خصخصة القطارات في بريطانيا تصل إلى محطة «الفشل النهائي»

Ad

في تسعينيات القرن الماضي، اتجهت الحكومة البريطانية إلى تفكيك شبكة السكك الحديدية العامة وخصخصتها، إيمانا منها بأن آليات السوق ستضمن الكفاءة، وتقلل التكاليف، وتحسن جودة الخدمة. 

كانت البلاد قد قطعت شوطا طويلا فى الخصخصة التى انطلقت رسميا فى عهد رئيسة الوزراء مارجريت تاتشر (1979–1990) وطالت قطاعات الطاقة، والاتصالات، والطيران.

ورغم أن السكك الحديدية لم تخصخص فى عهد تاتشر، بسبب تعقيد القطاع ورفض الرأى العام والنقابات، إلا أن الفكرة عادت مع وصول خليفتها جون ميجور، من حزب المحافظين إلى كرسى رئاسة الوزراء.

بدأت خصخصة السكك الحديدية فى بريطانيا فعليًا بين عامى 1993 و1997، إذ جرى تفكيكها إلى كيانات منفصلة وأُنشئت شركة «رايلتراك» لإدارة البنية التحتية مثل السكك والإشارات، وتم طرحها فى البورصة عام 1996.

أما تشغيل القطارات، فقد تم تقسيمه إلى أكثر من 25 امتيازًا، مُنحت لشركات خاصة بعقود مؤقتة لتشغيل مختلف الخطوط.

وفى ما يخص القاطرات والعربات، تأسست ثلاث شركات تأجير تُعرف باسم «روسكو»، وهى تملك المعدات وتقوم بتأجيرها لمشغلى القطارات.

لكن الواقع الذى تكشف لاحقًا كان مختلفًا تمامًا عن المأمول أو ما جرى تسويقه، فقد أدى هذا التحول إلى ضعف تمويل البنية التحتية، وارتفاع أسعار التذاكر بشكل مبالغ فيه، وزيادة إلغاء الرحلات، وتدهور أوضاع العاملين من حيث الأجور والاستقرار المهنى، ناهيك عن حوادث خطيرة ومميتة نتجت عن مشكلات فى التهاون بالسلامة.

وُصفت الخصخصة لاحقا بأنها كارثة على المستوى الاقتصادى، والاجتماعى، وحتى الأمنى، ومع أن الدولة انسحبت آنذاك بدعوى الفاعلية، فإنها وجدت نفسها مجبرة لاحقًا على دعم الشركات الخاصة التى فشلت فى الحفاظ على استدامة التشغيل، مما أدى إلى عودة تدريجية للدولة فى الإشراف والتشغيل.

ومؤخرت، قررت الحكومة البريطانية تأميم شركتين إيذانا باستعادة جميع خطوط السكك الحديدية إلى الملكية العامة خلال عامين فى خطوة تكتب فصل «الفشل النهائى» لخصخصة القطارات وتمثل اعترافًا صريحًا بنهاية هذه «التجربة النيوليبرالية» القاصرة.

إعادة التأميم.. «المملكة» تستعيد السكك الحديدية بالكامل فى 2027

أصبحت شركة سكك حديد جنوب غرب بريطانيا أول شركة خاصة تعود إلى الملكية العامة فى بريطانيا، وتخطط حكومة حزب العمال لإعادة تأميم الشبكة بأكملها بحلول نهاية عام 2027، بحسب تقرير لموقع دى دبليو.

وقد عادت شركة سكك حديد جنوب غرب المملكة المتحدة إلى الملكية العامة فى 25 مايو الماضى ضمن مؤشر على أن حملةً حكومة حزب العمال قد تكللت بالنجاح.

تُعدّ هذه الخطوة جزءًا من خطة الحكومة الأوسع لإعادة تأميم خدمات السكك الحديدية فى البلاد، وفقًا لتعهد رئيس الوزراء كير ستارمر عند توليه منصبه العام الماضى.

وقالت وزيرة النقل، هايدى ألكسندر، فى بيان: “اليوم نقطة تحول فى عملنا لإعادة السكك الحديدية إلى خدمة الركاب”.

واكتسبت السكك الحديدية البريطانية سمعة سيئة، مع تكرار إلغاء الرحلات وارتفاع أسعار التذاكر والارتباك حول الخدمات التى يمكن استخدامها.

