التوترات الجيوسياسية تهبط بأعداد ركاب السفن السياحة رغم حوافز الموانئ

Ad

شهدت الموانئ المصرية، تراجعًا خلال العام الماضى فى أعداد السائحين والركاب القادمين عبر السفن السياحية، رغم التسهيلات التى وفرتها وزارة النقل، لقطاع سياحة اليخوت والكروز والسفن السياحية بمختلف أنواعها.

وقامت الوزارة عام 2023، بإنشاء نافذة رقمية يستطيع من خلالها مالك اليخت أو من ينوب عنه إدخال كل البيانات ورفع المستندات والوثائق المطلوبة للدخول للميناء، وبرنامج الرحلة بالكامل، مع معرفة الرسوم المطلوبة من الوصول حتى المغادرة، مثلما يتم فى دول أخرى، ليتم إصدار موافقة واحدة على برنامج الزيارة خلال 30 دقيقة، بدلًا من فترة كانت تتراوح بين 15 إلى 30 يومًا، قبل عام من الآن.

تلاها فى سبتمبر 2024، منع تحصيل رسوم من اليخوت السياحية الأجنبية العابرة فقط لقناة السويس دون الرغبة فى دخول أى من الموانئ أو المراين السياحية المصرية فى محاولة منها زيادة الوافدين إلى الموانى والمارينا المحلية المنتشرة على شواطئ البحرين الأبيض والأحمر.

وأعفى قرار وزير النقل، المسئول عن اليخت السياحى الأجنبى - حمولة أقل من 300 طن- الدخول لأى من نوادى اليخوت بمدن بورسعيد والسويس والإسماعيلية للتزود بالوقود والمياه والاحتياجات الأخرى أو إصلاح عطل طارئ لمدة 24 ساعة فقط من الرسوم، ما لم يحصل على خدمة محددة.

وأرجع عدد من العاملين فى قطاع النقل البحرى فى حديثهم لـ”المال”، هذا الانخفاض لعدة أسباب تصدرتها التوترات الجيوسياسية، والافتقار لعمليات الترويج الدولى للإمكانيات التى تحظى بها السوق المحلية، فضلًا عن عدم وجود برنامج واضح لاستغلال الأصول بالموانئ لزيادة معدلات الإقبال السنوية.

خطوات مهمة

قال المهندس محمود القاضى ممثل شركة كادمار للملاحة، إن الدولة اتخذت خطوات مهمة خلال السنوات الأخيرة لتيسير دخول اليخوت والسفن السياحية، سواء من خلال منصة النافذة الواحدة لتراخيص اليخوت، أو تحسين إجراءات الدخول والخروج بالموانئ، لكن الأعداد انخفضت 781 ألف راكب عام 2023 إلى 518 ألفًا بنهاية 2024.

وأشار إلى أن التراجع فى الأعداد يعكس وجود تحديات حقيقية ومنها الاضطرابات الإقليمية بمنطقة البحر الأحمر، لا سيما مع التوترات الأمنية التى أدت إلى تغيير عدد من خطوط الرحلات واليخوت وهو السبب الرئيسي.

وطالب بضرورة بدء الترويج الدولى لسياحة السفن واليخوت فى السوق المحلية، إلى جانب تطوير الخدمات الأرضية والترفيهية فى بعض الموانئ السياحية لتواكب تطلعات السائحين، والتوسع فى إنشاء المارينا لتغطية وجهات جديدة.

ودعا إلى وضع بعض الحوافز الموجهة للشركات المالكة لليخوت السياحية فيما يخص التزود بالوقود، والصيانة، أو الإقامة طويلة الأجل فى المراسى المصرية.

وأضاف أنه بجانب المزايا التشجيعية، يجب ضرورة دراسة السماح لبعض اليخوت السياحية الدخول إلى نهر النيل عبر فرع دمياط الأمر الذى سوف يحدث فارقًا كبيرًا فى زيادة ارتياد اليخوت القاهرة والمناطق السياحية فى أسوان.

كما طالب “القاضي” بإطلاق حوافز جمركية وضريبية مؤقتة لليخوت التى تختار الإقامة بمصر لفترات طويلة، وتفعيل برامج مشتركة بين شركات السياحة البحرية وإدارة الوجهات الداخلية لخلق برامج جاذبة تجمع بين البحر والتاريخ والثقافة.

أسباب التراجع

من جانبه أشار عماد عبدالرحمن ممثل توكيل انشكيب للملاحة، إلى أن أسباب تراجع مؤشرات عدد الركاب والسائحين المترددين على الموانئ المصرية خلال العام الماضي، يعود إلى الأحداث الجيوسياسية التى شهدتها المنطقة.

وتوقع عبدالرحمن وصول المعدلات خلال العام الحالى إلى ما كانت عليه خلال عام 2023، وقد تتخطى ذلك لدخول عدد كبير من سفن الركاب السياحية للموانئ المصرية، ولاسيما ميناء الإسكندرية.

وأوضح أن الموانئ المصرية تمنح سفن السياحة العديد من المزايا، إلا أن هناك عددًا من الإجراءات يجب من خلالها النهوض بقطاع الركاب بالموانئ، من أهمها استغلال المحطات السياحية.

من جانبه قال باهى نجيب عضو لجنة تطوير سياحة اليخوت بمجلس الوزراء إن أزمة باب المندب والإضطرابات فى البحر الأحمر كان لها تأثيرًا كبيرًا على تراجع عدد السفن السياحية، ليس للموانئ المصرية فحسب بل لموانئ البحر الأحمر، خاصة وأن جدول إبحار تلك السفن يمر على العديد من الموانئ المتخصصة فى هذا الشأن.

