فى ظل تحولات جيوسياسية غير مسبوقة تعصف بالمنطقة وتعيد تشكيل خريطة الاقتصاد الإقليمى والعالمي، تبرز السوق العقارية المصرية كأحد القطاعات التى تتأثر بسرعة وعمق بهذه المتغيرات، من ارتفاع أسعار الخامات، إلى تغير سلوك المستثمرين، وصولًا إلى توجه الدولة لإعادة تقييم كامل للمنظومة العقارية.
وتؤكد كل المؤشرات أن القطاع العقارى فى مصر، يمر بمرحلة مفصلية تتطلب مراجعة جذرية للسياسات والأدوات، وإعادة صياغة الأولويات نحو تعزيز القدرة على التكيف وتحقيق الاستدامة.
وفى هذا الاطار قال المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان إن الدولة المصرية تتابع بدقة أوضاع القطاع العقارى وتُدرك حجم التحديات التى يواجهها، مشيرًا إلى أن الوزارة تعمل على إعادة تقييم المنظومة بالكامل فى ضوء ما تشهده السوق من تغيرات حادة فى أسعار البناء والمواد الخام، وتذبذب معدلات الطلب، وتحولات تمويلية هيكلية.
وأضاف أن الأحداث الجيوسياسية الأخيرة أثّرت بشكل مباشر على حركة السوق، وأفرزت تغيرات غير مسبوقة فى التكلفة، لا يمكن تجاهل آثارها على الاقتصاد المصرى ككل، مؤكدًا أن ارتفاع أسعار مدخلات البناء، وتأثيرات التضخم وسعر الصرف، تفرض على الدولة والمطورين التفكير المشترك فى حلول واقعية تضمن استمرارية النشاط العقاري، وتحمى القطاع من الدخول فى حالة من التباطؤ قد تنعكس على بقية القطاعات الاقتصادية المرتبطة به.
تصدير العقار
أكد وزير الإسكان أن الوزارة تتحرك على أكثر من محور لتحسين كفاءة المنظومة العقارية، حيث يُمثل الإصلاح التشريعى إحدى الأولويات الأساسية خلال المرحلة الحالية، لافتًا إلى أن الوزارة بدأت بالفعل فى مراجعة وتعديل عدد من اللوائح والقوانين المنظمة للقطاع، لتيسير العلاقة بين المواطن والمستثمر والدولة، بما يضمن إزالة المعوقات البيروقراطية التى كانت تُضعف مناخ الاستثمار.
وشدد على أن رؤية وزارة الإسكان منسجمة تمامًا مع استراتيجية الدولة، والتى لم تعد ترى التخطيط العمرانى فى إطار إنشاء وحدات سكنية فقط، بل كعملية شاملة تهدف إلى بناء أنماط حياة متكاملة تتضمن السكن والعمل والتعليم والبنية التحتية والخدمات الذكية.
ولفت الشربينى إلى أن الدولة تتحرك بقوة نحو تعزيز شراكتها مع القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن هذا الأخير أصبح شريكًا حقيقيًا فى صياغة الرؤية العمرانية لمصر.
وأوضح أن الوزارة تدعم هذا التوجه من خلال إطلاق مشروعات بالشراكة المباشرة، وتسهيل منح التراخيص، وتوفير أراضٍ قابلة للتطوير، والتنسيق فى صياغة الأطر المنظمة لعقود الشراكة والتسعير والتمويل.
أما فيما يخص تصدير العقار، فقد أكد الشربينى على أن الدولة تُولى أهمية كبرى لهذا الملف الاستراتيجي، لافتًا إلى إطلاق منصات وطنية متخصصة مثل “منصة مصر العقارية” و”منصة تصدير العقار”، بهدف عرض المشروعات المصرية أمام المصريين بالخارج والمستثمرين الأجانب، لجذب النقد الأجنبى وتوفير مصدر مستدام للعملة الصعبة.
