استضاف حازم شريف، مقدم برنامج CEO LEVEL PODCAST فى حلقة هذا الأسبوع، واحدًا من أبرز الشخصيات فى عالم التكنولوجيا بمصر والمنطقة، وهو المهندس وائل الفخراني، الرئيس التنفيذى لشركة «إيدنريد» الفرنسية بمنطقة الشرق الأوسط والخليج.
تناولت الحلقة الجديدة من البرنامج، محطات فاصلة فى مسيرة الفخرانى بداية من مغادرته «جوجل» ثم تجربته المثيرة للجدل مع شركة «كريم»، وصولاً إلى قيادته الحالية لـ«إيدنريد» الفرنسية العالمية، واستثماراته المتعددة فى كينات مصرية ناشئة بقيمة تزيد على المليون دولار.
تطرق الفخرانى خلال حديثه إلى أهمية الذكاء الاصطناعى ومواكبة تطوراته السريعة، بالإضافة إلى السباق الرهيب الذى نشهده حاليًا بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين فيما يتعلق بالتسلح الرقمي، وحيرة أوروبا بين الطرفين وهو ما يمثل فرصة كبرى لمصر لتدشين منطقة حرة رقمية تخدم تلك القارة.
وإلى نص الحوار المتاح على قناة «ALMAL TV» بموقع «يوتيوب» ومنصات البودكاست والتواصل الاجتماعي.
● حازم شريف: ضيف حلقة اليوم مميز وللأمانة هو غنى عن التعريف خاصة فى أوساط الأعمال وقطاعات التكنولوجيا والاتصالات والتكنولوجيا المالية، ووسائل التواصل الاجتماعى وصناعة المحتوى وغيرها من المجالات المتنوعة.
وأنا حقيقةً متفائل بهذه الحلقة، وأشعر أننا بصدد تقديم مادة ثرية اليوم، ولكى لا أطيل عليكم، ضيفى فى هذه الحلقة هو المهندس وائل الفخراني، الرئيس التنفيذى لشركة «إيدنريد» الفرنسية بمنطقة الشرق الأوسط والخليج، هل هذا صحيح؟!
وائل الفخراني: نعم.. صحيح.
● حازم شريف: وائل أرحب بك معي.
وائل الفخراني: أهلا وسهلا بك.
● حازم شريف: اسمح لى أن أبدأ معك بسؤال مختلف، فأنا لا أرغب فى طرح أسئلة تقليدية والتى عادة ما نبدأ بها مع ضيوف البرنامج مثل كيف وصلت إلى ما أنت عليه اليوم؟! وهكذا، وذلك لسببين: أنك بالفعل شخصية مشهورة وسيرتك المهنية معروفة لدى الكثيرين، ولا أرغب فى إعادة سرد ما يعرفه الناس عنك.
أما السبب الثانى فهو أننى أرغب فى استغلال الوقت لاستخلاص خبرات ومحتوى ربما يكون أكثر حداثة من تلك الأمور، ولذلك دعنى ألخص القصة سريعًا، لقد عملت فى عدد كبير من الشركات التى قد يحسدك الكثيرون عليها، وقد أمضيت فيها فترات زمنية لا بأس بها، باستثناء شركة واحدة قد نتطرق إليها سريعاً.
عملت فى شركات «IBM»، و«Oracle»، و«Google»، ثم فى «Careem»، هل هذا صحيح؟
وائل الفخراني: صحيح.
● حازم شريف: إذن ما الفرق بين وائل قبل 34 عامًا واليوم.. فيما يتعلق بالخبرات، ومنهجية التفكير؟، وبعد هذه المسيرة المهنية الطويلة، ما نظرتك الحالية للأمور؟ وما المهارات التى ترى أهمية لأن يتحلى بها الشخص الذى يرغب فى أن يكون مثلك؟ وما طريقة التفكير التى يجب أن يتبناها ليصل إلى أماكن مشابهة لتلك التى وصلت إليها؟
وائل الفخراني: سؤال جيد، بعد 34 عاما من العمل أصبحت أكثر هدوءًا مما كنت عليه فى بداية حياتي، فعندما كنت صغيراً، كنت قلقاً ولم تكن لديّ ثقة كافية فى نفسي.
صحيح أننى الآن لا أتمتع بالثقة بالنفس بنسبة %100 وهو أمر طبيعي، ولكنى كنت لا أثق فى نفسى فى بداية حياتى وكنت متعجلاً، وأرغب فى إثبات ذاتى وتحقيق أهدافى سريعًا والترقى فى المناصب بشكل سريع أيضًا مع راتب كبير بالطبع، وهذا التسرع قد جعلنى أفقد الكثير.
● حازم شريف: ما الأشياء التى فقدتها بسبب هذا التسرع؟
وائل الفخراني: فى البداية أنا شخص معروف بأننى مجتهد فى عملي، لكنى لم أكن طيباً فى بيئة العمل، بمعنى لم أكن متسامحاً إذا أخطأ أحد الزملاء، فقد كنت قاسيًا لشدة تركيزي، ورغبتى فى الحصول على راتب أعلى من زملائى وفى الترقى قبلهم.
كنت كمن يرتدى قميصاً يحمل شعار الدولار، يعكس رغبتى الواضحة فى الترقى والنمو المستمر، فقد كنت مدفوعاً بطاقة من الغضب والرغبة فى إثبات نفسى وتحقيق المزيد دون توقف.
وإذا سألنى أحد ما: هل تريد زيادة فى الراتب؟، كنت أجيب بنعم، هل تود أن تكون مديراً للشركة؟ كنت أجيب بنعم أيضًا حتى إن لم أكن مؤهلاً لذلك، وهذا خطأ لأننى ارتديت أحياناً «بدلة» أكبر من مقاسي، ودفعت ثمناً باهظاً مقابل ذلك.
ولكن الآن أصبحت أكثر هدوءاً، أعمل ما أريده بروح هادئة، ولست فى حاجة لإثبات شيء لأحد، وربما الشيء الوحيد الذى أريد إثباته لنفسى هو أننى ما زلت أمتلك الطاقة وأن أتعلم شيئاً جديداً.
فأنا فى صراع مع نفسى لكى أخصص ساعة أو ساعتين يومياً لتعلم شيء جديد، ولقد تعلمت أشياء كثيرة خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية، وهى أمور تجعلنى فخوراً بنفسي، وتشعرنى بأن السباق لم يعد مع أحد، بل بات سباقاً بينى وبين نفسي.
● حازم شريف: هل يمكنك أن تخبرنى عن بعض الأمور التى تعلمتها خلال السنوات القليلة الماضية، باستخدام أسلوب «الساعتين فى اليوم”؟
وائل الفخراني: أول ما بدأت به كان لعب الشطرنج عبر الإنترنت، فقد كنت فى الأصل جيداً فى هذه اللعبة، لكن حاليًا ارتفع مستواى بها، وفى فترة من الفترات بدأت تلقى دروس شطرنج لأننى كنت أرغب فى التعلم، وفى نهاية كل يوم أخصص ربع أو نصف ساعة لأنشغل بشيء ممتع.
مثال آخر.. قبل أربع أعوام ونصف العام التحقت بالعمل فى شركة فرنسية وكنت قد تعلمت القليل من اللغة الفرنسية فى المدرسة، وهو بالكاد ما يكفى لاجتياز الامتحانات، ولكن بعد مرور عام على انضمامى اكتشفت أن مدير الشركة فرنسي، وأن عدد العاملين فيها والبالغ 12 ألف موظف نصفهم تقريباً من الجنسية الفرنسية، بما فى ذلك المدير المالي، ولذلك قررت حينها أن أبدأ فى تعلم اللغة الفرنسية.
بدأت التعلم ذاتياً من خلال المواقع الإلكترونية والتطبيقات الهاتفية، وكنت أخصص ما بين 10 دقائق إلى 15 دقيقة يومياً لهذا الهدف.
والآن يمكننى القول إننى أستوعب ما بين 50 إلى %60 من اللغة الفرنسية، وأتحدث بنسبة تقارب الـ %30 ولا أشعر بالخجل عند الحديث فيمكننى مثلاً أن أطلب سيارة أجرة أو طعاماً من مطعم فى فرنسا بكل أريحية وبدون خجل.
أنا أتمتع بـ”جلد سميك» للغاية فى هذا الأمر، وكنت كذلك أيضًا فى الماضى لكنه اليوم بات أكثر سماكة، فلم أعد بحاجة إلى إثبات أى شيء لأى أحد، بل فقط لنفسي.
منذ عامين أو ثلاثة أعوام وبصفتى مهندس كمبيوتر كانت لدى معرفة قديمة بالذكاء الاصطناعى تعود إلى فترة دراستى الجامعية فى أواخر الثمانينيات، لكننى أرى أن الـ”AI» قد تطور الآن بشكل هائل، لذلك قمت بسداد مبلغاً كبيراً من المال والتحقت بدورة تدريبية فى جامعة هارفارد بعد أن نصحنى بها أحد أصدقائي، كما قمت بشراء الكتب اللازمة، فأنا من الأشخاص الذين إذا أحبوا شيئاً، يتعمقون فيه.
فعلى سبيل المثال، إذا شعرت بالإعجاب تجاه شيء ما فى مسلسل _كأغنية معينة _ أوقف المشاهدة، وأبدأ فى البحث عن تلك الأغنية، أتابع المغنى والملحن، وأتتبع أصول الموسيقى وتاريخها، وهكذا.
● حازم شريف: هذا يشبه القراءة، فبعض الناس يقرأون لمجرد القراءة، والبعض الآخر يقرأ للبحث والتعلم!
وائل الفخراني: بالنسبة للقراءة فأنا أقرأ ما بين 25 إلى 30 كتابًا سنويًا، وفى الحقيقة أنا لا أقرأ الكتب بالشكل التقليدى بل أستمع إليها.
فأنا شخص يتلقى المعرفة بشكل أفضل عن طريق السمع، وفى الوقت نفسه أحرص على امتلاك نسخ مطبوعة منها، وأحيانًا أشترى منها 15 نسخة، كما أحب أن أقرأ وأستمع فى الوقت نفسه.
● حازم شريف: لماذا 15 نسخة من الكتاب الواحد؟
وائل الفخراني: لاننى أقوم بتوزيع هذه النسخ على أصدقائي، أو أى شخص يزورنى فى المنزل، وللعلم أنا لا أميل لفكرة أنه يجب الانتهاء بالكامل من قراءة كل كتاب، لأننى إذا وجدت كتابًا ما أصبح مملًا بعد عدد معين من صحفاته أتركه ببساطة لأننى أريد الاستفادة، كما أننى من الممكن أن أقرأ أو أستمع إلى 4 كتب فى الوقت ذاته.
● حازم شريف: كم عدد الكتب التى تقرأها وتستمع إليها الآن؟
وائل الفخراني: بصراحة الكثير فأنا لدى الآن ما بين 7 إلى 8 كتب أتابعها فى الوقت ذاته، كما أننى مشترك فى عدد من التطبيقات على الهاتف تقوم بقراءة المحتوى لى صوتياً، سواء كانت كتباً أو تقارير.
فعلى سبيل المثال ملفات الـ”PDF» لديّ تطبيق يقرأها لى بصوت شخصيات محببة لي، مثل صوت الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، أو صوت ممثلة شهيرة، وهذا التطبيق يُدعىSpeechify، وأستخدمه باستمرار.
● حازم شريف: حسنًا.. دعنا ننتقل إلى وظيفتك الحالية، ثم نتطرق إلى عدة محطات مررت بها، حدثنى أولًا كيف حصلت على منصبك الحالي؟ وما طبيعة عمل الشركة، ومنذ متى انضممت إليها؟، وماذا ينص عليه عقدك بشأن مهامك وخطة العمل؟
وائل الفخراني: هى شركة فرنسية عالمية مقيدة فى البورصة الفرنسية منذ 30 عامًا، إذ تضم نحو 12 ألف موظف، وتُحقق مبيعات سنوية بقيمة 3 مليارات يورو، 2 مليار يورو منها أرباحًا صافية.
