تأثيرات متباينة على كبار مصنعي السيارات ومكوناتها حول العالم

Ad

يشهد قطاع صناعة وبيع السيارات تذبذبا عالميا، فى ظل مواجهة تحديات مركّبة باتت أمرا واقعا تحاول الشركات الحفاظ فيه على التوازن بين تكلفة الإنتاج، والتماشى التعريفات الجمركية التى فرضها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وتحديات سلاسل التوريد فضلا على منافسة الأسواق الصينية والهندية خاصة فى قطاع السيارات الكهربائية التى تعتمد بشكل مباشر على الرقائق الإلكترونية فى التصنيع.

ووفقا لتقرير وكالة “رويترز”، أعلنت شركة “أون سيمي” (Onsemi)، المتخصصة فى تصنيع الرقائق الإلكترونية، عن توقعات إيجابية لإيرادات الربع الثانى من عام 2025، مدفوعة بارتفاع الطلب على رقائق كربيد السيليكون المستخدمة فى السيارات الكهربائية، وذلك على الرغم من حالة عدم اليقين الاقتصادى الناجمة عن الرسوم الجمركية التى فرضها ترامب على واردات السيارات.

وتتوقع الشركة تحقيق إيرادات تتراوح بين 1.40 و1.50 مليار دولار فى الربع الثانى، وهو نطاق يتجاوز متوسط توقعات المحللين البالغ 1.42 مليار دولار، بحسب بيانات “إل إس إى جي” (LSEG)، مشيرة إلى أرباح معدلة للسهم تتراوح بين 48 و58 سنتا، مقابل التقديرات التى كانت تدور حول 52 سنتا.

وسجلت “أون سيمي” فى الربع الأول إيرادات بلغت 1.45 مليار دولار، متجاوزة التقديرات البالغة 1.40 مليار دولار، رغم أنها انخفضت بنسبة %22 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى.

واستفادت الشركة من نمو مبيعات السيارات الكهربائية فى الصين وأوروبا، ما أسهم فى زيادة الطلب على رقائق كربيد السيليكون، رغم التهديدات الناجمة عن فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة %25 على واردات السيارات.

وتُعد “أون سيمي” من بين عدد محدود من الشركات التى تزود السوق برقائق كربيد السيليكون، والتى تلعب دورا محوريا فى تحسين مدى سير المركبات الكهربائية.

وعلى صعيد الاستحواذات، ألغت الشركة الشهر الماضى عرضها للاستحواذ على شركة “أليغرو مايكروسيستمز” (Allegro MicroSystems) بقيمة 6.9 مليار دولار، مشيرة إلى عدم تجاوب مجلس إدارة الشركة المستهدفة.

تأتى هذه التطورات فى وقت أعلنت فيه “أون سيمي” فى فبراير الماضى عن خطط لتسريح نحو 2,400 موظف حول العالم خلال عام 2025، ضمن إعادة هيكلة موسعة لمواءمة التكاليف مع ظروف السوق.

عدم الاستقرار يضرب شركات تصنيع المحركات

فى المقابل، أعلنت شركة “كامينز” (Cummins) الأمريكية، المتخصصة فى تصنيع محركات الشاحنات، عن سحب توقعاتها المالية لعام 2025، لتنضم بذلك إلى قائمة متزايدة من الشركات المصنّعة للمركبات التى تعيد تقييم آفاقها المستقبلية بسبب حالة عدم الاستقرار التى سببتها قرارات ترامب الجمركية.

وكانت الشركة قد توقعت فى السابق نموا سنويا فى الإيرادات يتراوح بين تراجع بنسبة %2 وارتفاع بنسبة 3%، مع أرباح تشغيلية أساسية تتراوح بين %16.2 و%17.2 من إجمالى المبيعات، إلا أنها أكدت فى تقرير أرباحها الأخير أنها “لن تقدم أى توقعات للإيرادات أو الربحية لبقية عام 2025” بسبب الضبابية الاقتصادية المتزايدة.

وسجلت “كامينز” أرباحا صافية بلغت 824 مليون دولار، أو 5.96 دولار للسهم، فى الربع الأول المنتهى فى 31 مارس، مقارنة مع 2 مليار دولار أو 14.03 دولار للسهم فى الفترة نفسها من العام السابق.