وأعربت نقابات السكك الحديدية، التى نظمت عدة إضرابات للمطالبة بالأجور فى السنوات الأخيرة، عن سعادتها باستحواذ الدولة عليها.

صرح ميك ويلان، الأمين العام لنقابة “أسليف”: “يعلم الجميع فى قطاع السكك الحديدية أن الخصخصة... لم تنجح، ولن تنجح”.

وتمت خصخصة خدمات السكك الحديدية فى المملكة المتحدة فى منتصف التسعينيات، رغم أن شبكة السكك الحديدية ظلت فى أيدى القطاع العام، وتديرها شركة “نيتورك ريل”.

ومهد التشريع الذى أُقر فى نوفمبر الطريق لإعادة 14 شركة تشغيل للسكك الحديدية فى البلاد إلى السيطرة العامة بمجرد انتهاء عقودها - والتى ستنتهى جميعها بحلول عام 2027 على أبعد تقدير - أو قبل ذلك فى حالات ضعف الأداء.

وتم بالفعل وضع أربعة مشغلين تحت السيطرة العامة بسبب ضعف الأداء، ولكن هذه الإجراءات كانت فى الأصل مؤقتة.

وقالت ألكسندر إن هذه الخطوة ستنهى “30 عامًا من التشرذم”، مضيفًة أن التغيير سيستغرق وقتًا.

وأعلنت حكومة حزب العمال أن إعادة التأميم ستوفر ما يصل إلى 150 مليون جنيه إسترلينى (203 ملايين دولار أو 178 مليون يورو) من رسوم التعويضات المدفوعة لمشغلى السكك الحديدية.

ومن المقرر تأميم خدمات السكك الحديدية الجنوبية الشرقية والشرقية بحلول نهاية عام 2025.

وتخضع أنظمة السكك الحديدية فى أيرلندا الشمالية واسكتلندا وويلز لسيطرة عامة.

وفى ألمانيا، تملك شركة دويتشه بان (DB) الحكومية غالبية القطارات والبنية التحتية للسكك الحديدية.

وتتوقع الحكومة البريطانية أن يحظى قرار تأميم السكك الحديدية بشعبية نسبية، فقد حظى التأميم بدعم واضح من الأغلبية لسنوات،، بحسب تقرير لصحيفة الاندبندت.

حاليًا، يُفضّل ثلثا البريطانيين (%66) إدارة شركات السكك الحديدية من قِبل القطاع العام، بينما يُفضّل واحد فقط من كل ثمانية بريطانيين (%12) خصخصة الشبكة بالكامل وإدارتها من قِبل شركات ربحية.

ويرتفع دعم التأميم إلى ثلاثة أرباع (%76) بين ما يقارب ربع البريطانيين (%23) الذين يقولون إنهم يسافرون بالقطار مرة واحدة على الأقل شهريًا.

وهناك اتفاق بين المؤيدين والمعارضين على أن السكك الحديدية فى حالة سيئة حاليًا، ويُعتبر أسوأ جانب هو أسعار التذاكر، ويصف ثلاثة أرباع البريطانيين (%77)، بمن فيهم %85 من مستخدمى السكك الحديدية المنتظمين، سعر تذكرة القطار بأنه “سيئ”، بينما وصفه نصف الجمهور (%51) بأنه “سيئ للغاية”.

كما يتعرض مستوى الاستثمار الحالى فى البنية التحتية للانتقاد، حيث يراه غالبية البريطانيين (%54) سيئًا، مقابل واحد فقط من كل ستة (%16) يرى أن المستويات الحالية جيدة.

ويرى نصف الجمهور (%51) أيضًا دقة مواعيد الخدمات بشكل سلبى، مع أن أكثر من ثلث البريطانيين (%35) يعتبرون القطارات موثوقة.

«صندوق النقد».. الراعى الرسمى لتقليص دور الدولة

لا تُعدّ الخصخصة ولا التأميم اتجاهًا سائدًا عالميًا فى الوقت الحالى، رغم تذبذب شعبيتهما تاريخيًا.

وتوصلت دراسة نشرها المعهد البحثى للاقتصاديات القطاعية إلى أن الخصخصة لا تعنى بالضرورة تفكيك السلطة العامة، فالخصخصة والتأميم يمكن أن يتزامنا، بل ويتزامنان بالفعل.