تعمل الشركة فى مجال حلول التكنولوجيا المالية ولكنها تقدم هذه الحلول إلى عالم الأعمال أو B2B2C وليس B2C ولهذا السبب قد لا يكون اسمها معروفا.
نموذج B2B2C يعنى أننا نقدم خدماتنا إلى أصحاب العمل وهم بدورهم يقدمونها إلى موظفيهم، ومن ضمن أشهر خدماتنا نظام يُعرف باسم «Meal vouchers» كوبونات للوجبات.
فى العديد من الدول حول العالم يتم منح حوافز لأصحاب العمل إذا وفروا وجبة غذائية للموظفين من يوم الإثنين إلى الجمعة، بقيمة تقارب 15 يورو يوميًا، وذلك فى مطاعم قريبة من مواقع العمل خلال فترة الغداء تحديدًا فى الساعة من 12 إلى 2 ظهرًا.
نحن فى الشركة ندير يوميًا 52 مليون وجبة على مستوى العالم، كما ندير نحو 2 مليون مطعم، ولدينا علاقات مع مليون شركة، إضافة إلى 52 مليون موظف يستخدمون خدماتنا.
● حازم شريف: ولكن كيف حصلت على الوظيفة؟!
وائل الفخراني: الشركة فى الإمارات تعمل فى مجال مختلف تمامًا عن الشركة الأم، وهو نظام حماية الأجور وسأحدثك عنه بالتفصيل، وللعلم لم تكن لدى أى خبرة فى مجال «Fintech».
حصولى على الوظيفة جاء بعد أن كنت جالسًا ذات يوم مع صديق لى وأخبرنى أنه سيصبح المدير التنفيذى لشركة إيدنريد فقلت له بالتوفيق، وبعد 4 أشهر حين جاء وقت تعيينه رسميًا، أخبرنى أنه متردد فى قبول المنصب، فاعتذر عنه، وسألنى إن كنت أرغب فى أخذ مكانه، أخبرته بأننى لا أفهم شيئًا فى مجال التكنولوجيا المالية، لكنه أصر أن أتحدث مع مسئول التوظيف أو الـ Headhunter وبالفعل حدث التواصل.
● حازم شريف: وماذا كنت تعمل حينها؟
وائل الفخراني: فى تلك الفترة كنت أشغل منصب رئيس شركة كويتية كبرى System Integration تُدعى Omnix، وكنت حينها قد عُدت من الولايات المتحدة بعد قضاء 3 أعوام هناك، وكنت أرغب فى إجراء تغيير جذرى فى مجال عملى كمقاول عمومى فى مجال التكنولوجيا.
قطاع التكنولوجيا المالية بدا لى مجالًا جديدًا ومثيرًا، رغم أننى لم أكن أفهم فيه شيئًا، تمامًا كما كانت تجربتى مع شركتى «جوجل» و«كريم»، إذ لم تكن لديّ خلفية عن النقل التشاركى أو عن منتجات «جوجل»، لكننى تعلمت.
أنا لا أدعى أننى خبير فى أى مجال ولكننى دائمًا ما أتعلم، لقد خضعت لعدد كبير من المقابلات للحصول على تلك الوظيفة كما أننى سافرت إلى فرنسا لإجراء مقابلة هناك، وفى النهاية وقع الاختيار عليّ بعد أن رفض صديقى الوظيفة.
الشركة التى أتحدث عنها كانت فى البداية محلية ثم استحوذت عليها شركة «إيدنريد» بنسبة %100.
● حازم شريف: وهل كانت الشركة التى تم الاستحواذ عليها حينها تعمل فى النشاط نفسه؟
وائل الفخراني: كانت تقدم نوع النشاط نفسه لكن بنموذج عمل مختلف وسأحدثك عن ذلك لاحقًا، ولكنى جئت لأتولى مسئولية السوق الإماراتية فقط، وكان عدد الموظفين حينها حوالى 220 إلى 250 عاملا، واليوم وصل عددهم إلى 300 موظف.
أما عن مهمتى فقد كانت تنمية الشركة وإعادة تنظيمها من جديد، وتحويلها إلى كيان تكنولوجى وليست شركة عمليات فقط خاصة بنظام حماية الأجور للموظفين.
والحقيقة أن دبى بيئة جاذبة للغاية للكفاءات، وخلال فترة وجيزة استطعت أن أُكوّن فريق عمل قويًا، إذ استقطبت عددًا من الزملاء الأكفاء، وأستطيع أن أقول إننا الآن فى مرحلة نمو هائلة.
وفى الوقت نفسه، تحقق الشركة أرباحاً كبيرة للغاية وأمامها مهمة واضحة تتمثل فى أن هناك حوالى 10 ملايين نسمة فى دولة الإمارات ومن هؤلاء حوالى 7 ملايين شخص يعملون فى وظائف مختلفة.
ومن بين هؤلاء الـ7 ملايين عامل هناك نحو 5 ملايين شخص يجدون صعوبة فى فتح حسابات بنكية، نظراً لاشتراط البنوك دفع مبالغ مقدمة تتراوح بين 5 إلى 6 آلاف درهم، كما تتطلب الإجراءات وجود شخص ذى ملاءة مالية ليتمكنوا من الحصول على بطاقات ائتمان، أو قروض سكنية، أو قروض لشراء سيارات، أو حتى خدمات التأمين، فالبنك يتعامل معهم على أنهم موظفين بمجرد نزول رواتبهم يقوموا بتحويل %90 منها للخارج.
لذلك نحن أنشأنا لهم نظاماً خاصاً، وأصبحنا نعتبر أنفسنا بمثابة البنك الخاص بهم، فنحن بنك بدون رخصة، ونعمل تحت مظلة أحد البنوك وهو بنك رأس الخيمة، ونوفر لعملائنا الخدمات المالية اللازمة، بالإضافة إلى ذلك أن أصحاب العمل يقومون بتحويل رواتب موظفيهم إلينا شهرياً بمبالغ كبيرة تصل إلى 3 و4 مليارات درهم شهرياً، وهذه الأموال نقوم بتحويلها إلى 2.5 مليون بطاقة رواتب.
لدينا شركات فى مصر تقدم خدماتنا نفسها منها شركة paynas، لكن فى الإمارات هناك قانون يفرض على أصحاب العمل عدم دفع الرواتب نقداً للموظفين، بل يشترط أن تتم عملية الدفع إلكترونياً، وهنا يأتى دورنا فى توفير تلك الطريقة الإلكترونية.
نحن نتقاضى رسوماً من أصحاب العمل مقابل تقديم هذه الخدمات، وقد طورنا تطبيقاً خاصاً بالموظفين يتيح لهم إمكانية تحويل الأموال، والحصول على خدمات التأمين، إلى جانب جميع الخدمات المالية الأخرى.
أصبحنا منصة مالية شاملة تتيح لهؤلاء الموظفين الوصول إلى مختلف أنواع الخدمات المالية والادخارية، وفى حال قمت بزيارة مقر الشركة فى دبي، ستجد أن هناك 250 جهاز صراف آلى موزعة فى جميع أنحاء الإمارات، كما نقوم بالذهاب إلى مواقع إقامة العمال لتعليمهم كيفية استخدام هذه الخدمات المالية، كما نعلمهم كيفية الحفاظ على أموالهم وعدم التعرض للاحتيال، ونقوم بتوعيتهم بأن خدماتنا هى الأسهل والأسرع والآمن فى عمليات التحويل.
كما نحرص على توعية المستخدمين بأن الطريقة الأمثل للتعامل المالى هى عبر استخدام التطبيق الخاص بنا لتحويل الأموال، بدلاً من الذهاب لسحب النقود والوقوف فى طوابير طويلة لساعات أمام مكاتب الصرافة.
● حازم شريف: صرحت منذ قليل بأن القانون فى الإمارات يساعد على ذلك وأن صاحب العمل مجبر على تحويل الرواتب رقميًا سواء من خلالكم أو عبر البنك.
وائل الفخراني: نعم.. فنحن مرخصون من البنك المركزى لنكون وكيلا للبنك، وندير عمليات إدارة الرواتب لـ Blue Collar أو (العمالة اليدوية أو الفنية).
● حازم شريف: ومن الأطراف المستفيدة؟
وائل الفخراني: صاحب العمل أو الشركة يستفيد بشكل كبير لأن موظفيه يتلقون رواتبهم بأمان وسلاسة، بل ونقوم بتعليمهم بكيفية استخدام تلك الخدمات، والاستفادة منها.
فعلى سبيل المثال، هناك إحدى الشركات فى منطقة «مصفح» بأبو ظبى تضم حوالى 20 ألف عامل يعملون فى منطقة نائية لبناء مدينة جديدة هناك، نحن نصل إليهم ونوفر لهم أجهزة الصراف الآلى (ATM) كما نقوم بشرح جميع الخدمات المالية لهم.
● حازم شريف: أنت بذلك قد ساهمت فى تخفيف العبء الإدارى عن صاحب الشركة، كما أنك تتحمل أى مسئولية لاحقة.
وائل الفخراني: نعم بالضبط.
والبنك فى السابق كان ينافسنا ولكنه تراجع بعد ذلك بسبب تكاليف إدارة الحسابات المرتفعة للرواتب التى تصل إلى 3 أو 4 آلاف درهم شهريًا، ونحن قادرون على إدارة هذا النموذج من العمل.
نحن نوفر دعماً فنياً بحوالى 9 لغات، ولدينا خدمة «واتساب» متاحة أيضًا بهذه اللغات، كما أن لدينا شبكة توزيع تمكننا من إيصال بطاقات الشركات إلى أى مكان داخل الإمارات، بالإضافة إلى ذلك هناك انتشار لأجهزة الصراف الآلى (ATM) التابعة لنا فى مختلف المناطق.
● حازم شريف: لدى سؤال، لماذا لا تستطيع البنوك تحمل تكلفة إدارة هذه الحسابات بينما شركتك تستطيع ذلك؟
وائل الفخراني: لأن البنك يربح عندما يحتفظ الموظف بمدخراته داخل البنك، فلو كان راتبك على سبيل المثال 20 ألف درهم، ستنفق نصفه ويبقى النصف الآخر كرصيد فى الحساب، ما يتيح للبنك فرصة للاستفادة من هذه المدخرات.
كما يحقق البنك أرباحًا من خلال إصدار بطاقات الخصم والائتمان، وتقديم القروض، وخدمات التأمين، والمنتجات المصرفية مثل «اشترى الآن وادفع لاحقاً»، وقروض التوفير.
لكن الآخر وضعه مختلف فهذا العامل لا يدخر أمواله فى الحساب بل يقوم بتحويل %90 منها لأسرته سواء الزوجة أو الأبناء أو الإخوة بعد 20 دقيقة فقط من استلام الراتب والبالغ 4 آلاف درهم.
وللعلم فإن إدارة ودعم هذا النوع من الحسابات تتطلب توفير مركز اتصال (كول سنتر) يقوم بمتابعة وحل أى مشكلات تواجه العميل مثل فقدان البطاقة أو تعطل الأجهزة، فنحن نتولى هذه المهام بدلا من البنك، ونتقاضى منه رسوماً شهرية جراء ذلك.
● حازم شريف: بينما يحتفظ البنك بالشركة نفسها كعميل لديه.
وائل الفخراني: صحيح، فالشركة تظل عميلاً رئيسياً للبنك، وتحصل على خدمات مثل التمويل التجاري، إدارة النقد، وغيره، وللعلم فنحن نتعامل مع سيولة نقدية ضخمة، تتراوح ما بين 3 إلى 4 مليارات درهم شهرياً، وأصحاب الأعمال راضون جداً عن مستوى الخدمة.