ويُعزى هذا الانخفاض جزئيا إلى تحميل الشركة رسوم فصل بقيمة 9.08 دولار للسهم، نتيجة إنهاء حصتها المتبقية فى شركة “أتماس فلترشن تكنولوجيز”، بالإضافة إلى مصاريف إعادة هيكلة بلغت 15 سنتا للسهم.

وحققت الشركة مبيعات بقيمة 8.17 مليار دولار خلال الربع المذكور، بانخفاض طفيف عن التوقعات التى بلغت 8.19 مليار دولار، ما أدى إلى تراجع أسهمها بنسبة %1.5 فى تداولات ما قبل السوق.

وتشير هذه المؤشرات إلى ضغوط متزايدة على قطاع السيارات العالمى، إذ يتعامل المصنعون مع تحديات مزدوجة تتمثل فى تقلبات سلاسل التوريد وتكلفة الرسوم الجمركية، مما يهدد بخفض الإنتاج وارتفاع أسعار السيارات خلال الفترة المقبلة.

خفض التكاليف يدفع شركات السيارات إلى تقليص العمالة

وأعلنت شركة “نوفو إنرجي” – ذراع تصنيع البطاريات لشركة “فولفو” للسيارات – عن تقليص عدد موظفيها بنسبة %50، فى خطوة تهدف إلى خفض التكاليف بعد تقييم استراتيجيتها فى أعقاب إعلان إفلاس شركة “نورثفولت” السويدية، الشريك المؤسس للمشروع المشترك.

وقالت الشركة - التى تأسست عام 2021 كشراكة بين “فولفو” و”نورثفولت” لبناء مصنع بطاريات فى مدينة غوتنبرغ -: إنها ستلغى 150 وظيفة.

وقال الرئيس التنفيذى أدريان كلارك: رغم جهودنا المكثفة لتأمين مستقبل الشركة والبحث المستمر عن شريك تكنولوجى بديل، فإن التحديات الاقتصادية الراهنة وظروف السوق حالت دون مواصلة التشغيل على النطاق الحالى.

كانت “نوفو إنرجي” قد بدأت بالفعل فى تنفيذ إجراءات تقشف منذ يناير، شملت حينها خفض %30 من موظفيها.

وفى فبراير، استحوذت “فولفو” على الحصة الكاملة فى “نوفو إنرجي” بعد اتفاق مع “نورثفولت”، مقابل مبلغ رمزى، مما يعكس حجم الأزمة التى تمر بها صناعة البطاريات فى أوروبا.

يُذكر أن “نورثفولت” كانت تُعد ذات يوم أبرز الآمال الأوروبية لمنافسة عمالقة صناعة البطاريات العالميين، قبل أن تعلن إفلاسها فى مارس الماضى.

“أودي” تسجل ارتفاعًا فى الإيرادات رغم الرسوم الجمركية القاسية

وأعلنت شركة “أودي”، العلامة الفاخرة التابعة لمجموعة “فولكسفاجن”، عن ارتفاع إيراداتها فى الربع الأول من عام 2025 بنسبة %12.4 مقارنة مع العام الماضى، مدفوعة بنمو مبيعات السيارات الكهربائية، لكنها حذّرت من أن توقعاتها السنوية لا تأخذ فى الحسبان تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية الأخيرة.

وسجلت الشركة إيرادات بقيمة 17.5 مليار دولار خلال الفترة من يناير إلى مارس، مقارنة مع 13.73 مليار فى نفس الفترة من 2024.

وأكدت “أودي” أنها تستهدف إيرادات سنوية تتراوح بين 67.5 و72.5 مليار يورو، بزيادة ملحوظة عن 64.5 مليار فى العام السابق، مع هامش تشغيلى يتراوح بين %7 و%9.

لكن الشركة أشارت إلى أن التداعيات المالية للرسوم الجمركية، خاصة فى الولايات المتحدة، لا يمكن تقييمها بشكل نهائى فى الوقت الحالى، مضيفة أن الاتفاق الذى تم فى مارس بين الإدارة ومجلس العمال لم يُدرج بعد ضمن التوقعات المالية.

