خبراء: تجربة فاليو للطرح في البورصة تفتح المجال أمام الشركات القابضة لتكرار الأمر

أثارت الطريقة التى اتبعتها المجموعة المالية «هيرميس القابضة» فى طرح تابعتها يو للتمويل والتى تعرف بـ»فاليو» عبر آلية التوزيع العينى للأرباح تفاعلًا واسعًا فى الأوساط المالية

ياسر عمارة
Ad

فى سابقة استثنائية تشهدها السوق المصرية، أثارت الطريقة التى اتبعتها المجموعة المالية «هيرميس القابضة» فى طرح تابعتها يو للتمويل والتى تعرف بـ»فاليو» عبر آلية التوزيع العينى للأرباح، تفاعلًا واسعًا فى الأوساط المالية والاستثمارية، بعدما كسرت القاعدة التقليدية للطروحات العامة، وقدّمت نموذجًا متكاملًا يجمع بين تحقيق القيمة للمساهمين، وإعادة هيكلة استثمارات الشركة القابضة بشكل استراتيجي.

عدد من كبار الخبراء والمحللين الماليين اعتبروا الخطوة نموذجًا ذكيًا وغير مسبوق فى السوق، مشيرين إلى أنها جمعت بين الرشادة الاستثمارية والمرونة المالية، ومهّدت الطريق أمام شركات أخرى لتبنى ذات الآلية، خاصةً فى ظل تحديات السيولة أو الحاجة لإبراز القيمة السوقية لاستثماراتها التابعة.

يذكر أنه تم قيد وتداول أسهم شركة «ڤاليو» فى البورصة المصرية عبر آلية توزيع عينى مبتكرة، قامت من خلالها مجموعة إى إف چى القابضة بتخصيص نسبة %20.488 من رأسمال «ڤاليو» لصالح مساهميها، وذلك بناءً على تاريخ استحقاق فى 12 يونيو 2025، وأتاحت هذه الخطوة للمساهمين فرصة المشاركة المباشرة فى دعم واحدة من أسرع منصات تكنولوجيا الخدمات المالية نموًا فى السوق المصرية.

وبالتزامن مع بدء التداول، أعلنت شركة «أمازون» عن استحواذها على حصة مباشرة تبلغ %3.95 من أسهم «ڤاليو»، بسعر 416 جنيهًا مصريًا للسهم، وقد حقق السهم أداءً إيجابيًا ملحوظًا عند الإدراج، مغلقًا عند مستوى 7.4 جنيه للسهم، ووصل سعره الآن  8.30 جنيهات.

وفى أعقاب تنفيذ الصفقة، تواصل شركة «إى إف چى فاينانس القابضة» – التابعة لمجموعة إى إف چى القابضةالاحتفاظ بالحصة الأكبر فى «ڤاليو»، بنسبة تبلغ %67 من رأس المال بعد تنفيذ عملية التوزيع وبيع الأسهم لأمازون.

قال ياسر عمارة، رئيس مجلس الإدارة شركة «إيجل»، تعليقًا على الطريقة التى تم بها طرح شركة «فاليو»، إن ما حدث يُعد أحد الأدوات التى تلجأ إليها الشركات فى حال عدم توفر سيولة كافية لتوزيع أرباح نقدية، أو عند عدم الرغبة فى الاستمرار فى استثمار معين ضمن الشركات التابعة أو الشقيقة، مضيفًا أن الشركة الأم، «هيرميس القابضة»، لجأت إلى خيار التوزيع العينى كبديل عن التوزيع النقدى، وهو ما تم عرضه على الجمعية العمومية للموافقة عليه.

وأوضح أن «هيرميس» قامت بتوزيع جزء من أرباحها القابلة للتوزيع فى صورة أسهم من استثماراتها فى الشركات التابعة، وفى مقدمتها شركة «فاليو»، وذلك لمساهميها.

وأكد أن ما جرى يُعد خطوة استراتيجية ذكية، إذ تم تأهيل «فاليو» للطرح المباشر فى البورصة باعتبارها مستوفية لمتطلبات القيد من خلال عدد المساهمين والأداء المالى، وهو ما أتاح لها دخول السوق دون الحاجة إلى جمع سيولة جديدة من المستثمرين.

وأشار عمارة إلى أن هذه الخطوة منحت «هيرميس القابضة» ميزة مضاعفة، إذ أضافت سيولة وقيمة عادلة إضافية إلى تقييم السهم الأم، بما يدعم مركزه المالى فى السوق.

واستكمل أن الخطوة التى اتخذتها «هيرميس القابضة» بخصوص طرح شركة «فاليو» تُعد نموذجًا استثنائيًا وذكيًا فى استخدام التوزيع العينى للأرباح، خاصة فى ظل غياب السيولة الكافية للتوزيع النقدى أو رغبة الشركة فى إعادة ترتيب هيكل استثماراتها فى الشركات التابعة والشقيقة.

