زيادة الالتزامات وراء تراجع صافى الأصول الأجنبية للبنوك خلال أبريل

Ad

أكد خبراء مصرفيون أن تراجع صافى الأصول الأجنبية فى شهر أبريل الماضى يعود بشكل رئيسى إلى ارتفاع الالتزامات بالعملة الأجنبية بوتيرة تفوق نمو الأصول، نتيجة زيادة الاستيراد فى مواسم معينة مثل عيد الأضحى، وارتفاع مدفوعات الديون الخارجية، مما أدى إلى ضغط كبير على الموارد الدولارية المتاحة فى البنوك والبنك المركزى على حد سواء.

وأضافوا أن العوامل الموسمية، مثل إغلاق الشركات لمراكزها المالية وزيادة الطلب على الدولار، ساهمت أيضًا فى هذا التراجع، إلى جانب تراجع بعض مصادر العملة الأجنبية مثل إيرادات قناة السويس، والتى تأثرت بالتوترات الجيوسياسية.

وعلى الرغم من ذلك أشاروا إلى وجود مؤشرات إيجابية أبرزها الارتفاع الكبير فى تحويلات المصريين بالخارج، وزيادة الاستثمارات الأجنبية فى أدوات الدين المحلية بعد تحرير سعر الصرف فى مارس، وهو ما دعم تدفقات النقد الأجنبى وساعد فى تقليص العجز فى صافى الأصول الأجنبية.

وتراجع صافى الأصول الأجنبية للقطاع المصرفى بما فيها البنك المركزى إلى نحو 13.4 مليار دولار بنهاية أبريل الماضى مقارنة مع 15 مليارا خلال مارس السابق عليه، أى تراجع بنحو 1.6 مليار دولار، بحسب بيانات حديثة صادرة عن البنك المركزى.

ويعنى صافى الأصول الأجنبية للبنوك، الأصول المستحقة على غير المقيمين مطروحًا منها الالتزامات المستحقة لغير المقيمين، وبالتالى فهى تعنى ما تمتلكه البنوك من ودائع ومدخرات بالعملة الأجنبية.

وقال محمد البيه، الخبير المصرفى، إن التراجع فى صافى الأصول الأجنبية يرجع بالأساس إلى زيادة الالتزامات بالعملة الأجنبية على البنك المركزى والبنوك العاملة فى مصر، على الرغم من وجود زيادة أيضًا فى الأصول.

وأوضح "البيه" أن صافى الأصول الأجنبية يُمثل الفارق بين ما تمتلكه البنوك والبنك المركزى من أصول بالعملة الأجنبية، وبين ما عليها من التزامات بذات العملة، ويتم حساب هذا الفارق بطرح الالتزامات من الأصول للوصول إلى صافى الأصول الأجنبية.

وقال إن هذا الصافى يتأثر بعدة عوامل، من بينها حجم الاستيراد الحقيقى، موضحًا أن البيانات الخاصة بشهر أبريل ــ بحسب ما ورد من البنك المركزى والبنوك ــ تشير إلى أن التراجع سببه الرئيسى هو ارتفاع الالتزامات بنسبة تفوق نسبة زيادة الأصول، مما أدى فى النهاية إلى انخفاض صافى الأصول الأجنبية مقارنة مع شهر مارس.

وأضاف "البيه" أن زيادة الالتزامات فى تلك الفترة ترتبط عادة بمواسم معينة مثل فترة ما قبل عيد الأضحى، حيث يتم استيراد سلع أساسية وعلى رأسها اللحوم، استعدادًا لسوق الأضاحى، وهو ما يضغط على التزامات البنوك المصرية تجاه البنوك الخارجية.

أعباء خدمة الدين الخارجي

وبيّن "البيه" أن هناك التزامات أخرى تتعلق بسداد الديون المستحقة، وعندما يحين أجل سداد هذه الديون تدخل ضمن التزامات البنك المركزى، وفقًا لجدول الاستحقاقات الخاص به، لافتًا إلى أن ذلك يُعد من العوامل المؤثرة فى ارتفاع الالتزامات خلال شهر أبريل.

ووصلت أعباء خدمة الدين الخارجى إلى نحو 21.3 مليار دولار خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر من السنة المالية 2024/ 2025، وفقا لتقرير صادر عن البنك المركزى.

ويعود هذا الارتفاع بشكل أساسى إلى زيادة الأقساط المسددة التى بلغت نحو 17.1 مليار دولار، بالإضافة إلى الفوائد المدفوعة التى وصلت إلى نحو 4.2 مليار دولار، وتشمل هذه الفوائد العوائد على الودائع والسندات خلال الفترة المذكورة. وكذلك نتيجة لارتفاع حجم الأقساط المسددة، سجلت نسبة رصيد الدين الخارجى إلى الناتج المحلى الإجمالى %42.9 فى نهاية ديسمبر 2024، وفقًا للتقرير.