طلب متزايد
من جانبه، قال النائب طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقارى ووكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن الغرفة بالتنسيق مع الحكومة تعمل حاليًا على إنشاء لجنة متخصصة تُعنى بملف “تصدير العقار”، لتكون بمثابة كيان تنظيمى منفصل يضم ممثلين عن الوزارات المعنية، وغرف الاستثمار، والمطورين، ويتولى وضع استراتيجية قومية واضحة المعالم لتسويق العقارات المصرية فى الخارج.
وأكد أن هذه الخطوة باتت ضرورية فى ظل التحديات الاقتصادية التى تمر بها الأسواق العالمية، والتى تدفع العديد من المستثمرين نحو البحث عن ملاذات آمنة وبيئات استثمار مستقرة.
وأوضح أن العقار المصرى بات يُنظر إليه كأحد هذه الملاذات، خاصة بعد النجاحات التى تحققت فى تطوير المدن الجديدة والمناطق الساحلية، مشيرًا إلى أن الأحداث الجيوسياسية الأخيرة قد تؤدى إلى نهم متزايد على العقارات فى مصر، باعتبارها خيارًا آمنًا وذا قيمة استثمارية مرتفعة.
قاعدة بيانات
من جانبه شدد الدكتور أحمد شلبي، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لشركة تطوير مصر، على أن القطاع العقارى يمثل أحد أعمدة الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أن دراسات حديثة تؤكد مساهمة القطاع بما يقرب من ثلث الناتج القومى المحلي، وهو ما يُبرز ثقله الحقيقى فى دفع النمو وخلق فرص العمل وتنشيط الصناعة.
وقال شلبى إن الأرقام تكشف عن نشاط ملحوظ فى السوق، حيث تمكنت أكبر 10 شركات تطوير عقارى من تسجيل مبيعات تقارب 230 مليار جنيه خلال الربع الأول من عام 2025، وهو ما يُعد مؤشرًا قويًا على ثقة العملاء واستمرار الطلب الحقيقي، رغم ما يواجهه السوق من صعوبات.
وأكد على ضرورة تنظيم السوق بشكل أكثر فعالية، مشيرًا إلى أن غياب قواعد واضحة للبيع والتسويق، وتفاوت نظم التمويل، يؤثر سلبًا على الأداء العام.
ودعا إلى إنشاء قاعدة بيانات رسمية وموحدة تصدر عن جهة حكومية، لتكون مرجعًا رئيسيًا للمطورين وصناع القرار، تضم مؤشرات دقيقة عن المعروض والطلب والأسعار والمبيعات، تُمكن السوق من العمل وفق معلومات دقيقة وشفافة.
ورأى شلبى أن الإصلاح المؤسسى للقطاع يتطلب أيضًا تعاونًا وثيقًا بين الحكومة والقطاع الخاص، مؤكدًا أن المطورين يجب أن يكونوا شركاء فى صنع السياسات وليسوا فقط منفذين لها، خاصة وأن القطاع الخاص يمتلك الخبرات والمرونة والقدرة على الابتكار التى تمكّنه من الإسهام فى قيادة التنمية العمرانية، إذا ما أُتيحت له الأدوات والتشريعات المناسبة.
وختم شلبى بالتأكيد على أن مستقبل القطاع العقارى المصرى يرتبط بمدى قدرة الدولة والمطورين على التفاهم المشترك، وصياغة حلول شاملة تتجاوز الظرف الاقتصادى الحالي، وتسعى إلى تأسيس منظومة أكثر نضجًا واستدامة، قادرة على مواجهة التحديات وخلق فرص حقيقية للنمو والتوسع.
التسويق المحترف
أكد المهندس عبدالله سلام، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لشركة مدينة مصر للإسكان والتعمير، أن التسويق المحترف للعقارات يُعد من أهم أدوات تعزيز المبيعات وتحفيز الطلب، مشددًا على أهمية صياغة رؤية حقيقية لتسويق العقارات المصرية تستند إلى معايير احترافية وتستهدف الأسواق الخارجية بآليات واضحة.
