أجمع عدد من العاملين فى قطاعى الاتصالات والتأمين على أهمية قيام شركات المحمول بمراعاة كافة معايير الأمن والسلامة فى مواقع بناء محطات أبراجها، وذلك تفاديا لتعرضها لأي حرائق أو حدوث خلل في عملياتها التشغيلية بما يؤثر على استمرارية تقديم الخدمة للعملاء.
وشددوا على أهمية اتجاه المشغلين نحو التوسع فى حلول الطاقة الخضراء كبديل عن المصادر التقليدية ومنها السولار على غرار شركات الاتصالات العالمية، لما لذلك من دورا كبيرا فى تخفيف الانبعاثات الكربونية التى تضر بالبيئة.
يشار إلى أن أحد أبراج المحمول تابع لـ»أورنج مصر» فى منطقة التجمع الخامس تعرض لحريق ضخم يوم الأحد الماضى، مع ارتفاع درجات الحرارة، ولم تكشف الشركة عن ملابسات الحادث حتى الآن.
وقال مصدر مسئول فى إحدى شركات المحمول فى مصر، إن المشغلين يقومون بإجراء تحقيقات موسعة حال حدوث حريق فى أى برج للاتصالات، إضافة إلى تشكيل لجنة مختصة للوقوف على الأسباب الفنية ومعرفة ملابسات الحادث تفاديا لتكراره.
وأوضح المصدر أن تكلفة بناء محطة برج المحمول الواحد فى ظل الزيادات المستمرة فى أسعار مدخلات التشغيل تصل إلى قرابة 5 ملايين جنيه.
ومن المعروف أن 4 شركات محلية تتولى حاليًّا تصنيع أبراج المحمول فى مصر هى «HOI»، و»Merge»، و»Stepway» و»EEC»، بجانب الهيئة العربية للتصنيع والتى اقتحمت النشاط فى أغسطس الماضى.
بينما أكد الدكتور حمدى الليثى رئيس شركة ليانتل لحلول شبكات الاتصالات، أن منظومة بناء أبراج المحمول فى مصر بحاجة إلى إعادة النظر فى معايير الأمن والسلامة من بداية عملية إنشائها عبر تهيئة البنية التحتية الآمنة لها قبل الشروع فى بنائها، فضلا عن ضمان تأمين العاملين فى الموقع.
وأشار الليثى إلى أن بناء الأبراج يتطلب وضع إجراءات صارمة لضمان عدم تعرض منظومة الأبراج لأى حوادث أو خسائر، مبينا أن عدم الالتزام بتلك العوامل قد تؤدى إلى عواقب وخيمة حال الإخلال بها.
ولفت إلى أن أهم تلك العوامل تتمثل فى توافر ملابس معينة لطاقم العمل فى عمليات بناء الأبراج، فضلا عن توافر أجهزة ومعدات فنية تتيح تأمين العاملين فى الأبراج حال اختلال توازن الأشخاص أثناء البناء.
واستشهد بتجربة شركة فودافون مصر فى وضع ضوابط صارمة عند بناء محطات أبراج المحمول التابعة لها منها تأمين خزانات الوقود المتواجدة، وعملية نقلها من وإلى الموقع.
وأشار إلى أن حرائق أبراج المحمول تحدث فى حالتين أولهما ماس كهربائى فى محيط المحطة أو عدم تأمين خزان الوقود فى موقع البرج على النحو المطلوبة، والتعامل غير الصحيح مع المحركات أو تعطل أجهزة التبريد.
وشدد على أهمية تركيب آلات تبريد جيدة فى مواقع الأبراج خلال موسم الصيف تجنبا لوقوع أى حرائق، خاصة أن مصر باتت تشهد ارتفاعات كبيرة فى درجات الحرارة خلال السنوات الأخيرة.
ولفت إلى أن شركات الاتصالات تمتلك كوادر وطواقم عملية ومهنية محترفة فى تطبيق أنظمة الأمن والسلامة، لافتا إلى أن ذلك لن يمنع من حدوث بعض الحرائق فى فترات الصيف أثناء ارتفاع درجات الحرارة.
ورأى أن شركات الاتصالات العالمية تتبنى حاليا مفهوم الطاقة الجديدة والنظيفة فى عملياتها التشغيلية كونها أكثر أمانا ولا تسهم فى تعرض منظومة الأبراج لمشكلات الطاقه الاعتيادية.
وأكد محمد صلاح، باحث فى معهد التخطيط القومى، أن وثائق التأمين الشاملة تُعد أداة أساسية فى منظومة حماية شركات المحمول، حيث تتضمن تغطيات متنوعة مصممة خصيصًا لطبيعة عملها والمخاطر التى تواجهها.
وأوضح أن من أبرز هذه التغطيات تأمين الممتلكات، والذى يغطى الأضرار المادية التى تلحق بالأبراج والمعدات والشبكات والمبانى نتيجة للحريق، والصواعق، والانفجارات، والأعطال الكهربائية، والكوارث الطبيعية، إلى جانب أعمال التخريب المتعمدة أو الشغب.
ولفت إلى أن تغطية الماس الكهربائى وارتفاع درجات الحرارة يعدان أمورا ضرورية لحماية البنية التحتية الحساسة لشبكات المحمول.
وأضاف أن تأمين انقطاع الأعمال يُعوض الشركة عن الخسائر فى الإيرادات الناتجة عن توقف الخدمة بسبب أضرار مادية مؤمن عليها، مؤكدًا أن هذا النوع من التأمين بالغ الأهمية لضمان تعافى الشركات سريعًا بعد وقوع الحوادث.
