كيف يتجاوز المشترون الأمريكيون حظر الصين على تصدير المعادن الحيوية

Ad

رغم الحظر الصيني المفروض على تصدير بعض المعادن الحيوية إلى الولايات المتحدة، تُظهر بيانات الشحن والجمارك، أن كميات كبيرة وغير معتادة من معدن "الأنتيمون" تدفقت إلى السوق الأمريكية عبر تايلاند والمكسيك منذ نهاية عام 2023، في وقت تكافح فيه بكين لتطبيق قيودها وسط منافسة اقتصادية وتقنية متصاعدة مع واشنطن.

ويُستخدم الأنتيمون في صناعة البطاريات والرقائق الإلكترونية ومثبطات اللهب، وهو واحد من عدة معادن تتحكم الصين في إنتاجها العالمي، إلى جانب "الغاليوم" و"الجرمانيوم" اللذين يُستخدمان في الاتصالات وأشباه الموصلات والتقنيات العسكرية، وفقا لتقرير وكالة رويترز.

تُظهر بيانات الجمارك الأمريكية، أن الولايات المتحدة استوردت 3,834 طن متري من أكاسيد الأنتيمون من تايلاند والمكسيك بين ديسمبر 2024 وأبريل 2025، وهو ما يتجاوز تقريبًا إجمالي وارداتها من هذه الدول خلال السنوات الثلاث السابقة مجتمعة. وفي المقابل، قفزت تايلاند والمكسيك إلى قائمة أكبر ثلاث أسواق تصديرية للصين في هذا المجال خلال 2025، بينما لم تكونا ضمن العشرة الأوائل في عام 2023.

وتفيد تقارير استشارية بأن كلًا من تايلاند والمكسيك تمتلكان مصهرًا واحدًا فقط للأنتيمون، علمًا بأن المكسيك أعادت تشغيل مصهرها الوحيد في أبريل فقط، ولا تنتج أي من الدولتين كميات تُذكر من المعدن الخام.

من أبرز الفاعلين في هذا النشاط شركة "Thai Unipet Industries"، وهي شركة تابعة لمُنتج الأنتيمون الصيني "Youngsun Chemicals" وتعمل من تايلاند. فقد شحنت الشركة نحو 3,366 طنًا من منتجات الأنتيمون إلى الولايات المتحدة بين ديسمبر ومايو، بزيادة تعادل 27 ضعفًا مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، وفقًا لسجلات الشحن التي راجعتها "رويترز".

الجهة المستوردة كانت شركة "Youngsun & Essen" ومقرها ولاية تكساس الأمريكية، والتي كانت تعتمد سابقًا على واردات مباشرة من الشركة الأم في الصين قبل فرض الحظر. ولم ترد أي من الشركتين على استفسارات الصحافة، وسط غموض حول مصدر المواد الخام المشحونة.

تحدث "ليفي باركر"، الرئيس التنفيذي لشركة "Gallant Metals" الأمريكية، عن استمرار حصوله على نحو 200 كجم شهريًا من الغاليوم من الصين رغم الحظر، موضحًا أن العملية تتم عبر وسطاء صينيين يعيدون تغليف الشحنات تحت تسميات مثل الحديد أو الزنك أو حتى "لوازم فنية"، ويتم توجيهها عبر دول آسيوية ثالثة.

ويُضيف باركر أن هذه الأساليب مكلفة وغير مثالية، مؤكدًا أن عمليات الشحن الكبرى تُثير الشبهات، وأن شركات الخدمات اللوجستية الصينية تتعامل بحذر شديد بسبب مخاطر العقوبات.

وعلى الرغم من فرض الصين في مايو الماضي حملة موسعة ضد التهريب وإعادة التصدير غير القانوني للمعادن الحيوية، إلا أن المحاولات للالتفاف على هذه الإجراءات لا تزال قائمة، مدفوعة بأرباح كبيرة نتيجة ارتفاع الأسعار عالميًا بسبب نقص الإمدادات.

يُجرّم القانون الصيني هذه الأفعال حتى لو وقعت خارج حدود البلاد، ويمكن أن تصل العقوبات إلى السجن لأكثر من خمس سنوات في حال اعتُبرت جريمة تهريب، حسبما أكد جيمس شياو، شريك محلي لشركة "White & Case" القانونية في هونغ كونغ.

تُسلط هذه التطورات الضوء على الصراع الاستراتيجي بين الصين والولايات المتحدة على مصادر المعادن الحيوية الضرورية لصناعات الدفاع والتكنولوجيا والطاقة. كما تعكس التحديات التي تواجهها بكين في فرض نفوذها عبر أدوات السياسات التقييدية.

وفي خضم هذا الصراع، تبقى شهية السوق الأمريكية لهذه المواد قائمة رغم ارتفاع الأسعار وصعوبة الوصول، في وقت تكافح فيه بكين للسيطرة على مسارات التصدير ومنع تسرب المعادن عبر "البوابات الخلفية".