يسابق صندوق التنمية الحضرية الزمن لتنفيذ رؤية عمرانية طموحة تمتد من تطوير الأراضى فى المحافظات إلى تعزيز المكونات الفندقية والمشروعات التعليمية، واستقطاب كيانات استثمارية دولية للدخول فى شراكات ضخمة، سواء فى كفر الشيخ، المحلة، أو القاهرة التاريخية.
ويأتى ذلك ضمن خطة موسعة تهدف للوصول إلى 50 ألف وحدة سكنية بحلول 2030 وتحقيق عوائد تراكمية استثمارية تتجاوز 25 مليار جنيه فى العام المالى الحالى.
وكشف المهندس خالد صديق، الرئيس التنفيذى لصندوق التنمية الحضرية، عن أن النموذج الناجح لمشروع “حدائق الفسطاط” يمكن تكراره فى مشاريع مستقبلية، من بينها “حدائق الشلالات” فى مدينة الإسكندرية، حيث يجرى حالياً دراسة تطوير المنطقة بنفس الرؤية المتكاملة.
وأضاف، هناك قطع أراضٍ عديدة تتعرض لضغط كبير جدًا من الشركات، مشيرًا إلى أن من بينها قطعة أرض بمدينة المحلة، حيث تتنافس عليها أكثر من 4 كيانات كبيرة جدًا، موضحًا أنها مصرية وليست من كبار المطورين.
ولفت صديق إلى أن قطعة أرض المحلة تبلغ حالياً 47 فدانًا، ومن المتوقع أن تصل إلى 67 فدانًا بضم 20 فدانًا، رغم وجود بعض الجهات الحكومية فى هذه المساحة الإضافية.
وأضاف أن المشروع تم تصميمه بطريقة تسمح بامتداده لاحقًا ليشمل المساحة الكاملة، وأنه سيكون عمرانًا متكاملاً، يتضمن وحدات سكنية وتعليمية وغيرها من الخدمات، مشيرًا إلى أن التفاصيل النهائية قد تُعلن خلال شهرين.
وتابع صديق قائلًا إن نائب الاستثمار هو من سيتولى الحديث عن تفاصيل الاستثمارات، وأن هناك تفاوضات دائرة حاليًا حول سعر المتر فى بعض المواقع، موضحًا أن الحديث عن سعر 30 ألف جنيه للمتر يعتبر تقليلًا من القيمة الحقيقية، مشيرًا إلى أن السعر قد يصل إلى 60 ألف جنيه أو أكثر، لا سيما وأن الأرض تقع على شوارع رئيسية.
وبين أن هناك مشروعات ضخمة مثل المحلة تصل تكلفتها إلى ما يزيد عن 20 مليار جنيه، بينما تصل تكلفة استثمارات كفر الشيخ إلى 50 مليار جنيه، لافتًا إلى أنه فى كفر الشيخ تتنافس أكثر من 5 كيانات، بعضها يضم شركاء أجانب، وأنه لم يتم اختيار أى شركة بعد نظرًا لتواصل تلقى العروض.
وقال صديق إن الصندوق يسعى إلى خلق حالة من التنافس حتى قبل إصدار الورقة الرسمية، ليتمكن من اختيار أفضل العروض عند الطرح، مشيرًا إلى أن مساحة الأرض فى بعض المشاريع تصل إلى 185 فدانًا، وتتضمن أنشطة تعليمية، تجارية، طبية وفندقية، فى إطار رؤية تنموية شاملة.
برج أيقونى
وفيما يخص الارتفاعات، أشار صديق إلى تنوعها بين العادية وبين الأبراج الأيقونية، وهناك عروض تتضمن فيلات، مؤكدًا أن مساحة 150 فدانًا تسمح بالتنوع العمرانى.
وأكد وجود كيانات مصرية وأخرى أجنبية تتقدم بالعروض، وأن الصندوق يضيف أراضٍ جديدة إلى محفظته، مشيرًا إلى أنه بدأ بالمناطق الأكثر احتياجًا وسهولة فى التنفيذ، فيما يتم حاليًا دراسة الأراضى الأخرى التى يمكن العمل عليها فى المرحلة المقبلة.