وأشار صلاح إلى أهمية تأمين المسؤولية المدنية، الذى يحمى الشركات من المطالبات القانونية الناتجة عن الأضرار التى قد تلحق بالغير نتيجة للعمليات التشغيلية أو الحوادث التى تقع داخل مواقعها، بالإضافة إلى المخاطر التقنية والسيبرانية، الذى يغطى الخسائر الناتجة عن الهجمات السيبرانية واختراق البيانات وتعطيل الأنظمة، معتبرًا هذا النوع من التهديدات متصاعدًا فى قطاع الاتصالات.
وتطرق إلى التغيرات المناخية، مؤكدًا أن آثارها المتزايدة جعلت البنية التحتية لشركات المحمول أكثر عرضة للمخاطر البيئية، مثل العواصف الشديدة والأمطار الغزيرة وارتفاع درجات الحرارة، والتى قد تتسبب فى أضرار جسيمة تؤثر على استمرارية الخدمة.
وأضاف أحمد إبراهيم، مدير وكالة أول فى شركة الكويت للتأمين، أن شركات المحمول تواجه مجموعة متزايدة من الأخطار المعقدة والمتغيرة، تتطلب استراتيجيات تأمينية دقيقة وشاملة لضمان استمرارية الأعمال وحماية الأصول.
وأوضح إبراهيم أن أبرز هذه الأخطار تتمثل فى الهجمات السيبرانية، والكوارث الطبيعية، والمسؤوليات القانونية، واضطرابات سلسلة التوريد العالمية، مشيرًا إلى أن التعامل مع هذه التحديات يتطلب تغطيات تأمينية متخصصة تتماشى مع طبيعة كل خطر.
وأكد أن البنية التحتية لشركات المحمول مهددة بشكل مباشر من الفيضانات والزلازل والحرائق، التى قد تلحق أضرارًا جسيمة بأبراج الاتصال، مراكز البيانات، والمكاتب التشغيلية، متسببة فى انقطاع الخدمات وخسائر مالية باهظة.
وأوضح أن التغطيات التأمينية التى تلجأ إليها شركات الاتصالات تشمل عددًا من الوثائق المتخصصة، أبرزها تأمين المسؤولية السيبرانية، والذى يغطى الخسائر الناتجة عن الهجمات الإلكترونية، بما فى ذلك تكاليف التحقيق والاستجابة والإخطار، فضلًا عن المسؤولية القانونية وخسائر الدخل الناتجة عن تعطل الأنظمة.
ولفت إلى أن تأمين الممتلكات وانقطاع الأعمال من التغطيات الأساسية، يوفر حماية شاملة للأصول المادية من الكوارث، ويعوض الشركات عن الخسائر المترتبة على توقف الخدمة، إضافة إلى دعم عمليات الإصلاح وإعادة التشغيل.
وشدد إبراهيم على أهمية تطوير استراتيجية تأمينية شاملة تدمج بين هذه الأنواع أمر بالغ الأهمية، مع ضرورة تصميم التغطيات بما يتناسب مع حجم الشركة وطبيعة المخاطر التى تواجهها محلياً ودوليًا.
وفى إطار الحديث عن التأمين السيبرانى، وصف إبراهيم هذا النوع بأنه «خط الدفاع الأول» لشركات المحمول، مؤكدًا أهمية أن تتضمن وثائق التأمين الحديثة عناصر رئيسية مثل أنظمة المراقبة على مدار الساعة، وتدريب الموظفين، وخطة استجابة طارئة واضحة تشمل الأدوار والمسؤوليات لكل فريق عمل.
كما تطرق إلى أهمية تأمين انقطاع الأعمال، مشددًا على ضرورة تغطية الخسائر المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن توقف الخدمة، بما فى ذلك فقدان العملاء وتكاليف الحملات التسويقية اللازمة لاستعادتهم.
وأشار إلى أن التعطل المفاجئ قد يكلف شركات المحمول مئات الآلاف يوميًا، فضلًا عن التأثير السلبى على سمعة الشركة وثقة الجمهور.
وعن أساسيات تغطية أبراج المحمول، أوضح أن وثائق التأمين المتخصصة تشمل عادة تغطية ضد جميع المخاطر، ما لم يُنص على استثنائها صراحة، وتشمل هذه التغطيات الضرر الهيكلى، تلف المعدات، فقدان الإيرادات، المسؤولية المدنية، وتكاليف إعادة الإصلاح.
وأوضح إبراهيم أن الماس الكهربائى يعد من المخاطر المغطاة غالبًا، لا سيما إذا نتج عن أسباب خارجية، بينما يتم استثناء الحالات المرتبطة بسوء الصيانة أو الإهمال، مؤكدا ضرورة وجود أنظمة حماية من الصواعق ومنظمات التيار، مدعومة بفحوصات دورية موثقة.
وفيما يخص ارتفاع درجات الحرارة، أشار إلى أن هذا العامل يمثل تهديدًا حقيقيًا فى المناطق الصحراوية، وقد يؤدى إلى أعطال كاملة فى النظام، وتغطى الوثائق التأمينية المتقدمة هذه الأضرار بشرط أن تكون الظروف الجوية استثنائية، وأن تتوفر أنظمة تبريد مناسبة وصيانة منتظمة.
واختتم إبراهيم تصريحاته بالتأكيد على أن تصنيف المخاطر التأمينية يعتمد على عدة عوامل منها الموقع الجغرافى، جودة المعدات، سجل المطالبات السابق، وإجراءات الحماية المتبعة، لافتا إلى أن الشركات التى تطبق معايير عالية وتستثمر فى أنظمة الوقاية تحصل عادة على شروط تأمينية أفضل وأقساط منخفضة.