وأوضح عمارة أن الشركات كانت تُقيّد سابقًا استثماراتها فى الشركات التابعة بقيمتها الدفترية أو تكلفة الاستحواذ، دون أن تنعكس تلك الأصول فعليًا فى شكل توزيعات ملموسة للمساهمين، غير أن ما فعلته «هيرميس» عبر «فاليو» هو إعادة توظيف هذه الأصول بطريقة مبتكرة تخلق قيمة فعلية للمساهم.

وأضاف أن هناك سابقتين تاريخيتين لاستخدام آلية التوزيع العينى، وإن لم تصلا إلى نفس مستوى التكامل والكفاءة الذى تحقق فى نموذج «فاليو»؛ الحالة الأولى تعود إلى عام 2008، حين قامت شركة «إيديال للصناعات» بتوزيع قطعة أرض مملوكة لها على مساهميها، ليصبحوا هم الملاك الجدد لها، أما الحالة الثانية، فكانت فى عام 2019، من خلال تجربة شركة «إيجل»، والتى كانت لها علاقة بشركة مقيدة آنذاك وهى «الحديثة للمواد العازلةبيتومود».

وأشار عمارة إلى أن «بيتومود» قامت بتوزيع استثمار مدرج فى قوائمها المالية ضمن بند الشركات التابعة، وذلك بسبب الخسائر المتراكمة التى كان يحققها مصنع مملوك لها لإنتاج ألياف النسيج، وبسبب عبء هذا الاستثمار غير المجدى، تقرر توزيع جزء منه على المساهمين إلى جانب جزء نقدى، فى محاولة لتخفيف الأعباء وتحقيق نوع من العدالة.

واستدرك عمارة أن الفارق الجوهرى فى نموذج «فاليو» يكمن فى أن الاستثمار لم يُوزَّع فقط، بل تم استكمال قيده وطرحه فعليًا فى البورصة، ما أتاح للمساهمين فرصة حقيقية للاستفادة من قيمة عادلة يمكن تسييلها، على عكس التجارب السابقة التى اكتفت بالتوزيع فقط دون تفعيل استثمارى فى السوق.

وأكد أن هذا النموذج يصلح أن يُحتذى به من قِبل الشركات القابضة بوجه خاص، والتى تمتلك محافظ استثمارية ضخمة فى شركات تابعة يمكن تفعيلها بنفس الآلية.

وفى سياق متصل، أبدى عمارة ملاحظة مهمة تتعلق بطريقة التقييم المستخدمة فى التوزيع، مشيرًا إلى أن التوزيع تم بناءً على القيمة الدفترية للسهم (70 قرشًا)، فى حين كان من الممكنمن وجهة نظرهأن يتم التوزيع بناءً على التكلفة التاريخية (القيمة الاسمية الأصلية) وهى 10 قروش فقط.

واختتم عمارة قائلاً إن استخدام القيمة الاسمية فى التوزيع كان من شأنه أن يمنح المساهمين عددًا أكبر من الأسهم، ويجعل التوزيع أكثر اتساقًا مع منطق «استرداد أصل الاستثمار»، وإن كان النموذج فى مجمله ناجحًا ويستحق التقدير، خاصةً مع قدرة «هيرميس» على توظيفه بهذه الكفاءة.

وأكد أن آلية التوزيع العينى، كما طُبقت فى حالة «فاليو»، تُعد خطوة ناجحة ومتكاملة، وتستحق الإشادة.

وقال إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال للاستثمارات المالية، إن طرح شركة «ڤاليو» لم يكن  تقليديًا لجمع الأموال كما هو معتاد، بل جاء فى صورة خطوة استراتيجية مختلفة نفذتها الشركة الأم، المجموعة المالية هيرميس القابضة (EFG)، عبر ما يُعرف بتوزيع الأرباح العينية.

وأضاف رشاد أن هذه الخطوة تمثلت فى منح مساهمى «EFG القابضة» جزءًا من أسهم شركة «ڤاليو» بدلًا من توزيع أرباح نقدية، وهى حركة وصفها بالذكية للغاية، لأنها تحقق عدة أهداف فى آن واحد.

وأوضح أن أول هذه الأهداف هو إظهار القيمة الحقيقية لشركة «ڤاليو» بشكل منفصل عن القيمة الإجمالية للمجموعة القابضة، ما يتيح للسوق والمستثمرين تقييم «ڤاليو» ككيان مستقل سريع النمو فى قطاع التكنولوجيا المالية.

وأشار رشاد إلى أن هذه الخطوة تعتبر مكافأة مباشرة للمساهمين، إذ أصبحوا يمتلكون أسهمًا فى الشركة الأم بالإضافة إلى حصص فى «ڤاليو»، وهى واحدة من أسرع الشركات نموًا فى السوق المصرية، وهو ما يساهم فى تعظيم العائد على استثماراتهم.

وأكد أن هذه الخطوة تعكس مرونة استراتيجية كبيرة، إذ تمهّد الطريق أمام «ڤاليو» لدخول مراحل جديدة من التوسع، سواء من خلال جذب مستثمرين عالميين كما حدث مع «أمازون»، أو التمهيد لطروحات مستقبلية بشكل مختلف.