أما فيما يتعلق بالموظفين أو Blue Collar، فنحن نوفر لهم قروضاً بسيطة جداً تتراوح بين 150 و200 درهم فقط، وهى خدمات تمت الموافقة عليها من قبل البنك المركزي، فالراتب الشهرى لهؤلاء الموظفين ممن يتقاضون مثلاً 2000 أو 3000 درهم لا يتيح لهم الحصول على قروض تقليدية لأنه سيسدد نسبة فائدة 2 و%3 شهريًا وهى مرتفعة بالنسبة له.
ولذلك نحن نقدم لهم منتجات مالية أصغر وأكثر ملاءمة، خاصة أنهم لا يملكون تاريخا ائتمانيا، لذا نحن نعمل على توفيق هذا الجانب من خلال حصولنا على موافقات من البنك المركزى تتيح لنا تقديم قروض صغيرة لهذه الفئة، بناءً على ملاءتهم المالية.
● حازم شريف: متى تسلمت عملك فى الشركة؟ وكيف أصبح وضعها الحالى من حيث الأداء؟
وائل الفخراني: نحن شركة مقيدة بالبورصة، بدأت عملى فيها منذ شهر سبتمبر 2021، ونحن الآن فى مايو 2025.
والشركة تنمو بنسبة تتجاوز %60 سنوياً، كما نحقق أرباحاً تزيد على %40 فى العام، وقمنا بإعادة جزء كبير من السيولة النقدية الضخمة إلى مساهمينا.
والمهمة الأساسية التى لدينا.. هى تمكين الفئات غير المشمولة بالخدمات البنكية underbanked فى الإمارات، وتمكينهم بمعنى أن نتيح لهم القدرة على الاختيار، وأن نوفر لهم حلولاً وخيارات مختلفة.
نحن لا نعمل بمفردنا فى هذا المجال، بل نتعاون مع عدد كبير من شركات التكنولوجيا المالية من بينها شركات مصرية تعمل فى الخليج مثل «حالا» و«RAKBANK»، وقد أنشأنا نظاما متكاملا لخدمة هذه الفئات يتضمن منتجات مثل «اشترى الآن وادفع لاحقاً» «Buy Now Pay Later»، والقروض الصغيرة «Micro Loans»، وحسابات التوفير «Savings»، وغيرها من المنتجات التى أطلقناها بأسلوب تكنولوجى دون الحاجة إلى وجود أى فرع فعلي، فنحن لا نمتلك أى فرع سوى مكتبنا فقط.
هدفنا تمكين 53 مليون شخص فى القارة السمراء والخليج بالخدمات البنكي
● حازم شريف: وما رؤيتك المستقبلية؟
وائل الفخراني: هناك أكثر من 53 مليون شخص فى أفريقيا والخليج banked under، يمثلون هدفنا المستقبلي، ونأمل أن نوفر لهم تصنيفات ائتمانية Credit Ratings لجميع الأشخاص الذين لا تتاح لديهم خدمات بنكية لأن ذلك سيغير من حياتهم بشكل جذرى من الناحية المالية.
فمثلاً إذا كنت تعمل كسائق توصيل فى «طلبات» أو «ديلفرو» فى الإمارات فلن تتمكن من شراء أى شيء بنظام التقسيط لأنك لا تمتلك أى ملاءة مالية وبالتالى يجب عليك شراء كل شيء نقدًا.
ولذا فهدفى هو تمكين هؤلاء الأشخاص من شراء أجهزة تكييف بالتقسيط، والتأمين بالتقسيط، وحتى سداد مصروفات مدارس أبنائهم فى الهند مثلاً بالتقسيط، فنحن لدينا رؤية أن نصبح البنك أو وكيل البنك لما بين 50 إلى 60 مليون شخص فى أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط.
نركز على السوق السعودية حالياً.. ومصر وشمال أفريقيا ضمن خطة مستقبلية
● حازم شريف: هل تخطط للتوسع وافتتاح فروع للشركة فى مصر؟
وائل الفخراني: درسنا الأمر، وبصراحة هناك شركتان أو 3 شركات جيدة فى مصر وتعمل فى هذا النشاط مع العلم أن السوق المحلية تضم الكثير من الأشخاص غير المشمولين، لكن السوق المصرية ليست أولوية بالنسبة لنا حالياً، فنحن نركز الآن على السعودية والخليج، على أن تكون الخطوة القادمة فى شمال أفريقيا ومصر، ووجودنا الأساسى الآن فى الإمارات.
أما بالنسبة لي، فأنا أملك استثمارات فى العديد من الشركات المصرية الناشئة.
● حازم شريف: من الجيد أنك تطرقت إلى هذا الأمر، ويبدو أنك تحاول تعويض بعضًا من الشراسة التى كنت عليها فى صغرك.
وائل الفخراني: بالعكس أنا شخص طماع وأطمح لتحقيق 10 أضعاف ما استثمرته من أموالي.
● حازم شريف: وما حجم استثماراتك الحالية؟
وائل الفخراني: لدى استثمارات فى 11 شركة بقيمة تزيد على مليون دولار، وهذه الاستثمارات موزعة بين مبالغ صغيرة وأخرى كبيرة، فهناك مثلاً شركة وضعت بها 100 ألف دولار وأخرى استثمرت فيها 50 ألفا وهكذا.
● حازم شريف: كم شركة كنت تتوقع أن تحقق عائداً جيداً لك من بين هذه الكيانات؟
وائل الفخراني: كنت أرغب أن تحقق شركة أو اثنتان من هذه الاستثمارات عائداً جيداً، وبالفعل حدث هذا فهناك شركة واحدة حققت نجاحًا وهى التى أسسها ابني، وتعمل فى مجال إحصائيات كرة القدم.
كنت قد استثمرت فيها مبلغاً صغيراً أنا وصديق لى ثم قمنا ببيعها فى أغسطس 2024 إلى واحدة من كبرى الشركات الرياضية.
● حازم شريف: وكم بلغ العائد الذى حققته من تلك الصفقة؟
وائل الفخراني: حققنا عائداً جيدًا بلغ أكثر من 30 ضعف رأس المال، علماً بأننا استثمرنا هذه الأموال فى عام 2014، وتم التخارج من الاستثمار بعد 10 أعوام.
● حازم شريف: وما الشركة الثانية؟
وائل الفخراني: الشركة الثانية تسير بشكل جيد، ولكن الفكرة هنا ليست فقط فى التخارج بل الأهم هو أن تكون تلك الشركات قوية وتنمو، رغم أن معظمها يواجه خسائر حاليًا.
أنا استثمرت فى شركة تُدعى Pharmacy Marts وهى تدير سوقا إلكترونية مخصصة لقطاع الصيدلة فى مصر، وأيضًا استثمرت فى شركة Cupel وهى منصة تعليمية تشبه تطبيق «دولينجو» وهو البرنامج الذى قد تعلمت من خلاله اللغة الفرنسية، ويعتمد على تقنية المحادثة الآلية والتى تطرح الأسئلة على المستخدم وتصحح إجاباته.
جميع استثماراتى فى شركات لا تزال فى مراحلها المبكرة Early Stage وغالبًا ما أكون أول أو ثانى مستثمر يدخل معهم وهذا يعنى أننى أتحمل مخاطرة أعلى، لكننى أراهن بشكل أكبر على شخصية المؤسس وليس فقط على نموذج العمل.
● حازم شريف: بمناسبة الأشخاص، سمعت أنك مستثمر فى شركة سويفل، هل هذا صحيح؟
وائل الفخراني: نعم، لقد استثمرت بعد إدارج «سويفل» فى بورصة «ناسداك»، ولا أعتبر نفسى مستثمراً، أنا أدعم مصطفى قنديل وفريقه، وأرى أنه أول مصرى يقود شركة ناشئة مصرية إلى «ناسداك»، وأعتقد أنهم سينجحون بشكل كبير وسيحققون نتائج قوية.
وكجزء من دعمى لهم كانت مساهمتى المتواضعة هى أننى قمت بضخ أموال كبيرة فى وقت كانت فيه «سويفل» تمر بظروف صعبة.
وكنت قد اشتريت السهم بسعر منخفض جدًا، وهو الآن يسير بشكل جيد للغاية ويحقق نتائج إيجابية، وأرغب فى أن أؤكد أن مصطفى قنديل شخص أُكنّ له الكثير من الحب.
● حازم شريف: بالفعل هو شخص رائع.
وائل الفخراني: وأُقدر فى فريقه الإصرار والمثابرة التى يتمتعون بها، كما أن مصطفى قادر على النهوض بعد كل ضربة يتعرض لها وفريقه قوى بالفعل.
● حازم شريف: أنت تؤمن بالشخص والفريق، ومن ثم الإيمان بقدرتهم على تنفيذ عملية التحول، لننتقل الآن إلى الحديث عن شركة «كريم»، فلا يمكننا تجاوز هذا الملف دون أن نتحدث عنه، ما الدرس المستفاد من تجربتك مع «كريم»؟
وائل الفخراني: تركت شركة جوجل فى أغسطس لعام 2016، وانضممت إلى «كريم» وقد كنت أعيش فى دبي، ثم عدت إلى مصر، وفى أبريل 2017 تم إنهاء عملى فى «كريم».
● حازم شريف: وما السبب المُعلن لإنهاء عملك فى «كريم«؟ وما السبب الحقيقى فى رأيك؟
وائل الفخراني: السبب المُعلن كان «أن العقول الكبيرة لا تتناسب مع الأفكار الكبيرة»، وكان ذلك فى البيان الرسمى الصادر عن الشركة.
أنا شخصيًا لم أعلن عن شيء حينها فقط قلت إننى تعرضت للطرد بطريقة مهينة، وفى ذلك الوقت كنت متأثرًا نفسيًا، ورفعت العديد من الدعاوى القضائية خسرت بعضها وربحت البعض الآخر.
وفى النهاية، أتحمل المسئولية عما حدث، لقد ارتكبت خطأً بانضمامى لشركة «كريم» لأسباب خاطئة، فقد كنت أمتلك نسبة كبيرة من الأسهم، وانضممت إليهم مدفوعًا بالطمع، أملاً فى الربح المادي.
وكنت أرغب فى العودة إلى مصر، وأردت راتبًا منخفضاً مقابل نسبة أكبر من الأسهم، لأن السهم كان وقتها يرتفع من دولار إلى 10، ثم إلى 12، حتى وصل إلى 40 دولارًا، نظرًا لأن شركة «أوبر» كانت بصدد الاستحواذ على «كريم».
لكن اتضح لى بعد ذلك أن الدافع المادى وحده لا يكفي، فهناك أمور أخرى فى الماضى لا أستطيع التحدث عنها الآن.
وأنا أحب أن أتحمل المسئولية، هل شركة «كريم» أخطأت! نعم، ولكن الخطأ بنسبة %100 يقع عليّ، فأنا من قرر ترك أفضل وظيفة فى العالم فقد كنت مدير منطقة الشرق الأوسط فى Google، ثم قررت العودة إلى مصر مدفوعًا برغبة شخصية فى الرجوع إلى موطنى واعتبارات أيضًا مالية، وكان عليّ أن أتحمل نتيجة هذا القرار.
● حازم شريف: فى رأيي، لا يبدو أن السببين وهما الرغبة فى العودة إلى الوطن والدافع المادى يشكلان مشكلة.
وائل الفخراني: صحيح، لكن كان يجب أن أدرس العقد بعناية أكبر، وأن أُعطى لنفسى وقتًا للتفكير، فقد تصرفت باندفاع، وربما بشيء من الرومانسية.
خلال الأشهر التى قضيتها فى «كريم» حدثت تطورات كبيرة، لكننى فوجئت بقرار طردى من العمل بعدما تم قطع البريد الإلكترونى عني، وكان ذلك خلال لقاء فى أحد المقاهى فى الساعة الثامنة صباحًا.
