شهدت الحلقة الجديدة من برنامج CEO Level PODCAST، لقاءً موسعًا مع رئيس واحدة من أبرز المؤسسات الأجنبية فى قطاع الاستثمار بمصر وأفريقيا، وهى المؤسسة البريطانية للاستثمار الدولى BII والتى تأسست منذ 75 عامًا.
استضاف حازم شريف رئيس التحرير ومقدم برنامج «CEO Level PODCAST» فى حلقة هذا الأسبوع، شيرين شهدي، مدير مكتب مصر والمدير الإقليمى لشمال أفريقيا فى المؤسسة البريطانية للاستثمار الدولى (BII).
كشفت شيرين خلال الحلقة عن مسيرة مهنية مميزة بدايةً من عملها فى البنك العربى الأفريقي، بعد تخرجها من الجامعة الأمريكية، وانتقالها إلى مؤسسة التمويل الدولية، ثم رحلتها المثيرة إلى دول إنجلترا وماليزيا لدراسة التمويل الإسلامى، وانضمامها بعد ذلك إلى مؤسسة حسن علام القابضة ومساهماتها فى تأسيس ذراع البنية التحتية للمجموعة، وصولًا إلى منصبها الحالي.
تطرقت شيرين إلى السياسة الاستثمارية لـ«BII» والشروط والضوابط التى تضعها لمنح التمويلات للشركات فى مصر ومنطقة شمال أفريقيا، وما الذى يميزها عن غيرها، بالإضافة إلى القطاعات وعدد الصفقات المستهدفة خلال الفترة المقبلة.
كما كشفت عن سيناريوهات تخارج المؤسسة من الكيانات المساهمة بها، فضلاً عن التغيرات التى شهدتها BII منذ إطلاق مكتبها الأول فى مصر خلال عام 2001 وحتى الآن.
وإلى نص الحوار المتاح على قناة «ALMAL TV» بموقع «يوتيوب» ومنصات البودكاست والتواصل الاجتماعي.
● حازم شريف: ضيفتى اليوم، مميزة أنا شخصيًا سعيد بوجودى معها لأسباب متعددة، أولاً لأننى أشعر بالحماس كلما قابلت شخصية قيادية أو رئيسة تنفيذية استطاعت أن تفرض نفسها فى بيئة عادةً ما تشهد صعوبة كبيرة فى تشجيع النساء على تحقيق أهدافهم المهنية.
ثانيا: لأنها مسئولة عن الاستثمار فى مجموعة من الدول بشمال أفريقيا بما فى ذلك مصر بالتأكيد، وبالتالى ستكون لديها معرفة ورؤية حول الفرص المتاحة التى يمكن استغلالها خلال الفترة المقبلة، سواء من قبل القطاع الخاص أو من الدولة بذاتها خاصة فى ظل هذه الفترة الصعبة التى نمر بها.
دعونى لا أطيل عليكم، ضيفتى اليوم هى الأستاذة شيرين شهدي، مدير مكتب مصر والمدير الإقليمى لشمال أفريقيا فى المؤسسة البريطانية للاستثمار الدولى BII.
أهلاً وسهلاً بك.
شيرين شهدي: أهلاً وسهلاً بك.
● حازم شريف: فى البداية، السؤال الكلاسيكى للبرنامج.. من هى شيرين شهدي، أين تخرجت؟ وكيف كانت مسيرتك المهنية وصولاً إلى منصبك الحالي؟
شيرين شهدي: تخرجت فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2002.
● حازم شريف: فى أى تخصص؟
شيرين شهدي: تخصصت فى المحاسبة، وكان لدى تخصص فرعى فى مجال إدارة الأعمال، وبمجرد تخرجى بدأت بالعمل مباشرة فى البنك العربى الأفريقي.
● حازم شريف: لماذا اخترتِ المحاسبة؟ نادرًا ما يختار أحد هذا التخصص فى الجامعة الأمريكية.
شيرين شهدي: أنا طوال عمرى أحب الأرقام، لكن لأكون صريحة فتقديرى التراكمى «GPA» لم يسمح لى بأن يكون التخصص الرئيسى فى إدارة الأعمال وبالتالى اخترته كتخصص فرعي، ورغم أننى كنت طالبة متوسطة لم أستسلم.
● حازم شريف: وماذا حدث بعد تخرجك؟
شيرين شهدي: التحقت بالعمل فى البنك العربى الأفريقى فى إدارة تمويل الشركات والبنوك الاستثمارية، وكان يرأس الإدارة حينها أشرف سلمان، وعملت تحت إشرافه، بالإضافة إلى حسن عبد الله- محافظ البنك المركزى الحالى والعضو المنتدب للعربي الأفريقي حينذاك والذى كان أستاذى فى الجامعة وبعد تخرجى قمت بالتدريس معه أيضًا هناك.
فى تلك الفترة تعلمت من مجموعة كبيرة من المديرين فى البنك، وكانت السوق وقتها نشطة للغاية سواء على صعيد الاستثمارات فى الشركات أو فى مجال القروض.
● حازم شريف: على ما أتذكر، فى تلك الفترة كان البنك العربى الأفريقى نشطًا فى ملف السندات، وأشرف سلمان كان متخصصًا فيه، لكن لم يكن تركيزهم فى ذلك الوقت على تمويل الشركات فيما يتعلق بالـ Equity، لكن عبر التركيز على سوق الدين «السندات» فيما نسبة الاحتكار حينها فى حين ظل ملف طروحات الشركات مع بنوك استثمار أخرى.
شيرين شهدي: بالضبط.. فقد قمنا بالعمل بشكل مكثف على السندات من بينها، سندات لمجموعة «سيتى ستارز»، بالإضافة إلى تقييم الشركات، والتسليف الهامشى وهو منتج أطلقناه لشركات الوساطة، وخلال تلك الفترة اكتسبنا خبرات متعددة خاصة أن السوق كانت ديناميكية للغاية، مليئة بالصفقات والفرص.
● حازم شريف: وما المدة الزمنية التى قضيتِها فى البنك العربى الأفريقي؟
شيرين شهدي: عملت معهم لمدة 5 أعوام منذ 2002 وحتى 2007 فى الإدارة نفسها.
● حازم شريف: وهل كان أشرف سلمان قد ترك البنك قبل رحيلك؟
شيرين شهدي: لا.. فأنا غادرت البنك قبله.
ولكن الصدفة لعبت دورها بعد ذلك حينما كنت أعمل على إحدى الصفقات، وكان الطرف الآخر فيها مؤسسة التمويل الدولية، وأخبرنى أحد الزملاء هناك أن لديهم منصبًا وظيفيًا شاغرًا ورأى أننى قد أكون مناسبة له، فسألنى إن كنت مهتمة بالتقديم، فقلت ولمَ لا؟ وقدمت بالفعل.
● حازم شريف: ماذا كان المنصب؟
شيرين شهدي: كان منصب محللة مالية فى قطاع الأسواق المالية وبعد أن تقدمت للوظيفة تم قبولى وانتقلت للعمل فى مؤسسة التمويل الدولية خلال عام 2007.
● حازم شريف: هل كنتِ تعملين فى مؤسسة التمويل الدولية فى مصر أم بالخارج؟
شيرين شهدي: كنت أعمل من مكتب مصر وكان يغطى منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ومن هنا بدأت أكبر رحلة لى إذ عملت على عدد كبير من القطاعات، وللعلم فقد استمر عملى هناك لمدة عامين ثم غادرت «IFC».
● حازم شريف: ولماذا غادرتِ مؤسسة التمويل الدولية؟
شيرين شهدي: السبب هو أنه منذ تخرجى كنت أقدم كل عام على منحة تابعة لـ British Council، وهى منحة دراسية مخصصة لخريجى الجامعات لدراسة الماجستير فى إنجلترا.
فمنذ أن كنت فى الجامعة وأنا أنظر إلى تلك المنحة وأتقدم إليها ويتم رفضى وذلك على مدار 5 أعوام، إلى أن تم قبولى أخيرًا، وبالفعل استقلت وسافرت.
● حازم شريف: فى أى عام حدث ذلك؟
شيرين شهدي: سافرت إلى إنجلترا فى عام 2008.
● حازم شريف: وما الجامعة التى درستِ بها الماجستير فى إنجلترا؟
شيرين شهدي: التحقت بجامعة ريدينج، وهى تبعد نحو نصف ساعة عن وسط لندن،، وهناك تخصصت فى التمويل الإسلامي.