وفيما تراجع إجمالى مبيعات “أودي” العالمية بنسبة %3.4 خلال الربع الأول، قفزت مبيعات السيارات الكهربائية بنسبة %30.1، مما يؤكد على تحول الشركة نحو السيارات عديمة الانبعاثات.

يُذكر أن “أودي” تخدم السوق الأمريكية حاليًا من خلال مصنعها فى “سان خوسيه تشيابا” بالمكسيك، الذى ينتج طراز “Q5” ويوفر وظائف لأكثر من 5000 موظف.

ومع ارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية، تواجه الشركة خطر ارتفاع الأسعار بما قد يصل إلى آلاف الدولارات لكل مركبة، مما يهدد استقرار المبيعات فى أكبر سوق للسيارات فى العالم.

مبيعات فولفو تتراجع %11 فى أبريل

وفى سياق متصل، سجلت شركة “فولفو” للسيارات، المملوكة بالأغلبية لشركة “جيلي” الصينية، تراجعًا بنسبة %11 فى مبيعاتها خلال شهر أبريل 2025، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، لتبلغ 58881 سيارة فقط، فى ظل انخفاض ملحوظ فى مبيعات السيارات الكهربائية بالكامل.

وأوضحت الشركة فى بيان رسمى أن مبيعات السيارات الكهربائية بالكامل انخفضت بنسبة %32، لتشكّل %20 فقط من إجمالى المبيعات الشهرية، أما المركبات الكهربائية المُدعّمة (الهجينة القابلة للشحن)، فانخفضت بنسبة %16، لتبلغ نسبة “الكهربائية” بجميع أنواعها نحو %45 من إجمالى حجم المبيعات.

هذا الأداء السلبى دفع أسهم فولفو للسيارات للتراجع بنسبة %3 لترتفع خسائر السهم منذ بداية العام إلى %29، فى ظل ضغوط متزايدة من الرسوم الجمركية الأمريكية.

وتواجه “فولفو” تحديات متعددة على المستويين العالمى والمحلى، حيث تسعى لخفض التكاليف بالتعاون مع شركتها الأم “جيلي”، وفى الوقت نفسه تحاول الحفاظ على حصتها فى السوق الأمريكية التى لا تزال تُفضّل سيارات الوقود التقليدى والهجينة على السيارات الكهربائية بالكامل.

“جاكوار لاند روفر” تستأنف الشحنات لأمريكا بعد توقف مؤقت بسبب الرسوم الجمركية

استأنفت شركة “جاكوار لاند روفر” عمليات شحن السيارات إلى السوق الأمريكية، بعد توقف مؤقت أعقب إعلان إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية على واردات السيارات وقطع الغيار.

كانت الشركة البريطانية قد علّقت الشحنات كإجراء احترازى لتقييم تأثير الرسوم الجديدة، والتى بدأ تطبيقها بشكل فعلى على قطع غيار السيارات اعتبارًا من 3 مايو، بعد شهر من فرض الرسوم على السيارات المستوردة.

وتحاول شركات مثل “جاكوار لاند روفر” تحقيق التوازن بين التكاليف الجديدة وتوقعات المستهلكين الأمريكيين، خاصة فى ظل تحول ملحوظ فى سلوك الشراء، حيث يُجرى عدد متزايد من المستهلكين مراحل متعددة من عملية الشراء عبر الإنترنت، باستثناء تقديم طلبات التمويل الائتمانى التى لا تزال تتم غالبًا بالطرق التقليدية.

من جانبه، صرح تيم كونيكيس، الرئيس التنفيذى لعلامة “رام” - الذى عاد من تقاعد قصير العام الماضى - أن العلامة تحتاج إلى توسيع عروضها لتشمل سيارات بسعر أقل من 50000 دولار، فى محاولة لمواكبة التغيرات فى القدرة الشرائية للمستهلك الأمريكى، وسط ضغوط الأسعار الناتجة عن الرسوم الجديدة.

تأتى هذه التطورات فى وقت تشهد فيه صناعة السيارات العالمية تحديات متزايدة، نتيجة سياسات الحماية التجارية الأمريكية، والتى تهدد برفع أسعار السيارات بآلاف الدولارات، ما قد ينعكس سلبًا على حجم المبيعات وأداء الشركات فى الأسواق العالمية.