تراجعت أسعار النفط العالمية، اليوم الاثنين، في تعاملات حذِرة بعد أن امتصّت الأسواق صدمة التصعيد العسكري المتبادل بين إسرائيل وإيران، والذي، رغم حِدّته، لم يُصِب البنية التحتية الحيوية لإنتاج وتصدير الطاقة في أي من البلدين بأضرار مباشرة، وفقًا لتقرير وكالة رويترز.
فقد انخفضت عقود خام برنت بمقدار 93 سنتًا أو ما يعادل 1.3% إلى 73.30 دولار للبرميل، بينما تراجعت عقود الخام الأميركي الخفيف (WTI) بنحو 99 سنتًا أو 1.4% إلى 71.99 دولار للبرميل، بحلول الساعة 13:07 بتوقيت غرينتش.
يأتي هذا التراجع بعد قفزة بنسبة 7% يوم الجمعة، والتي دفعت الأسعار لأعلى مستوياتها منذ يناير الماضي.
قال هاري تشيلينغيريان، رئيس وحدة الأبحاث في "Onyx Capital Group"، إن "الأسواق تراقب من كثب كيف سيتطور الصراع في ما يخص تدفقات الطاقة".
وأضاف: "حتى الآن، لم تتأثر قدرات الإنتاج أو التصدير، ولم تُسجل أي محاولات إيرانية لتعطيل الملاحة في مضيق هرمز".
ورغم أن صواريخ إيرانية استهدفت تل أبيب ومدينة حيفا الساحلية، صباح الاثنين، وأدّت إلى دمار في البنية السكنية، فإن المنشآت النفطية الرئيسية بقيت خارج نطاق القصف.
ومع ذلك، تأثرت بعض البنى التحتية الغازية؛ فقد علّقت إيران جزئيًا إنتاجها في حقل الغاز الجنوبي "بارس" بعد هجوم إسرائيلي، بينما أوقفت إسرائيل تشغيل حقل "ليفياثان" البحري بشكل وقائي الأسبوع الماضي.
مضيق هرمز… عين العاصفة المحتملة
يبقى مضيق هرمز في قلب المخاوف الدولية، إذ تمر عبره نحو 20% من الاستهلاك العالمي اليومي للنفط؛ أي ما بين 18 إلى 19 مليون برميل يوميًّا من النفط والمشتقات. أي توتر كبير في هذه المنطقة الحيوية قد يؤدي إلى قفزة مفاجئة في الأسعار.
قال المحلل توشيتاكا تازاوا من "Fujitomi Securities"، إن المخاوف من إغلاق المضيق أو تهديده قد تكون كافية لرفع الأسعار بشكل حاد، حتى وإن لم تقع أضرار مباشرة في منشآت النفط الإيرانية.
ووفقًا لبيانات "أوبك"، تنتج إيران حاليًّا حوالي 3.3 مليون برميل يوميًّا، وتصدر أكثر من 2 مليون برميل يوميًّا. ويُقدر محللون أن لدى منتجي "أوبك+" فائضًا إنتاجيًّا يقارب حجم صادرات إيران، مما قد يمتص أي اضطراب محتمل في الإمدادات.
يرى ريتشارد جوسويك، رئيس قسم تحليلات النفط قصيرة الأجل في "S&P Global Commodity Insights"، أن أي انقطاع في الصادرات الإيرانية سيدفع المصافي الصينية، أكبر مشتري الخام الإيراني، إلى البحث عن بدائل من الشرق الأوسط أو روسيا، مما قد يرفع أسعار الشحن البحري والتأمين على ناقلات النفط، ويضغط على هامش أرباح المصافي في آسيا.
من جهة أخرى، أظهرت بيانات رسمية صينية أن معالجة النفط الخام في البلاد تراجعت بنسبة 1.8% خلال مايو مقارنة بالعام الماضي، وهو أدنى مستوى منذ أغسطس، بسبب عمليات صيانة في المصافي الحكومية والخاصة.
الجهود الدبلوماسية في الخلفية
على الصعيد السياسي، أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن أمله في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران، لكنه أضاف أن "بعض الصراعات يجب أن تُحسم ميدانيًا أولًا". وأكد استمرار دعم بلاده لإسرائيل، دون الإفصاح عما إذا كان قد طالب حليفه بوقف ضرباته.
في المقابل، رفضت إيران، بحسب مسؤولين أطلعتهم مصادر دبلوماسية، أي مبادرة لوقف إطلاق النار في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية، رغم الوساطات التي تقوم بها كل من قطر وسلطنة عمان.
في الوقت نفسه، قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس إن قمة مجموعة السبع G7، التي تُعقَد، هذا الأسبوع، في كندا، ستناقش بشكل عاجل سبل تهدئة النزاع ومنع تفاقمه.
ورغم التصعيد العسكري غير المسبوق، فلا تزال أسواق الطاقة تتعامل بحذر، مستندة إلى أن البنية التحتية الرئيسية لم تُمس بعدُ، وأن تدفقات النفط والغاز مستمرة.
لكن، وبالنظر إلى هشاشة الوضع في منطقة تضم شريان الطاقة العالمي، فإن أي تغيير في قواعد الاشتباك، ولا سيما في مضيق هرمز، قد يشعل الأسواق من جديد.