وسبب اختيارى التمويل الإسلامي، أنه فى ذلك الوقت كان العالم يشهد أزمة مالية كبرى، ودار نقاش واسع حول ما إذا كان يمكن تفادى هذه الأزمة لو أن التمويل الإسلامى كان هو النموذج السائد والمعروض، فقد كان هذا الموضوع جديدًا ولم يكن معروفًا بشكل كبير، وشعرت أنه من المهم أن أفهم هذا النوع من التمويل بشكل أعمق.
● حازم شريف: وهل وجدتِ الإجابة على هذا السؤال بعد دراستك للتمويل الإسلامى؟
شيرين شهدي: بصراحة، تعمقت فى فهم التمويل الإسلامي.
● حازم شريف: أنتِ تحدثتِ من قبل عن أن هناك اعتقادا بأن التمويل الإسلامى كان من الممكن أن يكون طوقًا للنجاة فى فترة الأزمة المالية.. هل ترين أن هذا صحيح بعدما تعرفتِ على قواعد وأسس هذا النوع من التمويل؟
شيرين شهدي: لا يمكننى القول إننى وجدت إجابة قاطعة على السؤال، وإن كان التمويل الإسلامى هو طوق النجاة والمنقذ بالفعل الذى كان سيمنع الأزمة، لكن ما توصلت إليه أنه يشكل طريقة تمويل بديلة تتعامل مع مفاهيم ومعتقدات لناس بعينها تحرص على توافق الأدوات المالية مع الشريعة الإسلامية وهو ليس عيباً ولا خطأ، فهو مجرد نوع مختلف من التمويل ومن الاستثمار، تماماً كما يفضل بعض الناس الاستثمار فى الذهب، بينما يختار آخرون النحاس أو العقارات، أو الاستثمار المباشر.
● حازم شريف: تحدثت مع أشخاص من بينهم علاء سبع- المصرفى الاستثمارى البارز والذى أطلق تشبيها وهو «نحن ترزية» بمعنى أنه يتم تنفيذ ما يطلبه العملاء بالشكل الذى يرغبون فيه، فإذا أراد العميل تمويلًا إسلاميًا أو مشتقات مالية، فسنقدمها له فالمهم هو تنفيذ رغبة العميل.
شيرين شهدي: هذا صحيح إلى حد كبير، فمعظم أشكال التمويل يمكن إعادة تصميمها بما يجعلها متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
● حازم شريف: ما المدة الزمنية التى استغرقتها لدراسة الماجستير؟
شيرين شهدي: عام واحد فقط، ولكنى قررت أن أختار مساراً عملياً مختلفًا لأنه كان يتطلب منى قبل نهاية الماجستير أن أقوم بكتابة بحث وتقارير، وكانت هناك فرصة لإجراء مبادلة مع جامعة فى ماليزيا، إذ قضيت 6 أشهر إضافية هناك.
● حازم شريف: ماليزيا عاصمة المال الحلال.
شيرين شهدي: نعم.. فقد كانت ماليزيا فى ذلك الوقت تُعد عاصمة التمويل الإسلامي، وهناك أسباب أيضًا شجعتنى للسفر إلى هناك من بينها أنه كان لدى فضول لزيارة هذه الدولة التى لم أرها من قبل، بالإضافة إلى أننى لن أضطر إلى كتابة أبحاث وتقارير، كما أنها كانت بمثابة فرصة للتعرف على المركز الرئيسى للتمويل الإسلامى وهى ماليزيا.
على مدار 6 أشهر فى ماليزيا تعلمت هناك مذاهب الشريعة الإسلامية المختلفة وتعرفت على كيفية تطبيق المؤسسات هناك مبادئ الشريعة فى المنتجات المالية، بالإضافة إلى التحديات التى تواجه تحويل المنتجات.
● حازم شريف: وماذا حدث بعد ذلك؟
شيرين شهدي: بعد أن انتهت فترة دراستى وعدت إلى مصر، تواصلت معى مؤسسة التمويل الدولية (IFC) وأبلغونى بأن مكانى لا يزال محفوظًا ودعونى للعودة إلى العمل معهم مرة أخرى، وبالفعل عُدت إلى المؤسسة فى أواخر عام 2009.
● حازم شريف: وكم استمرت فترة عملك بعد عودتك لمؤسسة التمويل الدولية؟
شيرين شهدي: كنت قد غادرت فى عام 2008 وعدت إلى IFC فى أواخر 2009 وذلك حتى عام 2017 تقريبًا وهى فترة طويلة.
عندما التحقت بالعمل فى المؤسسة خلال عام 2007، بدأت فى قطاع المؤسسات التمويلية، لكن بعد عودتى فى المرة الثانية تنقلت بين عدة قطاعات من بينها النفط والغاز، ثم الكيماويات، وصولاً إلى البنية التحتية وهو مجال واسع يشمل الكهرباء والمياه والنقل.
وللعلم خلال فترة وجودى فى المؤسسة، كنت أعمل فى الإقليم الجغرافى نفسه الذى يشمل مناطق شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
● حازم شريف: ما آخر منصب لكِ، لأنه من المؤكد أنه حتى عام 2017، كنتِ تتقدمين فى مسارك المهنى وتتلقين الترقيات، أليس كذلك؟
شيرين شهدي: نعم، فقد كنت حينها أشغل منصب Investment Officer فى تلك المنطقة بمؤسسة التمويل الدولية.
● حازم شريف: لدى سؤال هنا.. وهو أنه خلال الفترة من 2011 إلى 2013 تقريبًا، شهدنا اهتمامًا كبيرًا بالاقتصاد الإسلامي، هل دراستك فى هذا المجال أتاحت لكِ أى فرص للعمل أو الانتقال إلى مؤسسات مهتمة بالتمويل الإسلامي؟
شيرين شهدي: خلال فترة عملى بمؤسسة التمويل الدولية كانت هناك حالة واحدة فقط، قمنا بالعمل عليها بعد أن تم تكليفنا بتحويل عملية تمويل عادية إلى تمويل متوافق مع الشريعة الإسلامية، وهذه هى المرة الوحيدة التى عملت على ذلك، وبالتالى لم تُتح فرصة فى هذا الشأن ولم أطبق ما درسته ولكن هذا النوع من التمويل مفهوم بالنسبة لي.
● حازم شريف: وماذا حدث بعد ذلك؟
شيرين شهدي: خلال فترة عملى بمؤسسة التمويل الدولية وتحديدًا فى عام 2017، كنت أعمل على عدد كبير من المشروعات فى بلدان متعددة مثل باكستان والعراق واليمن والأردن ومصر، وشعرت حينها أننى أحتاج إلى شيء جديد، وكنت أتساءل بداخلى ما هى الخطوة اللاحقة، إلى أن تواصل معى أحد العملاء، وهى مجموعة حسن علام، ممن كنت أتعامل معهم خلال فترة عملى بالـ «IFC» وذلك بالصدفة، وأخبرنى بأنهم يبحثون عن شخص يتولى مسئولية إدارة التمويلات للمجموعة خاصة فى قطاع المقاولات التابعة لهم والتى كانت تشهد نموًا كبيرًا.
وأثناء حديثى مع المهندس عمرو علام طلب منى أن أفكر فى الأمر، وبالفعل بعد فترة من التفكير وجدت أن الأمر سيكون مثيرا للاهتمام بالنسبة لي، وذلك لأنى بصراحة لم يكن لدى خبرة فى إدارة الأموال.
كما أننى من سكان مصر الجديدة ومقر شركة حسن علام فى الموقع الجغرافى نفسه وبالتالى كان قريبًا منى وهو على عكس مواقع عملى السابقة التى كانت دائمًا توجد فى منطقة وسط البلد مثل جاردن سيتى أو التحرير وكُنت أشعر بالتعب حينها، ففكرة أن يكون المكتب على بُعد 5 دقائق من المنزل كانت مغرية للغاية وللعلم فقد أخبرتهم بالحقيقة بأننى لا أعلم أى شيء عن هذا القطاع.
وانضممت إلى مجموعة حسن علام القابضة، وكان يتبعها بشكل رئيسى مجموعة المقاولات، وبدأنا فى العمل على وضع العمليات والسياسات اللازمة للتطوير خاصة أن «حسن علام» كانت تمر بمرحلة انتقالية كبرى، إذ كانت هناك توسعات من قبلهم فى كيانات أخرى، فضلاً عن حدوث نمو كبير فى حجم أعمالهم خاصة فى المقاولات إذ كانوا بحاجة إلى تمويلات ضخمة لمواكبة هذا النمو.
