أكد خبيران مصرفيان أن استثمارات البنوك فى التكنولوجيا وفى البنية التحتية الرقمية هى قرارات إستراتيجية و طويلة الأجل كذلك، بمعنى أن انعكاساتها على الأرباح لا تتحقق بين عشية أو ضحاها، وإنما تتطلب بعض الوقت.
وأضافا - فى تصريحات لـ «المال» - أن البنوك الكبرى صاحبة الملاءة المالية العالية هى وحدها التى تتمكن من خوض غمار هذا النوع من الاستثمارات لا سيما وأنها عالية التكلفة للغاية.
وأوضحا أنه على الرغم من التكلفة المرتفعة فإن التكنولوجيا توفر الكثير من الأموال على البنوك فيما بعد، لا سيما وأنها تقلص العمالة الزائدة، وترفع من كفاءة العمل المصرفى فى حد ذاته.
كان هشام عز العرب، الرئيس التنفيذى للبنك التجارى الدولى مصر، أكد خلال لقاء تليفزيونى، على حتمية تبنى التكنولوجيا المالية والابتكار لمواكبة التغيرات المتسارعة فى السوق العالمية، فيما أشار إلى أن مصرفه يخطط لتعزيز بنيته التحتية الرقمية، بهدف تقديم خدمات مصرفية متطورة تلبى احتياجات العملاء المتنوعة.
وشدد على أن الاستثمار فى التكنولوجيا يعد عنصرًا أساسيًا لضمان استمرارية البنك فى المنافسة وتحقيق النمو المستدام.
ودلل «عز العرب» على كثافة الإقبال على الخدمات المصرفية الرقمية بكون النسخة المطورة من تطبيق “الموبايل بانكينج” قد تم تحميله من قبل 1.3 مليون عميل، من بينهم 900 ألف حساب نشط يقوم مستخدموه بإجراء تعاملات يومية، تشمل تحويل الأموال ومتابعة الحسابات وإجراء التعديلات المختلفة.
وأشار إلى أن هذا التطور يعكس تحولًا فى الوظائف المصرفية، حيث تقل الحاجة تدريجيًا إلى الوظائف التقليدية فى الفروع، مقابل تزايد الاعتماد على التكنولوجيا، وهو ما ينسجم مع إستراتيجية البنك فى التحول الرقمى وتعزيز الكفاءة التشغيلية.
التوسع فى الخدمات الرقمية وعوائدها
وقال محمد بدرة الخبير المصرفى إن مواصلة البنوك استخدام الأدوات التكنولوجية المختلفة ربما ينعكس على أرباحها، لا سيما فى ظل كثافة استخدام تطبيقات الموبايل البنكى والإنترنت البنكي، موضحا أن هذه الآليات التقنية تسهل الوصول إلى الخدمات المصرفية، وبالتالى تتعاظم الأرباح من خلالها.
وأضاف أن استخدام الموبايل والإنترنت البنكى تعمل كذلك على تعظيم عدد المعاملات المصرفية الرقمية التى تتم من خلالها، ناهيك عن أن حجم العمليات ذاته ربما يزداد، وكل هذا ينعكس بطبيعة الحال على حجم وصافى ما تجنيه البنوك من عمولات، والذى يؤثر بدوره على صافى أرباحها.
ولفت الخبير المصرفى إلى أن التوسع فى استخدام الأدوات الرقمية فى المعاملات البنكية يساعد المصارف على توسيع قاعدة عملائها، وبالتالى يزداد صافى ما تحصل عليه من عمولات ومن ثم أرباح من خلال هذه العملية المصرفية برمتها.
وذكر “بدرة” أن البنك المركزى كان قد وافق على إطلاق بنك مصر الرقمى فى دلالة على أننا قد نشهد المزيد من اللاعبين الرقميين فى هذا الصدد.
ووافق مجلس إدارة البنك المركزى المصري، فى وقت سابق، على منح شركة مصر للابتكار الرقمى الموافقة المبدئية لإطلاق أول بنك رقمي، وأعلنت الشركة عن اسم البنك الرقمى onebank “وان بنك” هو أول بنك رقمى فى مصر يحصل على الموافقة المبدئية من البنك المركزى المصري.
استثمارات طويلة الأجل
من جانبه، لفت محمد البيه الخبير المصرفى إلى أن الاستثمار فى التقنية بالنسبة للبنوك هو عبارة عن استثمارات طويلة الأجل، أى أن عوائد هذا التحول الرقمى لا تتحقق أو لا تُجنى فجأة.
وأضاف أن استثمار بنك من البنوك فى التكنولوجيا هو بمثابة قرار إستراتيجى لأنه مكلف من ناحية، كما أن البنك قد يتكبد الكثير من الأعباء المالية قبل أن يبدأ فى جنى الأرباح من خلال هذه الاستثمارات من ناحية أخرى.
وأوضح أنه وبناء على هذا الطرح فإن البنوك الكبرى أو بالأحرى ذات الملاءة المالية المرتفعة هى وحدها التى يمكنها خوض غمار هذا النوع من الاستثمارات وتحمل تكلفته، مشيرا إلى أن الآليات التقليدية أو الطرق التقليدية تكلف البنك الكثير من الموارد وهو الأمر الذى لا يحدث فى حال استخدمت البنوك التقنيات الحديثة فى عملها المصرفي.
وأفاد بأنه حتى فى حال استعانت البنوك بعدد من البرامج وخلافه فإن هذه الأدوات التقنية ستحتاج إلى تحديث بشكل دوري، وهو الأمر الذى سيكبد البنوك المزيد من الاستثمارات والأعباء المالية.
وأشار إلى أنه على الرغم من كل ذلك فإن استثمار البنوك فى البنية التحتية التكنولوجية أو فى التكنولوجيا بشكل عام يؤتى ثماره على المدى الأبعد، ويعمل على تقليل التكاليف.
ولفت «البيه» إلى أن أتمتة الخدمات المصرفية على اختلافها يمكنه أن يكون أقل تكلفة مما لو كان هناك أفراد عاديون يتولون القيام بهذه المهام مما يعنى أن الأدوات التكنولوجية المختلفة يمكن أن تقلص عدد الموظفين وبالتالى تقليل التكلفة على البنوك.
وأوضح أن البرامج التقنية المختلفة يمكنها أن تكون قليلة أو منعدمة الأخطاء وبالتالى فهى توفر على البنوك تكلفة تكرار الأخطاء فى حد ذاتها.
البنوك الرقمية
وأصدر البنك المركزى المصرى قواعد ترخيص وتسجيل البنوك الرقمية والرقابة والإشراف عليها، بما يُمثل خطوة مهمة تواكب التطورات العالمية فى صناعة التكنولوجيا المالية، وتلبى احتياجات العملاء بالسوق المصرية، واستكمالاً لجهود الدولة فى دعم الابتكار والتحول للاقتصاد الرقمي.
وأشار «المركزي» فى بيان بهذا الصدد إلى أن القواعد تأتى فى ضوء أحكام قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020 والتى تطرقت إلى مفهوم البنوك الرقمية وما تقدمه من خدمات مصرفية عبر القنوات أو المنصات الرقمية باستخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة.
