وسط تصاعد التوترات الإقليمية، وجّه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انتقادات لاذعة لكل من إسرائيل وإيران، متّهماً الطرفين بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه قبل ساعات فقط. وجاء ذلك بعد أنباء عن تفجيرات في طهران وهجمات صاروخية متبادلة، ما يهدد بانهيار التهدئة الهشة بين الجانبين، وذلك وفق ما ورد في وكالة رويترز.
ترامب: "إسرائيل تجاوزت الحدود.. وعليها أن تهدأ"
وفي تصريحات صادمة أدلى بها ترامب قبل مغادرته إلى قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي، عبّر عن غضبه مما وصفه بالرد الإسرائيلي المفرط بعد الاتفاق.
وقال للصحفيين:
"لم يعجبني أن إسرائيل شنت هجومًا فور توقيع الاتفاق… لقد أسقطوا حمولة قنابل لم أر مثلها من قبل. كانت أكبر ضربة رأيتها على الإطلاق، وأنا غير سعيد بما فعلته إسرائيل."
وأضاف أن الرد الإيراني القوي لم يكن مبرراً أيضاً، مؤكدًا أن الطرفين "يقاتلان منذ زمن طويل لدرجة أنهما لا يعرفان ما الذي يفعلونه"، مستخدمًا تعبيرًا لفظيًا قوياً أثار الجدل في وسائل الإعلام.
طهران تنفي
في المقابل، قالت وكالة "تسنيم" الإيرانية شبه الرسمية، إن الحرس الثوري أطلق 14 صاروخاً على مواقع عسكرية إسرائيلية، لكنها أكدت أن هذه الضربة تمت قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. وأضاف البيان أن القوات المسلحة الإيرانية "ستواصل مراقبة تحركات العدو بأعين يقظة".
في الوقت ذاته، أفادت وسائل إعلام محلية مثل صحيفة "شرق" ومنصة "ميزان" التابعة للقضاء الإيراني بسماع دوي انفجارين في العاصمة طهران، بالإضافة إلى تقارير عن هجمات في مدينة بابلسر الساحلية شمال البلاد، ما أثار مخاوف من تجدد التصعيد.
نتنياهو يرد وترامب يضغط
وفقاً لتقارير إسرائيلية، أجرى ترامب اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عبّر فيه عن عدم رضاه عن الرد الإسرائيلي ودعاه إلى "التهدئة". فيما قال تقرير لموقع Axios إن نتنياهو أخبر ترامب بأنه لا يستطيع إلغاء الضربة الإسرائيلية، معتبراً أن الرد الإيراني كان خرقاً واضحاً للاتفاق.
وفي منشور على منصته للتواصل الاجتماعي، كتب ترامب:
"إسرائيل، لا تسقطوا المزيد من القنابل. لقد انتهك الطرفان الاتفاق، وأنا غير راضٍ عن أي منهما، وخاصة إسرائيل."
الأمم المتحدة تبدأ بإجلاء موظفيها من إيران
في تطور موازٍ، أعلنت الأمم المتحدة أنها بدأت بنقل بعض موظفيها الدوليين وأفراد عائلاتهم مؤقتاً من إيران لأسباب تتعلق بالسلامة. وقالت أليساندرا فيلوتشي، مديرة قسم الإعلام في الأمم المتحدة بجنيف، إن القرار لا يشمل الموظفين الأساسيين لبرامج المنظمة.
الكرملين يدافع عن موقفه
في موسكو، رد الكرملين على انتقادات تتهمه بالتقاعس في دعم إيران، وقال المتحدث باسمه دميتري بيسكوف إن روسيا اتخذت "موقفاً واضحاً" من خلال إدانة الهجمات الأميركية والإسرائيلية على إيران.
وكان الرئيس فلاديمير بوتين قد وصف الهجمات على المواقع النووية الإيرانية بأنها "غير مبررة"، مؤكداً على الشراكة الاستراتيجية الموقعة بين موسكو وطهران في يناير الماضي. ومع ذلك، قالت مصادر إيرانية لـ"رويترز" إن الدعم الروسي حتى الآن كان دون التوقعات.
مستقبل هش لوقف إطلاق النار
في ظل هذه التطورات، تبدو فرص نجاح وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران ضئيلة، خصوصاً في ظل غياب الثقة المتبادلة، وردود الفعل القوية من كلا الطرفين، والضغط المتزايد من المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة.
ومع استعداد ترامب لحضور قمة الناتو، تتجه الأنظار إلى إمكانية بروز تحرك دبلوماسي لاحتواء الموقف ومنع انزلاق المنطقة نحو مواجهة مفتوحة، لا سيما أن الوضع الميداني ما زال قابلاً للاشتعال في أي لحظة.