وبحكم علاقتى بالبنوك والتى كانت قوية، فقد تمكنت من التحدث والتفاوض مع القطاع المصرفى والحصول على تسهيلات تمويلية.
● حازم شريف: كم استمرت فترة عملك فى مجموعة حسن علام؟
شيرين شهدي: عملت مع المجموعة منذ عام 2016 وحتى 2019 تقريبًا، أى ما يقارب 4 أعوام.
● حازم شريف: وما الأسباب وراء مغادرتك لـ«حسن علام»؟
شيرين شهدي: قضيت فترة طويلة فى العمل هناك، ومن بين الإنجازات التى حققناها كان التفكير فى التوسع وتأسيس شركة متخصصة فى الاستثمار فى البنية التحتية خاصة فى قطاعات الكهرباء والطاقة المتجددة والمياه، والتى تم تدشينها بالفعل باسم Hassan Allam Utilities.
انتقلت إلى العمل فى هذه الشركة الجديدة بمنصب Chief Financial Officer وقمنا بتأسيس خطة للعمل، وبناء فريق، وركزنا على كيفية تنفيذ مجموعة من المشروعات الاستثمارية التى تحقق تدفقات نقدية مستقرة، خاصة أن طبيعة عمل المقاولات تتسم بالتقلب صعودًا وانخفاضًا.
● حازم شريف: ماذا تقصدين بالاستثمارات التى تحقق تدفقات نقدية مستقرة؟
شيرين شهدي: الاستثمار فى قطاع البنية التحتية، يمنح هذا النوع من الاستقرار مثل الكهرباء، لأنها تقوم على عقود طويلة الأجل تمتد إلى 25 أو 30 عامًا، كما توجد عقود صيانة لها، وبالتالى نكون على دراية بحجم الإيرادات المتوقعة لأجل طويل.
● حازم شريف: وماذا حدث بعد ذلك؟
شيرين شهدي: بعد أن تأسست الشركة وانطلقنا ووضعنا الخطط اللازمة، شعرت فى وقت ما بأننى أنهيت دورى وأن مساهمتى الأساسية قد تحققت إذ لم يكن لدى أى شيء جديد أضيفه فى تلك المرحلة، فقررت الرحيل.
وحين غادرت، تواصلت معى مؤسسة التمويل الدولية مرة أخرى، وطلبوا منى العودة وكنت حينها مازلت فى طور التفكير فى ما أريد القيام به لاحقًا، ولم أكن متحمسة كثيرًا للعودة ولكن أنا لدى يقين بأن أى أمر أقوم به لابد أن يكون له هدف.
تلقيت حينها عرضًا من مؤسسة التمويل الدولية بالانضمام إليهم بصفتى خبيرا واستشاريا فى مشروعات لها علاقة بالصناعة والتجارة والزراعة فى أفريقيا، وكانوا يعملون على مشروع تجريبى يختبرون من خلاله كيفية التعاون مع مجموعة من الشركات التى ربما لم تكن جاهزة بعد للحصول على استثمارات من مؤسسات تمويلية كبري.
وكانت تلك الشركات بحاجة إلى من يساندها فى تحسين الجوانب المتعلقة بالتقارير والماليات وتطويرها، وغير ذلك من الأمور، وبالتالى كنا نساعد تلك الكيانات فى الوصول إلى مرحلة الجاهزية للاستثمار من مؤسسات دولية كبرى، وهو ما عملت عليه فى أفريقيا وتحديدًا بدولة غانا.
وكان ذلك فى عام 2019 أى قبل جائحة كورونا، ولكن حين بدأت الجائحة أغلق السفر بالكامل، مما أدى إلى توقف معظم الأعمال لأنه كانت طبيعة عملنا تتطلب التواجد مع العملاء على الأرض.
● حازم شريف: هل توقفتِ أنتِ أيضًا عن العمل؟
شيرين شهدي: لا، ولكن فى أحد الأيام تلقيت مكالمة هاتفية من headhunter «وكالة توظيف» وأخبرنى بأن هناك مجموعة تابعة للحكومة البريطانية، كانت تُعرف وقتها باسم CDC Group والتى تُعرف الآن باسم British International Investment، تبحث عن شخص لفتح مكتب لها فى مصر، ولقيادة وتنظيم العمل هناك، وسألنى إن كنت مهتمة بالأمر.
● حازم شريف: هل وضعتِ سيرتك الذاتية فى مكان ما لهذا الغرض؟
شيرين شهدي: لا، لم أكن قد وضعتها، ولكن أعتقد أن الأمر جاء عن طريق ترشيح أحد المعارف، أو من خلال «لينكد إن» فالعالم صغير فى نهاية المطاف.
وأثناء حديثى معه سألنى إذا كنت مهتمة باستكشاف هذه الفرصة فقلت له: نعم، وبدأت فى ذلك بالفعل وتقدمت إلى الوظيفة.
ولأكون صريحة كان كل ما يدور فى رأسى وقتها هو أنه من الصعب أن تأتى هذه الوظيفة فى ظل جائحة كورونا فالعالم كان مغلقًا، ورغم ذلك أجريت العديد من المقابلات معهم لمدة 6 أشهر تقريبًا، إلى أن تم الاتصال بى لإبلاغى بأن الوظيفة أصبحت من نصيبي، وقد تم تعيينى بالفعل.
● حازم شريف: هل يمكن أن تحدثينا عن المؤسسة وعن طبيعتها؟
شيرين شهدي: «BII» هى مؤسسة تمويل تنموى مملوكة بالكامل للحكومة البريطانية، وهدفها الأساسى هو الاستثمار فى منطقتين رئيسيتين وهما أفريقيا وآسيا، لذلك لن تجدنا مثلًا فى الشرق الأوسط أو أمريكا أو أوروبا، إذ ينصب تركيزنا بالكامل على الأسواق النامية فى تلك المنطقتين.
● حازم شريف: وكم عدد الدول التى تغطيها المؤسسة تقريبًا؟
شيرين شهدي: أعتقد أننا نغطى أكثر من 100 دولة تقريبًا موزعة ما بين أفريقيا وآسيا.
● حازم شريف: وما السياسية الاستثمارية للمؤسسة؟
شيرين شهدي: المؤسسة هدفها الرئيسى تنموى وتركيزنا الأساسى هو العمل مع القطاع الخاص فقط، وبالتالى كل استثماراتنا موجهة له لمساندته.
● حازم شريف: هل يوجد تشابه بين المؤسسة البريطانية مع مؤسسات تمويل أخرى مثل «IFC»؟
شيرين شهدي: نعم يوجد، فنحن نعتبر أننا جميعًا مجموعة واحدة مع بعض الفروق فمثلاً «IFC» تتبع مجموعة البنك الدولي، و«EBRD» تابعة لبنك الاستثمار الأوروبي، بينما نحن مملوكون لمساهم واحد فقط هو الحكومة البريطانية، ولكن من حيث الأهداف التنموية فنحن متشابهون مع فرق التغطية الجغرافية، لأن «التمويل الدولية» موجودة فى كل أنحاء العالم، بينما «BII» تعمل على أسواق بعينها منذ 75 عامًا لتوفير الفرص وتحقيق تنمية حقيقة فى أفريقيا والتى تحتاج إلى خبرة وفهم كبير لتلك الأسواق.
● حازم شريف: ذكرتِ أن المؤسسة يمتد عمرها إلى 75 عامًا، وهذا يعنى أنها تأسست فى وقت كانت فيه بريطانيا قوة استعمارية كبرى، إذن، هل كان هناك أهداف سياسية وراء إنشائها؟ وما التغير الذى طرأ على أهدافها مع مرور الوقت؟
شيرين شهدي: من الصعب أن أدلى برأيى فى هذا الأمر، لأن المؤسسة قد أنشئت منذ 75 عامًا، وأنا لم أكن موجودة حينها فى الحياة، ولكن هل كانت المؤسسة وقتها لها غرض استعمارى على الدول الافريقية؟ ربما حقيقى لأنه قديمًا كان اسمها هو Colonial Development Corporation أو CDC Group، ولكن مع تطور الحياة والتغيرات التى حدثت تغير ذلك وأصبحت الآن المؤسسة البريطانية للاستثمار.
أما فيما يتعلق بالأهداف السياسية التى كانت وراءها عند التأسيس، لا أعلم بها، كما أننى لا أهتم بمعرفة الأهداف السياسية القديمة، خاصة وأن ما يلفت نظرى هو أن المؤسسة اليوم تدعم الأهداف التنموية وتسعى لإجراء تغيرات إيجابية فى حياتنا، كما أن القيم التى تقوم عليها حاليًا حقيقية وتُطبق فعليًا على أرض الواقع.
