حل وليد حسونة، الرئيس التنفيذى لشركة “يو” للتمويل الاستهلاكى، المالكة للعلامة التجارية “فاليو”، ضيفًا على حازم شريف، مقدم «CEO Level Podcast» ورئيس تحرير جريدة “المال”، كشف خلاله عن تفاصيل رحلة عملية طويلة منذ التحاقه بالعمل المصرفى وحتى قراره بترك هذا القطاع المستقر وخوض تجربة جديدة داخل كيان ناشئ.
استعرض «حسونة» خلال الحوار، المتاح الآن عبر قناة “ALMAL TV” على موقع “يوتيوب” وجميع منصات البودكاست والتواصل الاجتماعى، الأسباب التى دفعته إلى اتخاذ هذا القرار الصعب، مؤكدًا أنه اختار المسار الذى يمنحه فرصة حقيقية لصناعة أثر وبصمة شخصية فى السوق.
وأدلى الرئيس التنفيذى لشركة “يو” بشهادته على موجة الإصلاح المصرفى، وكيف كسرت هالة فايق - أحد أبرز القيادات المصرفية فى حقبة تسعينيات القرن الماضى ومطلع الألفية – احتكار بعض البنوك للقروض المشتركة.
تناول اللقاء مراحل تأسيس شركة «فاليو» التى انطلقت بفريق صغير لتقديم نموذج تمويل استهلاكى جديد يعتمد على التكنولوجيا، ما أسهم فى تحويل الفكرة إلى واحدة من أبرز شركات التكنولوجيا المالية فى المنطقة خلال فترة قصيرة.
وسلطت الحلقة الضوء على طبيعة التحديات التى واجهت فريق العمل عند إطلاق نموذج “اشترِ الآن وادفع لاحقًا” فى السوق المصرية، فى وقت لم تكن فيه هذه الفكرة قد انتشرت بالأسلوب التكنولوجى المعروف حاليًا.
وشرح “حسونة” التفاصيل الكاملة لخطة طرح شركة “يو” فى البورصة المصرية، وآلية تنفيذها والموعد المتوقع، إلى جانب قصة مساهمة “أمازون” فى هيكل ملكيتها، موضحًا أن التجربة مع «فاليو» كانت واحدة من أهم محطات مسيرته المهنية وأكثرها تأثيرًا فى المشهد التمويلى المصرى.
وإلى نص الحوار المتاح للجمهور:
● حازم شريف: ضيف هذه الحلقة ضيف مميز بالنسبة لي؛ لأننى متأكد أنها ستكون مليئة بالحيوية، والأفكار المهمة.
سبق أن استضفته من قبل عندما كنا نسجل البرنامج بأسلوب “Office to Office” عبر تطبيق “زووم”، وكان من الضرورى أن أستضيفه مرة أخرى، لأنه يقود حاليًا عملية طرحا مهما فى البورصة المصرية، وهى أول مرة تُطرح فيها شركة من هذا النوع.
لن أطيل عليكم، ضيفى اليوم هو وليد حسونة، الرئيس التنفيذى لشركة “يو” للتمويل الاستهلاكى، المالكة للعلامة التجارية “ڤاليو”.
أرحب بك مجددًا، وليد.
وليد حسونة: شكرًا جزيلًا لك.
● حازم شريف: فى المرة الأولى، ركّزت فقط على الشركات التى كنت تقودها آنذاك، دعنى فى تلك الحلقة أركز على الجانب الشخصى، وأبدأ بالسؤال التقليدى الذى نطرحه فى كل حلقة: من هو وليد حسونة؟
وليد حسونة: أشكرك جزيل الشكر على هذه الاستضافة، وسعيد جدًا بوجودى اليوم فى برنامج CEO Level للمرة الثانية. أنا خريج كلية التجارة، قسم اللغة الإنجليزية، دفعة عام 1999.
تخرجت بتقدير “جيد جدًا”، وتم تعيينى فى إحدى الجامعات خارج القاهرة، لكننى قررت ألا أستكمل المسار الأكاديمى، وانضممت مباشرة إلى البنك المصرى البريطانى.
● حازم شريف: هل كنت ترغب فى الالتحاق بكلية التجارة من البداية، أم أن ذلك كان بسبب مجموع الثانوية العامة؟
وليد حسونة: فى البداية، التحقت بكلية الهندسة، وبقيت فيها ثلاثة أيام فقط، ثم قررت التحويل.
● حازم شريف: لماذا؟ هل كانت صعبة؟
وليد حسونة: نعم، مع أننى كنت متفوقًا فى الفيزياء والكيمياء والأحياء، إلا أننى لم أكن بالقوة نفسها فى الرياضيات، كانت رغبتى الأولى فى التنسيق هى “كلية الإعلام – جامعة القاهرة”، وقد حصلت على مجموع 381 درجة، بينما كانت الكلية تقبل من 381.5، وكانت هذه هى السنة الوحيدة التى حدث فيها ذلك.
كتبت بعدها “كلية الهندسة”، وكانت من 379 درجة، فتم قبولى بها. ذهبت إلى الكلية فى أول 3 أيام، ولم أفهم شيئًا، خاصة مادة “الرسم الهندسي” و”الهندسة الوصفية” التى كانت معقدة بالنسبة لى.
فقررت التحويل إلى كلية التجارة، وكان بها نظام “تنسيق داخلي” لدراسة اللغة الإنجليزية. كنت من الدفعة الرابعة أو الخامسة التى تلتحق بقسم اللغة الإنجليزية فى الكلية.
وكان حظنا جيدًا فى ذلك الوقت، لأن المناهج كانت مطابقة تقريبًا لمناهج الجامعة الأمريكية (AUC)، ولكن بتكلفة أقل، وعدد الطلاب كان قليلًا جدًا، فكانت فرصة تعليمية ممتازة.
● حازم شريف: أى أنّ كلية التجارة لم تكن ضمن خياراتك الأولى!
وليد حسونة: صحيح، لم تكن فى المخطط من الأساس. ومع ذلك، فى السنة الأولى، كنت من أوائل الدفعة، واستمر تفوّقى فى السنوات الثانية والثالثة والرابعة.
وبعد التخرج، عُيّنت فى جامعة من جامعات الأقاليم، وقيل لى: “اذهب مؤقتًا لستة أشهر أو سنة وسنقوم بإعادتك، لأن هناك عجزًا فى هيئة التدريس، وسيظهر بشكل أوضح فى السنة القادمة”.
بعدها انضممت إلى البنك المصرى البريطانى، الذى أصبح لاحقًا “HSBC”، ولكنه حينها لم يكن قد حصل على العلامة التجارية بعد، كنت معجبًا جدًا به كونه من البنوك الكبرى، وعملت فى غرفة التداول (Dealing Room) ثم حصلت على فرصة للانتقال إلى “مصر الدولي”.
من وجهة نظرى، “مصر الدولي” كان من أهم المدارس المصرفية فى مصر، إلى جانب “CIB”. واليوم، معظم رؤساء البنوك فى مصر إما من خريجى البنكين فكانت فرصة ممتازة، والتحقت بإدارة الائتمان.
لحسن الحظ، كنت متفوقًا دراسيًا، ووالدى كان مدير ائتمان فى “بنك فيصل الإسلامي”، لذا كنت معتادًا منذ الصغر على سماع مصطلحات مثل “تحليل مالي” و”مذكرة ائتمان” وغيرها.
التحقت بـ”مصر الدولي” عام 1999، بعد أن أمضيت 3 أشهر فقط فى “المصرى البريطاني”. مصادفةً، بينما كنت أجلس مع مدير الفرع الذى أراد أن يعيننى كموظف صراف (كاش تيلر)، دخل الأستاذ محمد الإتربى وسأل: “من هذا؟” رغم أنه لم يكن يعرفنى.
فى ذلك الوقت، كان الإتربى مدير ائتمان فرع المهندسين، قبل أن يتم تحويل الائتمان إلى إدارة مركزية. وقال: “لديّ نقص فى الموظفين، ومعظم من كانوا معى انتقلوا إلى «EFG»، وأحتاج عناصر جديدة”.
سألنى عن الجامعة والتقدير، فأجبته: “تجارة إنجليزى، جيد جدًا مع مرتبة الشرف”. فقال لى: “تعالَ واشتغل معي”.
اعترض مدير الفرع وقال: “لكنه لم يحصل على دورة ائتمان”، فرد الإتربى: “سنعطيه الدورة، لكن عندى عجز فى الفريق وأرى أنه يملك مؤهلات جيدة”.
طلب منى أن أحلل القوائم المالية لشركة “المالية والصناعية”، باستخدام الحاسبة فقط دون برامج، فأنجزت التحليل. قال لى: “تحليل ممتاز. ستتولى ملفات ائتمان تصل قيمتها إلى 5 ملايين جنيه”، وكان ذلك رقمًا كبيرًا آنذاك.
فى تلك الفترة، قدمت للحصول على ماجستير إدارة الأعمال فى برنامج مشترك بين جامعتى “القاهرة” و”جورج ستيت” فى أتلانتا، حيث تتم دراسة الأساسيات فى مصر والتخصص فى الولايات المتحدة.
عملت فى المؤسسة من عام 1999 حتى منتصف 2001، ثم تولت الأستاذة دنيا بدوى منصب المدير. ورغم اختلاف أسلوب العمل بيننا، كنت أؤدى مهامى بكفاءة وأحصل على أعلى تقييمات سنوية.
وعندما طلبت إجازة بدون راتب لإتمام دراستى للماجستير، تم رفض طلبى، فنصحنى أحد الزملاء بالتقدم للحصول على تمويل من البنك، فطلبت تمويلاً مع الإجازة. أخبرونى أن البرنامج مخصص لمن لديهم 10 سنوات خبرة، فاستفسرت إذا كان قد استفاد منه أحد، فكان الرد “لا”، فاستمررت فى الضغط حتى تم قبول طلبى، وتكلف البنك حوالى 800 ألف جنيه.
وبعد عودتى بعد ستة أشهر، وكنت قد تزوجت، اكتشفت أن جميع زملائى تمت ترقيتهم باستثنائى، إذ لم تُحتسب المدة التى قضيتها فى الخارج، مما أصابنى بإحباط شديد.