وأضاف أن السبب الأخر عدم وجود حوافز حقيقية يتم منحها للسفن السياحية سواء العابرة لقناة السويس، أو المترددة على الموانئ المصرية، موضحًا أنه يمكن الحصول على عوائد أكثر بكثير من الرسوم التى يتم تحصيلها من السفن مباشرة.

مراجعة الحوافز

يذكر أن الموانئ المصرية المتخصصة فى استقبال السفن السياحية استقبلت خلال العام الماضى 518.8 ألف راكب، وذلك مقابل 781 ألف راكب خلال العام قبل الماضى 2023.

وحسب بيانات قطاع النقل البحري، استقبل ميناء الإسكندرية نحو 35.2 ألف راكب، مقابل 88.4 ألف راكب، عن نفس الفترة كما استقبل ميناء سفاجا خلال العام الماضى نحو 197.9 ألف راكب مقارنة بنحو320.7 ألف راكب، بينما استقبل ميناء نويبع 248.4 ألف راكب مقابل 204.5 ألف راكب.

كما استقبل ميناء الغردقة خلال العام الماضى 9.4 ألف راكب، مقارنة بنحو 22.3 ألف راكب خلال 2023، بينما استقبل ميناء شرم الشيخ نحو 8.9 ألف راكب مقارنة بنحو 17.5 ألف راكب.

واستقبل ميناء بورسعيد 18.2 ألف راكب، مقارنة بنحو 36 ألف راكب، فيما وصل ميناء السخنة نحو 544 راكب فقط مقارنة بنحو 91 ألف راكب.

من جانبه أشار مسؤول بأحد التوكيلات الملاحية المتخصصة فى السفن السياحية، إلى ضرورة عمل دراسة عن الطاقات المتاحة بالموانئ المصرية لاستقبال السفن السياحية، مع وضع حلول تعمل على جذب تلك النوعية من السفن، وفتح قنوات تواصل مع الشركات العالمية المتخصصة فى هذا النشاط.

وأكد على ضرورة تشجيع ما يعرف بسياحة اليوم الواحد لأصحاب تلك السفن كأن يتم تنظيم خطوط شارتر بين الإسكندرية والأقصر والقاهرة ويتم ربطها بميناء الإسكندرية حتى يتم استغلال إمكانيات مصر السياحية خاصة من الناحية الأثرية.

وتابع أن هناك ضرورة لمراجعة الحوافز الخاصة بالسفن السياحية، خاصة وأنها منذ عام 2018، وقد لا تصلح فى الوقت الراهن مع التغيرات العالمية.

يشار إلى أن الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي، سبق وأن تحدث خلال افتتاح محطة تحيا مصر بميناء الإسكندرية منتصف يونيو 2023، عن أهمية الاستفادة من سياحة اليخوت بالشكل الأمثل.

وذكر الرئيس السيسى أن منطقة البحر المتوسط يعبر بها 500 ألف يخت، وتستحوذ دول على نسبة %30 من هذه اليخوت فى حين لا تستفيد مصر منها، موجها بتذليل العقبات والتحديات التى تواجه تطوير سياحة اليخوت.

استراتيجية واضحة

قال محمد فريد مسئول شركة وكالة الخليج للملاحة، أن هناك اهتمامًا كبيرًا بقطاع السياحة البحرية، موضحًا أن شركته قامت بالتنسيق مع العديد من الجهات لوضع استراتيجية واضحة للسياحة البحرية وتم جمع كافة الجهات المسؤولة من وزارة النقل والسياحة وقناة السويس وقطاع النقل البحرى والتوكيلات الملاحية، ومجموعة موانئ أبو ظبي.

الجدير بالذكر، أن وزارة النقل أبرمت خلال يناير 2024، مع مجموعة موانئ أبوظبى اتفاقية لإدارة وتشغيل 3 محطات بحرية فى موانئ: “سفاجا، والغردقة، وشرم الشيخ”، لفترة 15 عامًا، قابلة للتجديدة لفترة مماثلة، بهدف زيادة سياحة اليخوت فى السوق المحلية.

ويبلغ عدد المارينا والأرصفة المخصصة لليخوت والسفن السياحية بمصر 23 موقعًا، وتتركز نصف حركة هذا النشاط فى البحر الأبيض المتوسط، والذى يجذب أكثر من 30 ألف يخت سنويًا، وفقًا لهيئة الاستعلامات.

وتطمح الحكومة إلى وضع المواقع البحرية المصرية كنقطة جذب صاعدة لسياحة اليخوت عالميًا، لاسيما أنها تمتلك أكثر من 2400 كيلومتر من السواحل الممتدة على البحرين المتوسط والأحمر والمنتجعات الواقعة بالقرب من المدن التاريخية والسياحية، إضافة إلى مواقع الغوص المميزة.

وأشار فريد إلى أنه مع نهاية عام 2019 قامت الدولة بتقديم حوافز ضخمة لقطاع السياحة البحرية فى مصر، خاصة قناة السويس والتى عملت على تخفيضات وصلت %50، وقطاع النقل البحرى قام بتقديم حوافز تصل إلى %75، إلا أن وقت تقديم هذه الحوافز لم يكن مناسبًا، موضحًا أنه تم مخاطبة تلك الجهات لإعادة النظر فيها، خاصة مع توقعات عودة الروح لقطاع السياحة البحرية نهاية 2026 لذا يجب الاستعداد لذلك بشكل فعال وجيد.

القاضي: نحتاج إلى الترويج الدولى للإمكانيات التى تحظى بها السوق المحلية

عبدالرحمن: وضع برنامج واضح لاستغلال المحطات البحرية

نجيب: يمكن الحصول على عوائد أكثر من الرسوم التى يتم تحصيلها مباشرة