ارتفاع أسعار الوقود يدفع قطاع التأمين إلى ابتكار منتجات جديدة

Ad

فى ظل موجة الارتفاعات المتتالية لأسعار الوقود فى السوق المصرية، برزت تساؤلات ملحة حول انعكاس هذه التطورات على قطاع تأمين السيارات، لا سيما من حيث تكلفة الوثائق ونمط استخدام المركبات.

فبينما يرى بعض الخبراء أن السوق باتت أكثر تأقلمًا مع تغيرات أسعار الطاقة، يؤكد آخرون أن التأثيرات وإن لم تكن فورية، فإنها بدأت تفرض نفسها على استراتيجيات شركات التأمين وسلوكيات العملاء.

وفى هذا السياق قال باسم وهيب نائب رئيس قطاع تأمينات السيارات فى شركة ثروة للتأمين، إن الزيادة الأخيرة فى أسعار المحروقات من غير المتوقع أن تؤثر بشكل سلبى على سوق تأمين السيارات.

وأوضح أن أسعار المحروقات شهدت ارتفاعًا على مدار العامين الماضيين فى أكثر من مناسبة، دون أن ينعكس ذلك على تراجع فى مبيعات السيارات أو التأمين عليها.

وأضاف أن السوق باتت أكثر مرونة فى التعامل مع هذه التغيرات، مشيرًا إلى أن هذه الزيادة تُعد الرابعة أو الخامسة خلال هذه الفترة، ولم تُسجل خلالها أى تأثيرات سلبية تذكر.

وأضاف نائب رئيس قطاع تأمينات السيارات فى شركة ثروة للتأمين، إن الفترة المقبلة قد تشهد طرح وثائق تأمين جديدة أكثر مرونة، خاصة فى ظل التوجه المتزايد نحو السيارات الكهربائية.

وأوضح أن تلك السيارات باتت تحظى برواج متزايد فى السوق المصرية، وهو ما دفع الهيئة العامة للرقابة المالية واتحاد شركات التأمين المصرية إلى اعتماد وثائق تأمين تكميلى مخصصة لها، تمهيدًا للتوسع فى تغطياتها بما يتناسب مع طبيعتها واستخدامها.

وفيما يتعلق بالمخاوف المرتبطة بسلامة السيارات الكهربائية، أشار إلى أن هناك اشتراطات فنية واحتياطات خاصة يتم مراعاتها فى وثائق التأمين، لاسيما ما يخص البطارية، الدوائر الكهربائية، والأسلاك والمكونات المرتبطة بالتشغيل.

وأضاف أن السوق المصرية لا سيما التأمين لا تزال تتعامل بحذر مع هذا النوع من السيارات كونها منتجًا جديدًا، إلا أن مزاياها التشغيلية مثل انخفاض تكاليف الصيانة وغياب الحاجة إلى صيانة دورية كالعربات التقليدية، ساهم فى تعزيز الإقبال عليها.

وأكد أن السوق المحلية لم تشهد حتى الآن حوادث كبيرة أو انفجارات للسيارات الكهربائية كما حدث فى بعض الأسواق الأوروبية، حيث سُجلت حوادث اشتعال ذاتي، لكن فى مصر، لم تُرصد حتى الآن وقائع مشابهة تؤثر على ثقة المستهلك أو توجهات شركات التأمين.

أما عن العلاقة بين الاحتيال وارتفاع أسعار الوقود، فأكد وهيب أن الاحتيال فى قطاع التأمين لا يرتبط مباشرة بتغير أسعار المحروقات، بل يتعلق بسلوكيات فردية لا يمكن ربطها بتغيرات السوق أو التكاليف التشغيلية.

وفى هذا السياق قال محمد الغطريفى وسيط التأمين، إن الارتفاع المتواصل فى أسعار المحروقات مثل البنزين والسولار يُلقى بظلاله على سوق تأمين السيارات فى مصر، سواء من حيث التكلفة أو نوعية الخدمات المقدمة، مشيرًا إلى عدة تأثيرات مباشرة وغير مباشرة.

وأوضح الغطريفى أن شركات التأمين قد تلجأ إلى رفع أسعار أقساط التأمين نتيجة ارتفاع تكاليف التشغيل، مثل تنقل المعاينين وأسعار الصيانة داخل الورش، فضلاً عن زيادة تكاليف النقل والشحن، والتى تنعكس على أسعار قطع الغيار المستوردة، وبالتالى ترتفع تكلفة إصلاح السيارات المؤمن عليها.

وأضاف أن ارتفاع أسعار الوقود قد يدفع بعض أصحاب السيارات إلى تقليل استخدامها، ما قد يحد من عدد الحوادث وبالتالى يخفف من حجم المطالبات، فى حين قد يتجه البعض الآخر إلى استخدام وسائل نقل بديلة، ما قد يؤثر على نوعية التأمينات المطلوبة مستقبلاً.