كانت تلك لحظة صادمة لى خاصة فيما يتعلق بالأسهم التى كنا قد اتفقنا عليها، وقيل لى إن المقصود فى العقد كان شيئا آخر، وبعد أربع سنوات من التفكير، أدركت أنه كان عليّ المضى قدمًا وأنه لا يمكن أن أبكى على اللبن المسكوب.
أتصور أن «كريم» حققت إنجازات كبيرة فى الشرق الأوسط، وخرج منها كفاءات كبرى من الشباب والشابات، وحتى التخارج كان من الحالات القليلة المحترمة أن يبدأ أشخاص فى شركة باستثمارات صغيرة 100 و500 و600 ألف، وينتهون ببيعها بـ 3.3 مليار دولار لشركة محترمة، لذلك أرى أنهم نجحوا فى تحقيق أشياء مهمة جدا لأنفسهم.
● حازم شريف: لكن ستظل مشكلتى حتى هذه اللحظة أن القصة تبدو غامضة.
وائل الفخراني: تقديرى لوجهة نظر الشركة حينها أنهم رأوا أن قيمة الأسهم التى حصلت عليها كانت أعلى من اللازم وأن الرقم كان كبيرًا جدًا على موظف، وكنت أظن أن هناك عقودًا واضحة تحمى الحقوق، ولكنبصراحة لن ألوم أحدًا سوى نفسي.
كنت متسرعًا ووقّعت العقد بتلك الصورة، وكان يحتوى على بنود مبهمة وأخرى واضحة، واندفعت ورفعت دعاوى قضائية، ودخلت فى نزاع قانوني، وتكبّدت مصاريف بملايين، وكانت فترة مليئة بالطاقة السلبية فى حياتي.
ما المشكلة فى أن تتم إقالتك وتبدأ البحث عن وظيفة أخرى؟ لا توجد أزمة.
● حازم شريف: ربما الشعور كان صعبًا – وفقا لكلامك - بسبب التضحيات التى قُدمت، والأداء الذى بُذل، ولكن يبدو أن المسألة لم تكن مفاجئة تمامًا، بل كان هناك مقدمات، بغض النظر إذا كنت ترغب فى سرد تلك المقدمات أو الأسباب أم لا.
وائل الفخراني: أتفق تمامًا،لكن الأمر كله كان سريعًا فسعر السهم كان يرتفع بطريقة غير طبيعية، والمبالغ كانت كبيرة جدًا.
من جانبهم، عرضوا عليّ خيارًا آخر، وقالوا لي: ستأخذ هذا الرقم بدلا من ذاك، لكننى رفضت، لأننا كنا قد اتفقنا على رقم معين فيما يتعلق بالأسهم، إلى أن انتهى الأمر عند هذا الحد.
● حازم شريف:دعنا نغلق ملف «كريم» الآن، وننتقل إلى موضوع المهارات، بما أنك مهتم حاليًا بتصنيف الشباب فيما يتعلق بالتوظيف، ما المهارات التى كانت مطلوبة عندما أجريت أول مقابلة توظيف فى حياتك عام 1989؟ وما المهارات التى تبحث عنها الشركات اليوم؟ لو أردت أن تنصح شابًا يريد أن يطوّر نفسه.
وائل الفخراني: أجريت أول مقابلة توظيف فيIBMعام 1989 مع الأستاذ نبيل حليم، وكان هو أول من أجرى لى مقابلة، كما كان صديقى خالد حسن موجودًا.
وقتها، كانوا يبحثون عن الـ”soft skills» لأنه لم يكن يكفى أن تكون خريج هندسة عين شمس، بل كان عليك أن تُتقن مهارات العرض والتواصل، وتستطيع الحديث بطلاقة أمام الناس، كانوا يريدون شخصًا «commercial» للعمل فى «IBM»، ومن المهم أن يكون خريج الجامعة الأمريكية، أو على الأقل يتحدث الإنجليزية بطلاقة، لم تكن تلك المهارات سهلة آنذاك.
بالطبع، كانوا يهتمون بالـ”Hard Skills”أيضًا مثل فهم الـ”Computer Architecture» والشبكات والبرمجيات، وكل التفاصيل التقنية لكن الوظيفة التى تقدمت لها وقتها كانت ذات طابع تجاري، أقرب ما تكون إلى ما يعرف بالـ«System Engineering»، وهو مجال تجارى وتقنى فى الوقت نفسه.
لذلك، كان من المهم جدًا أن تكون قادرًا على مقابلة العملاء، وأن تتحدث معهم دون خجل، وكانت تلك مهارات أساسيةوقتها، وبشكل عام ما زالت ضرورية حتى اليوم.
فى النهاية، أنت تتعامل مع بشر فإذا كنت شخصًا ثقيل الظل مع زملائك، فلن يكون وجودك فى المكان محببًا حتى لو كنت الأذكى بينهم، والحالة نفسها مع مديرك، لن يفيدك ذكاؤك أو عبقريتك،لكن اليوم ظهرت مهارات أهم، وأصبحت هناك فنيات وأدوات أكثر أيضًا.
سأخبرك بأمر آخر، فى عام 1988، حين كنت أتقدم لوظيفة في«IBM»، تحدثت مع أشخاص فى أمريكا وكندا، وكانت المكالمات فى ذلك الوقت باهظة التكاليف.
كل ذلك فقط لأعرف حجم مبيعات شركة«IBM»السنوية، حتى أكون مستعدًا إذا سُئلت فى المقابلة عن ذلك، فقد كانت المعلومة فى حد ذاتها كنزًا فى ذلك الزمن.
كنت أشترى مجلات مثل «نيوزويك» و«تايم» وأذهب إلى المكتبة لأبحث عن معلومات، أما اليوم فكل المعلومات متوفرة بسهولة،بإمكانك أن تعرف اليوم كل مشاكل المدير التنفيذي(CEO)لشركةIBMقبل أن تجرى مقابلة معهم، وتعرف المشروعات التى فازوا بها وتلك التى يواجهون فيها تعثرًا، وتعرف أسعار ومنتجات الشركة.
كل شيء أصبح متاح، وأصبح لديك قوة لا نهائية، كما أن الذكاء الاصطناعيحاليًا يمكنك من محاكاة مقابلة العمل، ويقترح عليك أفضل الإجابات المحتمل فالمعرفة أصبحت فى متناول الجميع، ولذلك يجب أن تتميز.
سأعطيك مثالًا من تجربتى الشخصية مع «جوجل»فىعام 2007، وجدت إعلانًا على الإنترنت بأن «جوجل» تبحث عن مدير فتقدمت من خلال إرسال سيرتى الذاتية، وبعد خمس دقائق فقط، تم رفض طلبى بعد أن تلقيت ردًا من سيدة تُدعى «سوزان بايك» تشكرنى على السيرة الذاتية الجيدة، لكنها أبلغتنى أننى لن يتم اختياري، قمت بالرد عليها على الفور وسألتها: لماذا؟فأنا أفهم الإنترنت جيدًا، وأنا معتمد كخبير فى إعلانات جوجل،وقد أعددت خطة عمل كاملة لـ«جوجل» من 200 صفحة تغطى السنوات الثلاث المقبلة، شاملةً كل منتج فى كل دولة، حتى قبل أن يتم تعييني.
فردت بدهشة: «أنت مجنون..هل فعلت ذلك فعلا؟»قلت: نعم،فطلبت منى أن أرسل لها هذه الخطة، فأرسلتها، وردت على قائلة: سندخلك فى المقابلة، رغم أن سنك كبير، ولم تتربَ على الإنترنت.
فى الحقيقة، كنت فى الأربعين من عمري، وكان من ينافسوننى على الوظيفة فى عمر السابعة أو الثامنة والعشرين، لكننى كنت أقاتل رغم أنه كان من الممكن أن أقبل بالرفض حينما قالت لى «لا»، لكن تلك المحاولة غيرت حياتي.
أتذكر حين قلت لها: أنا فعلت ذلك لأنى أحب الإنترنت، ومُعجب بمنتج جديد اسمه «أندرويد»، فسألتنيما هو الأندرويد؟ قلت لها:إنه منتج جديد أنتم بصدد إطلاقه، فقالت لي: هل لديك تأشيرة إلى لندن؟ تعالَ لنجرى المقابلات، وتم اختيارى فى النهاية بعد أن أجريت 14 مقابلة.
هكذا كانت مقابلات العمل فى عام 2007 وفى عام 1988، كان الشكل مختلفًا تمامًا كنت تحصل على المعلومات من أصدقائك أو من الصحف.
أما اليوم، فأنت تحصل عليها منLinkedInومن وسائل التواصل الاجتماعي، ويمكنك أن تعرف كل شيء عن الشركة قبل الذهاب، فلم يعد لك أى عذر اليوم أن تذهب لمقابلة اليوم دون معرفة كل تفاصيل الشركة وإذا كانت الشركة غير معروفة، فلا تذهب.
● حازم شريف: إذن يجب أن تكون مُلمًا بكل جوانب الشركة، بل وربما بمن سيجرى معك المقابلة أيضًا.
وائل الفخراني:طبعا، إذا لم يكن هذا الشخص موجودًا علىLinkedIn، فهذه علامة غريبة، وإذا لم يكن هناك تاريخ واضح له أو إنجازات معلنة للشركة أو حتى إخفاقاتها، فهذه علامة استفهام أيضًا.
الشركات اليوم تسعى للإفصاح عن نفسها، وإن لم تكن حاضرة علىLinkedInأو وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا سيكون غريب.
هناك فرق شاسع بلا شك بين الماضى والحاضر، ولكن ما زالت المهارات مطلوبة،والمهارات الفنية باتت أكثر أهمية.
والمقصود بالمهارات الفنية ليس فقط البرمجة، بل أن تكون مُلمًا بتحليل البيانات «Data Analytics”وتفهم الأرقام جيدًا حتى لو كنت تتقدم لوظيفة فى المجال التجاري، فمثلًا، قد يُطلب منك تقدير مبيعات الشركة فى اليابان، فتقول مثلًا: عدد سكان اليابان 174 مليون نسمة، نصفهم إناث، والنصف الآخر ذكور.. وهكذا.
المقصود من هذا النوع من الأسئلة ليس الإجابة الصحيحة حرفيًا، بل فهم طريقة تفكيرك، ومنهجيتك فى تحليل الأمور.
● حازم شريف:كنت على وشك أن أسألك هذا السؤال تحديدًا، لأن كل ما ذكرته يتعلق بمهارات البحث وتحليل البيانات..عندما أقوم بإجراء مقابلة شخصية، أو حتى أرغب فى تقييم الناس، أرى أن فكرة المنهج فى حد ذاتها مهمة. أنت تحتاج لأن تكون جزءاً من القدرة على التفكير وربط الأشياء ببعضها.
وائل الفخراني:بالضبط، أنا أحاول أن أختصر لك الفكرة، لكن الحقيقة أن كل شركة لديها مجموعة من القيم التى تركز عليها، وحتى فى المقابلات، لا يُطرح عليك سؤال فى الشركات الكبيرة والمحترمة إلا بهدف اختبار مدى توافقك مع هذه القيم.
لا توجد مقابلة شخصية واحدة فقط، ولا يقرر أحد بمفرده،وينبغى أن يتم تقييمك من جانب القدرات والإمكانيات، وكذلك الجانب العقلى فى تحليل الأرقام، بينما يختبر قسم الموارد البشرية القيم المتعلقة بالاحترام، وهى مهمة للغاية.
أصبحت العملية علمية جداً، ففى الماضي، كان القرار يُتخذ بناءً على رأى مدير واحد ذى سلطة مطلقة، أما اليوم فلا يوجد مدير يملك سلطة تعيين فرد بمفرده، حتى الرئيس التنفيذى لا يعين موظفاً دون موافقة جماعية مع ذكر الأسباب، سواء كانت متعلقة بالأخلاقيات أو الأداء، ويتم تشكيل لجنة لذلكفلا أحد يمتلك قوة لانهائية فى القرار.