وفى تلك الفترة، حدثت تحولات كبيرة فى السوق المصرفية المصرية، وذلك فى أواخر 2002 وبداية 2003، آنذاك، كان بنك CIB هو الوحيد الذى يقود التمويلات المشتركة (Syndicated Loans)، وحدث خلاف داخلى بالإدارة، انتقلت على اثره هالة فايق، وهى من أهم الأسماء فى هذا المجال، إلى “مصر الدولي” وتولت إدارة الائتمان، وجمعت حوالى 200 موظف ائتمان من فروعه، وأجرت لهم اختبارات، واختارت منهم نحو 30 أو 40 موظفًا.
كنت من ضمن المختارين. سألتنى: “كيف لم تحصل على دورة ائتمان؟”، أجبتها: “لم يُتح لي”، فقالت: “لكن كيف تجرى تحليلاً ماليًا؟”، قلت لها: “ماجستير إدارة الأعمال خاصتى يتضمن تحليل القوائم “Structuring & Analysis”، فأجابت: “ينبغى أن أتحقق من ذلك”.
انزعجت قليلًا وقلت: “أكتب مذكرات ائتمان منذ 3 سنوات!”، فقالت: “ينبغى أن أجرى لك تقييمًا نهائيًا”.
ومن المصادفات أن التقييم كان أيضًا لشركة “المالية والصناعية” — كأن السؤال يعيد نفسه، ففرحت جدًا، لأننى كنت متمكنًا من هذا الملف.
كان عندى نشاط جانبى بسيط فى تنظيم الحفلات والأفراح، وفجأة جاءنى عرض صعب الرفض، من شركة “فايزر”. وقتها كان مقرهم الرئيسى للشرق الأوسط فى شارع رمسيس بالقاهرة، وكان المسؤول عن التحليل المالى قد انتقل إلى “نوفو نورديسك”، فبدأوا يبحثون على بديل له لتولى مسؤولية التحليل المالى لإقليم الشرق الأوسط بالكامل.
● حازم شريف: فى أى عام كان هذا تقريباً؟
وليد حسونة: كنت تقريبًا فى منتصف العشرينيات… حوالى 25 سنة. وقتها البنوك لم تكن بالجاذبية الحالية، وكانت أحلام الخريجين تتمثل فى الانضمام لشركات متعددة الجنسيات، زى “إكسون موبيل” أو “P&G” أو “فايزر”. فبالنسبة لى، مجرد التفكير فى العمل بـ”فايزر” كان حلما كبيرا.
● حازم شريف: وقدمت فعلًا؟
وليد حسونة: قدمت، وأجريت 7 مقابلات، وكان دائمًا لدى إحساس بأن المنافسة شديدة والفرصة ليست مؤكدة، لكن فى النهاية وصلنى عرض بـ5 أضعاف راتبى وقتها فى بنك مصر الدولى، بالإضافة لسيارة، ومكتب، ومزايا أخرى كالتأمين الطبي… عرض لا يمكن تركه.
● حازم شريف: ووافقت فورًا؟
وليد حسونة: قلت لمديرتى وقتها: “أنا احصل هنا على 1000 جنيه، وهناك سأحصل على 5000”… ردت قائلة: “هذا قرار خاطئ وستندم وتعود للعمل معنا مرة أخرى”، لكن فى النهاية تركتهم.
لكن الصدمة كانت كبيرة. العمل كان بتوقيت نيويورك، والإجازات أمريكية. كنت أذهب للمكتب الساعة 2 ظهرا وأغادر 12 ليلا. أيام الجمعة كنت فى المكتب! هذا بخلاف ما كنت أعتاده… لا تجمعات عائلية أو إجازات ولا حياة طبيعية.
● حازم شريف: وهل كنت معلنًا عن النشاط الخاص بتنظيم الحفلات والأفراح؟
وليد حسونة: بالفعل، كنت أقدم إفصاحات رسمية سواء فى “فايزر” أو فى البنك. كما كنت أنظم حفلات زفاف للأشخاص العاملين فى البنك والشركة، وكان الأمر أسهل لهم أن يتعاملوا مع شخص من داخل المؤسسة بدلاً من اللجوء إلى الخارج.
● حازم شريف: رجوعًا لـ”فايزر”، ماذا حدث؟
وليد حسونة: بصراحة، لم أكن سعيدًا، فقد كان العمل خاليًا من المتعة. شعرت أن مستقبلى محدد مسبقًا، فكنت سأصبح مع مرور السنوات مديرًا ماليًا، ثم “CFO”، فقط دون تحديات أو تجديد.
● حازم شريف: وهل كان ذلك مختلفًا عن العمل فى البنوك؟
وليد حسونة: نعم، تمامًا. فى البنك، كل يوم كان يحمل حالة جديدة، عميل مختلف، تفكير متنوع، حلول مبتكرة... كان ذلك ممتعًا.
● حازم شريف: ماذا فعلت بعد ذلك؟
وليد حسونة: كنت أفطر فى رمضان مع صديق من “مصر الدولي”، وسألته: “هل يمكننى العودة؟” قال لى: “نعم”، وأعادنى إلى فريقه.
● حازم شريف: هل عدت فورًا؟
وليد حسونة: قالت لى هالة فايق: “لن أستطيع إعادتك بدرجتك السابقة نفسها، ستعود على الدرجة 13”. رغم أننى تركت البنك على الدرجة نفسها، إلا أن زملائى ترقوا إلى الدرجة 14 و15. قلت لها: “لا يهمني”.
● حازم شريف: ماذا عن الراتب؟
وليد حسونة: قالت لى: “سيكون نصف ما كنت تتقاضاه”. قلت: “لا بأس”.
قالت لى: “سأعطيك القطاع الذى يحتاج إلى دعم، لا ما تحب”. بدأت فى القطاع الزراعى، وكان مهملًا تمامًا فى ذلك الوقت، إذ كانت هناك شركتان فقط: واحدة تصدّر الأرز والأخرى البرتقال.
وطورت المجال بشكل كبير، وادعي أنني كنت السبب المباشر فى أن العديد من الشركات الصغيرة بدأت تصدّر الأرز، ودخل العشرة الكبار السوق بقوة، مما ضغط على سعة المياه، ثم صدر قرار بوقف تصدير الأرز.
● حازم شريف: وهل أثر ذلك على تقييمك فى البنك؟
وليد حسونة: بالطبع، “هالة” تقيم بالنتائج والأرقام. حققت نتائج قوية جدًا، وفى نهاية العام، رقيت 3 درجات دفعة واحدة من 13 إلى 16 خلال 6 أشهر فقط.
● حازم شريف: هل كانت هالة فايق فى الدرجة الوظيفية رقم 20؟
وليد حسونة: نعم، كانت كذلك، وللأمانة فقد أحدثت نقلة كبيرة فى مسيرتى، وتعلمت منها أن الموظف المجتهد يجب أن يُكافأ. وهذا ما أطبّقه اليوم فى “ڤاليو”، فالمسألة ليست مرتبطة بالسنوات بقدر ما هى مرتبطة بالكفاءة. لدينا موظفون أصبحوا مديرى إدارات خلال عامين فقط.
● حازم شريف: هذا توجه إدارى جيد. لكن دعنى أسألك، عندما يتم ترقية موظف من المرتبة 13 إلى 16 مثلًا، فى وجود زملاء له أقدم منه، كيف تتعامل مع ردود الأفعال؟ وما الثقافة التى تخلقها لتبرير هذا القرار؟
وليد حسونة: أؤمن أن المكافأة يجب أن تكون مرتبطة بالمجهود. هذا ما رأيته فى تجاربى السابقة مع قيادات مثل هالة فايق وفاطمة لطفى وكريم عوض. القطاع المالى بشكل عام يشجع هذا النهج لأنه يعتمد على أرقام ونتائج قابلة للقياس.
● حازم شريف: لكن هل هذا وحده كافٍ؟ أعنى، ما مصير الموظفين الذين لم يحققوا الأداء المطلوب؟ ألا يسبب ذلك نوعًا من الإحباط بينهم؟
وليد حسونة: نعم، هذا التحدى موجود. لذلك، عند توظيف أى شخص فى “ڤاليو”، أضع معيارًا واضحًا: إن لم أرَ فيه إمكانية لأن يكون مديرًا عامًا أو مديرًا تنفيذيًا خلال سنوات قليلة، لا أقبله، أيًا كان موقعه فى الشركة.
● حازم شريف: بالنسبة لمن لا يتطورون داخل الشركة، هل يتم الاستغناء عنهم أم أنهم يرحلون من تلقاء أنفسهم؟
وليد حسونة: فى الغالب هم من يرحلون. طوال مسيرتى المهنية، لم أقم يومًا بفصل أحد. بيئة العمل لدينا تنافسية جدًا، مما يجعل البعض يشعر بالضيق من تأخر الترقى. فإذا كنت أنا وأنت فى الشركة نفسها، وتمت ترقيتك أكثر من مرة بينما لم أترقَّ، سأشعر بالإحباط وأقرر الرحيل. نحن لا نمارس الإقصاء بناءً على تفضيلات شخصية، بل بناءً على الأداء والنتائج.
لدينا الآن ما يُعرف بـ”ڤاليو مافيا” تتكون من نحو 35 شخصًا يشغلون مناصب رفيعة فى شركات أو بنوك كبرى، وبعضهم عاد إلى القطاع المصرفى لنقل خبرات التطوير التى خاضها معنا.
● حازم شريف: تعبير “ڤاليو مافيا” مثير للاهتمام. هل العلاقة بينكم وبين تاركى “ڤاليو” علاقة تعاون أم تنافس حاد أشبه بالعداء؟
وليد حسونة: المصطلح مستوحى من “باى بال مافيا” التى تضم روادًا مثل مؤسسى “يوتيوب” و”لينكد إن” وإيلون ماسك. لم نبتكر الاسم، لكنه يصف واقعًا معينًا.
علاقتنا قوية، ونتقابل باستمرار ونتبادل المشورة. استطعنا خلق بيئة مؤثرة أسهمت فى تطوير قطاع التمويل الاستهلاكى، سواء فى شركتنا أو فى السوق بشكل عام. لا توجد عداءات، بل حتى المنافسون من خريجى “ڤاليو” يزوروننا أحيانًا فى المكتب دون حرج. قد تكون هناك حالات استثنائية خرجت بحساسية، لكن الغالبية تجمعهم روح إيجابية.
● حازم شريف: نعود لاستكمال رحتلك المصرفية.. ماذا بعد صعودك للدرجة الـ16 فى بنك مصر الدولي؟
وليد حسونة: أصبحت ضمن فريق إعادة هيكلة البنك استعدادًا للبيع. وتم اختيارى لهذا الدور بسبب قدرتى على تقديم العروض التقديمية بمهارة، وهى موهبة اكتسبتها من عملى السابق فى تنسيق الأفراح. بدأت بتحويل الوثائق المعقدة إلى عروض “باوربوينت” جذابة تتضمن رسومًا متحركة وتصاميم احترافية، وهو ما لفت الانتباه لى داخل البنك.