وأشار سلام إلى أن تحقيق نقلة نوعية فى القطاع العقارى يتطلب العمل على ثلاثة محاور مترابطة أولها تسهيل التشريعات، وثانيها تطوير أدوات التسويق، وثالثها النجاح فى تصدير العقارات، وهو ما وصفه بـ”مثلث التنمية العمرانية” للفترة المقبلة.
وشدد على أن القطاع السياحى يُعد امتدادًا طبيعيًا للقطاع العقاري، موضحًا أن عددًا متزايدًا من المطورين العقاريين بدأوا يتجهون للاستثمار فى السياحة، مدفوعين بالنجاحات المحققة فى تصدير العقار وجذب الاهتمام الدولي.
وأكد على أن تعزيز الاستثمار السياحى وتكامله مع التطوير العقارى سيساهم بشكل مباشر فى دعم الاقتصاد الوطني، مشيرًا إلى أن العام الحالى قد يكون بداية لتحول حقيقى إذا ما اقترنت الرؤية الواضحة بتشريعات مرنة وآليات تنفيذ فعالة.
الخبرات والكوادر
أكد المهندس أحمد صبور، رئيس مجلس إدارة شركة الأهلى صبور أن مشروعات التطوير العقارى فى مصر يجب أن تُنفذ برؤية استراتيجية تضيف قيمة حقيقية للاقتصاد الوطني، مشددًا على أهمية توجيه الاهتمام نحو ملف “تصدير العقار” باعتباره أحد المحاور الحيوية لتعزيز موارد الدولة من العملة الأجنبية.
وأوضح أن تسويق العقارات المصرية فى الخارج، سواء للمصريين المقيمين فى دول الاغتراب أو للأجانب الراغبين فى التملك داخل مصر، يتطلب حزمة متكاملة من التشريعات والإجراءات المرنة التى تواكب المعايير العالمية، مؤكدًا أن السوق المحلية تمتلك من الخبرات والكوادر ما تؤهلها للعب دور ريادى فى المنطقة.
وأشار صبور إلى أن صورة المطور العقارى المصرى فى الخارج تتمتع بثقة واحترام، نتيجة سنوات من الأداء الاحترافى والمشروعات المتميزة، وهو ما يمثل عنصرًا جذبًا مهمًا للاستثمارات الأجنبية فى قطاع العقارات.
إعادة التموضع
الدكتورة نورهان الطور، الرئيس التنفيذى لشركة جيت واى للاستشارات، قدّمت قراءة دقيقة للواقع العقارى الراهن، واصفة إياه بـ”مرحلة إعادة التموضع الحقيقي”، فى ظل ضغوط اقتصادية غير مسبوقة.
وقالت إن السوق المصرية تواجه مزيجًا من التحديات المعقدة، على رأسها تقلبات سعر الصرف وارتفاع أسعار مواد البناء والأراضي، التى تجاوزت نسبتها 100% خلال العامين الأخيرين، إضافة إلى تآكل القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة التضخم وارتفاع الفائدة البنكية.
وأشارت إلى أن هذه المتغيرات دفعت إلى انكماش واضح فى الطلب المحلي، خاصة من الطبقة المتوسطة، التى لم تعد قادرة على مجاراة الأسعار الجديدة، ما أدى إلى تراجع المبيعات فى شريحة الوحدات تحت الإنشاء أو ذات فترات السداد الطويلة.
فى المقابل، ارتفع الاعتماد على ما أسمتهم “المشترين الدولاريين” من المصريين بالخارج أو المستثمرين الأجانب، الذين باتوا يفضلون الوحدات الجاهزة، ويبحثون عن منتجات تحقق عائدًا استثماريًا فوريًا، سواء من خلال الإيجار أو إعادة البيع.
ووفقًا للدكتورة نورهان، فإن هذا التحول فى الطلب، رافقه تحوّل فى العرض أيضًا، حيث خرج عدد كبير من الشركات الصغيرة والمتوسطة من السوق، لعجزها عن التأقلم مع التكاليف المرتفعة، بينما لجأ الكبار إلى نماذج شراكة مع الدولة، أو التوسع فى الأسواق الخارجية لتأمين مصادر دخل بالدولار.