وأشار الغطريفى إلى احتمال زيادة محاولات الاحتيال على شركات التأمين، مثل تقديم بلاغات كاذبة عن حوادث غير حقيقية، فى محاولة لتعويض التكاليف المرتفعة، وهو ما يشكل تحديًا إضافيًا أمام الشركات.

وبيّن أن هناك توجهًا متزايدًا نحو التأمين “الشامل”، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات الجديدة وقطع الغيار، فى مقابل انخفاض محتمل فى الإقبال على التأمين الإجباري، نتيجة الضغوط الاقتصادية التى يتحملها ملاك السيارات.

وأكد أن استمرار ارتفاع المحروقات قد يؤدى إلى تباطؤ فى مبيعات السيارات الجديدة، وبالتالى تقل فرص إصدار وثائق تأمين جديدة، ما يمثل عبئًا على حجم السوق، وقد يدفع شركات التأمين إلى طرح خصومات أو عروض لجذب العملاء فى ظل المنافسة الشديدة.

وأضاف أن بعض الشركات قد تُجرى تعديلات على شروط الوثائق التأمينية، مثل زيادة نسبة التحمل، فى محاولة للحد من المخاطر والتكاليف المتزايدة.

ونصح أصحاب السيارات بمقارنة عروض التأمين بدقة، ومراجعة بنود الوثائق جيدًا قبل التجديد أو الشراء، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية التى تشهدها السوق المصرية.

و أكد إيهاب خضر وسيط التأمين، أن الارتفاع الأخير فى أسعار المحروقات فى مصر من شأنه أن ينعكس بشكل مباشر على سوق تأمين السيارات، مشيرًا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تغيرات استراتيجية فى هذا القطاع.

وأوضح أن شركات التأمين قد تتجه إلى مراجعة سياساتها وعروضها لتواكب المتغيرات الاقتصادية الجديدة.

وأشار خضر إلى أن زيادة تكاليف التشغيل ستدفع الكثير من مالكى السيارات إلى البحث عن حماية أكبر لاستثماراتهم، لا سيما فى ظل ارتفاع قيمة المركبات وقطع الغيار.

ولفت إلى أن التأمين الشامل قد يشهد إقبالًا متزايدًا من أصحاب السيارات الحديثة والفاخرة، فى حين قد يكتفى أصحاب السيارات الأقدم بالتأمين الإجبارى فقط.

وفيما يتعلق بسلوك العملاء، أكد خضر أن هناك توقعات بتغيرات سلوكية ملموسة نتيجة ارتفاع أسعار الوقود، موضحًا أن البعض قد يلجأ لتقليل استخدام السيارة الخاصة والاعتماد على وسائل النقل العام أو مشاركة الرحلات، وهو ما قد يقلل من معدلات الحوادث والمخاطر.

وأضاف أن هذا التغير السلوكى يمثل فرصة مهمة أمام شركات التأمين لتقديم وثائق أكثر مرونة وجاذبية، تتضمن مزايا مثل خصومات على القيادة الآمنة أو الاستخدام المحدود للسيارة.

وبيّن أن العميل الواعى أصبح أكثر إدراكًا لأهمية التأمين الشامل، خاصة فى ظل ارتفاع تكاليف الإصلاح وقطع الغيار، مما يجعل من هذا النوع من التأمين استثمارًا حكيمًا على المدى الطويل.

وعن احتمالية تعديل أسعار وثائق التأمين، أشار خضر إلى أن شركات التأمين ستضطر لإعادة تقييم تسعير وثائق التأمين الشامل نتيجة للارتفاع المتوقع فى تكاليف الإصلاح وقطع الغيار، وهو ما يرتبط بشكل مباشر بزيادة تكاليف النقل وسلسلة الإمداد بسبب أسعار المحروقات.

ورغم ذلك، أكد خضر أن بعض الشركات الرائدة فى السوق المصرية تعمل حاليًا على تطوير استراتيجيات مبتكرة تضمن الحفاظ على أسعار تنافسية مع تقديم تغطية شاملة، مشددًا على أن التوازن بين السعر وجودة التغطية سيظل عاملاً حاسمًا فى جذب العملاء والحفاظ عليهم فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.

وأكد خضر أن ارتفاع التكاليف الإجمالية لتشغيل السيارات قد يثير بعض المخاوف من تزايد محاولات التحايل أو المطالبات الوهمية، فى محاولة من بعض الأفراد لتقليل خسائرهم، إلا أنه شدد فى الوقت ذاته على أن تطور أنظمة كشف الاحتيال لدى شركات التأمين فى مصر، يجعل القطاع أكثر استعداداً للتعامل مع هذه التحديات بكفاءة.

