أوضح خبيران مصرفيان أن هناك أهمية حيوية لمفهوم “Offloading” فى القطاع المصرفى، لكونها أداة شاملة لإدارة الأصول والتخفيف من الأعباء المالية، والمخاطر المتزايدة التى تواجه البنوك.
وأوضحا أن هذا المفهوم يتضمن مجموعة متنوعة من الآليات، بدءًا من نقل أو بيع القروض المتعثرة بهدف تطهير الميزانيات وتقليل الديون ، مرورًا بالاستعانة بمصادر خارجية فى مجالات مثل التأمين لنقل المخاطر إلى جهات متخصصة، وصولًا إلى التوريق كأداة لتحويل الأصول غير السائلة إلى سيولة نقدية ونقل المخاطر المرتبطة بها إلى المستثمرين.
و يشمل “Offloading” تخلص البنوك من الأصول غير الأساسية، مثل العقارات التى آلت إليها نتيجة تسويات الديون، امتثالًا لقرارات البنك المركزى، مشيرين إلى أن هذه الآليات تهدف بشكل أساسى إلى تعزيز الاستقرار المالى للبنوك، وتحسين كفاءة إدارة أصولها.
وأضافا أنه على الرغم من أن هذا المفهوم يحمل إمكانات كبيرة فى تقاسم المخاطر بين البنوك والمؤسسات غير المصرفية ويعتبر ممارسة عالمية، إلا أنه لا يزال محدود الانتشار نسبيًا فى السوق المصرية، مما يستدعى ضرورة وضع إطار تنظيمى واضح ومحدد من قبل البنك المركزى وهيئة الرقابة المالية لضمان شفافية هذه العمليات والحفاظ على درجة ملاءة مالية قوية للمصارف.
مفهوم “Offloading”
أوضح الدكتور هشام حمزة الخبير المصرفى، أن مصطلح “Offloading” فى السياق المصرفى يحمل دلالات مهمة تتعلق بإدارة الأصول والتخفيف من الأعباء المالية، والمخاطر التى قد تواجه البنوك.
و أضاف أن هذا المصطلح يشير بشكل أساسى إلى عملية نقل أو التخلى عن ملكية أو مسؤولية أصول أو التزامات معينة لدى البنك إلى أطراف أخرى.
نقل القروض المتعثرة
وفى تفصيل لآليات «Offloading»، أشار حمزة إلى أن أحد أبرز تطبيقات هذا المفهوم يتمثل فى نقل أو بيع القروض المتعثرة.
وأضاف أنه فى الحالات التى يواجه فيها العملاء صعوبات فى سداد القروض وتتراكم على البنك ديون غير قابلة للتحصيل بسهولة، قد يلجأ المصرف إلى بيع هذه الديون لبنوك أو مؤسسات متخصصة أخرى، حتى وإن كان ذلك بقيمة أقل من قيمتها الأصلية، بهدف تطهير ميزانيته وتقليل حجم الديون المتعثرة.
الاستعانة بمصادر خارجية للتأمين
وأضاف الخبير المصرفى أن مفهوم “Offloading” يتسع ليشمل جوانب أخرى مثل الاستعانة بمصادر خارجية (Outsourcing)، خاصة فى مجال التأمين.
وأوضح أنه بدلاً من تحمل البنك بشكل مباشر مخاطر التأمين المتعلقة بمنتجاته أو عملياته، يمكنه نقل هذه المخاطر إلى شركات تأمين متخصصة، مما يقلل من تعرضه للخسائر المحتملة فى هذا الجانب.
التوريق كأداة لتحويل الأصول إلى سيولة
وتطرق حمزة إلى آلية التوريق كأداة أخرى لتطبيق مفهوم “Offloading” فمن خلالها، يحول البنك أصول معينة يمتلكها، مثل القروض العقارية، إلى أوراق مالية قابلة للتداول فى الأسواق المالية.
وأوضح أن هذا الإجراء يسمح للبنك بتحويل أصول غير سائلة إلى سيولة نقدية، وفى الوقت نفسه نقل المخاطر المرتبطة بتلك الأصول إلى المستثمرين الذين يشترون هذه الأوراق المالية.
التخلص من الأصول غير الأساسية
وفى سياق متصل، أوضح حمزة أن “Offloading” قد يشمل أيضًا تخلص البنك من الأصول غير الأساسية لعملياته المصرفية الأساسية، مثل الأراضى أو العقارات التى قد تؤول إليه نتيجة تسويات ديون.