ونتيجة لذلك، اختفت فعليًا الوحدات السكنية الاقتصادية والمتوسطة من المشهد، ما خلق فجوة واضحة بين نوعية المعروض واحتياجات السوق الفعلية.
ورأت أن السوق تشهد تصاعدًا فى نشاط السوق الثانوية، حيث أصبحت إعادة بيع الوحدات الجاهزة أكثر جذبًا للمستثمرين من شراء وحدات جديدة، فيما شهدت أسعار الإيجارات قفزات إلى 70% فى بعض المناطق، ما أعاد تسليط الضوء على سوق الإيجار كفرصة استثمارية بديلة، خاصة فى ظل غياب أدوات ادخار تقليدية تحافظ على القيمة.
وتحدثت عن أن العقارات التجارية والإدارية، بدأت تكتسب أهمية متزايدة على حساب السكنية، خصوصًا مع دخول كيانات جديدة فى السوق، وتوسع الشركات المحلية والدولية فى مناطق مثل العاصمة الإدارية الجديدة والتجمعات العمرانية الحديثة موضحة أن المستثمرين باتوا يعتبرون العقار “مخزنًا للقيمة” فى ظل اضطراب الأسواق المالية وارتفاع أسعار الذهب، ما يعزز من مكانة القطاع، لكنه فى الوقت نفسه يُحمل الشركات العقارية مسؤولية أكبر فى تقديم منتجات تتلاءم مع هذا التحول.
وأضافت أن نماذج البيع التقليدية –تعتمد على التسويق فقط دون مرونة فى التمويل أو إعادة تسعير – لم تعد مجدية، مشيرة إلى أن السوق تحتاج إلى أدوات جديدة، تبدأ من تسعير أكثر واقعية، وتمر عبر تسهيلات سداد مرنة أو التسعير بالدولار، وتنتهى بشراكات ذكية مع مستثمرين خارجيين أو صناديق استثمارية كما توقعت ازدياد معدلات الاندماج بين الشركات العقارية خلال الفترة المقبلة، فى ظل صعوبة التمويل واشتداد المنافسة.
التدابير الاحترازية
أكد عبدالرحمن خليل، الخبير فى شؤون التطوير العقاري، أن القطاعات الاقتصادية المختلفة فى مصر مترابطة وتتأثر ببعضها البعض، مشيرًا إلى أن القطاع العقارى يتأثر بصورة مباشرة بالقطاعات السياحية والصناعية، لا سيما فى ظل المستجدات المفاجئة أو الإجراءات الاحترازية التى قد تؤثر على حركة الطيران أو العلاقات بين الدول، وهو ما ينعكس على حركة السوق بشكل عام.
وأوضح أن مثل هذه الظروف تتطلب من الحكومات والقطاع الخاص اتخاذ تدابير احترازية إضافية، خاصة فى فترات عدم الاستقرار أو التحديات المتكررة، الأمر الذى يؤثر بدوره على أداء مختلف القطاعات، وفى مقدمتها القطاع العقاري.
وأشار إلى أن القطاع العقارى فى مصر يتمتع بثقل كبير داخل هيكل الاقتصاد القومي، حيث يساهم بأكثر من %20 من الناتج المحلى الإجمالي، وغالبًا ما يشهد نشاطًا ملحوظًا فى أوقات الأزمات، إذ إنه من المتعارف عليه نشاطه فى أوقات الأزمات، إذ يُفضِّل كثيرون من الأفراد توجيه استثماراتهم نحو الأصول الثابتة، مما يُسهم فى تنشيط حركة الشراء وانتعاش السوق خلال فترات التوتر.
ونبّه خليل إلى أن هذا الانتعاش فى الطلب لا يُلغى حجم التحديات التى تواجه عمليات التنفيذ والتشييد، خاصة فى ظل الاعتماد الكبير على مواد بناء تحتوى على مكونات دولارية مرتفعة التكلفة، وهو ما يضاعف الأعباء على المطورين العقاريين.