● حازم شريف:قصتك مع المدير الملهم ربما تكون مرتبطة بنشأة الشركات، ولو نظرت إلى سيرتك الذاتية، سنجد أنك عملت فى شركات عالمية، ولكن عندما تقوم بإنشاء شركة تكون مجبرا أن تكون المدير الملهم فى البداية.
وائل الفخراني:أتفق معك، لكننى لست رائد أعمال، أنا موظف، لكن فى شركة ناشئة مثل «إنكورتا» حيث عملت، كان الفريق التجارى فيها ثلاثة أفراد فقط، ولكن بالطبع عندما تكون فى شركة «Startup» يكون لديك وظائف مختلفة وعليكاتخاذ قرارات بسرعة وبصورة مباشرة، ومكتبنا فى السعودية كان عبارة عن سيارة، وكنا نلتقى مع العملاء ونقدم لهم عروضاً من المقاهى.
قد تكون الصلاحيات فى هذه الحالة أكبر، لكن من الضرورى أن تضع نظاماً منهجياً، فالتنوع فى الفريق مهم جداً؛ فإذا كنت شخصاً انطوائياً، يجب أن تجلب زملاء منفتحين اجتماعياً، وإذا كنت تميل للأرقام، يجب أن يكون لديك من يحب الإبداع أكثر من حبه للأرقام.
هذا التنوع مثبت علمياً أنه يحسن سير العمل فى الشركات الصغيرة، ويمكن أن يتخذ شخص واحد القرارات، لكن مع نمو المبيعات والإيرادات لا بد من المنهجية والتخصصحتى تضمن النجاح.
● حازم شريف: المقصود بمنهجية الشركة هنا أن يكون لها نظام تشغيل منهجي، بمعنى أن تدخلها فى نظام الحوكمة إن جاز التعبير.
وائل الفخراني:بالضبط،من الضرورى وضع نظام تشغيل قياسي(SOPs)مثل كيفية التوظيف والفصل، وما هى القيم التى نؤمن بها، وهل نركز على زيادة المبيعات أو الأرباح، وهل نريد التوسع فى السوق السعودية أوننكمش ونركز على سوق أخرى مثل مصر.
لقد شاهدتك عندماسألت أشرف صبرى لماذا لم تتوسع خارج مصر، وكانت إجابته أنه «أسير تجربته فى راية» لأن تكلفة الخروج من مصر كانت حينها مرتفعة، وقال إنه شخصيا لا يعرف إذا كان هذا القرار صائبا أم لا.
● حازم شريف: هو قال بنفسه أنه كان أسير تجربته، وأنا أقدر هذا الاعتراف فى الحقيقة.
وائل الفخراني:بالضبط.
● حازم شريف: أنت تحدثت عن فكرة مهمة لا يذكرها ضيوفى عادة وهى أهمية القيم الجوهرية للشركات، وأحياناً يجهل الناس هذه المفاهيم رغم أنها مذكورة فى العديد من الكتب والمراجع العالمية، فهل يمكن أن تذكر لى القيم الجوهرية لشركتك الحالية ««Edenred، بالمقارنة بقيم «جوجل» على سبيل المثال؟
وائل الفخراني:5 قيم رئيسية، الأولى هى «Respect» أو الاحترام وهو أمر مهم للغاية، الثانية هى «Simplicity» أو السهولة، الثالثة هى «Imagination» أو الخيال والإبداع، الرابعة هى «Entrepreneurship» أو ريادة الأعمال»، أما الخامسة فهى الـ «Customer Obsession».
هذه القيم لم نأخذها كما هي، وبالمناسبة هى مكتوبة على جدران الموقع الإلكترونى للشركة، ولكن أخذناها أنا وفريقى وقمنا سويا بالجلوس لمدة 3 أيام خارج المكتب لترجمتها إلىما يسمى بالـ”Cultural Canvas»،لتصبح أداة لتجسيد هذه القيم عملياً داخل الشركة.
فمثلاً، كلمة«Respect» أو الاحترام هى كلمة ذات معنى جميل لكن ما معناها الحقيقى فى بيئة العمل؟ وماذا نتوقع أو لا نتوقع منها؟ فعلى سبيل المثال، إذا تركت أثناء خروجك من قاعة الاجتماعات ورقة شوكولاتة أو فنجان نسكافيه أو الكرسى الخاص بك دون أن تعيده لمكانه، فهذا يعد قلة احترام تجاه الموظفين.
● حازم شريف:هل تقصد أن هذه القيم تتحول إلى لوائح تنظيمية تترجم هذه المبادئ إلى سلوكيات واضحة؟
وائل الفخراني:بالضبط، هوسلوكعام يجب أن يسود.
أما شركة «جوجل» فلديها 4 قيم مختلفة تماماً تركز على القدرات المعرفية، مثل القدرة الذهنية أو القوة الفكرية، فيمكنأن يوجهون لك أسئلة مثل: هل تستطيع أن تخبرنى كم تبلغ قيمة نسبة %3 من 16 تريليون دولار؟ أو كم عدد مقاهى «ستاربكس» الموجودة فى الصين؟ أو عدد مصففى الشعر فى مصر؟ هذه الأسئلة تُستخدم لفهم منهجية تفكيرك.
أيضاً، هناك قيمة أخرى تسمى «Role Related Knowledge»، وهى المعرفة المتعلقة بالدور الذى تقوم به، مثل هل لديك خبرة سابقة فى المبيعات أو فى الهندسة، وهل قمت بهذا الدور من قبل أم لا.
ثم هناك قيمة تسمى «Leadership» وهى القدرة على العمل مع أشخاص من خلفيات مختلفة؛ أشخاص من ألوان وأديان وأعراق مختلفة، طويلى القامة أو قصيرين، انطوائيين أو اجتماعيين.
وأخيراً، هناك مفهوم يسمى«Googliness»، وهى كلمة خاصة بـ«جوجل» تعنى مقدار اهتمامك بهواياتك وشخصيتك. هل تحب السينما؟إذن كم عدد الأفلام التى شاهدتها؟ هل تحب الخياطة أو الطبخ؟ هم يريدون أن يعرفوا هواياتك الشخصية لأنها تكشف عن شخصيتك الحقيقية.
● حازم شريف: هل يوجهون تلك الأسئلة أثناء مقابلات التوظيف أم بعد اجتيازها؟
وائل الفخراني:أثناءالمقابلات الوظيفية ففى «جوجل» لا يمكن أن تخبرهم أنك لا تقوم عمل أى شيء أو ممارسة أى هوايات خارج العمل.
أنا أبحث عن موظفين لديهم هوايات، وإذا قلت أنك تحب الاستماع إلى الموسيقى مثلا، سيبدأون فى طرح عشرات الأسئلة حول نوع الموسيقى التى تحبها وشدة اهتمامك بها، هم مهتمون بمعرفة كيف تكون شخصيتك.
● حازم شريف:هذاالفرق فى القيم بين «جوجل» و«Edenred» كمثال.. إذن بما أننا نتحدث عن المهارات بصورة أو بأخرى، دعنا نتحدث عن موضوعنا الرئيسى ليس فى الحلقة فقط بل ما يشعرنى بالرعب على المستوى الشخصى وهو الـ «AI».
كنت دائماً أشعر أنه باستطاعتى أن أتواكب مع المستجدات التى تحدث حولي، مثل التحول من الصحافة التقليدية إلى الرقمية بما تتضمنه من محتوى تفاعلى وخلافه، وأنا أتحدث هنا عن مهنتى «الصحافة» بصورة أو بأخرى، لكن المشكلة اليوم أن الذكاء الاصطناعى يتطور أسبوعيا أو ربما تكتشف يوميًا أن هناك استخداما جديدا له قد تكون لم تعرفه أو تسمع عنه من قبل، هذا الاستخدام ربما يجعل حياتك أفضل، وربما أيضا يجعلها «جحيما» إذا كان يهدد مجال عملك أو مسيرتك المهنية.. كيف ترى هذا الأمر؟
وائل الفخراني:أرى أنه فرصة كبيرة جداً وتهديد كبير فى الوقت نفسه،فقبل يومين، كنت أتناول العشاء مع بعض الأصدقاء وأحدهم ابتكر شخصية لمغنى وهمى – لا أتذكر اسمه جيدا - باستخدام الذكاء الاصطناعي، إذ اكتفى هو فقط بكتابة كلمات الأغاني، ثم استخدم الـ «AI»فى التلحين وتأليف الموسيقى الخاصة بالأغاني، ونجح فى إنتاج ألبوم كامل لهذا المطرب الوهمى ووضعه على منصة «سبوتيفاي».
هو قرر أن يتفرغ لهذا الأمر تماما خلال الفترة القادمة لأنه يجمع بين مهارات الكتابة واستخدام الذكاء الاصطناعى فى تأليف الموسيقى.
● حازم شريف:أنا أحاول أن أنظر إلى كلامك من زاوية التهديدات، أولا تهديد للمطرب وللملحن وللموزع الموسيقي، وحتى كلمات الأغانى ممكن أن تتم بالذكاء الاصطناعي.
وائل الفخراني:دعنيأرجع خطوة إلى الوراء أنا أشعر بتفاؤل أكثر مما أشعر بالخوف، لأننا اليوم أمام ظرف تاريخى فى العالم، إذ لم يسبق لنا أن واجهنا كل هذا التحول بهذه السرعة وفى أوقات حرجة جدا فى العالم، وأنا أرى أن هذه تعتبر فرصة عملاقة لنا كـ مصر.
أنا هنا اتحدث من وجهة نظر إنسان شغوف بالتكنولوجيا منذ الصغر، ومنبهر دائمًا بتأثيرها الهائل على تغيير حياتنا، وقد غيّرت حياتى بالفعل، للأفضل والأسوأ فى بعض الأوقات، ولكن كمجمل كان التغيير للأفضل، بل وامتد هذا الأثر أيضًا إلى حياة أولادي.
إن الطرف المتضرر فيما نشهده اليوم من سباق رهيب؛ بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والذى أسميه بـ «التسلح الرقمي» بين البلدين، هى أوروبا التى تمثل «الرجل العجوز»، فمعدل الإنجاب هناك ضعيف، كما لم يتعاملوا بشكل جيد مع مشكلة المهاجرين، بخلاف المشاكل الأمنية هناك من قتل وسرقة، وأنا على المستوى الشخصى تعرضت للسرقة فى أحد الفنادق بباريس.
إجمالا، أوروبا هى رجل عجوز مضغوط بين الصين وأمريكا، ولديه أحمال تشغيلية هائلة جدا فيما يتعلق بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والذى يتكون من ثلاثة أضلع رئيسية، وهى ضلع البنية التحتيةوتشمل مراكز البيانات والطاقة؛ وضع تحت الأخيرة مليون خط، والضلع الثانى هو البيانات، والضلع الأخير هو الخوارزميات أو المعادلات.
● حازم شريف: ما الفرق بين البيانات ومراكز البيانات؟
وائل الفخراني:مراكز البيانات هى المركز الذى يعالج البيانات والذى يضم سيرفرات وهاردوير و«GPUs» و«CPUs» وتمثل الطاقة %40 من تكلفتها، بينما البيانات هى المواد الخام للمعلومة، مثلما يتم جمعه من أجهزة مثل«Whoop» –الجهاز الذى أرتديه منذ 18 شهرًا، ويعرف متى نمت، ومتى استيقظت، وكم عدد أكواب القهوة التى تناولتها، وهل كنت متوترًا أم لا، وهكذا، وهناك اللوغاريتمات أو الخوارزميات التى تحلها، فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك مركز بحثى فى ألمانيا يريد علاج السرطان ويعلم أنه باستخدام الذكاء الاصطناعى يمكنه تدريب نموذج معين عن طريق إدخال بيانات 100 ألف مريض بسرطان الرئة ليخرج منه بنمط يُظهر احتمالية الإصابة لدى أشخاص يملكون صفات أو سلوكيات معينة، فهذا يحتاج إلىمعالج بيانات فائق القوة، ومئات الآلاف من البيانات بالإضافة إلى لوغاريتمات تقوم بتدريب هذا النموذج الذكي.