بعد بيع « مصر الدولى» للبنك الأهلى سوسيته جنرال، طُبّقت خطة إعادة هيكلة داخلية. ورغم أننى كنت فى الدرجة الوظيفية 16، فوجئت بأن بعض من كانوا ضمن فريقى أصبحوا فى درجات أعلى منى بعد إعادة الترتيب. تحدثت مع إدارة الموارد البشرية، لكنهم برروا الأمر بسنوات الخبرة، متجاهلين سجل الأعمال.
تم تخفيض درجتى الوظيفية من 16 إلى 12، بينما تمت ترقية زملاء آخرين. عندما ناقشت هذا الأمر مع إدارة الموارد البشرية، جاء الرد بأن المعيار هو سنوات الخبرة فقط، متجاهلين تماماً سجل إنجازاتى.
الأمر تطور عندما استدعانى الأستاذ محمد مدبولى الرئيس التنفيذى للأهلى سوسيته حينا، وعرض عليّ منصب مدير فرع. رفضت العرض لسببين: أولاً، لأن مسار حياتى المهنية كان فى الإدارة المركزية وليس فى فروع البنوك. ثانياً، لأن المنصب كان يعنى العودة إلى نظام لامركزى فى الإقراض.
فى تلك الفترة، شهد القطاع المصرفى تحولات كبيرة. انتقلت السيدة هالة فايق - التى عملت تحت قيادتها فى إدارة الائتمان - مع فريقها إلى بنك مصر. كما شهدنا موجة استقالات جماعية، حيث غادر حوالى 85 موظفاً من أصل 90 فى إدارتنا.
● حازم شريف: إلى أين اتجهت بعد ذلك؟
وليد حسونة: اتجهت إلى البنك الأهلى المتحد، حيث كانت تربطنى بالسيدة هالة فايق علاقة عمل ممتازة. خلال مناقشتى معها، سألتنى: “هل تلقيت عرض عمل من الأهلى المتحد؟” فأجبتها بأننى بالفعل تلقيت عرضاً. علقت قائلة: “لن أطلب منك الانضمام إلينا، فأنا أعلم أن وجودك ليس ضمن رغبة الفريق الذى انتقل معي”.
وانتقلت من منصب مدير إدارة فى بنك مصر الدولى إلى رئيس قطاع فى الأهلى المتحد أشرف على فريق تتراوح أعمارهم حول 30 عاماً. اتفقنا على أن من يحصل على صفقة يتولى تنفيذها، سواء كانت تمويلاً مشتركاً أو سندات أو غيرها. كانت هذه الثقافة التنافسية تناسبنى تماماً، رغم أنها قد تخلق بعض التوترات بين الزملاء.
بعد انتقالى، شاهدت كيف أعاد المصرفى القدير عادل وأميمة فرحات العضو المنتدب للبنك فى مصر هيكلة المصرف بسرعة استثنائية، حيث جرى توسع فى أنشطته ورفع سقف التمويل من 5 إلى 50 مليون جنيه.
تعلمت كيفية تقديم عروض ناجحة رغم عدم وجود سابقة للبنك فى بعض المجالات، معتمداَ على خبرة أعضاء الفريق السابقة فى مصارف أخرى.
لكن لاحظت أن معظم الزملاء الذين انتقلوا مع هالة فايق لم يلتحقوا بالبنك الجديد. وعندما استفسرت من محمد إسماعيل (الذى أصبح لاحقاً رئيس بنك تنمية الصادرات) عن سبب عدم انتقاله، أوضح أن عقود العمل المعروضة عليهم كانت لمدة 3 سنوات غير قابلة للتجديد، وهو ما لم يعجبه. وتبين أن محمد عباس فايد كان الوحيد الذى انتقل من بينهم.
اتصلت بالسيدة هالة فايق هاتفياً، التى أكدت لى أن من أصل 18 شخصاً فقط اختارتهم لفريق العمل معها وافق اثنان فقط.
أوضحت لها أننى لن أنضم إلا إذا كانت ترغب بى حقاً، ثم اقترحت عليها تجنيد فريق جديد من الكفاءات الشابة ذوى الخبرات المتميزة، وهو ما لاقى قبولها.
خلال ساعة واحدة، تمكنت من التواصل مع تسعة متخصصين متميزين، بينهم تامر سيف - العضو المنتدب الحالى لبنك «نيكست» - الذين وافقوا جميعاً على العرض.
وكان العرض الوظيفى بحزمة مالية متكاملة تضمنت راتباً يبلغ نحو 15 ألف جنيه مصرى.
● حازم شريف: ما الدافع لتركك وظيفة مرموقة براتب 28 ألف جنيه فى الأهلى المتحد والذهاب للعمل فى بنك ينظر له بوصفه قطاع عام فى 2006؟
وليد حسونة: كانت هالة فايق تمثل لى نموذجاً استثنائياً للقيادة الواعية، حيث منحتنى فرصاً مهنية غير مسبوقة. تحت إشرافها، تمكنت من تقديم عروض أمام مجلس إدارة بنك مصر الدولى، والمشاركة فى مناقشات تقارير الأداء العالمية (GDRs) ، وكانت رؤيتها الثاقبة تدفعنى دوماً لتطوير قدراتى.
تحت قيادة هالة فايق، تمكنا من تحقيق إنجازات نوعية هائلة، حيث نجحنا فى إبرام صفقة تمويلية كبرى مع “مورجان ستانلي” بقيمة 135 مليون دولار، شكلت نقلة نوعية فى تعامل البنوك المصرية مع المستثمرين الدوليين. كما تمكنا من تنفيذ أول عملية استحواذ فى تاريخ المصرفية المصرية الحديثة من خلال صفقة الرشيد الميزان التى بلغت قيمتها 150 مليون جنيه. ولم تتوقف إنجازاتنا عند هذا الحد، بل خضنا منافسة شرسة مع كبرى البنوك العالمية فى صفقة تمويل لصالح فودافون مصر تبلغ قيمتها نحو 4 مليارات جنيه.
وفى مجال تمويل المشاريع الكبرى والاستثمارات المصرفية، دخلنا فى منافسة مباشرة مع البنوك الرائدة مثل CIB الذى كان يهيمن على السوق آنذاك. بعد دراسة الوضع، وجدت أن المنافسة ستكون شرسة خاصة مع دخول البنك الأهلى بقوة بفريق عمل متميز. لذلك قررت التركيز على تمويل الشركات عبر صناديق الاستثمار الخاص (Private Equity) والمعاملات الهيكلية المعقدة (Structured Finance). بدأت بجولة تعريفية مع كبرى شركات الاستثمار المباشر العاملة فى مصر، والتى كانت من أفضل الفترات لسوق التمويل فى مصر حيث كان قطاع الـ”Private Equity” فى ذروة قوته. تعاونت مع شركات مثل Actis، أبراج، والقابضة الكويتية، حيث قدمت حلولا تمويلية مبتكرة.
لاحظت أن البنوك كانت تركز على قطاع الشركات الحكومية، بينما أنا ركزت على تنمية مهارات الفريق فى التعامل مع القطاع الخاص. بدأت بتقديم خدماتى لبنوك الاستثمار وصناديق “Private Equity”، واكتشفت فرصة كبيرة فى غياب فرق التسويق المتخصصة لديهم. وسّعت شبكة علاقاتى عبر التواصل مع السفارات والملحقات التجارية الأجنبية للاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة فى مصر، خاصة فى قطاعات البتروكيماويات والأسمدة التى كانت تزدهر آنذاك. المنافسة تصاعدت ليس فقط مع “CIB” ولكن أيضًا مع البنك الأهلى، لكننا تمكنا من إثبات وجودنا بقوة. كنت أول من أعلن أداء البنك فى هذا المجال بشكل رسمى عبر “بلومبرج”، حيث تصدر بنك مصر الترتيب الإقليمى بإجمالى صفقات بلغ حوالى 19 مليار دولار عام 2008، وهو إنجاز غير مسبوق.
واكتشفت ثغرة فى سوق التمويل تتمثل فى غياب التركيز على قطاع الديون (Debt) فى بنوك الاستثمار. لذلك تواصلت مع “EFG Hermes” و”بلتون”، وبدأت التعاون مع عمرو سلطان - أحد أبرز خبراء الاستثمار المصرفى - حيث كنا نعمل يوميًا على تطوير حلول تمويلية مبتكرة. توسعت شبكة علاقاتى فى قطاع “Private Equity”، وشاركت فى تمويل صفقات استحواذ كبرى مثل محاولة شراء حصة فى حقل “جوبيلي” النفطى بغانا. تعاونت مع أشرف زكى (رئيس قطاع بنوك الاستثمار السابق فى “EFG Hermes”) فى عدة صفقات، مما وسّع نطاق عملى. عملت مع شركات مثل “أبراج” و”أكتس” على صفقات تحويل الديون (Convertible Debt) وخروج استثمارى من شركات كبرى. من أبرز ما شاركت به إتمام تمويل شركة النيل للسكر لنجيب ساويرس فى 20 يومًا فقط.
● حازم شريف: ما طبيعة عملكم تحديدًا حينها؟ هل تركزون على الطروحات، الاستحواذات والاندماجات، أو زيادة رؤوس الأموال؟ وهل توسعتم فى تمويل الشركات والبنوك؟
وليد حسونة: اكتشفت أن المنافسة فى هذا المجال شديدة، خاصة مع دخول البنك الأهلى بقوة وتشكيل فريق قوى. قررت الابتعاد والتركيز على صناديق الاستثمار الخاصة (Private Equity) والدمج والاستحواذ (M&A) والتمويلات المعقدة. بدأت التواصل مع شركات فى مصر التى كانت غائبة عن هذا المجال، مثل “أكسفورد” و”أبراج” و”المجموعة الكويتية”، وعرضت عليهم قدرتى على توفير التمويل. كان الجو فى مصر آنذاك يشجع على العمل فى هذا القطاع، وكان اهتمامى الأكبر جذب القطاع الخاص، الذى يجلب الفرص بدلاً من الاعتماد على الشركات الحكومية.