وأضاف، أن هناك جانبًا آخر من التأثير، يتمثل فى الإنشاءات التى تعتمد على العديد من المواد المستوردة منها ارتفاع أسعار الخامات المستوردة الذى ينعكس سلبًا على التكلفة، ويزيد من الضغوط المفروضة على المطورين.
وشدد خليل على أهمية دعم الصناعة المحلية فى هذه المرحلة، معتبرًا أنها تمثل عنصرًا حيويًا فى تعزيز تماسك القطاع العقاري.
وأشار إلى أن الدولة قطعت شوطًا مهمًا فى هذا الاتجاه، إلا أن هناك مساحة واسعة لتعزيز الاعتماد على المنتج المحلي، خصوصًا مع النمو الكبير فى حجم المشروعات العمرانية القومية.
وتابع، أن قيمة المشروعات العمرانية خلال العام الماضى بلغت نحو 3 تريليونات جنيه، وهو رقم ضخم، ويتطلب كميات كبيرة من الخامات لاستكمال عمليات التنفيذ، وهنا تبرز الفرصة الكبيرة أمام الصناعة المحلية.
ودعا خليل إلى تعميق الشراكات بين المطورين العقاريين والمصنعين المحليين، سواء من خلال عقود التوريد المباشر أو عبر الدخول فى استثمارات مشتركة، مشيرًا إلى أن بعض الشركات بدأت بالفعل فى تبنى هذا التوجه.
وقال إن هناك مطورون أصبحوا شركاء فى مصانع، وفى الوقت ذاته عملاء لها، وهذا نموذج تكاملى ذكى يضمن استقرارًا فى التوريد ويُحقق أسعارًا أفضل.
ورأى خليل أن هذا التكامل بين القطاعين الصناعى والعقارى يُمثل فرصة اقتصادية مزدوجة، لما يوفره من تقليل للاعتماد على المكوّن الدولارى من جهة، ودعم للصناعة المحلية من جهة أخرى، مما يُعزز الاستقرار ويزيد من قدرة الاقتصاد الوطنى على مواجهة الضغوط الخارجية.
منظومة التمويل
أكد الدكتور محمد عبد الجواد، الرئيس التنفيذى لشركة فانتدج للتنمية العمرانية، على ضرورة إعادة هيكلة منظومة التمويل العقارى فى مصر، مع التركيز على إعادة تفعيل تمويل الوحدات تحت الإنشاء بضوابط ذكية تضمن حماية الأطراف كافة.
وأشار إلى أهمية تصنيف المطورين العقاريين لتعزيز ثقة البنوك، وتفعيل الأدوات التمويلية غير التقليدية مثل الصكوك والصناديق العقارية، خاصة فى ظل الفجوة بين مساهمة القطاع العقارى فى الناتج المحلى وحجم التمويل المتاح له.
وشدد عبد الجواد على أهمية تطوير آليات مرنة لتقييم الجدارة الائتمانية، خصوصًا للفئات التى لا تستطيع إثبات دخلها بشكل تقليدي، مؤكدًا أن التوسع فى التمويل العقارى يتطلب أدوات مبتكرة وتشريعات فعالة.
ركيزة أساسية
أكد الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن أدوات التمويل غير المصرفى باتت تمثل ركيزة أساسية لدعم نشاط الشركات العقارية فى مصر، وعلى رأسها آلية التوريق، التى تسهم فى تعزيز السيولة وتوفير التمويل اللازم للمطورين دون تحميل المستهلك النهائى أعباء إضافية.
وأوضح فريد، خلال مؤتمر أخبار اليوم العقاري، أن العديد من شركات التطوير بدأت بالفعل فى تفعيل آلية توريق الحقوق المالية المستقبلية – مثل أقساط الوحدات المُباعة بالتقسيط – عبر إصدار سندات قابلة للتداول، وهو ما يعكس تطورًا كبيرًا فى الوعى بأهمية استخدام أدوات تمويل مبتكرة بعيدًا عن القروض البنكية التقليدية.