ما ينقص أوروبا فى رأيى هو البنية التحتية، خصوصًا فى جانب الطاقة، إذ تعانى اليوم من أزمة فى مصدر الطاقة اللازمة حتى لتدفئة المنازل، لأن محبس الغاز مع روسيا، فأين توجد الطاقة إذن؟ لدينا نحن، بما فيها الطاقة الخضراء، نحن لدينا الشمس بشكل كبير، ولدينا مراكز بيانات يمكن أن يتم بناؤها لتخدم أوروبا، وأنا هنا أتحدث عن مركز بيانات عملاق يُقام فى مصر ويُعتبر منطقة حرة، من دون أن يكون له أى عميل محلي، بل سيكون عملاؤه مستشفى فى ألمانيا، أو معمل فى فرنسا، أو مصنع فى هولندا.
نحن قادرون على تنفيذ هذا المشروع خاصة أن أوروبا تعانى اليوم من أزمات فى العمالة والزواج والإنجاب بما يكفي، فضلا عن أن عدد المتقاعدين يفوق عدد الشباب، وبالتالى أصبحت بمثابة رجل عجوز يحتضر.
● حازم شريف:هذا مشابه لما تعانيه اليابان بصورة أو بأخرى.
وائل الفخراني:بلا شك ولكن أوروبا أقرب إلينا، إذ لا يفصلنا عنها سوى البحر المتوسط، فإذا قمنا بمدّ كابل وحصلنا على بياناتهم، وقمنا ببناء مراكز بيانات قوية جدًا للذكاء الاصطناعي، هذا المشروع يمكن أن ينقل مصر نقلة نوعية ضخمة، ليس فقط على المستوى الأمنى والاقتصادى والاجتماعي، بل ستسيطر على أوروبا وتصبح شريكا أساسيا فى عملية التنمية لديهم، كما ستكتسب قيمة مضافة أعلى بكثير مما نتحدث عنه فى مصر حاليا، إذ لا نتحدث فى الوقت الحالى سوى عن التعهيد والتدريب.
● حازم شريف: حتى التعهيد الذى نتناوله فى مصر حاليا يسير بمنطق الكول سنتر دون غيره.
وائل الفخراني:هو سباق إلى القاع، فالجميع يتنافس على تقديم الخدمة بأقل سعر، فهناك من يقدّم الساعة بخمسة دولارات، وآخر باثنين، وثالث بدولار واحد، وهذه الصناعة فى طريقها إلى الزوال، لأن الشات بوتس «Chat Bots”والذكاء الاصطناعى سيلتهمون هذا النوع من الأعمال.
لو قررنا – أنا وأنت كقطاع خاص – إنشاء مركز خدمة عملاء فى محافظة مثل المنيا، لا مانع لديّ، يمكننا توظيف 7 آلاف شاب هناك وتدريبهم على الإنجليزية والفرنسية والألمانية، لكن لماذا تتبنّى الدولة هذا التوجه وحده؟ أين الذكاء الاصطناعى من خريطتها؟ أين التسلّح الرقمي؟ أين الاستراتيجية الخاصة بالذكاء الاصطناعي؟ لماذا لا نسعى لبناء مراكز بيانات عملاقة مخصصة للذكاء الاصطناعي؟ وهذه تختلف تمامًا عن مراكز البيانات العادية، سواء من حيث كثافة الطاقة المطلوبة أو أنظمة التبريد.
نحن نتحدث عن معالجات هائلة السرعة قادرة على تحليل البيانات للمساعدة فى حل أمراض عنيفة مثل السرطان، وحل مشكلات معقدة للغاية.
وللقيام بذلك نحتاج إلى تغذية هذه النماذج الذكية بالبيانات، وهذا يتطلب قدرات معالجة هائلة وطاقة ضخمة، والطاقة لدينا متوفرة، بل و«طاقة خضراء» أيضًا. فلماذا لا نحول كل ما ذكرته إلى قيمة مضافة.
على ذكر القيمة المضافة، عندما كانت هناك هواتف متصلة بالإنترنت، كانت تباع بهامش ربح يصل إلى %40 إلى أن أصبحت سلعة عادية، كذلك سعر دقيقة المحمول التى كانتتُباع بجنيه و75 قرشًا حتى وصلت لقروش الآن، فالقيمة الحقيقية اليوم أصبحت فى الخدمات المضافة مثل المحتوى، البيانات، تقنيات الـ4Gوالـ5G، وليس فى الصوت.
لذلك علينا أن نخرج من فكرة أن الدولة تركّز فقط علىالجزءالأدنى «Low-End»من الأعمال مثل التعهيد والتدريب، فالدكتور أحمد نظيف، والدكتور طارق كامل رحمه الله قتلا هذا الموضوع بحثا عام 2004، فلقد قاما ببناء مراكز اتصال كثيرة جدًا وقتها، وأصبحنا بارعين فى التعهيد.
● حازم شريف: ولكننا الآن فى مرحلة مختلفة عما سبق.
وائل الفخراني:اليوم نحن فى مرحلة كبيرة وكما قلت سابقًا، المدخلات الخاصة بالذكاء الاصطناعى تعتمد على ثلاثة عناصر أساسية: البنية التحتية والطاقة، البيانات، واللوغاريتمات أو المعادلات التى يتم كتابتها لتدريب نموذج الـ”AI»، والبيانات متوفرة لدينا بكثرة، ولدى أوروبا كذلك وما ينقصنا هو البنية التحتية والطاقة.
● حازم شريف: ولدينا أيضا العنصر البشرى المسؤول عن صياغة هذا اللوغاريتمات.
وائل الفخراني: حتى فيما يتعلق بالبنية التحتية ومراكز البيانات العملاقة، مصر تنتج من الطاقة الكهربائية ما يعادل 56 جيجاوات سنويًا، ولكنها تستهلك فعليًا حوالى 27 أو 28 جيجاوات فقط فى أوقات الذروة، أى أن لدينا فائضًا كبيرًا فى الطاقة المنتجة مقارنة بما نستهلكه.
هذا الفائض من الطاقة يمكن أن يتحول إلى قيمة مضافة حقيقية، فبدلًا من استخدامه فقط فى الإضاءة مثلًا، يمكن توظيفه فى تشغيل معالجات «GPUs» تسهم فى حل مشكلات أعقد بكثير.
تخيل فقط كم تبلغ قيمة العائد لكل متر مربع فى مشروع عقارى مقارنة بمركز بيانات، نحن نحب العقارات ونتحدث كثيرًا عن مشروعات كبيرة فى الساحل الشمالى ورأس الحكمة وخلافه، وكل هذا جميل، لكن عندما تنظر إلى العائد لكل متر مربع ستجده أضعاف مثيله فى العقارات، كما ستجد أيضا أن مركز بيانات قد يشغله أربعة أشخاص فقط يحقق عائدًا قد يفوق 7 آلاف موظفا فى مراكز الكول سنتر القائمة على الرد على المكالمات، مع احترامى الشديد لكل من يعمل فى هذا المجال.
دعنى أصف الأمر مجازيا،هل تريد أن تصنع «محمد صلاح» و«عمر مرموش»، أم 7000 لاعب كرة قدم؟... لن تخرج من مصر شركات مثل «فيسبوك»، و«جوجل»، و«أمازون»، طالما مازلت متوقفا عند مرحلة التدريب والتعهيد فقط.
● حازم شريف: لقد فهمت موضوع التعهيد لكنى مازلت لا أفهم مشكلة التدريب.
وائل الفخراني:أحب أن أوضح أننى لا أتحدث كمسئول فى الدولة، وأنا أقدر كل المسؤولين فى الدولة، وقد عملت مع وزير الاتصالات المهندس عمرو طلعت نحو 7 سنوات وكان رئيسى فى فريق العمل فى IBM وهو شخص رائع، لكن ما أراه الآن من موقعى من الخارج هو أن هناك فرصة عظيمة، ولكن لماذا لا نناقش مواضيع عن الذكاء الاصطناعي؟ ولماذا لا نتحدث عن تلك الفرص ذات القيمة المضافة؟ ولماذا لا يوجد لدينا وزير للذكاء الاصطناعى مثلما فعلت الإمارات منذ عام 2017 وليس بالضرورة أن يكون وزيرا، فليكن مسؤولًا كبيرًا فى الدولة يتولى ملف الذكاء الاصطناعي، ويدرس ما يمكن أن يضيفه هذا المجال من قيمة.
إذا كنا جميعًا نخاف: أنت، وأنا، والدكتور، ورئيس الشركة، والموظف الصغير، والمطرب… فما الحل؟ يجب أن يكون هناك شخص مسؤول عن ملف الذكاء الاصطناعي، فنحن نملك الأراضي، والشمس، والموارد البشرية الجيدة، وكل هذه العوامل تحتاج إلى تكامل وتعاون، لأن النجاح لا يمكن أن يتحقق بشكل فردي.
صحيح أننى كنت أنصح الشباب فى السابق ببدء مشاريعهم الناشئة بعيدا عن الحكومة، لكن الوضع الآن تغير، فاليوم نحن بحاجة إلى دعم من الحكومة، نحتاج منها توفير المعالجات، ومراكز بيانات والموارد.
أنا أعيش فى الإمارات، وأسافر كثيرًا إلى السعودية لأننا نؤسس فرق عمل هناك، والأرقام التى أسمعها، والأحلام التى ترسم فى الإمارات والسعودية، والعلاقات التى تربطهم بشركات مثل «أمازون»، و«جوجل»، و«مايكروسوفت»، علاقات مبهرة ومثيرة للإعجابوتدعو للفخر، لأنهناك عربًا ينفذون هذه الأفكار الضخمة.
نحن نتحدث عن مئات المليارات من الدولارات التى تم الالتزام بها خلال السنوات العشر المقبلة فى الإمارات والسعودية.
هذا نوع من «التسلح الرقمي»، وليس التسلح بمعناه العسكري، فهم ليسوا أعداءنا، لكننى أسأل: أين نحن من هذه المنظومة؟ نحن خارج هذه المنظومة تمامًا.
إذا كنت لا ترغب فى إنشاء مركز بيانات لـ«أمازون»، فلا بأس، احتفظ بخياراتك، لكن لا تغلق الباب بالكامل فى وجه هذه الشركات «فما لا يُدرك كله، لا يُترك كلّه».
لماذا نرى اليوم شركات كبرى مثل «جوجل» و«أمازون» تنشئ مراكز بيانات فى مدينة «كمبالا» بأوغندا، بينما لا يحدث ذلك لدينا؟
● حازم شريف:أنا من أطرح عليك هذا السؤال، ما تقديرك أنت للأمر بصفتك رجل أعمال فى هذا المجال؟
وائل الفخراني:تقديرى أن مصر لا تمتلك بيئة جاذبة لمثل هذه الكيانات الكبرى، لأن هذه الشركات لا تأتى إلا إذا استشعرت توفُّر الطاقة، والتسهيلات، وجودة مراكز البيانات.
علىسبيل المثال، أعرف شخصًا يُدعى طارق الأشرم – ليس صديقًا مقربًا ولكننى أعرفه – يمتلك شركة تُدعى «Gulf Data Hub»، وهو متخصص فى بناء مراكز البيانات؛ يقوم بشراء أراضٍ، ثم تجهيزها بالكامل بطُرق بنية تحتية متقدمة، ثم يُوجّه دعوة للشركات لتأتى وتستخدم هذه المرافق، وقد قرأت منذ 3 أشهر أن شركة «KKR»،وهى من أكبر شركات الاستثمار فى الأسهم الخاصة، استثمرت معه 5 مليارات دولار لتشارك فى مركز البيانات الذى يملكه.