● حازم شريف: كيف كان يتم جذب الفرص فى هذا السياق؟
وليد حسونة: لاحظت أن الفرص كانت تأتى إما عبر بنوك الاستثمار مثل “EFG” أو “CIB”، فقررت التوجه مباشرة إلى صناديق الاستثمار الخاصة لعرض خدماتى. واكتشفت غياب التركيز على جمع البيانات الدقيقة، مما أدى إلى ضياع الكثير من الفرص. لذا بدأت التواصل مع السفارات والملحقيات التجارية لتوفير معلومات أفضل للمستثمرين، خاصة مع وجود فجوة بين الأسعار المدعمة للغاز ونمو صناعات مثل الأسمدة والبتروكيماويات، مما جعل السوق المصرية تبدو واعدة جدة فى أعين المستثمرين الأجانب.
● حازم شريف: كيف تطورت الأمور من بعد ذلك؟
وليد حسونة: رغم احتدام المنافسة مع بنوك كبرى مثل “الأهلي” و”CIB”، تطورت العلاقة إلى تعاون فى بعض الصفقات الكبرى. وحقق بنك مصر نقلة نوعية حين أصبح أول بنك مصرى يبلّغ بلومبرج بأرقامه رسميًا، مما أسهم فى تصدره ترتيب التمويلات المشتركة فى أفريقيا، متفوقًا على جميع البنوك، بإجمالى صفقات بلغ نحو 19 مليار دولار فى عام 2007، وهو إنجاز بارز لإدارة البنك.
● حازم شريف: إلى متى استمررت فى بنك مصر؟ ولماذا غادرت؟
وليد حسونة: استمررت حتى 1 أغسطس 2011. أما عن سبب رحيلى، فكان مرتبطًا بقيام الثورة. خذ فى اعتبارك أننا كنا فى بنك مصر نُعدّ مستشارين وخبراء “outsiders”.
لم أغادر لأننى كنت غير راضٍ، بل على العكس، كنت قد تركت عرضًا أقوى وذهبت إلى بنك مصر. كنت مدركًا لقيمتى السوقية، لكن من الصعب إقناع الآخر بذلك، خصوصًا إذا كان يرى أن راتبك يساوى عشرة أضعاف ما يتقاضاه هو. لذلك، قررت ألا أظل فى أجواء كهذه حتى تُغلق الأبواب تمامًا فى وجهى، فاتخذت قرارى بالرحيل سريعًا.
كنت أنوى الذهاب إلى مكان، لكننى انتهيت فى مكان مختلف تمامًا. كنت فى طريقى إلى بنك الإسكندرية للعمل مع خالد السلاوى.
وكانت فاطمة لطفى قد تولت وقتها منصب نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذى لبنك عوده، وكان حاتم صادق رئيس مجلس الإدارة. كان خالد السلاوى كان يبحث عن فريق.
فى عام 2011، بدأ العديد من كوادر بنك مصر والبنك الأهلى فى البحث عن فرص بديلة وسط مناخ اقتصادى غير مشجع. كنت أتقاضى 15000 جنيه شهريًا فى بنك مصر، ومع ضعف الزيادات، قررت الرحيل خاصة بعد تلقى عرض بقيمة 50000 جنيه. تواصل معى خالد السلاوى للانضمام إلى بنك الإسكندرية، وتم الاتفاق مبدئيًا. لكن تواصلت معى فاطمة لطفى، وعرضت عليّ العمل معها مباشرة فى بنك عودة. اشترطت أن أرفع تقاريرى لها فقط، فوافقت، وأسندت لى مسؤولية التمويل الإسلامي والهيكلي، لتقديم حلول منافسة لإدارة الائتمان دون التداخل معها، وهو ما دفعنى لاختيار هذا المسار المهنى.
● حازم شريف: دعنا نبدأ من نقطة التمويل الهيكلى، ما الذى كنت تقوم به تحديدًا فى تلك المرحلة؟
وليد حسونة: كنت مسؤولًا عن محورين: التمويل الهيكلى، حيث كنت أقود عمليات “الكوربريت” بالكامل لخبرتى بعلاقات العملاء واحتياجاتهم، مما أثار تحفظ بعض الزملاء، والتمويل الإسلامى، الذى بدأته من فرع مهجور بشارع مصدق. بدافع الشغف والتعلّم، حصلت على شهادة “CIPA” من البحرين رغم تركيزها على المحاسبة الشرعية دون تصميم المنتجات، فواصلت تطوير معرفتى عبر شهادة “Islamic Finance Qualification” من “CISI” بالمملكة المتحدة، وذلك بالتوازى مع عملى فى التمويل الهيكلى، رغم حداثة عهدى بمجال التمويل الإسلامى.
أول قرض مشترك إسلامى حقيقى فى مصر كان مع أحمد أبو هشيمة. أتممنا الصفقة، وأصبح بنك عوده – الذى لم يكن معروفًا بالتمويل الإسلامى – جهة معترفا بها فى هذا النوع من المعاملات. ومن هنا بدأت النقلة الكبرى.
● حازم شريف: كيف تطورت الأمور لاحقًا؟
وليد حسونة: البنوك التجارية المصرية بطبعها لا تحبذ التمويلات ذات المخاطر العالية. وقتها، كان أشرف زكى يعمل على صفقة لصالح أحد كبار المستثمرين، وتواصل مع طارق النحاس فى سيتى بنك، الذى رفض المشاركة. فقال له: “أنا أعرف وليد، هو اللى عمل مؤمن، وعمل الرشيد، وعنده تاريخ”. فتواصل معى طارق.
● حازم شريف: وكيف تعاملت مع هذه الفرصة؟
وليد حسونة: تواصلت مع أشرف زكى، وشرحت له أننى قادر على تنفيذ الصفقة، وقلت له: “حتى لو البنك ليست لديه شهية للاستحواذ، ستكون لديه”. كنت واثقًا لأننى نفذت معاملات أصعب فى بنك مصر. توليت تنفيذ الصفقة.
ومن هنا بدأت علاقتى بأشرف زكى، وبعدها بدأ يرسل لى صفقات أخرى. ثم عرفنى على محمد عرفة، المدير المالى السابق فى “EFG”، وكان يعمل فى مجال الاستشارات للديون. تواصل معى بشأن صفقة كبيرة، وقلت له: “لنبدأ”. قمنا بتنفيذ العديد من الصفقات بعدها.
من أبرز الصفقات التى توليتها تمويل مشروع “النوران للسكر” بقيمة مليارى جنيه، والذى تطلب تمويلًا إسلاميًا بمشاركة صندوق الإنماء العربى والصندوق الكويتى، باستخدام هيكلية شرعية دقيقة بصيغتى الاستصناع والإجارة المنتهية بالتمليك.
● حازم شريف: وماذا كانت نتيجة هذه الصفقة؟
وليد حسونة: كانت من أشهر الصفقات، وفزنا بجائزة عالمية بسببها. ودُعيت لمؤتمر فى جامعة هارفارد لأتحدث عن هيكلية الصفقة، شارك19 بنكًا. وكان من المواقف الطريفة أننى اضطررت لإقناع بعض البنوك بدخول الصفقة بقيمة 50 مليون جنيه، وكان التفاوض حادًا.
فى الوقت نفسه، كان نجيب ساويرس يحاول الاستحواذ على “إف جي” من خلال “بروجكت بلانت”، ثم قرر شراء “بلتون” مع باسم عزب عبر “أكت فاينانشال”. بعد دعوتى للاجتماع، تم تكليفى بتمويل جزء من الصفقة لإغلاقها خلال 21 يومًا.
أنجزت الصفقة بنجاح وكانت ذات صدى قوى، وكنت أعمل فى الوقت نفسه على صفقات أخرى مع مجموعة “عرفة”.
● حازم شريف: ما بداية علاقتك بمجموعة “EFG”؟ ومتى جاءتك الفرصة الأولى للتعاون معهم؟
وليد حسونة: فى البداية، طلبت منى “EFG” إنجاز جزء من تمويل صفقة استحواذها على شركة “تنمية”.
أول لقاء لى مع كريم عوض الرئيس التنفيذي للمجموعة كان فى تلك الفترة، حيث طلب 400 مليون جنيه مع هيكلة مالية للصفقة. أنجزت له الهيكلة، واستخدمت الأموال فى توسعات الـ”NBFS” الأنشطة المالية غير المصرفية. أشرف زكى هو من عرفنى على كريم، وكانوا يحاولون الاستحواذ على “تنمية” بجانب بنك داخل مصر، لكن الصفقة الأخيرة لم تكتمل حينها فقرروا تأسيس منصة “NBFS”.
فى عام 2016 عرض عليّ كريم عوض تولى مسؤولية إدارة منصة الـ”NBFS” كرئيس تنفيذى.
● حازم شريف: فى ذلك الوقت، كنت لا تزال فى بنك “عوده”؟
وليد حسونة: نعم، كنت فى “عوده” أُنجز صفقات مع فاطمة لطفى، وعندما غادرت، حل محلها محمد عباس. تلقيت عرضين، أحدهما من “إى إف جي” وآخر من بنك مصرف أبوظبى الإسلامى “أديب” لتولى منصب مدير قطاع الـ”Wholesale Banking”.
والتى رشحتنى لهذا المنصب هى فاطمة لطفى، وظلت علاقتنا مستمرة بعد مغادرتها. فى الوقت نفسه، كان محمد عباس يعلم قدرتى على إنجاز المهام الصعبة، لكنه لم يكن سيمنحنى القطاع بالكامل. كنت أشعر أننى الجوكر الذى يعمل خارج المنظومة، وبالتالى كانت فرص النمو داخل البنك محدودة.
● حازم شريف: هل شعرت بالإحباط حينها؟
وليد حسونة: لا على الإطلاق، بل على العكس. منحونى ترقية، ورفعوا راتبى، وحصلت على مكافأة جيدة جدًا، لكننى أدركت أن سقف النمو لديّ داخل البنك محدود. فهم سيكملون فى طريق “الكوربريت” التقليدى، وأنا كنت أملك نسخة مختلفة تمامًا؛ كنت أريد إنشاء كيانى الخاص، وأن أُحدد مَن هو العميل، لا أن يُحدد لى أحد.
● حازم شريف: وماذا عن القرار بين عرض “إى إف جي” و”أديب”؟ على أى أساس اخترت؟
وليد حسونة: كان حلمى منذ التخرج أن أعمل فى “EFG”. فى وقتها، كانت فرص الالتحاق بالمجموعة شبه مستحيلة؛ لأن المعروض من الوظائف لديهم أقل من الطلب بألف ضعف تقريبًا، وكان لديهم نظام انتقائى صارم. فكنت دومًا أشعر أن الدخول من الباب التقليدى صعب، وقد فشلت فى ذلك أكثر من مرة. لذا، حين جاءتنى الفرصة للعمل فى “إى إف جى هولدنج”، شعرت أن الحلم تحقق.
