رئيس الرقابة المالية: تسارع وتيرة الكوارث يمثل ضغطاً على شركات التأمين

Ad

أوضح الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، في كلمته خلال فعاليات منتدى الشرق الأوسط للتأمين البحري 2025، أن التأمين البحري يمثل الأساس لأي نمو في حركة التجارة الدولية، مشيرًا إلى دوره المحوري في دعم التكامل الاقتصادي العالمي والتجارة الحرة، من خلال تقليل المخاطر المرتبطة بنقل البضائع بين الدول لافتًا إلى أن نشأة التأمين البحري كانت عنصرًا حاسمًا في تطور حركة التجارة العالمية.

واستعرض رئيس الهيئة الدور التاريخي المحوري لمصر في التجارة الدولية مستفيدة من موقعها الجغرافي المتميز، سواء قبل أو بعد افتتاح قناة السويس عام 1869، لافتًا إلى أن أول تشريع مصري ينظم التأمين البحري صدر عام 1888، ثم أعقبه إصدار أول منتج تأمين بحري محلي عام 1931، وهو ما عزز من مكانة مصر كمركز حيوي للنقل والتجارة البحرية في ظل تنامي حركة التجارة الدولية وازدياد مخاطر الشحن.

وفي سياق تطوير السوق المحلية، أوضح الدكتور فريد أن الهيئة تسعى بشكل مستمر إلى تحقيق التوازن بين متطلبات الحماية التأمينية ومواكبة التطورات الاقتصادية، من خلال تطوير الإطار التشريعي عبر إصدار قانون التأمين الموحد، الذي يمثل نقلة نوعية في دعم قطاع التأمين المصري وزيادة كفاءته.

وأشار إلى أن أداء شركات التأمين المحلية يمثل العامل الحاسم في قدرة السوق المصرية على التفاعل مع الأسواق العالمية، حيث تعتبر هذه الشركات بوابة الربط بين المستثمرين المحليين والدوليين.

وأضاف رئيس الهيئة أن الضوابط الجديدة تضمنت رفع الحد الأدنى لرؤوس أموال شركات التأمين ليصل إلى 600 مليون جنيه على مرحلتين، بما يعزز من قدرتها المالية، مع وضع قواعد واضحة لاستثمار أموال شركات التأمين بما يحقق التوازن بين العائد والمخاطر ويعزز من كفاءة إدارة الأصول.

كما شملت الإجراءات إلزام الشركات بمواعيد محددة لإعداد القوائم المالية الدورية ونشرها، بما يدعم مبادئ الشفافية والحوكمة المالية، فضلاً عن تطوير آليات تقييم المخاطر.

وأشار الدكتور فريد إلى أهمية بناء قواعد بيانات دقيقة حول المخاطر المناخية لدعم التخطيط الاستراتيجي السليم، خاصة في أنشطة التأمين البحري المرتبطة بالتغيرات المناخية، لافتاً إلى أن نقص البيانات يشكل أحد التحديات أمام مواجهة هذه المخاطر، خصوصاً ما يتعلق بانبعاثات الكربون من الوقود المستخدم في النقل البحري.

وأوضح رئيس الهيئة أن تسارع وتيرة الكوارث الطبيعية بات يمثل ضغطاً على شركات التأمين، إذ أن الظواهر الجوية التي كانت تحدث كل 70 أو 80 عامًا أصبحت تتكرر كل 7 إلى 8 سنوات فقط، وهو ما يتطلب تطوير أدوات إدارة المخاطر بشكل عاجل لمواكبة هذا التغير السريع.

كما شدد على ضرورة تطبيق مبدأ "المسؤولية المتفاوتة" لمواجهة تداعيات التغير المناخي، بحيث تتحمل الدول الصناعية الكبرى، التي استفادت من التصنيع سابقًا وأسهمت في التلوث، نصيبًا أكبر من مسؤولية تمويل جهود التكيف في الدول النامية، عبر توفير التمويل اللازم لبناء بنية تحتية مقاومة للتغيرات المناخية، أو تقديم تقنيات الطاقة النظيفة.