ونحن نشعر بذلك عند البحث على فرص استثمارية فحتى لو كانت الفرصة الاستثمارية جيدة من الممكن أن يتم رفضها إذا لم تكن تحقق أهدافًا تنموية حقيقية.
● حازم شريف: وما معيارك لتحديد ما إذا كان الاستثمار تنمويًا أم لا؟ لأن عبارة «تنموية» قد تكون مطاطة.
شيرين شهدي: صحيح، ولذلك نحن نعتمد على 3 محاور رئيسية فى عملية التقييم لأى استثمار، أولاً الإنتاجية المستدامة من حيث إذا كان المشروع مُنتجا بالفعل أم لا، وهل سيخلق فرص عمل مستدامة ويمنح الأفراد شعورًا بالأمان والدخل الكافى لتحسين مستوى معيشتهم أم لا.
وكذلك الاستدامة البيئية إذ نهتم للغاية بالجانب البيئى خاصة فى ظل التغيرات المناخية التى نعيشها جميعًا، فمثلًا خلال يوم واحد قد نرى حرارة مرتفعة للغاية ثم هطول أمطار مفاجئ ثم توقف لتلك الأمطار، وهذه التغيرات المناخية لها تأثير على الناس، ولذلك نحن نحرص على أن تكون استثماراتنا مدروسة بيئيًا كما نساعد الشركات على كيفية التعامل مع تحديات المناخ.
وهناك محور يتعلق بالشمول الاجتماعى والذى ينقسم إلى جزءين الأول، تمكين المرأة وخلق فرص لها وأن يكون لها دور أكبر فى المجتمع، والثانى له علاقة بالمجتمعات التى ليس لديها القدرة على الوصول للفرص مثل أجزاء أخرى فى المجتمع مثل الصعيد والذى يعانى مواطنوه من صعوبة فى الحصول على فرصة عمل مقارنة بالقاهرة.
ننظر أيضًا إلى القارة الأفريقية بأكملها، إذ إن الكثيرين من الناس هناك لا تتوافر لهم فرص عمل، وبالتالى الشمول هنا ينطبق على المرأة والمجتمعات سواء فى مصر أو خارجها.
● حازم شريف: بالنسبة لتمكين المرأة، هذه القضية نجد خلافات كثيرة عليها، وأنا من الأشخاص الذين لا يميلون لفكرة التمييز الايجابى وذلك ليس لأنى ضد المرأة، على العكس تمامًا، ولكننى أرى أن الأهم هو خلق فرص متساوية للجميع.
ولكن أشعر أن التمكين بهذا الشكل قد يخلق أوضاعًا غير متساوية، ومن ثم لا يمكن بناء مجتمع على هذا الأساس، هل أنا مغالٍ فى وجهة نظري؟ وما رأيك أنتِ؟
شيرين شهدي: التمكين لا يعنى أن المرأة أهم من الرجل أو العكس، الفكرة من التمكين هى ببساطة أن نُساعد المرأة، لأنها جزء مهم من المجتمع، لها تحدياتها كامرأة، وهى بحاجة إلى من يساندها لتتاح لها الفرص نفسها التى تتاح لأى فرد آخر فى المجتمع، وهذا هو التمكين وليس مجرد أن أوظف امرأة فقط لأقول إن لديّ سيدة فى المؤسسة.
الفكرة هى أن أتيح لها الفرص نفسها فى التعليم، وفى التوظيف، وأن توضع فى الاعتبار عند المقابلات الوظيفية لأن هناك وظائف عديدة عندما يُفكر صاحب العمل فى التوظيف، يخطر فى باله تلقائيًا توظيف رجل! لماذا؟.
كما نجد مثلًا أن هناك وظائف معينة أصبحت مرتبطة بالنساء فقط! لماذا؟، فأنا شخصيًا عندما كنت أعمل فى قطاع الغاز والنفط وأزور مواقع بالصحراء، كان المكان بأكمله من الرجال فقط ولا يوجد فى الحسبان أنه من الممكن أن تعمل امرأة هناك.
● حازم شريف: هل ترين أن ذلك عيب فى الشركات أم المجتمع؟
شيرين شهدي: لا أعتقد أنه عيب فى الشركات فقط، لأن كثيرًا من الكيانات الكبرى بدأت بالفعل فى التفكير بهذا الأمر ووفرت بيئة أفضل للمرأة، لكن أعتقد أن جزءًا كبيرًا من المشكلة هو المجتمع والأعراف.
● حازم شريف: أنا أتفق فى ذلك، وبما أننى أعتبر نفسى شخصًا متقدمًا فكريًا، لكن حتى أنا أجد لديّ أحيانًا انحيازات من هذا النوع، فعلى سبيل المثال، حين أُعين صحفيين أجد نفسى أفكر فى هذه الأمور مع أنه من ناحية الكفاءة لا يوجد فرق، لكن من خلال الخبرة والممارسة فى المجتمع أرى أنه بعد 3 أو 4 سنوات، قد تتزوج الفتاة، وتدخل فى فترات إجازة بسبب الإنجاب، وحين تعود لا تجد بيئة تساعدها على التطور وهذا ليس خطأي، لكنه يؤثر على المؤسسة ويخلق انحيازات لدى أصحاب القرار فالمقصود ليس بالضرورة أنها مشكلة الشركات أكثر من البيئة نفسها.
شيرين شهدي: أرى أنها أزمة فى الفكر نفسه، ومع ذلك أنا لا ألقى باللوم على أحد، ولكن دورنا هو محاولة خلق بيئة تدعم المرأة حتى إن تزوجت أو أنجبت، فالرجل يتزوج أيضًا، أليس كذلك؟
● حازم شريف: بالطبع.
شيرين شهدي: هناك أمثلة لسيدات تضطر للعمل لترعى أسرتها بسبب مرض الزوج، ويجب مساعدتهم، وخلق بيئة مريحة للمرأة فمن الممكن أن تتم إتاحة المرونة فى ساعات العمل، أو إمكانية العمل من المنزل، أو حتى إنشاء حضانة تحت مقر الشركة إن أمكن، إذا فعلنا ذلك وخلقنا البيئة تستطيع المرأة أن تستمر فى العمل بالكفاءة نفسها.
● حازم شريف: نعود إلى أنه تم قبولك لتأسيس مكتب المؤسسة البريطانية للاستثمار الدولى فى مصر.. ماذا حدث بعد ذلك؟
شيرين شهدي: حين بدأت العمل كانت وقتها جائحة كورونا انتشرت وكل شيء كان مغلقًا، لم أرَ زملائى ولا مديرى ولا حتى المكتب نفسه، شعرت وكأننى أعمل فى مؤسسة لا وجود لها.
وطُلب منى أن أفتتح المكتب ولم أكن أعرف أى شيء لا حجمه ولا تصميمه ولا شكله، فقررت أن أستأجر مكتبًا صغيرًا وقمت بتجهيزه بطريقتى الخاصة.
● حازم شريف: وهل كنتِ بمفردك فى البداية؟
شيرين شهدي: نعم، كنت أعمل بمفردي.
● حازم شريف: هناك تجربة شبيهة لذلك، وهى عن حسن الخطيب وزير الاستثمار الحالى مع حفظ الألقاب، فى فترة أسس مكتبًا لإنشاء لشركة «كارلايل» العالمية فى مصر، وهى مؤسسة كبرى لإدارة استثمارات وبدأها بنفسه، وكان هو ومديرة المكتب فقط الموظفين الوحيدين، واستمر لفترة ثم أغلق لاحقًا لظروف، فتجربتك تُشبه كثيرًا ما فعله.
شيرين شهدي: تمامًا، أنا ظللت وحدى لمدة عام ونصف تقريبًا، كنت العامل الوحيد حتى دون سكرتيرة.
● حازم شريف: متى كان ذلك؟
شيرين شهدي: أسست المكتب فى عام 2020.
● حازم شريف: ومتى بدأتِ العمل؟
شيرين شهدي: بدأت العمل على الفور، حتى قبل وجود المكتب نفسه، فقد كنت أعمل من المنزل، ومن جهازى الشخصي، لم يكن قد تم إرسال «لابتوب» لى من المؤسسة بعد.