اليوم، شركات مثل «إنفيديا»، و«أمازون»، و«جوجل»، و«مايكروسوفت» تبحث عن الطاقة لتتمكن من إنشاء مراكز بيانات فى كل مكان حول العالم، ونحن لا نمتلك البيئة الجاذبة لذلك – فى تقديرى الشخصي، وقد أكون مخطئًا، لأننى أتحدث وأنا بعيد عن المشهد – حيث أننى حاليًا فى إجازة بمصر – لكنى لم ألمس أية إشارات واضحة على وجود بيئة جاذبة لهذا القطاع، ربما توجد استراتيجية للدولة وأنا لا أعلم عنها شيئًا، ولكن رغم أننى أعمل فى هذا المجال، لم أر الدولة تولى الذكاء الاصطناعى الأهمية المطلوبة.
وأعود هنا للحديث عن التدريب، والذى يرتبط لدينا بشكل مباشر بـ الشهادات، فالناس هنا تأخذ دورة فى برنامج مثل «إكسل»، ثم تعلق الشهادة فى غرفة المعيشة.
● حازم شريف: وما البديل؟
وائل الفخراني:البديل هو المهارات وليس الشهادات، فيجبأن نتحول إلى بلد مهارات أكثر من الشهادات، فشركات مثل «جوجل» و«أمازون» وغيرهما لم تعد تهتم كثيرًا باسم الجامعة التى تخرجت منها، بل تسألك: «ماذا تستطيع أن تفعل؟«..حتى فى السير الذاتية، أصبح إظهار المهارات أهم من ذكر اسم الجامعة، بمعنى «هل تستطيع بناء تطبيق معين؟ كيف تُنفذه؟ إذا كنت تستطيع فلقد حصلت على الوظيفة، والعكس.
● حازم شريف: وكيف تنمى المهارات؟
وائل الفخراني:اليوم وفى عام 2025 لم يعد لديك أى عذر يمنعك من تعلم مهارات جديدة، أنا مثلًا تعلمت اللغة الفرنسية بمفردي، وبالمناسبة، ما أستثمر فيه بمفردى وبمالى ووقتى الشخصى سأصبح ماهرًا فيه أكثر من أى شيء تعلمته لمجرد الحصول على شهادة فقط.
أنا أرى أن معهد تكنولوجيا المعلومات«ITI”وبرنامجه التدريبى الذى يمتد لتسعة أشهر من أفضل ما حدث فى مصر لكنه ليس كافٍ لأن كل ربع ساعة، أو حتى أقل، تظهر تقنيات ومفاهيم جديدة، إذا اكتفينا فقط بالدراسة، فلن نلحق بالتطور.
من جديد، أقول إن المهارات أهم من الشهادات، وهى كذلك أهم من التدريب، واليوم لم يعد أحد يفتح السيرة الذاتية ليرى كم دورة حضرتها، بل يسألك: ماذا تُجيد فعله؟ هل الدولة مخطئة فى اهتمامها بالتدريب؟ لا، إطلاقًا لكن لا يجوز أن يكون التدريبوالتعهيد وحدهما يتصدران مشهد تكنولوجيا المعلومات فى مصر، هذا هو الانطباع الذى يصلنى – وقد أكون مخطئًا، وأتمنى أن أكون كذلك.
أين إذن ملفات الذكاء الاصطناعى وملفات معالجات البيانات؟ أين خطط إنشاء مراكز البيانات العملاقة؟ وأين الملف الذى يمكّننا من الدخول إلى أحشاء أوروبا، واستيعاب أحمال التشغيل من هناك؟ هذه ملفات لا أعرف عنها شيئًا، وأتمنى أن تكون موجودة بالفعل، لأنها تمثل فرصة تاريخية.
نحن نعيش اليوم مرحلة مختلفة تمامًا، لقد بدأت العمل فى مجال التكنولوجيا منذ عام 1988 فى شركة «IBM»، وكان لديّ بريد إلكترونى داخل الشركة فقط للاستخدام داخليا بين الموظفين، وفى عام 2000، بدأنا نشهد ظهور الإنترنت، ثم ظهر الـ «DSL»، وفى 2007 ظهرت الهواتف الذكية، وتطبيقات المحمول، لكن السنوات الخمس أو الست المقبلة لن تشبه أى فترة سابقة، ليس على مستوى الأشخاص فقط، بل يجب أن تستعد الدول لذلك أيضا، لأنه سباق على تصدير الأشياء ذات القيمة.
انظر إلى الميزانيات العمومية وبيانات الأرباح لشركات مثل «جوجل»، وسترى أن هامش الربح لديهم يصل إلى%86 لأن ليس لديهم تكاليفثابتة تقريبًا مقارنة بالإيرادات، فتكاليفهم الحقيقية هى مراكز البيانات والموظفون فقط ولذلك أقول: «التدريب والتعهيد؟ أحبهما، ولكن... كفى!”
● حازم شريف:ننتقل الآن إلى ملف أشاركك فيه باعتبارك زميلا، وهو «صناعة المحتوى»، وأنا شخصيًا أميل لاستخدام هذه التسمية تحديدًا، فحاليًا هناك من يتحدث عن «الميديا» و«الصحافة»، لكننى أراها فى النهاية مهنة يمارسها ويبرع فيها الكثيرون، وهى مرتبطة بمفهوم «التعلم» أو «المهارات».
أقوم حاليا بدراسة المنافسين لى فى صناعة البودكاست، ووجدت أن هناك أشخاصًا ليس لهم علاقة بالمهنة القديمة للصحافة، ومع ذلك يتنافسون معى فأنت على سبيل المثال، يمكنك أن تكون منافسا لى فى يوم من الأيام، وهذا يفتح الباب أمام أسئلة فلسفية وعملية أخرى حول تمويل الميديا وخلافه.. فكيف ترى صناعة المحتوى الفترة القادمة؟
وائل الفخراني:الناس اليوم تتحدث عن شيء يُسمى «The Creator Economy»، أو «اقتصاد منشئى المحتوى» ثم أصبح «Micro-Creator”فى الحالات الفردية.
دعنى أخبرك أن أطفال وشباب العائلة لدينا يتحدثون على منصات مثل «تيك توك» و«سناب شات»، وليس «فيسبوك» أو «واتساب» فهم موجودون على ميديا مختلفة تمامًا، وكلهم صُناع محتوى، أو ما يمكن تسميتهم بـ”الناشرين المصغرين» أو الـ «Micro Publishers».
تخيل مثلًا أننا نمتلك شركة بها 6 آلاف موظف، ونرغب فى تدريبهم فجلبنا لهم فنانين مثل منى زكى وكريم عبد العزيز ليقوموا بتدريبهم بشكل غير تقليدي، من خلال فيلم مُعد خصيصًا للشركة، هل تتوقع أن يكون التدريب فعّالًا؟ ولماذا؟
● حازم شريف: بالطبع، لأنك جذبتهم من خلال قصةقائمة على شخصيات محبوبة مشهورة.
وائل الفخراني:نحن فى النهاية رواة قصص أو «Storytellers”والمهارة الحقيقية اليوم هى أن تروى قصة مفيدة، ومثيرة، ولكن فى الوقت نفسه تحمل مغزى.
● حازم شريف: فى النهاية.. هذه هى الصحافة، بغض النظر عن التعريفات «الضالة» التى كنا نراها أحيانا، فقديما عندما كنا نتجادل حول هيكل الموضوعات الصحفية، كنت أميل دائما إلى تعريف بسيط للصحافةوهو أنها «كتابة شيقة»، بمعنى أن أخبرك القصة بشكل مبسط وشيق، ليس مهمًا ترتيب الفقرات ولكن الأهم أن تستوفى شروطًا معينة.
وائل الفخراني:بالضبط تماما.. والقصة الجيدة من وجهة نظرى يجب أن ترتبط بثلاثة عناصر رئيسية:
أولًا: من جمهورك المستهدف؟ كلما استطعت تقسيم جمهورك إلى شرائح أكثر دقة، زاد تأثير المحتوى، تخيل أن تصنع برنامجًا يستهدف «لاعبات التنس فى حى الدقي، من الفتيات فوق سن السادسة عشرة! قد يبدو الأمر شديد التخصص، ولكن تكلفة الإنتاج اليوم أصبحت صفرًا تقريبًا، أو على الأقل قريبة من ذلك، الإنتاج الآن يمكن أن يتم من خلال هاتف محمول فقط.
ثانيًا: ما الرسالة التى تحاول إيصالها؟ وكيف تقوم بتغليفها؟ هناك مبدأ ينطبق على المحتوى الآن وهو: كلما رويت القصة بشكل شيق، كلما ترسخت المعلوماتفى ذهنك.
ثالثًا: الميديا. فهناك الآن «Micro Moments» و«Micro Touchpoints”تلتقى فيها مع الجمهور؟ فإن لم تكن «Relevant» أوذا صلةفيهذه اللحظة، فإن المتلقى سيغلق المحتوى ويبتعد.
اليوم هناك ما يعرف بالـ”Content Supply Chain» أو سلاسل إمداد المحتوى،من لحظة الفكرة، إلى التنفيذ، إلى القياس والتقييم.
تخيل أنك مستشفى وتريد أن تطلق باقة«Executive Check-up”مخصصة للمديرين التنفيذيين، بسعر 10 آلاف جنيه، من لحظة اتخاذ القرار داخل المستشفى، يجب أن تكون جاهزًا لتنفيذ الحملة بالكامل خلال 3 ثوانٍ فقط! لأنك جاهز بكل الإمكانات الطبية ولكن كل ما تحتاجه الآن هو إطلاق الفكرة، فسرعة سلسلة إمداد هذا المحتوى من ابتكار فكرة الحملة التسويقية مرورا بتنفيذها حتى قياس نتائجها فى النهاية أصبحت أمرا عاديا بالنسبة لصاحب البيزنس،فهولا يريد أن يتعامل مع متخصص ليقول له: «اصنع لى محتوى إعلانيًا» أو «ضع إعلانًا فى الأهرام» أو ما إلى ذلك.
هو يريد من مدير التسويق أو مدير العلامة التجارية لدى شركته تنفيذ أو إنجاز الحملة فى غضون 3 دقائق، مع الأخذ فى الاعتبار أن صاحب البيزنس ربما يريد إطلاق الحملة بعشر لغات، وأن تكون متاحة على الهاتف المحمول، وأن تكون بالإنجليزية للجمهور فى كندا، وبالعربية للجمهور فى مصر، وباللهجة الصعيدية لأهالى الصعيد، ويريدها على أجهزة الأندرويد والآيفون، ثم قياس نتائجها فى النهاية، وبالتالى يجب أن تتوفر لديك الأدوات اللازمة لذلك.
● حازم شريف: المشكلة التى أرعبتنى فى هذا الأمر هى ما أصفه بـ«تسليع المحتوى»، هذه مشكلة كبيرة، فقديمًا، كان البعض يروج لمفهوم الإعلانات المعروفة بالـ”Native Advertisement»، وكنتأرفض هذا النوع من الطرح، والآن أصبح الجميع – من الشركات إلى مجتمع الأعمال – يركزون على إنتاج محتوى يحمل رسائل تجارية أو يبيع سلعة أو يعزز هوية علامة تجارية معينة، وهذا تحدٍ كبير أمام المؤسسات الإعلامية المستقلة.
وائل الفخراني: دعنى أذكر لك مثالا أن هناك طرفين يعملان فى المجال نفسه وليكن فى مجال العصائر، ولكن الفرق بينهما أن الأول اعتمد على المجهود اليدوى بينما يملك الطرف الثانى فريقا متكاملا من السوشيال ميديا للترويج لمنتجاته، فمن الطبيعى أن يتجه الناس نحو الطرف الثاني.
