة، وأجمع المجتمع الملاحى على أن تحصيل رسوم الفحص والكشف الإشعاعى بالموانئ المصرية تم بشكل مفاجئ دون مراجعة للظروف الحالية، فضلًا عن أن الزيادة غير مبررة، وتتطلب التنسيق مع وزارة النقل المعنية بالموانئ، خاصة أنها ستؤثر سلبًا على أعداد الحاويات وارتفاع سعر السلعة في نهاية المطاف.
وصف حسام الديب، مدير شركة ستار شاين للشحن، أن تلك الرسوم غير مدروسة – على حد وصفه -، مشيرًا إلى أن تنفيذها كان يتطلب أن تكون تدريجية، ومن الطبيعى يتم زيادة أسعار الخدمات بسبب ما يجرى فى السوق الملاحية من تقلبات شريطة أن تكون بنسبة معقولة، ولكن ما تم إقراره هو عشرات الأضعاف.
وأوضح أن تحصيل رسوم على السلع المعبأة فى حاويات، من 1 – 5 حاويات بمبلغ 10 آلاف جنيه لا يعد منطقيًا، وهو مبالغ فيه، خاصة أن تلك الزيادات قد تكون مقبولة عالميًا، إلا أنها تعد مبالغًا فيها عند تطبيقها بالسوق المصرية، لاسيما أنها تمت بشكل مفاجئ دون تمهيد، وعدم إقرار رسوم من الهيئة لعدة سنوات من قبل هيئة الطاقة الذرية.
ولفت “الديب” إلى أن ارتفاع العرض الإشعاعى على السلع الواردة سيتم تحميلها على العميل، وزيادة سعر المنتج النهائي، بينما تأثيرها على السلع الصادر ستنحصر فى عدم قدرتها على المنافسة فى السوق الخارجية نتيجة زيادة التكاليف.
وأفاد “الديب” أن الرسوم غير مشجعة لأصحاب البضائع على زيادة حجم أعمالهم، ضاربًا مثالًا بعميل يصدر 50 حاوية وبعد ارتفاع تلك الأسعار سيقوم بتقليل عدد الحاويات فى المرات المقبلة بسبب تلك الرسوم التى رفعت من أعباء الشحنة.
وقال “الديب” إن الرسوم المبالغ فيها كان يتطلب قبل إقراره الرجوع إلى وزارة النقل الجهة المختصة فى عمل الموانئ، مشيرًا إلى أن الدولة تسعى إلى خفض زمن الإفراج الجمركي، وتقليل التكلفة، بينما تقوم جهات أخرى من المفترض أنها معاونة للدولة تقوم بزيادة التكاليف من جهة أخرى.
وأشار “الديب” أن ما أقرته مصلحة الإشعاع لم يكن ارتفاعًا طفيفًا، وسيكون ذا تأثير سلبى على أصحاب الحاويات القليلة، مطالبًا بضرورة التنسيق بين الجهات العاملة فى الموانئ، خاصة أن هناك رسومًا أخرى يتم سدادها من الحجر الصحى والزراعي، ورسوم الكشف بالأشعة (X-RAY)، ورسوم هيئات موانئ تصاريح وموافقات لعدة جهات وجمارك ما تزيد من التكاليف فى نهاية الأمر.
من جانبه، أشار أحمد شوقي، رئيس لجنة الشحن والتفريغ، بغرفة ملاحة الإسكندرية، إلى أن الرسوم كانت مفاجئة، إلا أنها مقبولة إلى حد ما، خاصة فى نشاط الحبوب، إلا أنها كان يتم تطبيقها فقط على الواردات من الدول التى بها نسبة إشعاع ذري، وليست كل مناشئ البضائع عالميًا.
وأوضح أن تطبيق الرسوم على كل الواردات أثار تساؤلات لدى السوق الملاحية والتجارية، خاصة أن المتأثر الأساسى بهذه الرسوم صاحب البضاعة “المستورد” ومن ثم المستهلك النهائى للسلعة.
وأشار ممثل لأحد الخطوط الملاحية العالمية، أنه من المفترض عدم فرض أى رسوم جديدة إلا إذا كان هناك خدمة سيتم تقديمها، مطالبًا بضرورة إعادة النظر فى تلك الرسوم والتعريفات التى أقرتها هيئة الطاقة الذرية بداية من يوليو الجاري.
وأضاف أن هيئة الطاقة الذرية معنية بالكشف ومعاينة البضائع الواردة من مناطق بها إشعاع نووي، أو تسريبات نووية، ومن هذه الدول الواردات من روسيا وأوكرانيا، فلماذا يتم الكشف وتحصيل رسوم عن البضائع الواردة من البرازيل أو الأرجنتين أو أستراليا.
وقال مدير قسم اللوجستيات بإحدى شركات الشحن بالسخنة، إن إجمالى التكاليف اللوجستية بعد تلك الرسوم سيزيد من الأعباء على كاهل المستورد، والذى بدوره سيقوم بتحقيق أرباح من خلال تحميل تلك الزيادات على المنتج، وبالتالى يزيد من سعره بالسوق المحلية.
وأضاف أن تلك الرسوم المفاجئة تشكل أعباء استثمارية على السوق، وسيتم تحصيلها فى نهاية الأمر من المستهلك.