وفي سياق متصل، أشار الدكتور فريد إلى اهتمام متزايد من المستثمرين الدوليين، لا سيما من شرق آسيا وأوروبا، بدراسة إقامة مشروعات صناعية جديدة موجهة للتصدير في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، في ظل توجه عالمي نحو تنويع سلاسل الإمداد والاعتماد على مصادر طاقة نظيفة.

واختتم رئيس الهيئة كلمته بالتأكيد على أن الطفرة الكبيرة في مشروعات البنية التحتية وشبكات النقل خلال السنوات الخمس الأخيرة عززت قدرة مصر على جذب مزيد من الاستثمارات عبر التجارة الدولية، مع امتلاك شبكة طرق داخلية عالية الكفاءة تسهم في تدفق الاستثمار وتنشيط التجارة الداخلية والخارجية، مؤكداً استمرار الهيئة في دعم بناء سوق تأمين قوي وفعال، خاصة في مجالات التأمين البحري والتأمين المستدام.

وعقب انتهاء الجلسة الافتتاحية، قام رئيس الاتحاد المصري لشركات التأمين بتكريم الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، واللواء بحري طارق عبد الله، رئيس قطاع النقل البحري واللوجستيات، وفريدريك دينفيل رئيس الاتحاد الدولي للتأمين البحري، إلى جانب تكريم رعاة المنتدى، وهم: شركة مصر للتأمين (الراعي الرئيسي)، شركة طوكيو مارين جينرال تكافل (الراعي الفضي)، الشركة المصرية للتأمين التكافلي، شركة قناة السويس للتأمين، شركة المهندس للتأمين، وشركة gig للتأمين (رعاة برونزية).

وفي الجلسة الأولى التي جاءت بعنوان "آفاق التأمين البحري في أفريقيا والشرق الأوسط: التحديات والفرص"، برئاسة حسني مشرف، رئيس لجنة التأمين البحري باتحاد شركات التأمين المصرية، ناقش المشاركون وضع التأمين البحري في مصر ومنطقة الخليج والشرق الأوسط، حيث أشاروا إلى أن مصر تحتل موقعاً استراتيجياً مهماً مع وجود قناة السويس التي تستحوذ على 12% من التجارة البحرية العالمية.

وتناول النقاش التحديات التي تواجه السوق المصرية وعلى رأسها ضعف الوعي بأهمية التأمين البحري، مع الإشارة إلى الفرص المتاحة مثل تطوير البنية التحتية للموانئ، والتحول الرقمي في التأمين البحري لدعم التجارة الإلكترونية، بالإضافة إلى الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

وأكد المتحدثون أن دول الخليج تستحوذ على 6% من إجمالي أقساط التأمين البحري العالمية، بينما تمثل منطقتا الشرق الأوسط وأفريقيا معاً نحو 5.5% من حجم هذا السوق عالمياً، مع تقدير قيمة سوق التأمين البحرية في الشرق الأوسط وأفريقيا بنحو 503 ملايين دولار في عام 2024 فقط، وهو ما يمثل 2% من حجم السوق العالمية.

وأشار الخبراء إلى أن معظم أخطار هياكل السفن في المنطقة لا تزال تغطى عبر شركات التأمين الدولية خاصة في لندن وأوروبا وآسيا، ما يعكس أهمية بناء القدرات المحلية وتنمية سوق التأمين البحرية بالمنطقة، مع توقعات بتحقيق نمو سنوي مركب بنحو 3.2% في السنوات المقبلة.

وفي الجلسة الثانية التي حملت عنوان "تطبيق مبادئ الاستدامة في التأمين البحري في أفريقيا والشرق الأوسط"، برئاسة لارس لانج، أمين عام الاتحاد الدولي للتأمين البحري، ناقش المتحدثون كيفية دمج معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) في ممارسات التأمين البحري، بما يساهم في دعم التنمية المستدامة وتحقيق أهداف مرنة تدعم الاقتصاد العالمي والبيئة في آن واحد.

واختتم المنتدى فعالياته بزيارة ميدانية إلى مقر هيئة قناة السويس بمحافظة الإسماعيلية، حيث اطلع الوفد على عرض تقديمي حول تاريخ القناة وتطورها حتى يومنا هذا، كما زار المشاركون متحف القناة، ومركز المحاكاة، بالإضافة إلى القيام بجولة ميدانية داخل القناة لمعاينة التوسعات الحديثة.