صدرت الدراسة عام 2010 عندما كانت عمليات الإنقاذ الحكومية فى أوجها استجابة من الحكومات للأزمة المالية العالمية، وتم توجيه عمليات الإنقاذ لإقالة القطاع الخاص من عثرته عبر ضخ حزم التحفيز، وإعادة هيكلة الشركات بقيادة الدولة، وبرغم هذا لا يزال يتم اللجوء للخصخصة، مع وجود رأى عام مؤيد أو محايد تجاهها عمومًا.

كانت الخصخصة اتجاهًا عالميًا رئيسيًا فى أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادى والعشرين، لا سيما فى الاقتصادات الانتقالية، ومع ذلك، شهد التأميم فى السنوات الأخيرة انتعاشًا فى بعض البلدان، غالبًا كاستجابة للأزمات الاقتصادية أو أوجه القصور الملحوظة، ويبدو أن هذا الاتجاه دورى، حيث غالبًا ما تتبع فترات الخصخصة فترات تأميم، والعكس صحيح.

صندوق النقد الدولى داعم قوى للخصخصة

يشجع صندوق النقد الدولى عمومًا خصخصة الشركات المملوكة للدولة، بدلًا من التأميم، بهدف تعزيز الكفاءة واتخاذ القرارات القائمة على السوق، ويعتقد الصندوق أن وضع القرارات فى أيدى الأسواق، بدلًا من المسؤولين الحكوميين، يمكن أن يؤدى إلى زيادة الكفاءة والإنتاجية.

ويرى صندوق النقد الدولى أن الخصخصة وسيلة لزيادة الكفاءة من خلال نقل ملكية وإدارة الشركات المملوكة للدولة إلى القطاع الخاص، وهذا بدوره يسمح باتخاذ قرارات أكثر توجهًا نحو السوق، وربما تحسين الأداء.

ولطالما كان صندوق النقد الدولى مؤيدًا للخصخصة، حتى أنه أدرجها كشرط للحصول على قروض منه، وفقًا لورقة بحثية من مؤسسة ريسرتش جيت.

وأوصى صندوق النقد الدولى ببرامج الخصخصة فى العديد من البلدان، خاصة فى الاقتصادات الانتقالية، حيث يُنظر إليها كوسيلة لتعزيز التحرير الاقتصادى وجذب الاستثمار الأجنبى.

تمت خصخصة شركات مملوكة للدولة بقيمة تزيد عن تريليون دولار منذ عام 1980.

والحجة التقليدية هى أن الحكومات تختار الخصخصة استجابةً للضغوط المالية.

وعود براقة.. كيف اجتاحت «التجربة النيوبرالية» عالمنا؟

بدأت النيوليبرالية كتوجّه اقتصادى يدعو إلى تقليص دور الدولة فى الاقتصاد، وتوسيع السوق ليشمل ما كان يُعتبر يومًا خدمات عامة لا تُمس: التعليم، الصحة، النقل، والطاقة.

ولدت الفكرة فى المراكز الأكاديمية الغربية منتصف القرن العشرين، لكنها لم تبدأ بالانتشار فعليًا إلا مع صعود شخصيات سياسية مؤثرة مثل مارجريت تاتشر فى بريطانيا ورونالد ريجان فى الولايات المتحدة خلال الثمانينيات.

وانطلقت هذه “الثورة الصامتة” من وعود براقة: تحرير السوق، وكبح الإنفاق الحكومى، تحفيز الابتكار، ورفع الكفاءة. وتدريجيًا، تحوّلت من سياسة إلى أيديولوجيا عالمية.

مع سقوط الاتحاد السوفيتى، بدا وكأن النيوليبرالية انتصرت نهائيًا، وبدأت دول كثيرة – من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا الشرقية، ومن آسيا إلى إفريقيا – فى تبنى النموذج ذاته تحت ضغط مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى.

لكن مع مرور الوقت، بدأ الطوفان يُظهر وجهه الحقيقى. خُصخصت قطاعات حيوية، وتم تفكيك أنظمة الرفاه الاجتماعى، وارتفعت نسب الفقر والتفاوت، وتقلّصت قدرة الحكومات على حماية مواطنيها.

وقد زاد اللجوء للخصخصة فى أوائل ثمانينيات القرن الماضى عندما بدأت الحكومة البريطانية، برئاسة مارجريت تاتشر، ببيع الشركات المملوكة للدولة على نطاق واسع.