واتفق مع مدير أحد مصانع الرخام بشق الثعبان، موضحًا أن الفحص والكشف الإشعاعى فرض رسوم غير مبررة، وسيتم تحميلها على المنتج والعميل لكونها مبالغًا فيها وأسبابها غير مقنعة.
ونص قرار الهيئة، على تحصيل رسوم على جميع السلع الواردة بالموانئ أو المناطق الحرة أو بمراكب الصب بجميع أنواعها، 3000 جنيه للسفن حتى 5000 طن، و10 آلاف جنيه من بعد 5 طن وحتى 5 آلاف طن، و20 ألف جنيه حتى من 5001 10 آلاف طن، وبالنسبة للسفن من بعد 10 آلاف طن يتم سداد 2000 جنيه عن كل 5000 طن.
كما يتم تحصيل رسوم على السلع والبضائع المعبأة فى حاويات، من 1 5 حاويات يتم سداد مبلغ 10 آلاف جنيه، ومن 6 10 حاويات يتم تحصيل 20 ألف جنيه، ومن بعد 10 حاويات يتم سداد مبلغ 2000 جنيه عن كل حاوية زيادة.
وبالنسبة للحيوانات الحية، يتم سداد 30 جنيها عن كل رأس بقر بأنواعها، و20 جنيه عن كل رأس أغنام وماعز بأنواعها.
وبالنسبة لفحص العينة العشوائية فتصل رسومها إلى 5 آلاف جنيه، كما نص المنشور على أن جميع البضائع المحملة على سيارات نقل تعامل معاملة الحاويات.
كما نص المنشور على أنه سيتم زيادة تلك الرسوم سنويا بنسبة %15 من كل عام مالى بداية من يوليو من كل عام.
وكان قد أشار الدكتور محمد عبدالمحسن، رئيس الكشف الإشعاعى بهيئة الطاقة الذرية، فى أعقاب صدور القرار، أن تطبيق إجراءات الكشف الإشعاعى على الشحنات الواردة إلى مصر بدأ عقب كارثة تشرنوبل عام 1986، إذ كانت تتم عمليات الفحص على مختلف الأصناف ومن جميع دول المنشأ كإجراء احترازي، واستمر هذا النظام حتى عام 2002، حين أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قائمة بالدول التى ثبت تلوثها إشعاعيًا، خاصة بمادة السيزيوم-137، والتى يُقدَّر عمرها النصفى بـ30 عامًا، حيث أشارت التقارير إلى أن الأثر الإشعاعى لها قد يمتد بين 190 إلى 240 عامًا.
وأضاف أنه بالفعل تم اكتشاف سلع ملوثة إشعاعيًا ضمن الشحنات الواردة إلى مصر، وكانت تتجاوز الحدود المسموح بها من التلوث الإشعاعي، وفقًا للمعايير الدولية، وفى تلك الحالات يتم اتخاذ قرار برفض الشحنة وإعادة تصديرها إلى بلد المنشأ، ولا يتم إعدامها داخل مصر حرصًا على عدم دفن نفايات إشعاعية فى الأراضى المصرية.
وأضاف مسئول الطاقة الذرية، أن قرار رفض الشحنة يأتى على عدة عوامل منها، بلد المنشأ، وميناء الشحن، وطبيعة الصنف، وذلك بناءً على نتائج الفحص وتقييم درجة الخطورة، وذلك بعد تطبيق المعايير الفنية التى وضعتها الجهات الرقابية المصرية، بما يتوافق مع إرشادات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان أعلى مستويات الأمان الإشعاعي.
وحول إعادة تسعير خدمات الهيئة أشار إلى أنه تم تعديل الأسعار بعد آخر تحديث فى أبريل 2021، بسبب الارتفاع الكبير فى تكلفة أجهزة الفحص، مشيرًا إلى أنه على سبيل المثال، كان سعر جهاز الفحص المحمول حينها 150 ألف جنيه، والذى تجاوز اليوم 2 مليون جنيه، كما أن الأجهزة الثابتة ارتفعت تكلفتها لتصل إلى 12 مليون جنيه.
وأوضح مسئول الطاقة الذرية أن الهيئة تتحمل نفقات تشغيلية كبيرة تشمل انتقال ومعيشة لجان الفحص المنتشرة فى مختلف الموانئ والمناطق الحرة، لذا، فإن التحديث كان ضروريًا لضمان استمرار جودة الخدمة ومواكبة التطورات العالمية، مع الحفاظ على متطلبات الأمن القومي.
وأوضح أنه قد تم مراعاة الزيادة الأخيرة بدقة حتى لا تؤثر على السعر النهائى للسلعة، موضحًا أنه مثلًا شحنة القمح بوزن 20 ألف طن تُكلِّف فقط 20 ألف جنيه رسوم فحص، أى ما يعادل 10 مليم لكل كيلو جرام.
وبالنسبة للحاويات، سواء كانت مواد غذائية أو بضائع عامة، فإن تأثير رسوم الفحص على السعر النهائى لا يتعدى بضعة قروش، وهى تكلفة لا تُذكر مقارنة بالخدمة المقدَّمة.
الديب: قرار غير مدروس وأكثر المتضررين أصحاب الحاويات القليلة
شوقي: يجب أن تنحصر على الدول التى بها إشعاع نووى وليس لكل مناشئ البضائع