● حازم شريف: كم يبلغ حجم المحفظة الاستثمارية الموجهة للسوق المحلية من قبل المؤسسة، أم أنك تديرين مصر ضمن أسواق أخرى ومخصص لها مبلغ بعينه؟
شيرين شهدي: نحن كمؤسسة لا نخصص مبالغ معينة لكل دولة، لكن نضخ استثمارات ما بين 1.5 إلى 2 مليار دولار سنويًا، فى 70 سوقًا بأفريقيا وآسيا، أما فيما يتعلق بتوزيع الاستثمارات فذلك يتم حسب الفرص، فحيثما نجد فرصًا نستطيع من خلالها تحقيق الغرض التنموى الذى نسعى إليه، نُوجه الأموال إليها.
● حازم شريف: هل هناك منافسة بين المسئولين عن الأسواق المختلفة فى المؤسسة؟
شيرين شهدي: نعم.
● حازم شريف: كم بلغ حجم الاستثمارات وعدد المشروعات التى قمتِ بها خلال فترة عملك؟
شيرين شهدي: تسلمت المحفظة فى عام 2020 وكان حجمها فى ذلك الوقت بمصر حوالى 275 مليون دولار.
● حازم شريف: هل لم يكن لديكم وقتها مكتب مخصص فى مصر؟
شيرين شهدي: كان هناك مكتب بمصر فى فترة سابقة تحديدًا فى عامى 2001 و2002، إذ جاء أحد الأفراد وافتتح المكتب.
لكن المكتب استمر عمله لمدة عامين تقريبًا، ثم تم إغلاقه بسبب أن إستراتيجية المؤسسة تغيرت فى ذلك الوقت، فقد كانت تقوم بضخ الاستثمارات بشكل مباشر إلى أن قررت التوقف عن ذلك والاتجاه نحو الاستثمارات غير المباشرة، من خلال صناديق الاستثمار.
وبما أن المؤسسة لم تعد تدير استثمارات مباشرة، فلم تكن هناك حاجة لوجود المكتب فتم إغلاقه وأصبحت كل العمليات تُدار من إنجلترا، واستمرت هذه السياسة لمدة تقارب 10 أعوام، حتى رأت «BII» أن هذا التوجه لا يحقق الهدف التنموى المطلوب وأنها لا تصل إلى الأسواق بشكل كافٍ، ولذلك عادت إلى سياسة الاستثمار المباشر، إلى جانب الاستثمار غير المباشر.
● حازم شريف: هل كانت الاستثمارات البالغة 275 مليون دولار ناتجة عن جهود المكتب فى عام 2001 فقط، أم كانت هناك استثمارات من مديرى صناديق استثمار أخرى؟
شيرين شهدي: كانت مجموعة من الاستثمارات بعضها تم فى الفترة من 2001 إلى 2002، إلى جانب استثمارات نفذت من مقر المؤسسة فى إنجلترا، وذلك قبل تولى المنصب، من بينها مشروعات الطاقة الشمسية فى منطقة بنبان بأسوان، إذ شاركت مؤسسات التمويل التنموية «DFIs» بشكل كبير فى تمويلها نظرًا لحجمها الضخم، وتمكنت المؤسسة من الدخول فى هذه المشروعات من دون وجود ميدانى لها فى مصر.
كما أنه قبل تسلمى للمحفظة مباشرة، كانت هناك صفقة أُغلقت مع البنك التجارى الدولي، وهذه الصفقة أجريت أيضًا من إنجلترا.
● حازم شريف: هل الصفقة كانت حصة فى البنك؟
شيرين شهدي: لم تكن حصة ولكنها كانت مثل قرض طويل الأجل يسمى «Tier 2 Capital» وهو ليس أوليا بل ثانوي.
● حازم شريف: ماذا فعلتِ منذ أن توليتِ مسؤولية المكتب من حيث حجم الاستثمارات؟
شيرين شهدي: منذ تسلمى المكتب فى 2020، كانت المحفظة تبلغ 275 مليون دولار، أما مع نهاية عام 2023 فقد بلغ تقييم المحفظة نحو 707 ملايين دولار، مقارنة بالتقييم السابق مما يعنى أن هناك زيادة تقارب الـ 500 مليون دولار خلال 3 سنوات.
● حازم شريف: وماذا عن عام 2024؟
شيرين شهدي: حققنا خلال عام 2024 استثمارات مباشرة تتجاوز 340 مليون دولار فى مصر، وهو أكبر قيمة للاستثمارات التى تم تنفيذها فى عام واحد.
● حازم شريف: ماذا عن منطقة شمال أفريقيا؟
شيرين شهدي: مسئوليتى الأساسية كانت تأسيس الشركة فى مصر، وتعريف السوق المحلية بالمؤسسة ونشاطها وقد أنجزت ذلك خلال أول عامين من العمل، بعد ذلك طُلب منى توسيع نطاق المسئولية لتشمل شمال أفريقيا، فتم تحويل مكتب مصر من مكتب محلى إلى مكتب إقليمى يغطى المنطقة بالكامل.
● حازم شريف: هل هناك مكاتب أخرى تابعة للمؤسسة فى شمال أفريقيا؟
شيرين شهدي: لا المكتب الوحيد فى مصر وهو يغطى شمال أفريقيا فى دول المغرب، تونس، الجزائر، ليبيا، والسودان، وأعماله تشهد نموًا، ولدينا فريق عمل كبير فى لندن وعندما يكون لدينا صفقة نعمل عليها يأتى هذا الفريق إلى السوق ويباشر العمل بجانب الفريق المحلي.
● حازم شريف: سؤال تقني، كيف تقومين بالبحث عن فرص استثمارية فى تونس مثلًا، وأنتِ مقيمة فى مصر؟
شيرين شهدي: يجب أن أزور تلك الدولة، وهناك أكثر من طريقة نستخدمها للبحث عن الفرص، أولًا نحن من أكبر المستثمرين بصناديق الاستثمار فى أفريقيا بالكامل، وهذه الصناديق لديها وجود فعلى على أرض الواقع، مما يمنحنا إمكانية التعرف على ما يحدث فى السوق، ومعرفة الشركات الموجودة والتى يستثمرون فيها، وما هى الفرص المتاحة.
الجانب الآخر هو وجود الدعم من المساهم الرئيسى وهى الحكومة البريطانية، من خلال السفارات التابعة لها والتى نعرف من خلالها أيضًا الفرص المتاحة فى السوق ووضعه، ثالثًا عند زيارتى لدولة ما أبدأ بالبحث عن المستشارين المحليين سواء قانونيين أو محاسبين أو بنوك الاستثمار.
كما ألتقى بشركائنا فى صناديق الاستثمار، وبالتالى تتوسع شبكة العلاقات تدريجيًا، مما يؤدى إلى التعرف على الفرص الاستثمارية، وللعلم فكلما قضيت وقتًا أطول فى السوق زادت قدرتك على فهمها وتحديد الفرص المناسبة وتفادى تلك التى لا تناسب إستراتيجيتنا.
● حازم شريف: لقد حددتِ المعايير التى تختارين بها المشروعات، ولكن ما سياستك الاستثمارية وسيناريوهات التخارج؟
شيرين شهدي: سياساتنا تختلف حسب المنتج الذى نستثمر فيه، ولدينا عدة أنواع فهناك الاستثمار غير المباشر من خلال صناديق الاستثمار، وفى هذه الحالة نقوم بالاستثمار فى الصندوق، ويقوم هو بدوره بإدارة الاستثمارات، أما نحن فنتابع أداءه ونتأكد من التزامه بالمعايير التنموية والاستدامة التى نتبعها، كما نساعده فى تطبيقها على الشركات التى يستثمر بها.
● حازم شريف: لدى سؤال هنا.. هل هذا يعنى أننى إذا كنت أؤسس الآن صندوقاً للاستثمار فى شمال أفريقيا، هل بإمكانى أن أشارككم كمؤسسة؟
شيرين شهدي شهدي: نعم.. تماماً.
أما النوع الثاني، فهو الاستثمار المباشر والذى ينقسم إلى شقين، إما أن ندخل فى شكل دين أى قروض، وفى هذه الحالة يكون التخارج منها واضحاً، إذ يتم سداد القرض وينتهي.
وهذه القروض يمكن توظيفها بطرق متعددة يمكننى أن أقرض شركة مباشرة، أو مشروعاً مثل مشروعات الكهرباء أو المياه إذ يتم تمويل المشروع ككل على مدى طويل من 3 إلى 25 عامًا، كما نقوم بالإقراض بالعملة الأجنبية وليس المحلية للمشروعات أو الشركات التى تحتاج إلى ذلك، فضلاً عن توفير تمويل طويل الأجل.