خلال 18 عامًا من الحكم المحافظ، انخفضت حصة الشركات المملوكة للدولة من %11 إلى أقل من %2 من الناتج المحلى الإجمالى.

ومنذ ذلك الحين، انتشرت الفكرة من بلد إلى آخر، بدءًا من خصخصة البنوك المؤممة سابقًا فى فرنسا فى منتصف ثمانينيات القرن الماضى، وصولًا إلى عمليات بيع واسعة النطاق لشركات فى نيجيريا خلال السنوات الأربع الماضية.

إلى جانب العديد من الدول الأوروبية الأخرى، قامت كندا وتشيلى وجامايكا واليابان وماليزيا وسنغافورة والولايات المتحدة بخصخصة الشركات من خلال طرح أسهم عامة فى ثمانينيات القرن الماضى.

وانضمت السويد إلى هذه الحركة فى نهاية ثمانينيات القرن الماضى، وباعت الحكومة آخر أسهمها فى شركة الصلب السويدية (SSAB) عام 1992.

وفى تسعينيات القرن الماضى أيضا، انتشرت الخصخصة فى جميع أنحاء العالم مع عمليات بيع أصول مباشرة واسعة النطاق فى أمريكا اللاتينية وأفريقيا وجنوب آسيا. كما أطلقت دول أوروبية أخرى برامج خصخصة، أبرزها إيطاليا حيث فُككت شركة IRI القابضة الحكومية الكبيرة بالكامل.

فى أمريكا اللاتينية، كانت برامج الخصخصة فى البرازيل وتشيلى والمكسيك كبيرة ومؤثرة بشكل خاص، وأدى انهيار الشيوعية إلى تغيير ملكية الشركات فى أوروبا الوسطى والشرقية من خلال برامج خصخصة ضخمة وسريعة.

منذ عام 2000، اتسمت الخصخصة بالتقلب، مع تراجع فى الفترة 2001 - 2003. ومن المتوقع أن تختلف جاذبية بيع الشركات المملوكة للدولة باختلاف قيمتها فى سوق الأسهم.

ومع ذلك، فقد أُبرمت العديد من صفقات الخصخصة المهمة فى آسيا (معظمها فى الصين واليابان وكوريا)، وانتعشت الإيرادات العالمية من صفقات الخصخصة بسرعة كبيرة لتنتهى بذلك سنوات الضعف خلال الفترة من 2001 إلى 2003، فقد كانت الخصخصة ظاهرة عالمية، وإن كانت متركزة فى شرق آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى.

صمود فى وجه رياح الأزمة المالية

ولم تؤد الأزمة المالية العالمية 2008 إلى التحول بعيدا عن الخصخصة، ورغم انخفاض الإيرادات العالمية من صفقات الخصخصة فى عام 2008، لكنها لا زالت تبلغ 110 مليارات دولار، متجاوزةً 100 مليار دولار للعام الرابع على التوالى. وبالمقارنة مع الركود الذى أعقب مطلع الألفية، لم تكن الحكومات مترددة فى بيع الشركات المملوكة للدولة فى عام 2008 - رغم تعليق أو إلغاء العديد من عمليات الخصخصة المخطط لها.

مع وضع ذلك فى الاعتبار، يمكن القول إن الاستقرار النسبى لإيرادات الخصخصة خلال الأزمة الاقتصادية عام 2008 يشير إلى تزايد الخصخصة عبر إصدارات الأسهم.

كان 2008 هو أول عام يشهد استحواذ حكومات العالم على أصول من القطاع الخاص تفوق ما تخلصت منه، منذ عمليات التأميم التى قامت بها الحكومة الفرنسية برئاسة فرانسوا ميتران عام 1981 ومرة أخرى، كانت البنوك فى قلب الحدث.

وربما تجاوزت عمليات الاستحواذ على أسهم وقروض البنوك فى عام 2008 مبلغًا مذهلًا قدره 1.5 تريليون دولار، وهو ما يعادل تقريبًا إجمالى عائدات الخصخصة فى العالم منذ عام 1977.

أصبحت حكومات الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وألمانيا وأيرلندا ودول أخرى تملك فجأةً أصولًا مصرفية هائلة.