ولم يكن فقط مجرد وظيفة، فقد عُرض عليّ أن أكون عضوًا فى اللجنة التنفيذية، وأتولى قطاع الأنشطة المالية غير المصرفية بالكامل، وهو مجالى المفضل؛ تمويل المستهلك، التأجير التمويلى، “الفاكتورينج” التخصيم.. كلها أمور أعشقها.
● حازم شريف: وبالمقابل، عرض “أديب” كان أعلى من حيث اللقب الوظيفي؟
وليد حسونة: صحيح، فى “أديب” كنت سأصبح رقم 2. وكان العرض جذابًا على الورق. أما فى “إى إف جي”، فكانت القوة فى المكافآت – “البونس” كان رقمه كبير جدًا فى حين كانت الرواتب الشهرية متقاربة.
ولكن أردت أن أعمل ما أحب. حتى إننى تحدثت مع زوجتى – كانت وقتها فى أمريكا – وقلت لها إننى أمام عرضين متقاربين ماديًا. فردت: “أنا واثقة أنك ستختار إى إف جى، لأنك بطبعك تميل للاستثمار والمخاطرة أكثر من البنوك التقليدية”.
كريم قال لى: “حتى تكون الصفقة مغرية أكثر، سنمنحك قطاع “Debt Capital Markets”. فى هذا الوقت، لم تكن بنوك الاستثمار فى مصر تهتم بهذا القطاع كثيرًا. حتى أن أكبر من كان يقدم استشارات فى توريق الديون كانت شركة “كونتاكت”، وهى المنافس لمعظم شركات التمويل الاستهلاكى.
● حازم شريف: هل كانت لدى “إى إف جي” أو “بلتون” فرق متخصصة بالتوريق وقتها؟
وليد حسونة: لا، لم تكن موجودة. آخر صفقة رأيتهم يعملون عليها كانت عند حدوث الاندماج بين “إجريام” و”موفكو” فى دمياط، واستعانوا بـ”بلتون” و”إى إف جي” كمستشارين فقط. أما التنفيذ الحقيقى، فلم يكن عندهم أحد وقتها.
سافرت بعد ذلك إلى كاليفورنيا، قضيت هناك شهرًا، اشتريت كتبًا، قرأت، قابلت أشخاصًا، شحنت نفسى تمامًا. وعدت وبدأت أول يوم عمل فى “إى إف جي” فى الأول من أغسطس 2016. دخلت المكتب الساعة 8 صباحًا، وخرجت الساعة 4 فجرًا… واستمر هذا النمط بعدها!
● حازم شريف: العقد الذى وقعته مع “إى إف جي” كان على أى أساس؟
وليد حسونة: الشركة كانت لها خطة عمل واضحة، وأنا الذى قمت بوضع هذه الخطة لأنهم طلبوا منى أن أقدم خطة للحصول على الوظيفة. فأعددت خطة عمل – ليست تفصيلية – لكنها كانت تصورًا عامًا عن الخطوات التالية. وقتها، “إى إف جي” كانت قد استحوذت على شركة “تنمية” التى كان يديرها وقتها عظماء مثل عمرو أبو العش وعمرو أبوالعزم.
اقترحت خطة للدخول فى أنشطة مثل التمويل الاستهلاكى، والمدفوعات، والتأمين، والرهن العقارى، بهدف تقديم خدمات مالية خارج الإطار المصرفى التقليدى. كريم أعجب بخطتى، وكانت هناك محاولات للاستحواذ على “Contact” لكن تم إيقافها. قررت دخول سوق تمويل السيارات بنظام الموافقات اللحظية، وذكرت لكريم أن المنافسة صعبة فى سوق معقدة مليئة بالتحديات. قلت له: “إذا لم نبنِ النظام بشكل مبتكر، فلا يجب أن ندخل السوق”، وبدأنا العمل على الدخول بمفهوم جديد يركز على الموافقة اللحظية.
قلت لعوض إنه يمكن للعميل الحصول على الموافقة فى 10 دقائق. فسألنى عوض: “هل يمكننا بناء نظام كهذا؟”، فأجبته: “لا أعرف، لكن يمكننى رسم خطة وإحضار فريق لتنفيذها”. رسمت خطة مبدئية، حيث يتمكن العميل من تحميل تطبيق ووضع بياناته، وكانت النسخة الأولى تتطلب رفع صورة جواز السفر. النظام كان يعتمد على الـPDF، مما كان يسبب تأخيرًا فى الموافقات.
سألت صديقى شهاب مرزبان عن طريقة أفضل للحصول على المعلومات من “iScore”، فأخبرنى عن طريق “API”، وهو خط اتصال مباشر بيننا وبين “iScore” لتسهيل البيانات. قررت بناء النظام بهذا الشكل. بحثت عن شخص مسؤول عن المخاطر ووجدت أحمد أسامة، رئيس قطاع المخاطر فى بنك الإسكندرية، الذى وافق على الانضمام.
فى اجتماع مع كريم، عرضت الفكرة وأخبرته أننى سأدير المشروع. بعدها بدأت فى البحث عن “CEO”، لكن كل من قابلتهم كانت لديهم أفكار تقليدية. قررنا بناء المنتج أولًا، ثم نبحث عن “CEO” بعد أن نثبت جدوى الفكرة.
فى فبراير، قدمنا النموذج الأولى إلى مجلس إدارة “إى إف جي” فى لندن، وحصلنا على الموافقة وطلبت 10 ملايين دولار تدريجيًا. واجهنا تحديًا قانونيًا، فابتكرنا فكرة “الكشك” داخل المول، الذى أصبح أول كشك ائتمانى حقيقى، وافتتحنا الأول فى “مول أوف آرابيا” فى 14 فبراير 2018.
فى يناير 2018، تلقينا دعوة من “تريد لاين” لمقابلة فريق “القدرة على التمليك” من شركة “أبل”، الذين عرضوا علينا اتفاقية لتمويل التقسيط. هذا العرض أكد لنا أننا بالفعل جزء من قطاع “الفنتك”.
● حازم شريف: ماذا كان مضمون الاتفاق مع “أبل” بالتحديد؟
وليد حسونة: “أبل” وافقت على تقديم دعم فنى، ونقل خبرات من تجارب التمويل فى دول مثل المكسيك واليابان، ومساعدتنا فى بناء حلول تمويلية مشابهة، إلى جانب دعم غير مباشر فى شكل حملات دعائية مشتركة – نضع شعارنا إلى جوار شعار “أبل”ووكلائها فى مصر و”تريد لاين” و”سويتش بلس”.
كما أصدرت “أبل” تعليماتها للوكلاء الثلاثة المعتمدين آنذاك – “آى شوب”، و”تريد لاين”، و”ست باي” (الذى أصبح لاحقًا “سويتش بلس”) – بالتعاون معنا. وكان هذا دعمًا مهمًا جدًا بالنسبة لنا.
صحيح أنهم لا يمنحون خصومات مباشرة، فالخصومات تأتى من التاجر وليس من “أبل”. لكنهم يدعمون الحملة الإعلانية، ويشاركون فى ذلك.
● حازم شريف: مع دخولكم فى التمويل الاستهلاكى، كيف تطورت مبيعات الشركات التي عملت معكم؟
وليد حسونة: إذا تحدثنا بأمثلة واقعية، فإن مبيعات أى عميل يعمل معنا ترتفع بنسبة من 8 إلى %10. الآن يوجد فى مصر 42 شركة تمويل استهلاكى، تخيل حجم السوق والمبيعات. ولا أقول إننا الأفضل فقط، بل نمتلك أكبر حصة سوقية تبلغ %30 من السوق، دون احتساب السيارات.
وهناك نقطة مهمة جدًا. لماذا استثمرت “أبل” فينا؟ ولماذا استثمرت “تريد لاين” و”IKEA” أيضًا؟ لم يكن هدفهم أن تكبر “فالو” وحدها، بل أن يخرج لها منافسون أيضًا، فتنمو سوق “القدرة على الشراء” (Affordability). هم استثمروا لأنهم رأوا أن العالم كله أصبح يشترى بالتقسيط: “كلارنا”، “أفتر باي”، “تابي” فى السعودية، و”Afirm” فى أمريكا. النموذج أصبح واضحًا.
حين دخلنا السوق، كان المشهد هكذا: لافتات فيها أسماء “CIB” و”البنك الأهلي” و”بريميوم” فقط. والبنكان فقط كانا فى كل مكان، و”بريميوم” لم يكن منتشرًا بدرجة كافية انظر الآن كيف أصبح السوق وعدد الشركات العاملة به.
● حازم شريف: لننتقل إلى الأرقام. أنتم بدأتم فعليًا فى 2018، صحيح؟
وليد حسونة: نعم، بدأنا فى ديسمبر 2017. لكن فى 2018 بعنا بـ130 مليون جنيه، و%70 من المبيعات جاءت فى نوفمبر وديسمبر فقط. البداية كانت صعبة.
نفذنا 15 ألف عملية تمويل فى 2018. بينما يتم تنفيذ حالياً حوالى 18 ألف عملية تمويل فى اليوم الواحد نحن نركز حالياً على خفض متوسط عملية الشراء (ticket size)، وليس رفعها، حتى يستخدم العميل “ڤاليو” كوسيلة دفع يومية.
● حازم شريف: هل تستهدف أن تكون “ڤاليو” وسيلة الدفع الرئيسية للعميل؟
وليد حسونة: بالضبط. أريد من العميل أن يخرج التطبيق أو الكارت كلما رأى شعار “ڤاليو” ويدفع به. ولهذا فإن متوسط المعاملة انخفض، لكن عدد العمليات تضاعف بشكل ضخم.
● حازم شريف: أول سنة كانت خاسرة، أليس كذلك؟
وليد حسونة: نعم، خسرنا 40 مليون جنيه. الوضع كان محبطًا فى البداية. أنت تتحدث عن ضخ 70 أو 80 مليون جنيه بينما رأس المال كان 10 ملايين دولار، وخسائرنا كانت 44 مليون جنيه.
فى أول سنة، كنا نجتمع لنتناقش: “هل نستمر أم لا؟”. الناس حولنا كانت منقسمة، البعض يقول “أنتم تفعلون شيئًا صحيحًا”، والبعض الآخر يرى أننا ضللنا الطريق.