● حازم شريف: عادة عند الحديث عن استثمار بالعملة الأجنبية لابد أن يكون عائدات المشروع بالعملة نفسها، هل هذا الشرط موجود لديكم؟
شيرين شهدي: بالورقة والقلم لا ليس شرطاً، ولكن إذا كنت تسألنى فهو شرط، لأنه لا يصح أن تكون شركة لا تمتلك عوائد بالعملة الأجنبية، ثم تُحمل ميزانيتها قرضاً بالعملة الأجنبية، فهذا سوف يخلق عبئاً كبيراً عليها لن تتحمله.
فإذا كنت أقدم نصيحة صادقة لأى شركة أو عميل يرغب بالحصول على قرض منا بالعملة الأجنبية لن أمنحك إياه، لأن ذلك لن يحقق الاستدامة، نعم هو غير موجود على الورق ولكنه شرط، لأن التمويل بالعملة الأجنبية هدفه دعم مشروعات طويلة الأجل، ولذلك من الضرورى أن يكون لدى الشركة مصادر إيرادات بالعملة نفسها لتتمكن من سداد القرض.
● حازم شريف: ما الذى يدفعنى للجوء إلى المؤسسة البريطانية بدلاً من جهة أخرى مثل «سيتى بنك» مثلاً؟
شيرين شهدي: عند الاقتراض بالتحديد هناك عدة زوايا يجب النظر إليها، أولاً المدة الزمنية وهى من أهم النقاط فنحن نستطيع أن نوفر مددًا طويلة جدًا، فى حين أن البنوك التجارية مثل «سيتى بنك» لديها حدود للمدة التى يمكن أن تُقرض بها المشروعات، فقد تجد مدة 5 سنوات متاحة أو ربما 8 سنوات، لكن من الصعب تجاوز ذلك، وهنا يأتى دورنا لأن هناك مشروعات تحتاج إلى مدد أطول.
ثانياً، الإضافة التى تشعر بها بمجرد وجودنا معك، فالشركة يمكن أن تقترض منا أو من المؤسسات الأخرى، ولكن نحن نقوم بعمل تدقيق داخل الشركة من حيث تأسيسها وهيكل ملكيتها وكيفية تحقيقها لاستراتيجيات الاستدامة وتمكين المرأة وغيره وهو ما يعطى للشركة ثقلا عند توجهها لأى مستثمر.
هذا النوع من التقييم الذى نقوم به يمنح للشركة ما يشبه «ختم الموافقة» أو ختم «آيزو»، وهو أمر يُفيدها كثيراً عند التوجه إلى الأسواق العالمية أو مستثمرين آخرين، صحيح أن العملية طويلة ومرهقة، لكن بمجرد أن تمر بها الشركة تُدرك القيمة التى أضفناها لها.
● حازم شريف: إذن المستثمر يلجأ إليكم بسبب المدة و«الختم» وغيرها من العوامل التى ذكرتها، ولكن ماذا عن تكلقة الاقتراض؟
شيرين شهدي: نحن نعمل بشكل تجارى عادى ولكن لدينا المرونة فى المدد نستطيع أن نؤخر مدفوعات ونُشكل طرقا للسداد لتكون مرنة للمشروع، ولكننا نحتاج أيضاً إلى الاستدامة لأننا مؤسسة تنموية وليست خيرية، وبالتالى لا يمكن أن نمول شركة لا تحقق أرباحاً، لأننا فى النهاية مؤسسة استثمارية تهدف إلى الربح، ولكن ذلك مقرون بهدف تنموي.
● حازم شريف: ماذا عن الـ«Equity» أو الدخول كمساهم فى رأس المال؟
شيرين شهدي: كمؤسسة نحن مستثمر طويل الأجل بخلاف صناديق الاستثمار التى يكون لها عمر محدد، وبعد وقت معين تحتاج إلى التخارج لأن عمر الصندوق انتهي، فنحن يمكننا أن نستثمر لفترات تمتد من 3 إلى 15 عاما، لأن هدفنا تحقيق استدامة حقيقية.
نحن لا نتخارج إلا إذا كانت الظروف مناسبة سواء من ناحية السوق أو من ناحية نضج الشركة وجاهزيتها.
● حازم شريف: وماذا عن التذكرة الاستثمارية؟
شيرين شهدي: نعمل على عدة تذاكر، فالصغيرة تتراوح من مليون إلى 10 ملايين دولار ولكن ذلك يتطلب أن تكون الشركة ضمن شراكة مع صندوق استثمار نحن مستثمرون فيه بالفعل، أما التذاكر الأكبر تتخطى الـ 10 ملايين دولار.
● حازم شريف: وما أكبر استثمار نفذتموه فى مصر؟
شيرين شهدي: أكبر استثمار كان فى مجموعة «ألفا»، إذ قمنا بضخ 100 مليون دولار به، وهناك استثمار آخر ليس مخصصا للسوق المحلية بمفردها بل يغطى أفريقيا، وهو الشراكة مع موانئ دبى بهدف تنمية الموانئ فى أفريقيا بالكامل إذ نستثمر به نحو 700 مليون دولار.
وفى هذا الإطار، أسسنا شركة جديدة بالشراكة مع «موانئ دبي»، تستهدف تنمية الموانئ فى القارة الأفريقية ككل، وقد بدأنا بالفعل بـ3 أصول رئيسية، من ضمنها ميناء العين السخنة.
● حازم شريف: لكن هل يشترط أن تكون الموانئ التى يتم العمل عليها تحت إدارة الشركة المشتركة الجديدة؟
شيرين شهدي: نعم.
● حازم شريف: كم تُمثل الـ700 مليون دولار كنسبة مساهمة؟
شيرين شهدي: لا لم يتم دفعها دفعة واحدة، فنحن نضخ الأموال تدريجيًا حسب كل مشروع جديد يظهر، أما «موانئ دبي» فقد التزمت بسداد مليار دولار.
● حازم شريف: ما عدد الفرص التى تدرسها المؤسسة حاليًا فى السوق المصرية؟
شيرين شهدي: ندرس حاليًا أكثر من 20 إلى 30 فرصة استثمارية.
● حازم شريف: كم عدد الصفقات التى تنفذونها سنويًا داخل مصر؟
شيرين شهدي: يختلف الأمر من عام إلى آخر، فخلال 2024 نفذنا حوالى 6 صفقات، بينما نستهدف هذا العام من 4 إلى 5 صفقات.
● حازم شريف: وما هى القطاعات التى تستهدفون الاستثمار بها حاليًا؟
شيرين شهدي: نحن ندرس قطاعات متعددة، لكن نركز بشكل أساسى على قطاع البنية التحتية، خاصة الطاقة المتجددة لأن هذا القطاع له أهمية كبرى بالنسبة لنا خاصة فيما يتعلق بتحقيق أهداف المناخ، وهو جزء رئيسى مما نقوم به، والتكنولوجيا والزراعة نركز عليها أيضًا.
ننظر أيضًا إلى الصناعة خاصة المستهدفة للأسواق الخارجية والتصدير، لأن هذا الأمر له هدفين الأول هو مساعدة الشركات على فتح أسواق جديدة، والثانى توفير عملة أجنبية، كما ننظر إلى الكيانات التى قد تكون لديها انبعاثات بيئية كبرى ونعمل معها على مسار لتقليل تلك الانبعاثات.
● حازم شريف: هل يمكن أن تستثمرى فى شركات صناعية قد لا تكون متوافقة تماماً مع معايير البيئة، ولكن تحقق عائدًا دولاريًا؟
شيرين شهدي: بالطبع، يمكن ذلك بشرط وجود خطة واضحة للتحول ومراعاة الجوانب البيئية.
● حازم شريف: بمناسبة الاستثمار، هل أثرت الظروف العالمية الحالية مثل الحرب فى غزة أو الحروب التجارية، على توجيهات عملكم؟ أو هل هناك تعليمات بالتوقف عن الاستثمار؟
شيرين شهدي: لا توجد تعليمات من هذا النوع، لأن هدفنا تنموي.
● حازم شريف: أقصد أنه هل يمكن أن تقرر الحكومة البريطانية تخفيض استثماراتها فى الدول التى تستثمر بها فى ظل الأوضاع الحالية؟
شيرين شهدي: حتى الآن، لم يتم اتخاذ أى قرار بخفض الاستثمارات، ولم نغلق أى مكاتب أو نوقف أى عمليات.
● حازم شريف: ما الصفقة أو العملية التى شعرتِ أنها كانت الأفضل فى حياتك؟
شيرين شهدي: هناك مشروع قريب جداً من قلبي، وهو مشروعات بنبان بأسوان فقد عملت عليها منذ أن كنت فى مؤسسة التمويل الدولية، وعاصرتها فى كل مراحلها منذ أن كانت فكرة وكيف عملت الحكومة عليها وعملية طرحها والجهود التى بذلناها للحصول على تمويلات من مؤسسات تمويل أخرى.