ولفت "البيه" إلى أن هناك مؤشرات إيجابية ظهرت خلال الشهور الأربعة الأخيرة من العام، أبرزها الارتفاع الكبير فى تحويلات المصريين العاملين بالخارج، معتبرًا أن هذه التحويلات تُعد مصدرًا مهمًا للعملة الأجنبية، حيث يتم تحويلها إلى الجنيه المصرى ويتم الاحتفاظ بها داخل البنوك والبنك المركزى، مما يُسهم فى تحسين صافى الأصول الأجنبية أو على الأقل فى تقليص العجز.

وأضاف أن من بين العوامل الإيجابية الأخرى، حدوث زيادة طفيفة فى صادرات السلع والخدمات المصرية خلال الفترة الأخيرة، وهو ما ساعد جزئيًا فى دعم موقف الأصول الأجنبية.

الصادرات ومدفوعات الواردات السلعية

وارتفعت المدفوعات عن الواردات السلعية بمعدل %31.6 لتصل إلى نحو 46.2 مليار دولار خلال النصف الأول من 2024/ 2025، بحسب النشرة الشهرية الصادرة عن البنك المركزى.

ويرجع ذلك بحسب النشرة الشهرية إلى ارتفاع كل من الواردات غير البترولية بنحو 7.7 مليار دولار لتصل إلى نحو 36.6 مليار دولار (%84.7 من إجمالى المدفوعات عن الواردات السلعية)، والواردات البترولية بنحو 1.3 مليار دولار لتصل إلى نحو 7.6 مليار دولار (%79.1 من إجمالى المدفوعات عن الواردات السلعية).

وعلى الجهة الأخرى، ارتفعت حصيلة الصادرات السلعية بمعدل %13.7 لتصل إلى نحو 18.7 مليار دولار خلال النصف الأول من 2024/ 2025، بحسب النشرة الشهرية الصادرة عن البنك المركزى.

وفى المقابل، أشار "البيه" إلى أن بعض العوامل ساهمت فى تقليص التدفقات النقدية بالعملة الأجنبية، من بينها تراجع إيرادات قناة السويس نتيجة للتوترات الجيوسياسية فى المنطقة، وهو ما أثر على حجم العوائد المتدفقة بالعملة الصعبة.

وشدّد على أن صافى الأصول الأجنبية يظل متغيرًا بحسب الظروف الاقتصادية المختلفة التى تمر بها الدولة، ويتأثر بمجموعة من العوامل المتداخلة.

وألمح "البيه" إلى أن قرار البنك المركزى المصرى فى مارس 2024، الذى سمح لقوى العرض والطلب بتحديد سعر صرف العملة المحلية، كان له أثر إيجابى واضح، حيث أدى إلى تحسن التدفقات من العملة الأجنبية، وجذب استثمارات غير مباشرة فى أذون الخزانة، وصلت قيمتها إلى نحو 40 مليار دولار، مؤكدًا أن هذا التحسن فى التدفقات ساعد على دعم صافى الأصول الأجنبية لدى البنك المركزى والبنوك المصرية.

تحويلات المصريين فى الخارج

من جانبها، لفتت سهر الدماطى الخبيرة المصرفية إلى أن التراجع الذى حدث على صعيد صافى الأصول الأجنبية للبنوك كان مدفوعا بالتقلبات الموسمية التى تعزز الطلب على الدولار، وعلى رأسها محاولة الشركات إلى إغلاق مراكزها المالية، وكذلك الطلب الموسمى على الدولار خلال موسم عيد الأضحى.

وأشارت إلى أن هناك العديد من العوامل التى تعزز الموارد الدولارية لدى مصر وعلى رأسها تحويلات المصريين العاملين فى الخارج وإيرادات السياحة.

وشهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج، بحسب بيانات البنك المركزى، قفزة تاريخية غير مسبوقة خلال الفترة من يوليو إلى مارس من العام المالى 2024/ 2025، حيث واصلت مسارها التصاعدى مسجلة زيادة سنوية بنسبة %82.7، لتصل إلى نحو 26.4 مليار دولار، مقابل نحو 14.4 مليار دولار فى الفترة نفسها من العام المالى السابق.

كما سجلت خلال الربع الأول من عام 2025 ارتفاعًا قويًا فى التحويلات بنسبة %86.6 على أساس سنوى، لتصل إلى نحو 9.4 مليار دولار، مقارنة بنحو 5.0 مليارات دولار خلال الربع ذاته من 2024.

وعلى الصعيد الشهرى، ارتفعت تحويلات شهر مارس الماضى بنسبة %63.7 على أساس سنوى، لتبلغ نحو 3.4 مليار دولار، مقابل نحو 2.1 مليار فى مارس 2024.

وأشارت الخبيرة المصرفية إلى أن استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة أحد الموارد الأخرى التى تدر نقدًا أجنبيا، موضحة أن هناك تدفقا معقولا لهذه الاستثمارات لا سيما فى ظل تنافسية السوق المصرية مقارنة مع غيرها من الأسواق الأخرى.