وقال إن المرحلة المقبلة قد تشمل تنفيذ ما يصل إلى 50 ألف وحدة، وأن المخطط يستهدف الوصول إلى هذا الرقم بحلول عام 2030، موضحًا أن محافظات مثل الجيزة، القاهرة، الغربية وأسيوط ضمن الأولويات، خاصة وأن الجيزة لم يتم العمل فيها خلال المرحلة الأولى.
وأوضح أن العام الحالى يشهد استهداف تحقيق 25 مليار جنيه كعوائد تراكمية، مؤكدًا أن الربع الأول حقق نحو 4 مليارات جنيه، ويستهدف الوصول إلى 10 مليارات قبل نهاية هذا العام، إلا أنه غالبًا يتجاوز التوقعات الموضوعة.
ارتفاع الأسعار
أشار صديق إلى أن الأسعار شهدت زيادات بنسبة تتراوح بين %7 إلى %10 فى بعض المشروعات، وأن لجنة التسعير لم تنتهِ من قراراتها النهائية بعد، مضيفًا أن هناك مشاريع تتطلب احتساب تعويضات للمقاولين وفقًا لقانون التعويضات، ويجب إدراجها ضمن التسعير لضمان عدم حدوث خسائر.
وقال إن بعض مشروعات التعويضات فى الفترة الحالية بلغت 5 مليارات جنيه، تم سداد جزء منها، بينما سيتم سداد الباقى خلال أيام.
وحول التعاون الدولى، أكد صديق أن دولًا مثل السعودية، ناميبيا، زامبيا وكينيا أبدت اهتمامًا كبيرًا بتطبيق النموذج المصرى للتنمية الحضرية، لكنه أشار إلى أن الضغط الحالى داخل مصر يمنع التوسع الخارجى فى الوقت الراهن، حيث أن هناك مشاريع عديدة قيد التنفيذ داخل البلاد مثل “الدارة”، “فسطاط فيو”، و”القاهرة التاريخية” بما فيها “القاهرة الخديوية” و”وسط البلد”.
وسط البلد
كشف صديق ، عن صدور تكليف حديث من دولة رئيس الوزراء بإشراك الصندوق فى تطوير منطقة وسط البلد، مؤكدًا أن الصندوق بدأ بالفعل فى وضع أفكار لتغيير الوجهة المعمارية لبعض العمارات، وخاصة تلك الواقعة على امتداد كوبرى 6 أكتوبر باتجاه شارع الجلاء، والتى وصفها بأنها تمثل طرازًا هجينًا بين الحداثة وفقدان الهوية.
وأكد صديق أن إزالة تلك العمارات ليست مطروحة فى الوقت الراهن، لما تسببه من مشكلات كبيرة، لافتًا إلى أن التوجه الحالى هو إجراء دراسات فنية لتطويرها بدلاً من إزالتها.
وحول مشروع “الفسطاط”، أوضح صديق أنه من المتوقع الانتهاء منه بحلول ديسمبر 2025، مشيرًا إلى أن المشروع يمتد على مساحة 500 فدان، وقد تم إنجاز نحو %75 منه حتى الآن، مع تفاوت فى نسب الإنجاز بين المناطق، حيث وصلت بعض المناطق إلى %90 لافتًا إلى أن التكلفة الإجمالية للمشروع تُقدّر بـ14 مليار جنيه.
وأشار إلى أن مبيعات الصندوق خلال العام المالى 2024/ 2025 بلغت نحو 23 مليار جنيه، متوقعًا أن تصل إلى 25 مليار جنيه مع احتساب عوائد مشروع الفسطاط، وأوضح أن الشراكات مع الشركات العربية لم تحقق أرباحًا كبيرة حتى الآن.
حجم الاستثمارات
وبخصوص الاستثمارات، قال صديق إن حجم الاستثمارات المستهدف للعام المالى 2024/ 2025 يصل إلى 4.5 مليار جنيه، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 5 مليارات جنيه فى العام المالى 2025/ 2026.
وأضاف أن التمويل الموجه للمناطق غير المخططة يأتى على هيئة منح فقط، أبرزها من وكالة التعاون الألمانى GIZ بحوالى 52 مليون يورو، بالإضافة إلى دعم من الاتحاد الأوروبى والوكالة الألمانية للتعاون الدولى.
وعن خطط التسويق، أشار صديق إلى أن شركة “الأهلى صبور” تتولى تسويق مشروع الفسطاط، فى حين لم تبدأ عملية التسويق بعد لبعض الوحدات فى مشروع “دارا”، ومنها رأس البر، بسبب تأخر شبكات المرافق، إلا أن المشكلة تم حلها، ومن المتوقع الانتهاء من تعاقدات كل المرافق خلال شهرين.