وأشار إلى أن هذا الإجراء يأتى فى إطار تعليمات البنك المركزى التى تنص على أن البنوك ليست جهات تجارية، وبالتالى يجب عليها تقييم هذه الأصول بواسطة خبراء مثمنين مستقلين ثم بيعها فى السوق، عبر آليات مثل المزادات لتحويلها إلى سيولة.
الحذر فى التمويل مع إدارة المخاطر
أكد محمد عبد العال الخبير المصرفى، أن التوجه الحالى للبنوك يتمثل فى التوسع فى عمليات التمويل، مع التشديد فى الوقت ذاته على ضرورة تجنب المخاطر المصاحبة لهذه العمليات.
وأوضح عبد العال أن تحقيق النمو المستدام فى قطاع التمويل يتطلب تبنى استراتيجيات حذرة، تضمن سلامة الأصول المصرفية واستقرار النظام المالى.
تقاسم المخاطر مع مؤسسات غير مصرفية
وتطرق عبد العال إلى مصطلح “Offloading”، مشيراً إلى أنه يمثل آلية يتم من خلالها تقاسم فكرة المخاطر بين البنك وشركات أو مؤسسات أخرى لا تنتمى إلى القطاع المصرفى التقليدى، كما يشير إلى نقل جزء من المخاطر المرتبطة ببعض العمليات أو الأصول المصرفية إلى جهات خارجية متخصصة.
محدودية انتشاره فى مصر
أوضح الخبير المصرفى أن مفهوم “Offloading” ليس جديدًا على الساحة المالية العالمية، حيث يتم تطبيقه فى العديد من الأسواق المتقدمة.
وأشار إلى أن هذا المصطلح واستخداماته لا يزال محدود الانتشار نسبيًا فى البنوك المصرية حتى الآن، مما يستدعى الحاجة إلى مزيد من التوضيح والتنظيم.
ووفقُا لتقرير دولى، فإن البنوك تتجه بشكل متزايد إلى استراتيجية تعرف باسم نقل المخاطر الاصطناعى (SRT) يمكّن هذا النهج البنوك من تخفيف مخاطر الائتمان دون الحاجة إلى بيع أصولها فعليًا، موضحا أن المصارف يمكن أن تدخل فى عقود مشتقة تعمل بشكل مشابه للتأمين، حيث تنقل الخسائر المحتملة من محافظ قروض محددة إلى مستثمرين خارجيين.
وأضاف أن هذا الأسلوب يكتسب شعبية متزايدة، خاصة فى السوق الأمريكية، حيث تم إبرام العديد من الصفقات بمليارات الدولارات مؤخرًا.
وأشار إلى أن المستثمرين المؤسسيين ينجذبون إلى هذه المعاملات لأنها توفر عوائد أعلى من الأوراق المالية ذات التصنيف المماثل، بينما تستفيد البنوك أيضا من خلال تحرير رأس المال وتلبية المتطلبات التنظيمية.
وشدد عبد العال على أهمية الدور الذى يجب أن يلعبه كل من البنك المركزى المصرى وهيئة الرقابة المالية فى وضع إطار تنظيمى واضح ومحدد لعمليات “Offloading” فى القطاع المصرفى.
وأكد أن وجود قواعد وإجراءات واضحة سيساهم فى تعزيز الشفافية وتقليل المخاطر المحتملة المرتبطة بهذه العمليات، بالإضافة إلى توحيد الممارسات فى السوق المصرفى.
الحفاظ على درجة الملاءة المالية
وفى سياق الاستقرار المالى، لفت الخبير المصرفى إلى أهمية الحفاظ على درجة ملاءة مالية قوية للبنوك، مشيراً إلى أن كفاية رأس المال يجب ألا تقل %12.5.
وتعتبر الملاءة المالية مؤشرًا حاسمًا لقدرة البنك على استيعاب الخسائر المحتملة ومواجهة الصدمات الاقتصادية، وبالتالى فإن الالتزام بهذا المعيار يساهم فى تعزيز الثقة فى القطاع المصرفى.
حمزة: اداة تساعد على تطهير الميزانيات وتقليل الديون المتعثرة
عبد العال: مفهوم مطبق فى العديد من الأسواق العالمية
