أعلنت شركتا “أمازون” و”ستيلانتيس” رسميًا عن إنهاء شراكتهما فى مشروع تطوير برمجيات السيارات الذكية، فى خطوة تعكس التحديات المتزايدة التى تواجه تحالفات شركات السيارات التقليدية مع عمالقة التكنولوجيا فى وادى السيليكون.
وكانت الشراكة، التى انطلقت عام 2022، تهدف إلى تطوير منصة “ SmartCockpit”، وهى واجهة برمجية ذكية تجعل السيارة امتدادًا رقمياً للمنزل، من خلال تخصيص إعدادات مثل التحكم فى درجة الحرارة والملاحة وحتى الربط بأنظمة الإضاءة المنزلية، والمشروع كان يُعد خطوة طموح جمعت بين خبرة “أمازون” فى البرمجيات وقوة “ستيلانتيس”، المالكة لعلامات مثل “جيب” و”بيجو” و”ألفا روميو”.
غير أن تطورات داخل “ستيلانتيس”، أبرزها مغادرة الرئيس التنفيذى السابق كارلوس تافاريس بشكل مفاجئ نهاية العام الماضى، وتعيين أنطونيو فيلوسا خلفًا له، ألقت بظلالها على المشروع، خصوصًا مع تراجع أداء الشركة فى أمريكا الشمالية وهبوط سهمها بنحو %40 خلال عام 2024.
ورغم عدم وجود سبب معلن مباشر لإنهاء الشراكة، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن القرار نابع من رغبة الطرفين فى التركيز على إستراتيجيات أكثر توافقًا مع أولوياتهما الحالية، وتقديم قيمة مضافة للعملاء بطرق مختلفة.
ويعد مجال برمجيات السيارات من أبرز ساحات التنافس حاليًا، إذ أصبحت العديد من وظائف السيارات- كالمكابح، والمساعدة فى القيادة، ونظم الترفيه — تعتمد على الكود البرمجى، هذا التحول يوفر فرصة أمام الشركات لتحقيق أرباح من خلال خدمات الاشتراك الشهرى، لكنه يتطلب بنية تقنية متقدمة.
وفى هذا السياق، تتفوق “تسلا” بفضل بنيتها البرمجية المرنة التى تتيح تحديثات سريعة ومنخفضة التكلفة، أما شركات مثل “فولكس فاجن” و”جنرال موتورز”، فلا تزال تكافح لتطوير نظم مشابهة، وتسعى لتوظيف خبرات من وادى السيليكون أو عقد شراكات تقنية — كما حاولت “ستيلانتيس”.
ويزداد التحدى أمام “ستيلانتيس” بسبب تشكيلة طرازاتها الواسعة، التى تشمل 14 علامة تجارية وعشرات الموديلات، مما يعقّد من عملية توحيد وتحديث الأنظمة البرمجية.
كان من المقرر أن تظهر أولى نتائج الشراكة فى سيارات تُطرح بين أواخر 2024 وبداية 2025، ضمن منصة “ABC” التى تتضمن البنية الإلكترونية” STLA Brain” ونظام القيادة المساعد” Autodrive” ووفق الاتفاق السابق، كانت “ستيلانتيس” ستدفع مقابل كل استخدام لبرمجيات “أمازون”، بينما تحصل الأخيرة على حوافز من خدمات مثل اشتراكات “أمازون ميوزيك” داخل السيارة.
ورغم انتهاء التعاون فى تطوير” SmartCockpit”، أكدت “ستيلانتيس” أنها ستستمر فى استخدام خدمات” Amazon Web Services “ لتخزين البيانات، كما سيبقى المساعد الصوتى “أليكسا” مدمجًا فى بعض طرازاتها.
وتشير تقارير إلى احتمال اعتماد “ستيلانتيس” على نظام “أندرويد أوتو” فى استكمال مشروعها، فى حين كانت “أمازون” تأمل أن ينافس مشروعها المعروف داخليًا باسم “Project Quatro” منصة” Google Automotive Services. “ لكن أحد المصادر أفاد بأن معظم فريق “أمازون” العامل على المشروع قد تم تفكيكه أو نقل أفراده إلى مهام أخرى.
وبهذا، يُطوى فصل من التعاون بين شركتين من عمالقة الصناعة، وسط تساؤلات متجددة حول قدرة شركات السيارات التقليدية على مواكبة التحول البرمجى، وهل تكفى الشراكات التقنية لسد الفجوة، أم أن التعقيدات أكبر مما يبدو؟.
إعداد- عبد الحميد الطحاوي