كان عبارة عن قطعة أرض تضم 42 منشأة يجب إنشاؤها وتشغيلها فى ذات الوقت، وكل منها كان يحتاج إلى تمويل ومتابعة من مؤسسات تمويلية مختلفة وصلت إلى 12 مؤسسة، وتوفيق الأوضاع لنحو 42 عميلا لديهم طلبات، فالأمر لم يكن سهلاً.
كان الموقع عبارة عن صحراء تقريباً، لا توجد به طرق أو بنية تحتية، وعندما تركت مؤسسة التمويل والتحقت بالعمل مع مجموعة «حسن علام» كان لديهم مشروع فى بنبان، وبعد انضمامى للمؤسسة البريطانية للاستثمار وجدت أنها تستثمر فى 10 مشروعات فى المنطقة نفسها وهذا جعلنى أعيش التجربة من عدة جوانب.
وأسوان، كما تعلم مدينة تعتمد بشكل كبير على السياحة، وفى أوقات مثل فترة «كورونا» عندما توقفت الحركة السياحية تمامًا كان الأثر واضحًا، ولكن مشروع بنبان أحدث انقلابًا فى حياة أهل أسوان.
أنا شخصياً أحب أسوان كثيرًا وأزور النوبة بشكل متكرر، كما أتحدث مع السكان المحليين باستمرار، فقد شاهدت نساء فجأة يصنعن الأكشاك الخاص بهن ويبدأن فى بيع الطعام، وآخرين استأجروا سيارات لنقل المهندسين إلى مواقع العمل، وآخرين تحولوا إلى موظفى أمن.
هناك رجال من أهل أسوان تعلموا خلال تلك الفترة مهارات هندسية وتركيب الألواح الشمسية ومعايير الصحة والسلامة، وهناك شركات عالمية قامت بتدريبهم وإعدادهم ثم أرسلوا البعض منهم إلى الخارج لأخذ التدريب اللازم، مما وفر لهم مستقبلًا جيدا.
عند بناء المشروع كنت أشعر وكأنه خلية نحل وقد وفر الكثير من فرص العمل، والناس هناك يحبون هذا المشروع، ليس فقط لأنه مصدر دخل بل لأنه يمنحهم شعورًا بالأمان والاستقرار، ولذلك فهذا المشروع هو جوهر التنمية المستدامة.
● حازم شريف: هذا رائع.. هل يمكن للمؤسسة البريطانية أن تستثمر فى مجال رأسمال المخاطر «Venture Capital”؟
شيرين شهدي: بالطبع، هذا ضمن سياستنا لكننا لا نعمل عليه بشكل مباشر فنحن نتعاون مع الصناديق الخاصة برأس المال المخاطر لأن حجم الأرقام المطلوبة فيه عادةً ما يكون أصغر، وهو الأمر الذى قد يُصعب علينا إدارته بالكامل.
لذا، نحن نتعاون بشكل كبير مع صناديق رأس المال المخاطر، إذ نستثمر معهم فى الصناديق التى يديرونها، ونطلع على جزء من استثماراتهم، كما نتمكن من دعمهم فى بعض الأحيان على سبيل المثال، إذا كانت إحدى الشركات التابعة لصندوق رأس المال المُخاطر واعدة للغاية وتحتاج إلى استثمار أكبر من قدرة الصندوق فى تلك اللحظة، فقد يلجأ إلينا.
فى مثل هذه الحالات، قد نقرر الدخول معهم وتوفير التمويل المطلوب، ولكن الصندوق هو من يدير الاستثمار، وليس نحن لأننا فقط نقوم بدور الداعم فى تمويل شركة نرى أنها تملك إمكانيات نمو عالية.
● حازم شريف: كم يبلغ حجم استثمارت المؤسسة فى قطاع رأس المال المخاطر بمصر؟
شيرين شهدي: لدينا استثمارات بحوالى 15 مليون دولار، ولا ندير هذه الاستثمارات بشكل مباشر كما ذكرت.
● حازم شريف: إذن يمكن تلخيص ذلك بأنه لا توجد قواعد خاصة بحجم الاستثمارات السنوية، وإنما يتم التركيز على جودة الفرص وطبيعة المشروعات.
شيرين شهدي: تمامًا
وأحب أن أشير إلى أن كل قطاع له مخاطره المختلفة، كما أننا يجب دائمًا أن نحقق التوازن فى الاستدامة بين كل القطاعات، وأن نقيم الديناميكيات المختلفة، ونفكر فى كيفية رسم المحفظة الاستثمارية الخاصة بنا ككيان، ليس فقط داخل مصر، بل أيضًا على مستوى الأسواق الأخرى، سواء كانت أكثر أو أقل مخاطرة.
● حازم شريف: بما أنك ذكرتِ تمكين المرأة، دعينى أسألك سؤالًا شخصيًا إلى أى مدى تشعرين بأنكِ امرأة متمكنة؟ وهل واجهتِ تحديات كبيرة خلال مسيرتك المهنية أو الدراسية فقط لأنكِ امرأة؟
شيرين شهدي: بصراحة لا فتجربتى الشخصية لم تتضمن تحديات كبيرة فى هذا الجانب، ولكننى على دراية بوجودها، وقد شهدت هذه التحديات فى حياة كثيرين من حولي، فربما كنت محظوظة فى مسيرتي، فقد رُسم لى الطريق بشكل معين.
لا يمكننى إنكار أننى نشأت فى بيئة داعمة للغاية، سواء من والدى رحمه الله أو والدتى بالنسبة لهما لم تكن هناك أى حدود فدائما ما كانا يقولان لى ما الذى ترغبين فى فعله، قومى به، وإذا أردتِ أن تصطدمى بالحائط، فافعلي، فصرت أقاوم دائمًا وأصر على تحقيق ما أريده.
أخى الأكبر كان قدوة لى أيضًا فهو مثال كبير فى الإصرار على تحقيق الأهداف، وهو يعمل حاليًا فى Schlumberger وهى شركة بترول، وقد بدأ من المواقع الميدانية وصعد تدريجيًا.
● حازم شريف: أتذكر عندما كنا فى الجامعة، كان مجرد الحصول على فرصة عمل فى تلك الشركة يُعد إنجازًا، حتى ولو كانت فترة العمل عام واحد.
شيرين شهدي: بالنسبة لى ما زال أخى هو مثلى الأعلى فقد استمر عمله فى تلك الشركة لمدة 20 عامًا، وتحمل وثابر كثيرًا لأنه يضع هدفًا أمامه ويرغب فى تحقيقه.
● حازم شريف: هل يمكنك أن تكشفى لنا عن بعض المشروعات التى تعملين عليها حاليًا، خاصة تلك التى لها علاقة بتمكين المرأة؟
شيرين شهدي: يمكننى أن أشارك بعض التفاصيل، وإن كنت لا أستطيع الحديث عن كل شيء حاليًا حفاظًا على السرية واحترامًا للعملاء، لكننا فى الوقت المناسب سنعلن عن جميع التفاصيل.
فمن المشروعات التى قمنا بها بهدف تمكين المرأة دخولنا فى شراكة خلال العام الماضى مع أحد الصناديق التابعة لنا، وهو «SPE» بالتعاون مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، و«تنمية كابيتال فينتشر» وهو صندوق لا يتبعنا، للاستثمار فى شركة «تمويلي».
هذه الشركة كانت مملوكة سابقًا للبريد وقد اشتريناها بالكامل ومن المثير للاهتمام أنها بالفعل تُعزز من تمكين المرأة فمعظم عملائها من النساء، ومعظم العاملين بها من السيدات أيضًا، وهذا لم يحدث بالصدفة بل هو هدف واضح وضعته الشركة كأحد ركائزها.
نحن دخلنا فى هذا الاستثمار لأننا نؤمن به، ونطمح إلى توسيعه وتعزيز أثره ولأننا نرى أن به فرصا كبيرة للنمو ويخلق بيئة عمل مريحة لمساعدة المرأة.
● حازم شريف: هل هناك أى تخارجات تمت مؤخرًا، أعنى مثلًا إذا كانت المؤسسة قد قامت بالتخارج من بعض الشركات التى استثمرت فيها مثل «بى تك» أو غيرها؟
شيرين شهدي: شركة «بى تك» لم تكن استثمارًا مباشرًا بل كانت جزءًا من استثماراتنا غير المباشرة من خلال أحد الصناديق التابعة لنا «DPI» والذى يدار من إنجلترا، وهذه الصناديق تقوم بتخارجات متعددة.