فى عام 2009، تم إنشاء شركة “Government Motors”، بعد الإفلاس وإعادة الهيكلة، امتلكت الحكومة الأمريكية %60 من أسهم شركة جنرال موتورز، مقابل 50 مليار دولار من أموال دافعى الضرائب.

وتبدو قضية شركة كرايسلر للسيارات مشابهة، وإن كانت أقل دراماتيكية، حيث حصلت على 10 مليارات دولار من المساعدات الفيدرالية وحصة أقلية تمتلكها الحكومة الأمريكية.

دراسة: الكفاءة الدائمة للقطاع الخاص «أكذوبة»

لا يوجد اتفاق عالمى حول ما إذا كانت الشركات الخاصة أو العامة أكثر كفاءة بطبيعتها، بحسب دراسة لنقابة الخدمات العامة الأوروبية.

وقد أظهرت الدراسات نتائج متباينة، حيث أشار البعض إلى أن الشركات الخاصة قد تكون أكثر كفاءة فى قطاعات معينة نتيجة لعوامل مثل الحوافز المدفوعة بالربح وزيادة الاستقلالية، بينما لم يجد آخرون فرقًا يُذكر، بل أشاروا إلى أن الشركات العامة يمكن أن تكون أكثر كفاءةً اعتمادًا على القطاع والأهداف المحددة.

هناك تصور شائع يؤكد أن الخصخصة أو الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP) تؤدى إلى مستويات أعلى من الكفاءة التقنية، أى أن القطاع الخاص قادر دائمًا على تقديم مستوى معين من الخدمة بتكاليف مدخلات أقل من القطاع العام.

كثيرًا ما يُشير السياسيون ووسائل الإعلام والأكاديميون والمستشارون إلى “كفاءة القطاع الخاص”، وغالبًا ما ينتشر هذا الافتراض على نطاق واسع حتى وسط منتقدو الخصخصة.

ولكن تتوفر الآن خبرة واسعة فى جميع أشكال الخصخصة، وقد نشر الباحثون العديد من الدراسات حول الأدلة التجريبية على الكفاءة التقنية المقارنة.

تتفق النتائج بشكل ملحوظ فى جميع القطاعات وجميع أشكال الخصخصة والاستعانة بمصادر خارجية على أنه لا يوجد دليل تجريبى على أن القطاع الخاص أكثر كفاءة بطبيعته.

وتظهر النتائج نفسها باستمرار فى القطاعات والخدمات الخاضعة للاستعانة بشركات خارجية، مثل إدارة النفايات، وفى القطاعات التى تتم خصخصتها عن طريق البيع، مثل الاتصالات.

قد يكون لدى الشركات الخاصة، المدفوعة بالربح، حافز أقوى لتحسين العمليات وخفض التكاليف.

قد تتمتع الشركات الخاصة بمرونة أكبر فى اتخاذ القرارات وتخصيص الموارد.

تواجه الشركات العامة، مقابل هذا، متطلبات تنظيمية أكثر صرامة، مما قد يزيد التكاليف ويزيد من التعقيد.

وتعطى الشركات العامة الأولوية للرعاية الاجتماعية أو غيرها من الأهداف غير الربحية، والتى قد لا تتوافق مع مقاييس الكفاءة التقليدية.

وتختلف الكفاءة اختلافًا كبيرًا بين الصناعات والقطاعات، مع احتمال استفادة بعض الصناعات بشكل أكبر من الملكية الخاصة أو العامة.

وتتمتع المؤسسات العامة الأكبر حجمًا أو الأكثر متانة ماليًا بمزايا فى مواقف معينة، بينما يمكن للبرامج العامة الأصغر حجمًا أو الأقل مركزية أن تكون أكثر كفاءة أيضًا.

وتشير بعض الدراسات إلى أن الشركات الخاصة أكثر كفاءة، لا سيما فى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث قد يتمتع مقدمو الخدمات من القطاع الخاص باستقلالية أكبر وظروف مشابهة لظروف السوق.

لم تجد دراسات أخرى فرقًا جوهريًا، بل أشارت إلى أن الشركات العامة يمكن أن تكون أكثر كفاءة، وذلك اعتمادًا على الأهداف ومقاييس الأداء. كما تشير الأبحاث إلى أن عوامل مثل الموقع الجغرافى وخصائص تقديم الخدمات يمكن أن تكون أكثر حسما فى تحديد الكفاءة مقارنة بالملكية.