تقرير: الأسواق العالمية تستعد بحذر لتصعيد «ترامب» الجمركي.. التضخم وأسعار الفائدة أبرز المخاوف

Ad

مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لبدء تنفيذ تعريفاته الجمركية الجديدة، يتعامل المستثمرون العالميون مع هذه المهلة بشيء من التبلد واللامبالاة الظاهرية، مدفوعين باعتقاد واسع أن السيناريوهات الأسوأ أصبحت أقل احتمالًا وأن جزءًا كبيرًا من التوتر تم تحييده بالفعل في الأسواق.

ففي نهاية مهلة التسعين يومًا التي أعلن عنها ترامب ضمن ما أطلق عليه "يوم التحرير" في الثاني من أبريل، تستعد 12 دولة لتلقي الرسائل الرسمية التي تحدد مستوى الرسوم الجمركية الجديدة التي ستُفرض على صادراتها إلى الولايات المتحدة، بحسب إعلان ترامب يوم الجمعة الماضي. وتشير بعض التقديرات إلى أن هذه الرسوم قد تصل إلى 70% اعتبارًا من الأول من أغسطس، وهي مستويات تتجاوز بكثير النطاق السابق الذي تراوح بين 10% و50%، وفقا لما ورد في تقرير وكالة رويترز.

الأسواق العالمية تتهيأ للتعريفات الجمركية دون ذعر

ورغم أن حالة الترقب تسود المشهد الاقتصادي، فإن ردود فعل المستثمرين تبدو محسوبة. يقول "جيف بليزيك"، الرئيس المشارك للاستثمار في شركة "نيوبيرغر بيرمان" بنيويورك:

"الأسواق أصبحت أكثر اعتيادًا على أخبار الرسوم الجمركية. لم تعد تعيش حالة من الذعر مثل السابق، وتعتقد أن هناك مساحة كافية من التراجع والتأجيل في قرارات ترامب لتفادي سيناريوهات الصدمة."

هذا ما تؤكده أيضًا حركة الأسهم العالمية، التي سجلت ارتفاعًا بنسبة 11% منذ إعلان الرسوم في أبريل، بعد أن تراجعت بشكل حاد بنسبة 14% في الجلسات الثلاث التالية لذلك الإعلان، ثم عادت لتنتعش بنسبة 24% لاحقًا.

حتى الآن، أبرمت الإدارة الأمريكية اتفاقًا محدودًا مع بريطانيا، واتفاقًا مبدئيًا مع فيتنام، بينما فشلت في التوصل لاتفاقات مع الهند واليابان، كما شهدت المحادثات مع الاتحاد الأوروبي تعثرًا. ويُنظر إلى الرسائل الجمركية الموعودة كـ"توابع زلزال"، بحسب وصف أحد مديري المحافظ في سنغافورة، مشيرًا إلى أن السوق لن يتأثر بها بنفس قوة الإعلان الأول، حتى وإن كانت النسب مرتفعة.

التضخم وأسعار الفائدة
ومع ازدياد الحديث عن احتمال رفع التعريفات الجمركية، تعززت المخاوف من انعكاسات تضخمية على الاقتصاد الأميركي، خاصة في ظل السيولة الهائلة التي تغمر النظام المالي، والتي تجعل من الصعب على المستثمرين تقليص مراكزهم أو الانسحاب من السوق دون المجازفة بتفويت فرص النمو.

ويترافق ذلك مع نقاشات مكثفة داخل الكونغرس حول مشروع قانون الضرائب والإنفاق الجديد الذي وقّعه ترامب مؤخرًا، ويجعل من تخفيضات 2017 الضريبية دائمة. وبينما احتفلت أسواق الأسهم بهذا القانون، حذر مستثمرو السندات من أن الإجراءات قد تضيف أكثر من 3 تريليونات دولار إلى الدين العام الأميركي، الذي يبلغ حاليًا نحو 36.2 تريليون دولار.

اختتم مؤشرا S&P 500 وناسداك تداولات الجمعة عند مستويات قياسية جديدة، محققين ثالث أسبوع على التوالي من المكاسب. كما ارتفع مؤشر Stoxx 600 الأوروبي بنسبة 9% خلال ثلاثة أشهر.

لكن في المقابل، تلقى سوق السندات الأميركية ضربة بفعل مخاوف التضخم المحتمل، وأدى ذلك إلى تراجع في التوقعات بخفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي. بات المستثمرون الآن يتوقعون خفضين فقط بمقدار ربع نقطة مئوية لكل منهما حتى نهاية العام، بعدما كانوا يتوقعون تخفيضات أكثر طموحًا.

أما الدولار الأميركي، فقد فقد الكثير من بريقه كملاذ آمن، مع تراجعه بنسبة 11% في النصف الأول من 2025، وهو أسوأ أداء له منذ عام 1973، بينما هبط المؤشر الذي يقيس أداءه مقابل سلة من العملات بنسبة 6.6% منذ الثاني من أبريل فقط.

يرى "جون بانتيكيديس"، المدير الاستثماري في شركة "توين فوكس" في بوسطن، أن الأسواق تتجه حاليًا نحو تسعير مستويات رسوم موحدة عند 10%، مع احتمالات بعودة الرسوم السابقة التي كانت تتراوح بين 35% و40%. ويضيف أن العامل الأهم الذي يراقبه هو أسعار الفائدة، قائلًا:

"إذا استجابت سوق السندات بخوف لمشروع قانون الإنفاق، وارتفعت أسعار الفائدة، فإن هذا سيكون سيناريو مختلفًا تمامًا."

بينما يواصل ترامب الضغط بتصعيد التعريفات الجمركية ضمن استراتيجيته التجارية، تبقى الأسواق في حالة ترقب هادئ نسبيًا، مدفوعة بإحساس بأن التحولات الكبرى قد تم تجاوزها. لكن التوتر الكامن لا يزال حاضرًا، خاصة مع اقتراب موعد دخول التعريفات الجديدة حيز التنفيذ، واحتمالات تحولها من ملفات اقتصادية إلى أزمات تضخمية تهز توازن الفيدرالي الأميركي وتعيد رسم ملامح الأسواق العالمية.