فى النهاية أدوات الترويجواحدة، لكن ما يميزك هو الإبداع، الابتكار، كيفية تحديد الجمهور المستهدف، والقدرة على قياس التأثير فإذا وضعت إعلانًا على الراديو، وعلى المنصات الرقمية، وعلى اللوحات الإعلانية، وأريد أن أعرف من أين جاء %70 من الزبائن، هل جاؤوا من هنا أم من هناك؟ كل هذا من خلال الـ «Media Monitoring».
فيما يتعلق بصناعة البودكاست، هل عندما أمارسه أنافس صاحب المحتوى؟ نعم ولكن على مستوى مصغر «Micro Level»لكن دعنى أسألك كم بودكاست فى مصر حاليا؟
● حازم شريف: كثير جدا لدرجة لا يمكن إحصاؤها، وأنا لديّ حلولى الخاصة، ولكن الشيء الآخر وهو المزعج فى الموضوع أنك لم تعد تنافس مجتمعا له علاقة بالصحافة والإعلام، ولكن تنافس العالم بأسره، ومع ذلك، أجد أن صناع المحتوى الجدد يتمتعون بميزة جميلة: هم أكثر تعاونًا.
وائل الفخراني: أنا على المستوى الشخصى أعتبر نفسى مدمن بودكاست خاصة العربي، فصرت فى حيرة: ماذا أستمع؟ ومتى أجد الوقت؟ وهذا خطر لأننى لا أملك الوقت الكافى لاستهلاك كل ما أرغب فى متابعته، فمن الممكن أن شخصًا مثلك يسقط من حساباتي، لأن هناك شخصًا آخر مستمرًا فى ضخ المحتوى.
● حازم شريف: تلك هى المنافسة نحن ندير الأمورفى البودكاست بأسلوب الشركات النائشة Startupيجب أن ينمو ويتطور بسرعة، بل ويتغير كل دقيقة وكل أسبوع، وليس فقط مع كل موسم.
وائل الفخراني:يجب أن تعرف أن فى عالم البودكاست، %1 فقط يجنون%80 من الأموال فعلى سبيل المثال، قامت «نتفليكس» بشراء حقوق برنامج «جو روجن» بـ200 مليون دولار! لذلك قد تجد 5 أو 6 بودكاست تستحوذ على ما يقارب 70 إلى %80 من الإيرادات، والبقية يتقاسمها الآخرون، تمامًا كما هى الحال فى صناعات أخرى مثل الموسيقى وغيرها.
لكن الحقيقة أن الأمر يخضع لقانون العرض والطلب فهناك «جو روجن»، وهناك بقية صناع المحتوى.
● حازم شريف:البودكاست بالنسبة لى «موديل» مازال يتم تخليقه، فى النهاية هناك نقاط أساسية مثلتحديد الشريحة المستهدفة«Segmentation» أو الجمهور الذى نستهدفه وهوأمر بالغ الأهمية بالنسبة لى لأن من المهم أن تعرف من هو جمهورك المستهدف، وأن تكون مدركًا أن هدفك ليس أن تكون رقم واحد فى المشاهدات بالضرورة، بل أن تصل بضيف ما للشريحة المؤثرة التى تهمك وتهم مجتمع الأعمال، مثلًا.
ثانيًا، هناك تغيير كبير فى طريقة تخصيص الميزانيات لدى الشركات، فجزء منها لم يعد يذهب للإعلان بالمؤسسات الإعلامية، بل صارت الشركات تنتج محتواها الخاص.
وائل الفخراني:نحن نحب القصص وكلما كانت القصة شيقة وكلما كان من يرويها شخصية مشهورة على سبيل المثال كلما زاد التفاعل معها فلمتعد الأمور كما كانت، سرعة الابتكار صارت أعلى، حجم المحتوى أكبر، وردود الفعل أسرع.
● حازم شريف:لدى سؤال أخير لكنه متعلق بك شخصيًا... أنت الآن تُصنف كصانع محتوى وأحد مشاهير السوشيال ميديا، كيف انعكس هذا الدور عليك؟
وائل الفخراني:بصراحة، لم أفكر يومًا فى نفسى كصانع محتوى لكن عندما عندما تفكر فى الأمر، لقد قدمت نحو 15 حلقة بودكاست، وأكتب باستمرار على «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستجرام».
أحيانًا أكتب منشورات خفيفة أو ساخرة، وأحيانًا أخرى أكتب مواضيع ذات مغزى ورغم أننى لم أصنف نفسى سابقًا كصانع محتوى، إلا أن هذه التجربة بالتأكيد فتحت لى العديد من الأبواب، خصوصًا فى العمل.
رغم أننى شاركت فى برنامج «الفرصة»، إلا أن واحدا من أكثر المحتويات التى تنال إعجابى هو «شارك تانك» وحتى المشاركون فى هذا البرنامج وهم ثلاثة أو أربعة من أصحاب المشاريع الناجحة، حظوا بتعرض إعلامى مختلف تمامًا بعد مشاركتهم فى البرنامج، وكذلك العلامات التجارية التى ظهرت معهم.
فى الحقيقة هذا البرنامج أصبح له صخب كبير وفرصة لصاحب أى بيزنس لعمل دعاية مجانية لمجرد المشاركة فيه، إذ أصبح هناك من يقول: «أنا أملك محلًا يصنع الجوارب على سبيل المثال... أريد أن أظهر في(شارك تانك) حتى لو تم رفضي، يكفينى أن أحصل على 10 دقائق من الدعاية المجانية».
كانت هناك شائعة، قبل 5 أو 6 سنوات، مفادها أن شركة «أبل» تعتزم تصنيع سيارة خاصة بها أتذكر هذه الشائعة؟ السر فى قوة «أبل» أن المستهلك فى حضنها، وهى أيضًا تحتضنه، العلاقة وثيقة جدًّا فلو قرر المنتج أن يبيع أى شيء سيشتريه المستهلك منه.
هناك شخص يُدعى «Mr Beast»، وهو أكبر صانع محتوى على يوتيوب فى العالم ويُقدّر دخله بنحو 80 مليون دولار سنويًا من يوتيوب وحده، فى الولايات المتحدة الأمريكية، هذا الرجل أجرى تجربة غريبة جدًّا؛ ذهب إلى متجر واشترى خبزًا عاديًّا، وضع بداخله قطعة برجر وبعض الجبن، ثم أطلق عليه اسم «Mr Beast Burger» وكان سعر الساندوتش الواحد عشرة دولارات، لكنه باع منه بمليون دولار، وهو أقوى يوتيوبر فى العالم لكنه استغل منصة يوتيوب لعمل مشروعه الخاص، إلى حد أنه أصبح قادرًا على منافسة سلسلة بحجم «ماكدونالدز».
نحن نعيش اليوم فى عالم يتمحور حول العلاقات بين الناس، فلم يعد العدو عدوًا بنسبة %100 ولا المنافس منافسا بنسبة %100 ولا الصديق صديقًا بنسبة %100 سأقول لك مجددا هل يجب على «أمازون» و«جوجل» أن تفتتح مراكز لها فى مصر؟ إجابتى هي: نعم، يجب أن تفتتح.
ولكن فى الوقت ذاته، لا يمكن أن نقول لهما «أنتما عدوان لنا وستأخذان بياناتنا» كما لا يمكن أن نقول لهما أيضا مرحبًا بكم، خذوا كل بياناتنا الصحية والتعليمية.
قضية البيانات حساسة، نعم، فهناك أنواع من البيانات مثل بيانات صحة المصريين أو بيانات التعليم، وهذه تعتبر من البيانات الحساسة، ويجب أن تكون تحت رقابة، نحن اليوم فى زمن تسود فيه المنافسة والتعاون فى آن واحد، «جوجل» و«أبل» على سبيل المثال، هما منافسان وشريكان فى الوقت نفسه.
● حازم شريف:فى الواقع، طمأنتنى وأخفتنى فى الوقت نفسه، إذ لم تعد المنافسة مقتصرة على الإعلام فقط، بل امتدت لكل المجالات، فاليوم أى شخص يُنتج محتوى موثوقًا، يمكنه أن يبيع أى شيء.
وائل الفخراني:نعم، بنسبة %100.
● حازم شريف: هل مررت بموقف طريف أو سخيف بسبب الشهرة؟ أعني، أحيانًا يتخيل الناس أن بإمكانهم أن يسألوك عن أمور خاصة، حتى لو خارج مجال تخصصك.
وائل الفخراني:فى الحقيقة، لا يقتصر الأمر على المشاهير فقط، بل أى شخصية عامة يتوقع منها الناس أن تكون متاحة دائمًاأو ترد على كلرسائل الـ «ماسنجر»، وهذا غير منطقي، فأنا أيضًا لدى يومى المليء بالتقلبات، والمشاكل، والالتزامات، والضغوط، وخلافه، باختصار من الصعب جدًا أن أرد على الجميع، كما أن الأمريحمل فى طياته كمية كبيرة من الشعور بالاستحقاق.
أنا أقدر ذلك، وأتفهمه، ولكن فى الوقت نفسه أعترف بأننى أقع فى الخطأ ذاته أحيانًا حين أرغب فى الوصول إلى أحدهم. ومع ذلك، هناك ما يمكن تسميته بـ”الإتيكيت» أو «البروتوكول الاجتماعي»، وهو ما لا يجب تجاوزه.
حتى فى عالم البريد الإلكتروني، لم يعد من المقبول أن ترسل إلى شخص لا تعرفه مباشرة، من الأفضل أن يكون هناك شخص ثالث يعرف الطرفين، ويقوم بتعريف أحدهما على الآخر على الأقل يكون هناك نوع من الوساطة، أما الرسائل العشوائية على البريد الإلكتروني، أو «واتساب»، أو «فيسبوك ماسنجر»، فلم تعد تلقى تجاوبًا من أحد وربما هذه هى المعضلة الوحيدة التى تمثل نوعًا من التدخل غير المرغوب فيه.
◗❙ تدشين منطقة حرة رقمية بالسوق المحلية ضرورة
◗❙ لماذا لا يوجد لدينا وزير للذكاء الاصطناعى مثلما فعلت الإمارات
◗❙
«إيدنريد» شركة عالمية مقيدة فى البورصة الفرنسية تُحقق مبيعات سنوية 3 مليارات يورو
◗❙
أصبحت أكثر هدوءًا مما كنت عليه فى بداية حياتي
◗❙
ارتديت «بذلة» أكبر من مقاسى ودفعت ثمناً باهظاً مقابل ذلك
◗❙
ندير يومياً 52 مليون وجبة على مستوى العالم
◗❙
دبى بيئة جاذبة للغاية للكفاءات
◗❙
نوفر لعملائنا الخدمات المالية اللازمة وندير 4 مليارات درهم شهرياً رواتب نحولها لـ 2.5 مليون بطاقة
◗❙
%1 فقط فى عالم البودكاست يجنون %80 من الأرباح
◗❙
◗❙ السباق لم يعد مع أحد بل بات بينى وبين ذاتي ◗❙ جلدى «سميك» وإذا أحببت شيئًا تعمقت فيه ◗❙ أقرأ ما بين 25 إلى 30 كتاباً سنوياً
◗❙ نحن أمام ظرف تاريخى فى العالم والذكاء الاصطناعى يمثل فرصة عملاقة لمصر
◗❙ لم يعد للشباب عذر يمنعهم من تعلم مهارات جديدة
◗❙
لدى استثمارات فى 11 كيانا ناشئا بقيمة تزيد على مليون دولار
◗❙
ساهمت فى «سويفل» فى وقت كانت تمر به بظروف صعبة.. وأتوقع نجاحهم بشكل كبير
◗❙
تعرضت للطرد بطريقة مهينة من «كريم» وانضمامى إليهم كان مدفوعاً بالطمع
◗❙
أتحمل خطأى فى ترك أفضل وظيفة بالعالم فى جوجل
◗❙
أبحث عن موظفين لديهم هوايات
◗❙
«شارك تانك» من أكثر المحتويات التى تحوز على إعجابى
◗❙