● حازم شريف: هل تخارجت المؤسسة من استثمارات مباشرة؟
شيرين شهدي: نعم بالفعل قمنا ببعض التخارجات فى عام 2020 أو ربما 2021، فقد أطلقنا منصة استثمارية لتصنيع الأدوية، بالتعاون مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، وصندوق «DPI» التابع لنا، ومن خلالها استحوذنا بالكامل على شركة مصرية وهى «أدوية»، بالإضافة إلى شركة أخرى فى الهند متخصصة فى تصنيع الأدوية والبحث العلمي، وقمنا بتعيين فريق للشركة وكان هدفها الحصول على الأبحاث من الهند واستغلالها فى تطوير صناعة الأدوية وتوفيرها بسعر زهيد فى مصر، ومن ثم تصديرها إلى دول أفريقية أخرى.
ولاحقًا قامت الشركة نفسها بالاستحواذ على أخرى فى مالطا بهدف توزيع الأدوية فى أوروبا، ثم شركة رابعة فى المغرب للاستعانة بها فى التصنيع.
● حازم شريف: وما اسم هذه المنصة؟
شيرين شهدي: شركة «كيليكس بايو» وتحت مظلتها اجتمعت الأربع شركات من مصر والهند ومالطا والمغرب.
● حازم شريف: وكم بلغ حجم الاستثمار الذى ضخته المؤسسة فى هذه المنصة؟
شيرين شهدي: نحن كمؤسسة استثمرنا ما بين 50 إلى 60 مليون دولار تقريبًا، وحققت الشركة نموًا كبيرًا ومن ثم تخارجنا منها، وقد تم بيع المنصة بالكامل لمستثمر إماراتي.
● حازم شريف: وماذا عن معدل العائد المطلوب؟
شيرين شهدي: هدفنا تنموى فى الأساس، لذلك لا يكون العائد هو المحرك الرئيسى لنا، وليس لدينا رقم بعينه مطلوب تحقيقه، فنحن ننظر إلى محفظتنا الاستثمارية ككل، وللعلم فقد بلغت قيمة المحفظة الاستثمارية للمؤسسة نحو 9.7 مليار دولار بنهاية 2023.
● حازم شريف: وما معايير تقييم مدير الاستثمار الناجح؟
شيرين شهدي: المعايير مختلفة فهناك معايير مهنية لها علاقة بقدرتى على تحقيق الأهداف الرئيسية للمؤسسة فى الأسواق المسئولة عنها، والإنتاجية والاستدامة والتواصل والجودة، وعدد فرص العمل التى تم توفيرها وعدد السيدات التى تمكنا من الوصول إليها.
كما أننا نعمل على الوصول إلى الطبقات الأكثر احتياجًا والأشخاص الذين فعليًا لا تتوفر لهم خدمات، وهناك معايير تتعلق بأداء المحفظة الاستثمارية، من بينها عدد الفرص الجديدة التى أتيحت وكم منها تحول إلى فرص حقيقية تم استثمارها وكم منها لم يُستكمل.
أما الجانب الآخر، فهو المتعلق بالمعايير الشخصية فأنا كشخص يقود فريق عمل، أو يقود المؤسسة فى منطقة ما، هل أتمكن من غرس الإيمان فى أعضاء الفريق تجاه المهمة التى نعمل من أجلها، وهل يدركون أن حديثنا عن الاستدامة ليس مجرد شعارات مكتوبة على الورق.
كثيرًا ما يُنظر إلى هذه الأمور ككلام مكرر بلا تطبيق، فيقال مثلًا: «طيب عايزين ست؟ هنجيب ست!»، لكن نقيس أيضًا مدى قدرتك الفعلية على بناء العمل الجماعى وتعزيز التعاون بين أعضاء الفريق، بحيث يؤمنون بما نقوم به، وهل أساهم بنمو المؤسسة ككل، وليس فقط فى الأسواق التى أغطيها، بل حتى فى المقر الرئيسى بلندن.
كثيرًا ما يحدث انقطاع فى الفهم بين من يعمل فى المقر الرئيسى خارج السوق الفعلية، ومن يعيش واقع العمل ميدانيًا، فالشخص الموجود فى لندن قد يشاهد نشرات الأخبار خلال ثورة فى مصر فيظن أن البلاد تحترق، فى حين أن الواقع على الأرض يكون مختلفًا.
وكذلك خلال فترة جائحة كورونا، كان الإغلاق صارمًا فى بريطانيا، بينما فى مصر كانت الأمور أكثر هدوءًا واستمرت الحياة بنمطها اليومي، ومن هنا تنشأ أهمية التواصل الفعال بين من هم فى لندن وبين من يعيش فى الأسواق التى نوجه إليها استثماراتنا ونحقق فيها الربحية ومن مسؤوليتى أن أكون همزة الوصل.
● حازم شريف: ما معاييرك لتعيين الأشخاص؟
شيرين شهدي: أنا أقوم بتعيين شخصية بمعنى أنه بالنسبة لى عندما أختار أحدا لضمه فى الفريق لابد أن يكون متعاونًا وملتزمًا ومثابرًا ولديه الاستعداد للتعلم، فمن السهل تعليمه مبادئ عملنا ولكن لا أستطيع تعليمه تلك السمات.
● حازم شريف: هل عندما تتقدم إليكِ فتاة للعمل تسألينها عن حالتها الاجتماعية خوفاً من أن تؤثر على أدائها؟
شيرين شهدي: لا.. لأنه فى النهاية الجميع يمر بظروف ما، قد أعين شابًا ثم تمرض والدته، فيضطر لمغادرة العمل، القضية ليست قضية رجل أو امرأة، أنا أؤمن بأن الفرص يجب أن تكون متاحة للجميع، لكننى أدرك أيضًا أن هناك تصورات مجتمعية سائدة إذ إن بعض الأشخاص يعترضون مثلًا فى حال أرسلت فتاة إلى مناطق مثل السبتية؟ وأقول دائمًا أنها تعرف كيف تحمى نفسها، وتدير أمورها.
● حازم شريف: لكن إن كانت الفتاة نفسها تخشى من العمل الميداني، فهنا تكمن المشكلة.
شيرين شهدي: لو وجدت مهندسة مثلا لديها الكفاءة وتعمل معى مستعدة للمسئولية فأنا أدعمها بكل قوتى بل أوفر لها بيئة داعمة وسبل لنجاحها.
بدأت مسيرتى بالعمل فى «العربي الأفريقي» بإدارة تمويل الشركات وبنوك الاستثمار
توليت منصب «Investment Officer» بمؤسسة التمويل الدولية
أسهمت فى تأسيس ذراع البنية التحتية لمجموعة «حسن علام»
الاستثمار فى الكهرباء يحقق تدفقات نقدية مستقرة
BII مملوكة بالكامل للحكومة البريطانية وتستهدف أفريقيا وآسيا
الإنتاجية والشمول والمجتمعات 3 محاور رئيسية عند تقييم الاستثمار التنموي
التمكين لا يعنى أن المرأة أهم من الرجل.. ولكن إتاحة الفرص بدون تمييز ضرورة
من 1.5 إلى 2 مليار دولار سنويًا فى 70 سوقا
التوجه نحو «غير المباشرة» كان سببا فى غلق مكتب مصر فى 2002
تخرجت فى الجامعة الأمريكية.. وكنت طالبة متوسط
تقدمت إلى منحة للدراسة فى الخارج وتم رفضى 5 أعوام
درست الماجستير فى إنجلترا وتخصصت فى التمويل الإسلامي
تقييم المحفظة وصل إلى 707 ملايين دولار بنهاية 2023
نفذنا استثمارات مباشرة تتجاوز 340 مليون دولار فى مصر خلال 2024
أسسنا شركة مع «دبى لتطوير الموانئ الأفريقية» بحجم 1.7 مليار دولار وبدأنا بـ«العين السخنة»
لن أوافق على منح قرض لكيان بالعملة الأجنبية فى حال كانت لا تحقق عوائدها بالدولار
طول مدة السداد وختم الموافقة مزايا تدفع الشركات للجوء إلينا
نستثمر لفترات تمتد من 3 إلى 15 عامًا ولا نتخارج إلا إذا كانت الظروف ملائمة
وضعنا من 50 إلى 60 مليون دولار فى منصة «كيليكس باى»
ندرس أكثر من 20 إلى 30 فرصة محلياً ونستهدف من 4 إلى 5 صفقات
