بينها السائق المشتت وحالة الطرق.. 10 أسباب لحوادث السيارات

تُعتبر حوادث الطرق من القضايا الأكثر إلحاحًا التى تواجه المجتمعات عالميا، لما لها من تأثير مباشر على حياة ملايين الأفراد وسلامتهم الشخصية

حوادث الطرق
Ad

تُعتبر حوادث الطرق من القضايا الأكثر إلحاحًا التى تواجه المجتمعات عالميا، لما لها من تأثير مباشر على حياة ملايين الأفراد وسلامتهم الشخصية، فضلاً عن تسببها فى خسائر اقتصادية هائلة.

ورغم التقدم التكنولوجى والتطورات الكبيرة فى وسائل النقل، لا تزال الحوادث المرورية تُسجل أعدادًا مقلقة من الوفيات والإصابات التى يمكن تفاديها عبر ممارسات أفضل وتطبيق صارم للقوانين.

فى تقرير شامل أصدره موقع «ليفين فيرم» المتخصص فى الدراسات القانونية والمرورية، تم تسليط الضوء على مجموعة من العوامل التى تساهم بشكل رئيسى فى وقوع الحوادث المرورية فى الولايات المتحدة.

وقد جاء تشتت انتباه السائق كالعامل الأول بين هذه الأسباب، مع إشارة خاصة إلى انتشار استخدام الهواتف المحمولة أثناء القيادة، لانه يسحب تركيز السائق عن الطريق ويتسبب فى تأخر استجابته للمواقف الطارئة.

تتعدد أشكال التشتت، فقد يكون من خلال التحدث على الهاتف، أو إرسال واستقبال الرسائل النصية، أو استخدام التطبيقات المتعددة التى قد تتطلب النظر إلى الشاشة ورفع اليدين عن عجلة القيادة، إن هذا التداخل بين التكنولوجيا والقيادة يخلق بيئة خطرة لا يُمكن معها التعامل بسرعة مع الحوادث المحتملة.

تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن أكثر من 850 ألف سائق أمريكى يستخدمون هواتفهم أثناء القيادة فى أى وقت من النهار، مما يزيد من احتمال وقوع حوادث مميتة، وفى معظم الولايات الأمريكية، تم سن قوانين صارمة تحظر استخدام الهواتف المحمولة أثناء القيادة، بهدف تقليل هذه المخاطر، لكن الالتزام بهذه القوانين يختلف من منطقة إلى أخرى، كما أن وجود تطبيقات مثل «عدم الإزعاج أثناء القيادة» لم يكن كافيًا لمنع السائقين من الانشغال بالهاتف.

إلى جانب التشتت، فإن القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدرات تشكل عامل خطر بالغ، فمن المعروف أن الكحول يؤثر بشكل مباشر على القدرات العقلية والحركية للسائق، حيث تؤدى حتى تركيزات صغيرة فى الدم إلى ضعف التنسيق، وتأخر رد الفعل، وضعف القدرة على تقييم المواقف المرورية.

الدراسات تشير إلى أن السائقين الذين يقودون تحت تأثير الكحول هم أكثر عرضة للوقوع فى حوادث مميتة، وهو ما دفع العديد من الولايات إلى تشديد العقوبات وفرض إجراءات قانونية صارمة تشمل الحبس والغرامات وسحب رخص القيادة.

لكن المخدرات، سواء كانت قانونية كالأدوية الموصوفة أو غير قانونية مثل القنب، باتت تشكل خطرًا متزايدًا يفوق فى بعض الحالات تأثير الكحول. تعاطى المخدرات الأخرى قد يسبب اضطرابات فى الإدراك والوعى، مما يجعل السائقين غير قادرين على التعامل مع ظروف الطريق بشكل سليم.

وتشير بيانات حديثة إلى أن نسبة الحوادث المرتبطة بتعاطى المخدرات ازدادت بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية، مع تنامى انتشار العقاقير النفسية وتغير القوانين المتعلقة ببعضها.

حالة الطرق

من جهة أخرى، تُعد حالة الطرق نفسها من العوامل التى لا يمكن تجاهلها فى تحليل أسباب الحوادث، فالحفر، والعوائق غير المعلمة، والطرق غير المعبدة أو التى تشهد انهيارات على الأطراف تشكل خطرًا حقيقيًا على السائقين، خاصة فى المناطق الريفية أو النائية.

غالبًا ما تقع مسؤولية صيانة هذه الطرق على الجهات الحكومية والمحلية، التى قد تُعانى من نقص فى الميزانيات أو ضعف فى التخطيط، ومن المهم الإشارة إلى أن سوء حالة الطرق يؤدى إلى زيادة حوادث الانزلاق وفقدان السيطرة، ويكون تأثيره أكبر فى الليل أو أثناء الأحوال الجوية السيئة مثل الأمطار أو الثلوج.

ولا يقل السلوك البشرى الخطير عن هذه العوامل أهمية، فالقيادة المتهورة، وتجاوز السرعات المسموح بها، وعدم الالتزام بالإشارات المرورية كلها عوامل تزيد من احتمالية وقوع الحوادث، التجاوزات غير القانونية أو قطع الإشارات الحمراء قد تؤدى إلى تصادمات عنيفة، لا سيما فى المناطق الحضرية والمزدحمة، حيث تتقاطع حركة المركبات والمشاة بكثافة.