● حازم شريف: هل جاءكم عرض استحواذ فى هذه الفترة؟
وليد حسونة: نعم، فى منتصف 2018 جاءنا عرض من أحد صناديق الاستثمار الجريء (VC) لشراء حصة بالشركة بقيمة 300 مليون جنيه. كانوا يريدون شراء %10 وأن يفصلوا “ڤاليو” عن “EFG” ويمنحوا أنفسهم صلاحيات أوسع فى الإدارة.
● حازم شريف: وماذا قررتم؟
وليد حسونة: ذهبت إلى كريم عوض، وأخبرته بالعرض. قال لى بالحرف: “أنا متأكد أن هذا النجاح سيحدث، لكننى لن أبيع حتى %1 من الشركة”. حتى الإدارة العليا فى “ڤاليو” كانت تملك أسهمًا فى “EFG”، وليس فى “ڤاليو” نفسها.
● حازم شريف: واليوم أنتم على مشارف الطرح؟
وليد حسونة: نعم، اليوم نتجه إلى الطرح. التطور هائل. ذلك المستثمر قال لنا وقتها: “أنتم فعلتم شيئًا صحيحًا، وستنطلقون بسرعة كبيرة”. لم ننفذ الصفقة، لكن حصلنا على دعم معنوى كبير منها.
● حازم شريف: وماذا عن 2019؟
وليد حسونة: بعنا بـ335 مليون جنيه، أكثر من ضعف مبيعات 2018، وخسائر قدرها حوالى 40 مليونا.
● حازم شريف: كيف ترى هذا الرقم؟ أليس مؤشراً سلبياً؟
وليد حسونة: بالعكس، هذا يُعد مؤشراً إيجابياً... حين تسجل نفس رقم الخسارة وأنت فى طور النمو، فهذا يعنى أنك تثبت قدرتك على التوسع بمستوى الخسائر نفسه. علمياً، هذا يشير إلى أنك تقترب من نقطة التعادل. بمعنى آخر، أنت تتوسع دون أن تزيد خسائرك، وبالتالى فإنك على وشك الوصول إلى مرحلة التوازن المالى.
فى نهاية 2019، تلقيت مكالمة من “كارفور” بعد محاولات متعددة للتواصل معهم. فى ذلك الوقت كنا نعمل مع “هايبر” و”سبينيس”، لكن “كارفور” كانت ترفض. كنت فى دبى لإنجاز عقد مع “آيكيا” ولأعمال أخرى، وهناك التقيت بفريق “ماجد الفطيم” الذين لم يُظهروا أى اهتمام وقالوا لى بوضوح: “انسَ الموضوع تمامًا”. بعد ذلك، تواصل معى الـ”Treasurer” الخاص بـ”كارفور” وطلب منى الحضور لمقابلتهم، فوافقت على الفور.
● حازم شريف: وماذا حدث خلال اللقاء؟
وليد حسونة: جلست معه، وأخرج عقداً وقال لى: “هذا هو العقد، وقّعه”. تعجبت وسألته: “ما هذا العقد؟” فأجابنى: “ستبدأون العمل معنا من الأسبوع المقبل.” قلت له: “لكن هذا العقد لا يتضمن شروطى.” فقال لى: “أنت لا تملك شروطاً، ستعمل وفقاً لشروطى أنا.”
كانت شروطاً مجحفة، لكنها لم تكن ستتسبب فى خسارتى. فقلت: “طالما لن أتضرر، سأوقّع.” وقّعت العقد وأنا جالس، وهكذا حصلنا على “كارفور”.
● حازم شريف: وهل كانت هناك خطوات تالية مهمة بعد “كارفور”؟
وليد حسونة: بعد “كارفور” مباشرة، حصلنا على عقد مع “سوق دوت كوم” فى فبراير 2020، وهى كانت فى طور الاستحواذ من قِبل “أمازون”، أو ربما تمت الصفقة بالفعل لكن لم يُعلن عنها حينها.
● حازم شريف: وهذا كله قبل “كوفيد - 19”، أليس كذلك؟
وليد حسونة: بالضبط. جاءت جائحة “كوفيد” فى مارس 2020، وكنا وقتها قد ثبتنا أقدامنا. لماذا؟ لأن السوق وقتها كانت منقسمة بين من يملك حضوراً فعلياً فى السوبر ماركت، ومن لديه وجود قوى على الإنترنت. ونحن كنا نملك الاثنين: موجودون فى السوق التقليدية من خلال “كارفور”، ومتصلون بالأسواق الرقمية من خلال “سوق دوت كوم”، التى كانت حينها أكبر منصة للتجارة الإلكترونية.
فى عام 2020، حققنا مبيعات بقيمة مليار جنيه وصافى ربح بلغ 8 ملايين جنيه. خلال هذا العام، تم تغيير هيكل الإدارة، حيث تمت ترقية محمد الشبراوى إلى الرئيس التنفيذى (CEO) بعد أن كنت أدير الشركة منذ عام 2018، بينما أصبحت أشرف على عمله. فى تلك الفترة، كنت أتعامل مباشرة مع “ڤاليو” كونها جزءًا من منظومتنا.
كما شهد عام 2020 صدور قانون التمويل الاستهلاكى، وهو ما تسبب فى خلاف بينى وبين شبراوى حول مسألة تحويل الشركة إلى شركة تمويل استهلاكى بدلاً من تأسيس كيان جديد. فى النهاية، تم الاتفاق على تحويل الشركة بعد صدور القانون. كنت فى الولايات المتحدة خلال تلك الفترة بسبب جائحة كورونا، حيث مكثت هناك من 1 أبريل إلى 21 أغسطس 2020.
● حازم شريف: وهل حدثت تطورات هناك أثناء وجودك فى أمريكا؟
وليد حسونة: نعم، تلقيت مكالمة فى يوليو 2020 من عمر سدودى، رئيس المدفوعات فى “أمازون بيمنتس” فى الولايات المتحدة. وقال لى: “نحن مهتمون بجزء من هذه الشركة”. قلت له: “لكن كريم عوض يرفض تمامًا موضوع التخلي عن الأسهم، ولا يمنح أحدًا أسهمًا فى الشركة حتي إداراتها وقلت له: «لا أملك اتخاذ قرار ولكن سأبلغه بالأمر”.
اتصلت بكريم وأخبرته قائلاً: “أعلم أنك قد ترفض، لكن أمانتى المهنية تفرض عليّ أن أُبلغك بأن “أمازون” يريدون الدخول فى فاليو.” فكان رده: “هذا أفضل خبر سمعته!”، وكان ذلك خلال الجائحة. سألنى عن حجم الحصة المطلوبة، فقلت له: لا أعلم، فأجاب: ابدأ معهم المناقشات فورًا. تم تكليف ماجد العيوطى ليعمل معى الصفقة من جانب قطاع بنوك الاستثمار فى «EFG»، وبدأنا العمل مع “أمازون” حتى دخولهم الرسمى فى مايو 2024.
● حازم شريف: وما تفاصيل الصفقة؟ كيف أرادوا الدخول؟
وليد حسونة: أرادوا الدخول دون دفع أموال مباشرة، ولكن مقابل تحقيق مستهدفات معينة. إذا تحقق لهم نمو فى المبيعات من خلالنا، يحصلون على حصة وكان أمراً معقداً.
● حازم شريف: وما الحد الأقصى الذى وصل له هذا النموذج؟
وليد حسونة: وصل الحد الأقصى للاستثمار إلى %4، ولكن لم نتمكن من الاستمرار بهذا الشكل. طلبنا ضخ أموال، لكنهم رفضوا قائلين: “هذه ليست سياستنا، وإذا أنفقنا أموالًا، كيف نخرج؟ أنتم شركة غير مدرجة بالبورصة.” بدأنا مناقشة بدائل حتى توصلنا إلى هيكل آخر معقد فى 2022، حيث قرروا الاستثمار فى شهادات الإيداع الدولية (GDRs) الخاصة بـ”EFG”، وهو نموذج مبتكر يفهمه المجتمع البنكى الآن. استثمروا فى GDRs مقابل حق التحول إلى مساهمة مباشرة %4.2 من شركة “ڤاليو” خلال خمس سنوات، مرتبطًا إما بطرح عام أو بتغيير فى هيكل الملكية بدخول مساهم جديد.
● حازم شريف: ما كانت قيمة الـ(GDRs) فى ذلك الوقت؟
وليد حسونة: لا أتذكر الأرقام تحديدًا، لكننى أعلم إلى أين يتجه هذا السؤال، ولذلك سأجيبك بكل صراحة. حين تم ضخ الـ10 ملايين دولار، حصل المستثمرون على %4.2 من “ڤاليو”، ما يعنى أن تقييم “ڤاليو” فى ذلك الوقت كان 225 مليون دولار قبل دخول هذا الاستثمار (Pre-money)، وبعد دخول العشرة ملايين أصبح التقييم 235 مليون دولار. وكان هذا فى أواخر العصر الذهبى للتكنولوجيا المالية (FinTech) سواء فى العالم أو فى مصر.
● حازم شريف: هذا كان فى عام 2022، أليس كذلك؟
وليد حسونة: نعم، فى مارس أو أبريل 2022. لم نكن قد حققنا مبيعات ضخمة بعد، لكن فى عام 2020 وصلت إيرادات “ڤاليو” إلى مليار جنيه تقريبًا، مع أرباح بلغت 8 ملايين جنيه. ثم فى عام 2021، لاحظت أن الوضع فى قطاع التكنولوجيا المالية كان فى ذروته، حيث كانت الشركات الناشئة تحصل على تمويلات بقيمة 10 إلى 15 مليون دولار فى غضون لحظات.
ذهبت إلى كريم عوض وأخبرته أن فريق “ڤاليو” لن يستمر لأكثر من 5 أو 6 أشهر بسبب احتمال استقطاب أفراده من قبل شركات أخرى أو تأسيسهم لشركاتهم الخاصة، وهو ما حدث بالفعل. حيث ترك بعض الأفراد الشركة، بما فيهم الرئيس التنفيذى وغيره، ليؤسسوا منصة “سيمبل”، التى تنافس “ڤاليو”.
كريم قال لى: “دعنا نرَ ما الذى سيحدث.” وفى 1 أبريل، بدأت الاستقالات، وشملت مناصب عليا مثل رئيس قسم المنتجات، والذى انتقل إلى أحد البنوك، بالإضافة إلى محمد الشبراوى (المدير التنفيذي)، وأفراد آخرين من الفريق.
