أسعار المحروقات وراء ارتفاع معدلات التضخم فى مصر.. والحرب تفاقم الضغوط

Ad

أشار بيان لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى فى اجتماعها الأخير إلى أن إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة المنفذة والمقررة فى عام 2025 فضلاً عن الثبات النسبى لتضخم السلع غير الغذائية من شأنها الإبطاء من وتيرة انخفاض التضخم، وهو ما يعنى أن وصول الأخير إلى المستويات المستهدفة قد يستغرق بعض الوقت.

وعدَّل البنك المركزى الأفق الزمنى لمعدلات التضخم المستهدفة، عند %7 إلى الربع الرابع من 2026، وعند مستوى %5 (±2 نقطة مئوية) فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2028.

وسجل معدل التضخم الأساسى على أساس سنوى %13.1 فى مايو الماضى مقابل %10.4 فى أبريلمن العام ذاته.

كما سجل معدل التغير الشهرى فى الرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذى أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، %1.9 فى مايو الماضى مقابل سالب %0.7 فى مايو 2024 و%1.3 فى أبريل 2025. وعلى أساس سنوى، سجل معدل التضخم العام للحضر %16.8 فى مايو الماضى مقابل %13.9 فى أبريل 2025.

وقالت سهر الدماطى الخبيرة المصرفية إن ارتفاع معدلات التضخم فى مصر خلال الفترة الأخيرة جاء كنتيجة مباشرة لرفع أسعار المحروقات والمواد النفطية، مشيرة إلى أن هذه التحركات هى التى دفعت معدلات التضخم للارتفاع بنحو %3 لكل من التضخم العام والأساسى دفعة واحدة.

وأضافت أن هذه زيادة شهرية كبيرة بطبيعة الحال، إلا أنه يمكن فهمها فى السياق الذى جاءت فيه وهو رفع أسعار المحروقات والمواد النفطية وما نتج عن ذلك من ضغوط تضخمية.

ورفعت الحكومة أسعار البنزين، مطلع أبريل الماضى، بنسب متفاوتة تصل إلى %14.5، حيث ارتفع بنزين 80 أوكتين إلى 15.75 جنيه للتر، وزاد بنزين 92 أوكتين إلى 17.25 جنيه، وبنزين 95 أوكتين إلى 19 جنيها، وزاد سعر غاز الطهى إلى 200 جنيه للأسطوانة من 150.

وقالت وزارة البترول إنه تقرر أيضا رفع سعر المازوت الصناعى إلى 10500 جنيه للطن، وطن الغاز الصب إلى 16000 جنيه، والغاز المورد لمصانع الطوب إلى 210 جنيهات للمليون وحدة حرارية، بينما قررت تثبيت سعر المازوت المورد للكهرباء والصناعات الغذائية وغاز تموين السيارات.

كان رئيس الوزراء مصطفى مدبولى، قال فى يوليو الماضى إن حكومته ستعمل على رفع أسعار المنتجات البترولية طيلة عام ونصف تقريبا، متوقعا الوصول لنقطة التوازن، حتى نهاية ديسمبر المقبل، مؤكدًا «أنه سيتم العمل بطريقة متدرجة، وذلك بما يضمن عدم حدوث تضخم، وكذا عدم حدوث تأثير على المواطن وزيادة حجم الأعباء المالية عليه».

أسعار الفائدة

وأوضحت سهر الدماطى أنه لا يمكن التنبؤ بمستوى التضخم فى نهاية العام إلا بعد ظهور قراءتى يونيو ويوليو، ومن خلال هذه المعطيات يمكن القياس عليها واستقراء ما سيكون عليه الوضع فى نهاية العام.

وعلى صعيد أسعار الفائدة لفتت الخبيرة المصرفية إلى أن البنك المركزى المصرى يسعى إلى تحفيز النمو الاقتصادى وتشجيع الاستثمار وهى الأمور التى لن تتأتى فى ظل هذه المعدلات المرتفعة من الفائدة.

وخفض البنك المركزى المصرى أسعار الفائدة بواقع 325 نقطة أساس خلال اجتماعين متتالين ليصل سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى إلى %24 و%25 و%24.5، على الترتيب، كما قرر خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى %24.5.

وتشهد المنطقة حاليًا سلسلة من التوترات الدراماتيكية أشعل فتيلها الصراع بين إسرائيل وحركة حماس من ناحية ثم اتسعت رقعة الصراعة لتشمل إيران من ناحية أخرى، ثم أخذت هذه الأمور مسارًا مفصليًا آخر خاصة بعد اغتيال قادة حزب الله، ودخول إيران على خط الصراع، وضرب إسرائيل المنشآت النووية والنفطية الإيرانية وتهديدها بنقل الحرب إلى ساحات أخرى فى المنطقة، وهو الأمر الذى يفاقم من حدة التوترات فى الشرق الأوسط، كما يزيد من وتيرة التبعات الاقتصادية على معظم دول المحيط وعلى رأسها مصر.

كما أدت الحرب الإسرائيلية الإيرانية الحالية إلى اضطراب حاد فى أسواق الطاقة، وارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ نتيجة المخاوف من تهديد إمدادات النفط عبر مضيق هرمز، الذى يمر من خلاله أكثر من %20 من تجارة البترول العالمية.

التوترات الجيوسياسية

وأرجع ماجد فهمى رئيس بنك التنمية الصناعية الأسبق الارتفاع الذى حدث على صعيد معدلات التضخم إلى زيادة أسعار الطاقة والوقود والبنزين والمحروقات، والتى جاءت فى أعقاب قرارات حكومية برفع أسعار المنتجات البترولية بنسبة تصل إلى %15 منتصف أبريل الماضى، تماشياً مع التزامات مصر تجاه صندوق النقد الدولى.

وأضاف أنه فى ضوء الأحداث الجارية إقليمياً، وخاصة الحرب بين إيران وإسرائيل، من المتوقع أن تتواصل الضغوط التضخمية نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالمياً، فضلاً عن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، والذى يمثل أحد أبرز العوامل المؤثرة فى معدل التضخم المحلى.

ولفت إلى أن مدى ارتفاع معدلات التضخم فى مصر سيتوقف بشكل كبير على الأمد الزمنى لاستمرار الحرب فى المنطقة؛ فإذا كانت فترتها قصيرة، سيكون التأثير على التضخم محدوداً، أما إذا طال أمد الصراع، فستكون التداعيات أكثر حدة، خاصة مع احتمالات خروج الأموال الساخنة من السوق المصرية وارتفاع أسعار النفط العالمية بشكل أكبر، مما ينعكس مباشرة على أسعار السلع والخدمات فى السوق المحلية.