ولفت إلى أن “دارا” هو مشروع سكنى وليس ترفيهيًا، بحجم استثمارات يبلغ 6.5 مليار جنيه، ويضم 3600 وحدة سكنية موضحًا أنه تم تأجيل النظر فى استغلال أراضى الساحل الشمالى فى الوقت الحالى.
وفى سياق التوسع فى أنشطة الصندوق، كشف صديق عن دراسة الدخول فى مجالات جديدة، منها مشروعات السيارات الكهربائية و”الكربون كريدت”، إما عبر تأسيس شركات أو من خلال شراكات استراتيجية.
أما بالنسبة للمشروعات التعليمية، فأكد أنها ستظهر فى مشروعات المحلة وكفر الشيخ، إلى جانب مشروعات ذات طابع طبى.
وأشار صديق إلى أن سجن طنطا القديم، الواقع على مساحة 22 فدانًا، قد تم عرضه للاستثمار، وهناك عدد من المستثمرين تقدموا بالفعل بطلبات.
وأضاف أن كافة المحافظين بدأوا فى تقديم أراضٍ للصندوق من أجل المشاركة فى مشروعات تنموية جديدة.
مشروع داره
وفيما يخص مشروع “دارا”، قال صديق إن المرحلة الثانية منه ستنتهى بنهاية مارس 2026.
وكشف أن هناك كيانات سعودية وإماراتية وصينية وتركية تسعى للدخول فى شراكات مع الصندوق لتطوير أرض كفر الشيخ، حيث يتنافس على المشروع 3 كيانات، من بينها جهات خارجية.
وأشار إلى أن أحد الكيانات الصينية أبدى رغبته فى إنشاء برج أيقونى بمدينة كفر الشيخ بالشراكة مع الصندوق، مضيفًا أن تكلفة المشروع بالكامل تصل إلى 50 مليار جنيه.
وفيما يتعلق بالمكون الفندقى فى المشروع، أوضح صديق أن الصندوق يدرس حالياً عدد الغرف الفندقية المطلوبة بمدينة كفر الشيخ، لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى زيادة، مؤكدًا أن البرج والفندق جزء من مكونات المشروع الكبرى.
وكشف صديق، عن خطة متكاملة لتعزيز المكون الفندقى ضمن مشروعات التطوير التى يشرف عليها الصندوق، مشيرًا إلى أن عدد الغرف الفندقية الجارى تنفيذها والمتعاقد عليها حتى الآن يبلغ نحو 150 غرفة، موزعة على عدة مواقع استراتيجية.
المكون الفندقي
أوضح صديق أن مشروع “الفسطاط” يتضمن إنشاء 400 غرفة فندقية ضمن مكون سياحى واستثمارى متكامل، فيما تضم منطقة “القاهرة التاريخية” نحو 35 غرفة فندقية، موزعة على عدد من المبانى التراثية.
وأضاف أن شارع المعز يضم فندقين بارزين، هما “الشوربجي” و”الأربعين”، بهما نحو 45 غرفة فندقية، لافتًا إلى أن هناك قطعة أرض تابعة لطائفة البهرة عند باب النصر، مخصصة لإنشاء فندق بطاقة 70 غرفة، باستثمارات تقدر بنحو 800 مليون جنيه.
وأشار صديق إلى أن العلامة التجارية الأبرز التى تقدمت لإدارة وتشغيل الغرف الفندقية حتى الآن هى “جيرانا”، والتى من المتوقع أن تتولى تشغيل جزء كبير من هذه المنشآت ضمن الشراكة مع الصندوق.
وأكد أن هذا النموذج يمكن تكراره فى مشاريع أخرى مستقبلية، مثل “حدائق الشلالات” فى مدينة الإسكندرية، والتى يتم دراسة تطويرها على غرار مشروع “حدائق الفسطاط”.
واختتم صديق بالتأكيد على أن الصندوق يتبنى نموذجًا ماليًا يقوم على البيع المباشر والوحدات الجاهزة، مع إتاحة التمويل العقارى للراغبين فى التملك، دون الدخول فى التشغيل المباشر للفنادق أو الوحدات السياحية.
