«الناتو» يرفع سقف الإنفاق الدفاعي 5% من الناتج المحلي لمواجهة التهديدات

Ad

أعلن الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ورئيس وزراء هولندا السابق، أن دول الحلف اتفقت بإجماع تام على رفع سقف الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات العشر المقبلة، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى التصدي للتهديدات الأمنية المتصاعدة، وفي مقدمتها التهديد الروسي.

وقال المسؤول خلال مؤتمر صحفي عقده في مدينة لاهاي:

"هناك قناعة مطلقة لدى جميع زملائي على طاولة المفاوضات، بأنه لا يوجد بديل أمامنا في ظل التهديد الروسي والوضع الأمني العالمي."

مئات المليارات في الميزانية الدفاعية
يمثل الهدف الجديد قفزة مالية هائلة مقارنةً بالهدف الحالي البالغ 2% من الناتج المحلي، حيث من المتوقع أن ترتفع موازنات الدفاع بمئات المليارات من الدولارات سنويًا عبر دول الحلف. ومن اللافت أن آلية احتساب الإنفاق ستشهد تغييرات لتصبح أكثر شمولًا، وفقا لرويترز.

وبموجب الإطار الجديد، سيتم تخصيص 3.5% من الناتج المحلي للإنفاق على الدفاع الأساسي مثل القوات والأسلحة والمعدات، بينما ستُخصص 1.5% إضافية لإجراءات أمنية موسعة تشمل الأمن السيبراني، حماية شبكات الطاقة وخطوط الأنابيب، وتطوير البنية التحتية المدنية – كالجسور والطرق – لتكون صالحة لاستخدام الآليات العسكرية الثقيلة.

ورغم أن جميع أعضاء الناتو قد أيدوا البيان الختامي الذي يتضمن الهدف الجديد، إلا أن إسبانيا أبدت تحفظًا علنيًا، مشيرة إلى أن التزاماتها تجاه الحلف لا تتطلب هذا المستوى المرتفع من الإنفاق، وأنها قادرة على الوفاء بتعهداتها الدفاعية من خلال إنفاق أقل بكثير.

الخطوة تعكس تحوّلًا استراتيجيًا واضحًا في أولويات الحلف، مع تزايد الاعتماد على القدرات العسكرية الوطنية لدول أوروبا، في وقت يتراجع فيه الدور الأميركي التقليدي في تأمين القارة.

ومن المتوقع أن تثير هذه التوجهات نقاشات داخل الدول الأعضاء حول التكاليف الاقتصادية وجدوى الإنفاق المرتفع، خاصة في ظل أوضاع اقتصادية عالمية غير مستقرة وتحديات داخلية تواجهها بعض الحكومات الأوروبية.

لكن، وفي ظل التهديدات الجيوسياسية المتنامية، يبدو أن الحلف عازم على إرسال رسالة واضحة: الأمن الأوروبي لم يعد مجانيًا، والاستثمار العسكري أصبح ضرورة استراتيجية لا تحتمل التأجيل.

ترامب يؤكد التزامه بالدفاع المشترك

وقلل الرئيس الأميركي دونالد ترامب من المخاوف بشأن التزامه بمبدأ الدفاع المشترك بين أعضاء حلف شمال الأطلسي، كما ورد في المادة الخامسة من ميثاق الناتو، مؤكداً قبيل افتتاح قمة الحلف في لاهاي:

"نحن معهم حتى النهاية".

تصريح ترامب جاء في محاولة لتهدئة الجدل الذي أثارته تعليقاته السابقة خلال رحلته على متن طائرة الرئاسة إلى القمة، حيث أشار حينها إلى وجود "تعريفات متعددة" لبند الدفاع المشترك، ما أعاد إشعال المخاوف الأوروبية بشأن مدى التزام واشنطن بحماية حلفائها.

وبينما يستعد الحلف لإطلاق هدف إنفاق دفاعي جديد يتطلب من الدول الأعضاء تخصيص 5% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات العشر المقبلة، يرى مراقبون أن ذلك يمثل تحولاً جذرياً في فلسفة الأمن الجماعي، ويعني عملياً زيادة بمئات المليارات من الدولارات سنويًا مقارنة بالهدف الحالي البالغ 2% فقط.

وشهدت أجواء القمة بعض التوترات السياسية، فقد شارك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في العشاء التحضيري دون أن يُمنح مقعداً على طاولة الاجتماع الرئيسي، على أن يلتقي ترامب لاحقًا في اجتماع منفصل. هذا الترتيب فُسّر من بعض المراقبين على أنه رسالة ضمنية حول موقع أوكرانيا داخل أولويات الحلف.

من جهة أخرى، خرج رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان عن الإجماع الغربي، إذ صرّح بأن "الناتو ليس له شأن في أوكرانيا"، معتبراً أن روسيا "ليست قوية بما يكفي لتمثل تهديدًا فعليًا للحلف"، في تصريحات تعكس تصدعاً واضحاً في وحدة موقف أعضاء الحلف الـ32.

ترى دوائر اقتصادية أن رفع هدف الإنفاق العسكري بهذا الشكل يفتح الباب أمام تحولات كبيرة في أولويات الميزانيات الوطنية داخل دول الناتو، مما سيؤثر على الإنفاق الاجتماعي والاستثماري في عدة بلدان. كما يُتوقع أن يكون لهذا التوجه انعكاسات مباشرة على شركات الصناعات الدفاعية والطاقة والبنية التحتية، التي قد تستفيد من موجة العقود والطلبات الحكومية الجديدة.