وأشار إلى أن حجم عمليات التوريق العقارى فى السوق المصرية بلغ نحو 9 مليارات جنيه خلال آخر 5 سنوات، كما قامت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بإصدار سندات توريق تجاوزت 60 مليار جنيه، منها أكثر من 50 مليارًا خلال العامين الماضيين فقط، مما يعكس زخمًا كبيرًا فى الاعتماد على هذه الآليات.
وشدد فريد على أن الهيئة تعمل على تحسين البنية التنظيمية والإفصاحية لعمليات التوريق، من خلال تحديث المعايير المحاسبية وتبسيط الإجراءات، بما يسهم فى تعزيز الشفافية وثقة المستثمرين المحليين والدوليين بالسوق العقارية المصرية.
وأكد أن التوريق لا يقتصر على الشركات الكبرى، بل يمكن أن يخدم الشركات المتوسطة والصغيرة أيضًا، بشرط الالتزام بمعايير التصنيف الائتمانى والإفصاحات المالية المطلوبة، ما يجعله أداة واعدة لتحفيز النمو المستدام فى القطاع.
تسويق الوحدات
كشف رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية أن إجمالى رؤوس أموال الشركات المقيدة فى البورصة المصرية تجاوز 112 مليار جنيه، وهو ما يعكس تطورًا فى قدرة السوق على استيعاب وتمويل كيانات اقتصادية كبرى، لا سيما فى قطاع التطوير العقاري، الذى أصبح أكثر اعتمادًا على سوق رأس المال فى تمويل مشروعاته التوسعية.
وأضاف أن الإدراج فى البورصة لا يوفر فقط تمويلًا مباشرًا، بل يعزز من الشفافية والمصداقية من خلال الإفصاحات المنتظمة، ويمكّن الشركات من زيادة رؤوس أموالها بسهولة، ما يمنحها مرونة أكبر للتوسع محليًا أو اختراق أسواق خارجية، خاصة فى ظل تنامى الاهتمام الدولى بالأصول العقارية فى مصر
وأكد على أن أسواق المال المصرية أصبحت تلعب دورًا محوريًا فى دعم القطاع العقاري، سواء من خلال التوريق، أو صناديق الاستثمار العقاري، أو زيادات رؤوس الأموال، ما يجعلها شريكًا تمويليًا رئيسيًا فى المرحلة المقبلة.
وكشف، عن قرب تدشين صناديق الاستثمار العقارى ومنصات إلكترونية مخصصة لها، وذلك بهدف إتاحة فرص أوسع لتسويق الوحدات العقارية داخل مصر وخارجها.
وأوضح، أن هذه الصناديق ستُتيح للأفراد والشركات الدخول فى استثمارات عقارية بمبالغ صغيرة نسبيًا، ما يفتح المجال أمام شريحة أوسع من المستثمرين.
كما أشار فريد إلى أن الهيئة تستعد لتطبيق معايير دولية تتعلق بقدرات الأصول العقارية، بما يسهم فى تنظيم طريقة عرض وبيع الوحدات، ويدعم توجه الدولة نحو تصدير العقار وزيادة جاذبيته فى الأسواق العالمية.
◗❙ الإصلاح التشريعى أولوية والرؤية العمرانية لم تعد تقتصر على السكن فقط
◗❙ شراكة متصاعدة بين الدولة والقطاع الخاص لدفع عجلة التنمية
◗❙ منصات وطنية للتصدير وجذب النقد الأجنبي
◗❙ الصناديق المتخصصة تفتح المجال أمام شريحة أوسع من المستثمرين
◗❙ دعوة لإصدار قاعدة بيانات رسمية دقيقة تُنظم المبيعات
◗❙ القطاع يمر بمرحلة إعادة تموضع والفجوة تتسع بين المعروض والمطلوب
◗❙ الإيجار يعود كبديل ملائم بعد قفزات الأسعار والتكاليف
◗❙ تعزيز الاعتماد على المنتج المحلى لتقليل المكون الدولاري