بدأنا نرى تفككًا فى الفريق. كان هناك فراغ مؤسسى واضح، والعديد من الشباب فى المناصب الأصغر بدأوا فى الانتقال إلى شركات أخرى. وصل عدد الاستقالات إلى 18، منهم 6 من القادة.
● حازم شريف: ما الذى فعلته حينها؟
وليد حسونة: قلت لكريم عوض إن الوضع خطير ويجب التحرك بسرعة، فأسند إليّ إدارة الشركة مؤقتًا. كان هدفى إدارة الأزمة، فقررت إبقاء الفريق المتبقى والتركيز على ترقية الكفاءات الداخلية. باستثناء تعيين أحمد سعودى من بنك القاهرة رئيسًا لقسم المنتجات.
بعد تسلمى الإدارة فى مايو 2021، حققنا مبيعات تجاوزت 2.5 مليار جنيه بنهاية العام، بزيادة كبيرة على العام السابق.
بدأت العام بأرباح 50 مليونا من مبيعات نصف مليار فى ظل الإدارة التنفيذية السابقة، ولكن بنهاية العام، وصلت المبيعات إلى مليارى جنيه والأرباح إلى 22 مليون جنيه. استخدمت هذه الأرباح لإعادة استثمارها فى الشركة، وسط منافسة شديدة من الشركات الناشئة والبنوك.
خلال 2021، كانت مصر الأولى فى الشرق الأوسط من حيث استثمارات التكنولوجيا المالية، وتم استقطاب العديد من الكفاءات. كما وجهت رسالة إلى مجلس إدارة “إى إف جي” بأنى لا أهتم بالأرباح فى هذا الوقت، لكننا سنحافظ على حد أدنى من الربح.
● حازم شريف: كيف كانت أرقام المبيعات فى عام 2022؟
وليد حسونة: حققنا مبيعات بقيمة 5.8 مليار جنيه فى 2022، مع أرباح بلغت 25 مليون جنيه، ولكن دون نمو ملحوظ فى الأرباح، حيث كان النمو فى حجم المبيعات فقط. فى ذلك الوقت، طلبت من كريم فصل الشركة للعمل بشكل مستقل، ووافق فى مايو 2022.
مع دخول “أمازون” كمستثمر، كان من الضرورى تحقيق استقلال إدارى عن “EFG Hermes”. استقلت من جميع المناصب التى كنت أشغلها فى شركات المجموعة، ووقعنا عملية الفصل الفعلى فى عام 2022، بما فى ذلك فصل الإدارة التنفيذية والجوانب التقنية والامتثال والمخاطر. فى 2022، أتممنا العام بمبيعات 5.8 مليار جنيه وأرباح 25 مليونا، وفى 2023، حققنا مبيعات بلغت 9.8 مليار وأرباحًا وصلت إلى 235 مليونا.
● حازم شريف: ما الذى جعل هذه الأرقام تتحقق رغم أن عملية الفصل يفترض أنها زادت التكاليف؟
وليد حسونة: من مزايا عدم الفصل أن التكاليف تكون أقل، حتى لو كانت العمليات تتم داخليًا. على مدى 4 سنوات، كنا نكافح لبناء قاعدة عملاء قوية. فى البداية، كنا ننفق 10 جنيهات للبيع بجنيه واحد، أما الآن فننفق جنيهًا للبيع بجنيه.
مع تزايد عدد العملاء وارتفاع تكرار الشراء، قمنا بتوظيف أشخاص من خارج الشركة لإدارة التحول والنمو. تطورت التكنولوجيا بشكل كبير بفضل مديرى إدارة التطوير التكنولوجى الذين مروا على الشركة، ورغم مغادرتهم، استمررنا فى تعيين كفاءات جديدة.
تضاعفت المبيعات بفضل حالة التضخم، وزادت الأرباح عشرة أضعاف. فى 2021، كانت الأرباح 50 مليون جنيه فى 4 أو 5 أشهر، ثم ارتفعت إلى 20 مليونًا فى السنة نفسها والتى تليها. فى 2024، حققنا مبيعات بقيمة 15 مليار جنيه وأرباحًا بـ400 مليون رغم الظروف الصعبة.
● حازم شريف: وماذا عن توقعاتك لأداء 2025؟
وليد حسونة: أتوقع أن نحقق هذا العام مبيعات تفوق 20 مليار جنيه، وأرباحًا تتراوح بين 700 إلى 750 مليونا.
● حازم شريف: ننتقل الآن إلى ملف الطرح فى البورصة. ما تفاصيله؟
وليد حسونة: المطروح فى البورصة هو شركة “يو” للتمويل الاستهلاكى، المالكة لـ”ڤاليو”، حيث تمتلك %100 منها. الشركة المطروحة هى “يو” نفسها، وهى شركة تشغيلية وليست قابضة، ولا تمتلك التكنولوجيا بل جزء من الكيان المطروح.
إيرادات “يو” يمكن فصلها بسهولة، بينما الأرقام السابقة كانت مجمعة لـ”يو” و”ڤاليو”. الهدف من الطرح هو توسيع قاعدة الملكية ومنح مساهمى EFG حصة مباشرة فى “ڤاليو” التى تعانى من التقييم غير العادل فى المجموعة الحالية.
بعد الفصل، ستحصل “ڤاليو” على تقييم مستحق، وسيتم تخصيص %20 من ملكية “يو” لمساهمى “EFG”، بينما %67 ستظل مملوكة لها.
● حازم شريف: وما ملكية “يو” الحالية؟
وليد حسونة: اليوم، %87 من “يو” مملوكة لـ”EFG”، و%4 لصالح “أمازون” ولكن مسجلة باسم “EFG”. والمتبقى %9 موزع بين فريق الإدارة وصناديق استثمار دخلت فى صفقة “بايناس”، التى حصلت على أسهم فى “ڤاليو” بدلاً من أسهمها فى “بايناس”.
● حازم شريف: متى سيكون تاريخ الاستحقاق لمساهمى «EFG»؟
وليد حسونة: من المقرر أن يكون خلال شهر مايو الجارى، أى أن الـ%20 سيتم أخذها من نسبة %87. لا يوجد طرح عام أو أوّلى، ولكن سيتم أخذ الأسهم، ومن يرغب فى بيعها يمكنه فعل ذلك فى السوق. سيحصلون على توزيعات الأرباح لهذا العام، ولكن فى صورة أسهم.
ولنفترض أنك تمتلك حصة %10 فى «EFG»، ستحصل على أرباح تقدر بـ100 مليون جنيه. هذه القيمة ستتحول إلى عدد معين من الأسهم. يتم تحديدها بناءً على القيمة الدفترية لشركة “ڤاليو”، والتى تم تقييمها بـ1.6 مليار جنيه.
● حازم شريف: وكيف تختلف هذه القيمة عن التقييم الفعلي؟
وليد حسونة: التقييم العادل الذى خرج من المستشار المالى المستقل المعتمد الذى تعينه الهيئة لإعداد مذكرة الطرح بلغ 15 مليار جنيه، بينما القيمة الدفترية هى 1.65 مليار، أى ما يقرب من 10 أضعاف.
● حازم شريف: إذن، على كم تتوقع أن يتم تداول سهم الشركة فى البورصة؟
وليد حسونة: هذا سؤال سيتم حسمه وقت التداول الفعلى، لكن من المؤكد أنها لن تتداول عند القيمة الدفترية. من المنطقى أن تتداول فى نطاق بين القيمة الدفترية والقيمة العادلة، وكل الفارق بينهما سيكون مكسبًا. فلو تم تداولها عند 3 أضعاف القيمة الدفترية، فسيكون هناك ربح بنسبة %300.
● حازم شريف: ما خطة العمل؟ هل هناك نية للتوسع الإقليمي؟ أنت الآن تطرح الشركة فى البورصة نظريًا، حتى لو لم يكن هناك اكتتاب عام. عندما تجلس مع مجلس إدارة الشركة – وليس مجلس “إى إف جي” – ماذا تقول لهم عن خطة السنوات الثلاث المقبلة؟
وليد حسونة: لدينا خطة واضحة منذ بداية عام 2024. “ڤاليو” فى الأساس عبارة عن منتج يشبه بطاقة ائتمان Revolving Credit Limit يمكن استخدامه فى أى مكان. ولذلك قمنا بإطلاق بطاقة مسبقة الدفع (Prepaid Card) العام الماضى، ليتمكن العميل من تحويل الحد الائتمانى إلى بطاقة يستخدمها حتى فى الأماكن التى لا تقبل “ڤاليو”.
المنتج الأول لدينا هو منتج التسهيل الدوار، وهو مثل بطاقة الائتمان. الآن بدأنا نطور منتجات جديدة تشبه القرض التقليدى، وليس التسهيل الدوار. بدأنا بتمويل السيارات، وحققنا نموًا كبيرًا جدًا فى هذا المجال. اليوم نُنفذ ما يقرب من 300 مليون جنيه شهريًا فى تمويل السيارات، رغم أن الشركة جديدة فى هذا القطاع. أطلقنا نماذج عديدة وغيّرنا طبيعة السوق إلى حد كبير. أصبح التنفيذ يتم خلال نصف ساعة.
نحن الآن ننافس “كونتاكت” فى مجالها، كما تنافسنا هى فى التمويل الاستهلاكى، بل ونتفوق أحيانًا. أصبحنا ننافس كل بنوك مصر فى هذا المجال، ودخلنا أيضًا سوق القروض، حيث نوفر قروضًا تعليمية، وأخرى للأثاث، وغيرها من القروض غير الدوارة.
● حازم شريف: هل يمكنك أن تشرح للناس العاديين ما القرض الدوار تحديدًا؟
وليد حسونة: ببساطة، لو أنا عميل لدى حد ائتمانى 10 آلاف جنيه مع “ڤاليو”، واستخدمت المبلغ بالكامل فى الشراء من متجر معين، ثم دفعت أول قسط بعد شهر، يعود لى ألف جنيه فى الحد الائتمانى، ويمكننى استخدام الألف جنيه مرة أخرى. هذا ما نسميه قرضًا دوارًا، وهو مشابه لبطاقات الائتمان.