وأشار خضر إلى أن العديد من شركات التأمين الرائدة تستثمر حاليًا فى تقنيات الذكاء الاصطناعى وتحليل البيانات، بهدف رصد أنماط السلوك الاحتيالي، ما يسهم فى تسريع إجراءات المطالبات الشرعية من جهة، وتقليل أعباء المطالبات الكاذبة من جهة أخرى.

وأضاف أن المنظومة المتقدمة واستخدام الذكاء الاصطناعى تسهم فى خفض التكاليف التشغيلية، وتعود بالفائدة على العملاء الملتزمين من خلال أسعار تنافسية وخدمة أفضل.

وفيما يتعلق بتطور منتجات التأمين، أوضح خضر أن السوق المصرية باتت مهيئة لظهور وثائق تأمين أكثر مرونة وتخصيصاً، استجابة للتغيرات الاقتصادية المتسارعة.

وقال إن من أبرز هذه الابتكارات نظام “الدفع حسب الاستخدام” (Pay As You Drive)، والذى يتيح للعملاء دفع أقساط التأمين بناءً على مدى استخدامهم الفعلى للسيارة، ما يجعله خياراً مثالياً للأفراد الذين قللوا من استخدام سياراتهم بسبب ارتفاع أسعار الوقود.

ولفت إلى أن هناك اتجاهًا متزايدًا لتقديم باقات تأمين مخصصة، مثل التأمين الموسمي، والتغطيات الجزئية التى تركز على مخاطر محددة، مضيفاً أن هذه المرونة تُمكّن العملاء من الاستفادة من التأمين الشامل دون تحمّل أعباء مالية تفوق طاقتهم.

وحول تأثير ارتفاع أسعار الوقود على سوق السيارات، أكد خضر أن هذا الارتفاع سيؤثر حتماً فى قرارات الشراء، حيث قد يتجه المستهلكون إلى اقتناء سيارات أكثر كفاءة فى استهلاك الوقود، أو التوجه نحو المركبات الهجينة والكهربائية.

وأوضح أن هذا التحول سينعكس بدوره على سوق التأمين، حيث ستحتاج الشركات إلى تطوير وثائق تأمين تلبى متطلبات هذه الفئة من السيارات.

وأضاف أن الفترة المقبلة قد تشهد تزايداً فى الطلب على تغطيات إضافية، مثل خدمات المساعدة على الطريق، وهو ما يُعد فرصة لشركات التأمين لتقديم خدمات متكاملة تلبى احتياجات العملاء المتغيرة وتمنحهم قيمة مضافة.

و شدد إيهاب خضر على أن التأمين الشامل لم يعد مجرد نفقة إضافية، بل أصبح استثمارًا ذكيًا يضمن حماية الأصول القيمة، خاصة فى ظل ارتفاع تكاليف الإصلاح واستبدال قطع الغيار.

وأوصى العملاء بضرورة المقارنة بين العروض التأمينية المختلفة، واختيار الشركات التى تجمع بين السعر التنافسي، وجودة الخدمة، وسرعة تسوية المطالبات.

وأكد أن التأمين الشامل اليوم يمثل خطوة استباقية لحماية المستقبل المالي، وضمان استمرار التنقل بأمان واطمئنان وسط التقلبات الاقتصادية الراهنة.

يذكر أن استمرار ارتفاع أسعار المحروقات يفرض على سوق تأمين السيارات تحديات وفرصًا فى آنٍ واحد.

وبينما تتجه بعض الشركات إلى مراجعة تسعير الوثائق وشروطها لتقليل المخاطر، تظهر فى المقابل اتجاهات ابتكارية لإطلاق منتجات تأمينية أكثر تكيّفًا مع سلوك المستهلك وتغيراته.

وتشير المؤشرات إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد منافسة شرسة بين الشركات للحفاظ على قاعدة عملائها، من خلال تقديم تغطيات مرنة وأسعار تنافسية.

كما أن تطور أدوات الرقابة الداخلية والتحول الرقمى يعزز من قدرة القطاع على مواجهة محاولات التحايل.

ويبقى مستقبل تأمين السيارات فى مصر مرهونًا بمدى قدرة الفاعلين فيه على استيعاب المتغيرات الاقتصادية، واستباق احتياجات العملاء بوثائق تأمين تلبى الواقع الجديد.

وهيب: السوق اكتسبت مرونة فى التعامل

الغطريفي: الزيادة قد تدفع البعض لتقليل الاستخدام

خضر: الشركات تسـتعد لتقديم ما يتوافق مع المتغيرات