وحول إمكانية تكرار هذا النموذج، قال رشاد إن «توزيع الأرباح العينية» ليس أسلوبًا شائعًا مثل الطروحات العامة، لكنه وارد جدًا فى ظروف معينة، خصوصًا عندما تمتلك شركة قابضة كيانًا تابعًا يحقق نموًا استثنائيًا وتريد مكافأة مساهميها أو إبراز القيمة السوقية الحقيقية لتلك الشركة التابعة.

واختتم رشاد حديثه بالإشارة إلى أن هذه الخطوة تعكس نضجًا متزايدًا فى السوق المصرية، واستعداد الشركات الكبرى لاستخدام أدوات مالية متقدمة.

وأضاف أن الفترة المقبلة قد تشهد تحركات مماثلة من كيانات كبيرة فى قطاعات واعدة مثل التكنولوجيا، الرعاية الصحية، أو الصناعات الغذائية.

من جهته قال سيف عونى، العضو المنتدب لشركة «إيليت للاستشارات المالية»، إن نموذج توزيع شركة «فاليو» عبر آلية التوزيع العينى يُعد خطوة مبتكرة وغير مسبوقة فى السوق المصرية، ويكشف عن وعى استثمارى عالٍ لدى القائمين على الطرح.

وأوضح عونى أن هذا النموذج يمثّل أداة ذكية تتيح للشركات الاستفادة من استثماراتها فى الشركات التابعة أو الشقيقة، دون الحاجة إلى سيولة نقدية، مع تحقيق مكاسب حقيقية للمساهمين، سواء على المدى القصير أو الطويل.

وأضاف أن نجاح التجربة مرهون بعدة عوامل، أبرزها وجود إرادة من الجمعية العمومية للشركة القابضة، وجاذبية الاستثمار نفسه للطرح فى البورصة، من خلال الأداء التشغيلى والتقييم المالي.

وأكد أن هناك شركات كثيرة فى السوق المصرية يمكنها تبنى النموذج ذاته، منها شركات راية القابضة، وبعض البنوك التى تملك محافظ شركات تابعة، وحتى بعض الشركات العقارية التى تمتلك أصولًا استثمارية مدرجة فى قوائمها.

وتابع: «نموذج فاليو جاء متكاملًا، إذ لم يقتصر الأمر على توزيع الأصل الاستثمارى، بل تم تأهيله للطرح المباشر فى البورصة، ما أتاح تحديد قيمة عادلة حقيقية للمساهمين، وهذا هو الفارق الجوهرى عن التجارب السابقة».

وأكد عونى أن التوزيعات العينيةعند تنفيذها بشكل مدروستمثل إضافة مهمة لأى مساهم ومستثمر طويل الأجل، مشيرًا إلى أن مثل هذه النماذج تخلق فرصًا جديدة داخل السوق وتعزز من شفافية وفعالية الهيكل الاستثمارى داخل الشركات القابضة.

واختتم بقوله: «نأمل أن نرى شركات أخرى تسير على هذا النهج، فهو نموذج ناجح بكل المقاييس، وكان من الممكن أن يتم اعتماده فى السوق منذ سنوات، لكن لم تتوفر له الإرادة أو البيئة الملائمة. الآن، لدينا تجربة ناضجة تستحق التكرار».

قال محمد منصور، مدير قطاع التطوير بشركة ثمار لتداول الأوراق المالية، إن شركة فاليو، التابعة للمجموعة المالية هيرمس، تمثل مثالًا مبتكرًا على كيفية إطلاق القيمة الكامنة فى الشركات التابعة دون اللجوء إلى الطرح التقليدى بالبورصة.

وأضاف أن فاليو ظلت لفترة طويلة شركة تابعة مثبتة فى الدفاتر المالية وفقًا للمعايير المحاسبية، دون أن تنعكس قيمتها العادلة بشكل مباشر فى السوق، وهو ما دفع هيرمس إلى تبنى آلية جديدة لتوزيع حصص من الشركة على مساهميها من خلال طرح خاص قاصر على حملة الأسهم فقط.

وأوضح أن هذا التوزيع تم بشكل عينىكبديل عن التوزيع النقدىما أثّر على حقوق الملكية بقيمة هذا التوزيع، وأتاح فى الوقت نفسه ظهور القيمة السوقية لفاليو بوضوح أكبر.

وأشار منصور إلى أن هذه الخطوة فتحت الباب أمام عدد من الشركات القابضة الكبرى التى تمتلك حصصًا فى شركات أو علامات تجارية بارزة، مثل راية، وجى بى كوربوريشن، والقلعة، وبلتون، لاعتماد نفس الآلية كطريقة أسرع وأيسر للطرح، تسهم فى إعادة تقييم الاستثمارات وتحقيق أقصى استفادة من أصولها.

 
عونى: استراتيجية ناضجة لـ «العينى» تعزز الشفافية وتحفز إعادة التقييم

ياسر عمارة: نموذج للتمويل يبرز كأداة استراتيجية لإعادة هيكلة الاستثمارات وتوزيع الأرباح دون سيولة

رشاد: منح الأسهم مكافأة ذكية للمساهمين وتمهيد لدخول مستثمرين عالميين