على عكس ذلك، القرض الشخصى العادى لا يعود إلى حسابك بعد السداد. لدينا الآن منتج القرض الدوار ومنتج القرض الشخصى، ولكن دون وجود “كاش”، التزامًا بقواعد هيئة الرقابة المالية. يتم استخدامه فقط فى التشطيب، الأثاث، المصاريف التعليمية، وما إلى ذلك. كبرنا كثيرًا فى هذا الجانب، وكذلك فى قروض السيارات. نحن الآن نحاول أن نبنى الجانب الخاص بالأصول فى بنك رقمى “Digital Bank”. هذه هى رؤيتنا.
● حازم شريف: اشرح للناس أكثر، ماذا يعنى أن تبنى بنكًا للأصول؟
وليد حسونة: البنوك تتكون من أصول وخصوم؛ الودائع تعتبر التزامًا، بينما القروض والاستثمارات تمثل الأصول. هدفى هو بناء بنك بدون أن أمتلك بنكًا فعليًا، من خلال تقديم خدمات تشبه البنوك لعملاء التجزئة. بدأنا بتوفير بطاقة “Prepaid Card” للعملاء، والآن نعمل على تقديم بطاقة ائتمان عبر شراكة مع بنك “نكست” لإصدار بطاقة ائتمان مشتركة. كما أنشأنا صندوق استثمار مع شركة “أزيموت” يشبه صناديق الاستثمار النقدى، حيث نضع أموال العملاء فى الصندوق ونوزع العوائد، مما يعزز من شعور العملاء بأننا نقترب من نموذج البنك الفعلى.
● حازم شريف: نحن فى عام 2024، هل يمكنك أن توضح لنا خريطة توزيع إيراداتكم؟
وليد حسونة: فى النهاية، إيراداتك تأتى من عملاء التجزئة، وهؤلاء يتعلّقون بالسلع الاستهلاكية. %70 من الإيرادات تأتى من الأنشطة القديمة مثل السلع الاستهلاكية ومثيلاتها، و%30 تأتى من المنتجات الجديدة مثل السيارات، البطاقات، وغيرها. فى السنة القادمة، أريد أن أغير هذا التوزيع إلى 50/50، وهذا ما أستهدفه فى عام 2026.
● حازم شريف: ما التوقعات خلال السنوات الثلاث القادمة فيما يخص الإيرادات الكلية؟
وليد حسونة: من المتوقع أن يستمر التوزيع بنسبة 50/50، لأن هذا الجانب من النشاط ينمو تلقائيًا دون تدخل.
● حازم شريف: لا، أنا لا أتحدث عن النسب، بل عن قيمة الأموال. قلت لى إنك تتوقع تحقيق 21 مليار جنيه هذا العام، مع أرباح تبلغ 700 مليون جنيه.
وليد حسونة: صحيح. وبالنسبة للعامين التاليين، نتوقع نموًا بنسبة تتراوح بين 40 إلى %45 فى جميع مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)، سواء كانت إيرادات أو أرباحا.
● حازم شريف: هل لديكم تصوّر للتوسعات الجغرافية؟
وليد حسونة: نعم، نحن قدّمنا طلبًا للحصول على رخصة فى الأردن، ونصرّ على دخول هذه السوق.
● حازم شريف: لكننى أسمع عن هذا الموضوع منذ عامين!
وليد حسونة: أنا قادم إلى الحلقة، تلقيت مكالمة من البنك المركزى الأردنى. الإجراءات معقدة، لكن بمجرد الحصول على الرخصة، سيكون تنفيذ العمليات على الأرض أسهل بكثير. إذا حصلت على الرخصة غدًا، سأبدأ التشغيل خلال شهرين.
● حازم شريف: إذن تركّزون على الأردن؟
وليد حسونة: نعم، نحن نركّز على الأردن.
● حازم شريف: هل هناك أسواق أخرى؟
وليد حسونة: لدينا سوقان أخريان ندرسهما حاليًا، أحدهما قد ننطلق فيه حتى قبل الأردن، لأنها سوق كبيرة جدًا، رغم أننا هناك نستحوذ على شركة صغيرة جدًا. أما فى الأردن، فنبدأ من الصفر، ننشئ شركتنا بالكامل دون شراء أحد، لأنه لا يوجد أصلًا من يعمل فى هذا النوع من الأعمال هناك.
الفكرة أننى عندما أحصل على رخصة “Fintech Lending” فى الأردن، فإن الرخصة تشمل كل شيء: تمويل الـ”SMEs” وتمويل الأفراد، كلها ضمن رخصة واحدة. أما فى مصر، فيُطلب فصل كل نشاط على حدة، مثل إقراض الشركات المتوسطة أو التجار الذين نتعامل معهم من خلال “ڤاليو”. كل هذا سيكون فى شركة واحدة تقريبًا، وستُدرج فى البورصة باسم “يو”، وهى التى تمتلك “ڤاليو”.
● حازم شريف: ما هى سيناريوهات تخارج EFG من الشركة؟
وليد حسونة: أعتقد أن الشركة قد يتم الاستحواذ عليها من قبل بنك رقمى يرغب فى دخول السوق المصرية. التحدى الأكبر أمام البنوك الرقمية هنا سيكون الإقراض، وليس جذب الودائع، إذ إن بعض التعديلات فى تطبيقات البنوك ساعدت فى جذب ودائع كبيرة. البنوك الرقمية ستكون قادرة على جمع الودائع بسهولة، بينما أركز أنا على بناء جانب الأصول. السيناريو الأول هو أن يتم الاستحواذ من بنك رقمى، بينما السيناريو الآخر هو أن يتم الاستحواذ من قبل لاعب كبير فى المنطقة يدخل السوق المصرية من خلال عرض شراء إجبارى بعد أن نكون مدرجين فى البورصة، مما يتيح تقييمنا بشكل شفاف.
عندما أسست “إى إف جي” شركة “ڤاليو”، كانت تعتبر جزءًا من أنشطتها الأساسية ولم يكن التخارج منها فى الحسبان. لكن مع تطور الأمور، أصبح التخارج ممكنًا دون فقدان الحصة الحاكمة. فى البداية، كانت “ڤاليو” مملوكة بالكامل لـ”إى إف جي”، ثم دخلت “أمازون” وفريق الإدارة كمساهمين. تم إقرار طرح %20 من الأسهم ظنى أنه إذا جاء عرض مناسب بعائد مرتفع، سيكون التخارج خيارًا قويًا. كما قد تقرر “إى إف جي” الدخول فى مشروع بنك رقمى، وتصبح “ڤاليو” ذراعه الخاصة.
● حازم شريف: السرعة أم الجودة عند بناء الشركات؟ ولماذا؟
وليد حسونة: أرى أن السرعة هى الأهم. بنينا “ڤاليو” فى سنة وشهر، وإذا أخذنا وقتًا أطول لبنائها، لكانت المنافسة أصعب. الفكرة هى الخروج إلى السوق أولًا، حتى إن كانت الجودة 70 أو %80، ثم تحسين التفاصيل لاحقًا. هذا أفضل من التأخر، لأن المنافسين قد يسبقونك. قضيت أول عامين لتحقيق 20 مليون جنيه فقط، ولكن بتوسيع قاعدة العملاء، أصبح لدينا عملاء دائمون. لو ركزت على الجودة بدلًا من السرعة، لما استطعت تحقيق هذا النمو فى ظل المنافسة الشديدة.
● حازم شريف: ما الحصة السوقية التى تمتلكها حاليًا فى سوق التمويل الاستهلاكي؟
وليد حسونة: وفقًا لبيانات الهيئة العامة للرقابة المالية سأقدم لك رقمين كنت أذكرهما كثيرًا خلال جولات الترويج. سوق التمويل الاستهلاكى فى 2024 شهدت نموًا بنسبة %70. كانت حصتنا السوقية فى 2023 تبلغ %18، وارتفعت فى 2024 إلى %24. إجمالى حجم السوق – وفقًا للأرقام – يبلغ 62 مليار جنيه، وبالتالى نحن نستحوذ على %24 من هذا الرقم.
معدل نمو السوق %30 بينما نمونا بلغ %70، أى أننا نمونا بأكثر من ضعف معدل السوق. هذا يثبت أن المنافسة لا تؤثر سلبًا على حصتنا. ما حدث فى مجال التمويل الاستهلاكى غير مسبوق، فقد توقعت ظهور المنافسين خلال ستة أشهر، لكنهم ظهروا بعد 3 سنوات.
● حازم شريف: ما العدد المثالى من اللاعبين فى السوق من وجهة نظرك؟
وليد حسونة: تحدثنا مع شركاء من “Apple” حول أسواق مشابهة مثل المكسيك، ووجدنا أن الأسواق تستقر على 8 إلى 10 لاعبين غير البنوك، بشرط توفر تمويل كافٍ لإعادة التمويل المستمر. نحن نقوم بالتوريق شهريًا أو كل شهرين بفضل قدرتنا على الوصول للتمويل، وأرقامنا تظهر ربحية دون الحاجة لتمويل بضمان “EFG Hermes”.
● حازم شريف: فى النهاية، أشكرك جزيل الشكر وليد حسونة، الرئيس التنفيذى لشركة “يو” للتمويل الاستهلاكى المالكة للعلامة التجارية “ڤاليو”، والتى تستعد حاليًا للقيد فى سوق الأوراق المالية. شكرًا جزيلًا على وقتك الثمين.
وليد حسونة: أنا من يشكرك، وسعيد جدًا بوجودى هنا، وفخور أن أكون ضيفًا ضمن هذه الشخصيات اللامعة التى أعتبرها رموزًا فى مجالنا، وجري استضافتها في نفس المكان من قبل.
خبراتى فى تنسيق الأفراح ساعدتنى فى احتراف العروض التقديمية بالبنوك
رفضت منصب «مدير فرع» بالبنك لأنه لا يعكس طموحاتى وخبرتي
قررت ترك النظام التقليدى للمصارف بحثًا عن بيئة أكثر ابتكارًا
تركت وظيفة براتب 28 ألف جنيه ومنصب مرموق من أجل فرص أكبر للنمو
صفقة «النوران للسكر» أكبر تحدٍ فى مسيرتى المهنية
استحواذ نجيب ساويرس على «بلتون».. كيف كانت فرصة كبيرة لوليد حسونة؟
مفاوضات «أمازون» لدخول «ڤاليو» عبر هيكل معقد
استقالات جماعية هددت استقرار «ڤاليو» وتم مواجهتها بسرعة اتخاذ القرار بترقية الكفاءات الداخلية
توقعات بتجاوز مبيعات «ڤاليو» 20 مليار جنيه مع أرباح تتراوح بين 700 إلى 750 مليونا