وتشير الدراسات إلى أن السرعة الزائدة هى أحد أبرز أسباب الوفيات والإصابات الخطيرة، حيث إن كل زيادة صغيرة فى السرعة تؤدى إلى تصاعد كبير فى خطر الحوادث، ولتوضيح ذلك، يمكن القول إنه عند وقوع تصادم بسرعة 65 كيلومترًا فى الساعة، تبلغ احتمالات الوفاة فى المركبة حوالى %85.

كما أن النعاس أثناء القيادة يُعد أحد المخاطر الخفية التى لا تقل فتكًا عن الكحول والمخدرات، فالسائق المتعب أو الذى يعانى من قلة النوم يكون عرضة لما يُعرف بالنوم المصغر، وهى لحظات قصيرة من النوم لا يدركها الشخص لكنه يفقد خلالها السيطرة على المركبة لفترة وجيزة، تشير الإحصائيات إلى أن النعاس مسؤول عن عشرات الآلاف من الحوادث سنويًا فى الولايات المتحدة، ما يجعل التوعية بأهمية النوم الجيد قبل القيادة أمراً بالغ الأهمية.

ويُضاف إلى ذلك انتشار مشكلات النوم لدى الكثيرين بسبب أنماط الحياة الحديثة، حيث يعانى حوالى ثلث الأمريكيين من نقص فى النوم الكافى بشكل منتظم.

ورغم أهمية تطوير الطرق كجزء من الحلول الهندسية لمواجهة الحوادث، إلا أن الدراسات أظهرت أن تحديث الطرق وتحسينها قد يؤدى مؤقتًا إلى زيادة الحوادث، وذلك بسبب تغير أنماط حركة المرور وارتباك السائقين مع التصميمات الجديدة.

مع ذلك، فإن الفوائد طويلة الأمد تشمل خفض معدلات الحوادث، خاصة مع توسيع المسارات وتحسين الرؤية وتركيب الإشارات التحذيرية، مما يرفع من مستوى السلامة بشكل عام.

فواتير ثقيلة

ويُضاف إلى ما سبق البُعد الاقتصادى للحوادث المرورية، والذى يثقل كاهل الاقتصادات الوطنية بشكل كبير.

فقد قدرت منظمة الصحة العالمية أن تكلفة الحوادث تصل إلى ما بين 3 و%5 من الناتج المحلى الإجمالى فى بعض البلدان، نتيجة للخسائر فى الإنتاجية، والنفقات الطبية، وتعويضات الأضرار، وخسائر الأرواح.

يتضح من الإحصائيات العالمية أن نحو 1.19 مليون شخص يموتون سنويًا نتيجة لحوادث الطرق، فى حين يصاب ما بين 20 إلى 50 مليونًا بجروح، منها حالات دائمة تؤدى إلى الإعاقة، وتتفاوت معدلات الوفيات بين القارات، حيث تسجل أفريقيا أعلى النسب، فيما تسجل أوروبا أدنى هذه النسب بفضل وجود أنظمة مرورية متطورة وتطبيق صارم للقوانين.

وجدير بالذكر أن الفئة العمرية من 5 إلى 29 عامًا تُعد الأكثر تضررًا، إذ تعتبر الحوادث السبب الأول للوفاة بينهم، مع تفوق كبير للذكور على الإناث بنسبة تصل إلى ثلاثة أضعاف.

فى محاولة للتقليل من مخاطر الحوادث، بدأت بعض الدول والولايات فى تطبيق سياسات فصل مسارات الشاحنات الثقيلة عن السيارات الخفيفة، خاصة على الطرق السريعة، بهدف تقليل التداخلات المفاجئة بين المركبات ذات الأحجام والسرعات المختلفة.

وتهدف هذه المبادرات إلى تعزيز انسيابية المرور وتحسين مستويات الأمان، خصوصًا فى المناطق التى تشهد كثافة شديدة فى حركة الشاحنات، غير أن تنفيذ هذه السياسات يتطلب استثمارات ضخمة فى البنية التحتية، وقد يستغرق سنوات عديدة قبل أن تثمر نتائج ملموسة.

الحلول بعيدة المدى

أما من حيث الحلول بعيدة المدى، فتشير بعض الدراسات إلى أن توسعة الطرق لا تعالج مشكلة الازدحام المرورى بشكل جذرى، بل قد تؤدى إلى تشجيع المزيد من الناس على استخدام السيارات الخاصة، وهو ما يزيد من الضغط على البنية التحتية ويعيد الأزمة إلى نقطة البداية.

لذلك، طرحت بعض الجهات خيار فرض رسوم مرور على الطرق السريعة، مما قد يحفز السائقين على استخدام وسائل النقل العام أو تعديل أوقات التنقل، وبالتالى تحقيق تدفق أفضل لحركة المرور.

كما يمكن أن تساهم حملات التوعية المتكاملة، والالتزام الصارم بالقوانين المرورية، فى الحد من الحوادث وتقليل الخسائر البشرية.