رجّح مسئولون وخبراء خفضًا بنسب متفاوتة تصل إلى %2 خلال الفترة المقبلة، مع تأكيد أهمية انتظار بيانات التضخم لشهر أبريل الماضى لتقييم تأثير القرارات الحكومية الأخيرة على الأسعار.
وبينما يُنظر إلى خفض الفائدة كحافز للنمو والاستثمار وتخفيف أعباء الموازنة، يشدد الخبراء على ضرورة الموازنة بين هذه الإيجابيات ومراقبة الآثار الجانبية المحتملة فى ظل التغيرات الاقتصادية العالمية.
وأكد الخبراء أن القرار النهائى للبنك المركزى سيستند إلى تحليل شامل للبيانات الاقتصادية، مع التركيز على مستويات التضخم واستقرار سعر الصرف، حيث تتجه الأنظار نحو اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل، وتتصاعد التساؤلات حول حجم وتوقيت الخفض المرتقب، وتأثيره على القطاع المصرفى وجاذبية الاستثمار فى أدوات الدين المحلية، بالإضافة إلى قدرة الاقتصاد المصرى على التكيف مع التحديات العالمية.
وفى تحول لافت فى سياسته النقدية، قرر البنك المركزى المصرى، خلال اجتماعه الثانى فى عام 2025، خفض أسعار الفائدة الأساسية بواقع 225 نقطة أساس.
ويُعد هذا القرار الأول من نوعه منذ أكثر من أربع سنوات، حيث ظل البنك المركزى يحافظ على أسعار الفائدة عند أعلى مستوياتها التاريخية لفترة طويلة، ويأتى هذا الخفض فى ظل ترقب الأسواق للاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية المقرر فى 22 مايو الحالى، والذى قد يكشف عن توجهات البنك المركزى المستقبلية بشأن أسعار الفائدة.
ورجّح نائب رئيس أحد البنوك الحكومية المصرية أن يُقدم "المركزي" على خفض كبير فى أسعار الفائدة بنحو %2 خلال اجتماعه المقبل للجنة السياسة النقدية.
ويأتى هذا التصريح فى وقت تترقب فيه السوق عن كثب قرارات البنك المركزى بشأن سياسته النقدية وتأثيرها على مختلف القطاعات الاقتصادية.
ومع ذلك، يرى محللون أن قرار البنك المركزى النهائى سيستند إلى تقييم دقيق وشامل لمختلف المؤشرات الاقتصادية، بما فى ذلك معدلات التضخم، واستقرار سعر الصرف، والنمو الاقتصادى العالمى والمحلى.
ونبّه محمد بدرة، الخبير المصرفى، إلى صعوبة التكهن بنسبة الخفض المحددة التى قد يقدم عليها البنك المركزى فى اجتماعه القريب، وربط ذلك بضرورة انتظار صدور بيانات التضخم لشهر أبريل المقبل، والتى ستُظهر التأثير الفعلى لقرارات الحكومة الأخيرة برفع أسعار المحروقات وما تبعها من ارتفاعات فى الأسعار على المستوى العام للتضخم.
وبذلك، تتضح الصورة بأن هناك اتجاهًا عامًا نحو توقع خفض كبير فى أسعار الفائدة على المدى الطويل، مدعومًا بتوقعات مؤسسات دولية وخبرة مصرفية محلية، وفقًا للخبير المصرفى.
وفى وقت سابق، توقع بنك "جى بى مورجان" أن يخفض البنك المركزى المصرى أسعار الفائدة بنسبة %6 خلال اجتماعيه فى أبريل ومايو 2025، بواقع %4 فى أبريل و%2 فى يونيو.
وأكد الخبير المصرفى أن القرار الفعلى للبنك المركزى فى الأجل القريب سيظل مرهونًا بتحليل دقيق للبيانات الاقتصادية الحديثة، وفى مقدمتها مستويات التضخم وتأثير الإجراءات الحكومية الأخيرة على الأسعار.
وأعرب ماجد فهمى، رئيس بنك التنمية الصناعية السابق، عن تأييده لتوجه البنك المركزى نحو خفض أسعار الفائدة، مؤكدًا على أن هذه الخطوة ستكون إيجابية للاقتصاد المصرى بشكل عام.
وأشار "فهمي" إلى أن خفض الفائدة سيساهم بشكل فعال فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتحفيز النشاط الاستثمارى، بالإضافة إلى تخفيف الضغط على عجز الموازنة العامة للدولة من خلال تقليل تكلفة الاقتراض الحكومى.
وفى سياق تأييده لهذا التوجه، شدد "فهمي" على أهمية مراقبة الآثار الجانبية المحتملة التى قد تنجم عن قرار خفض الفائدة. وأوضح أن أى إجراء اقتصادى بهذا الحجم يتطلب يقظة مستمرة وتقييمًا دقيقًا لأى تحديات أو نتائج غير متوقعة قد تطرأ على الساحة الاقتصادية.
بالإضافة إلى ذلك، أكد رئيس بنك التنمية الصناعية السابق على ضرورة وضع خطة إستراتيجية متكاملة تأخذ فى الاعتبار التغيرات المتسارعة التى يشهدها العالم على المستويات الاقتصادية والسياسية.
وأوضح أن قرار خفض الفائدة يجب أن يكون جزءًا من رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز قدرة الاقتصاد المصرى على التكيف مع هذه التحولات العالمية والاستفادة من الفرص المتاحة.
وفى تصريحات سابقة، أشار محمد الإتربى، الرئيس التنفيذى للبنك الأهلى، إلى توقعات قوية بخفض إضافى فى أسعار الفائدة من قبل البنك المركزى المصرى خلال عام 2025، قد يصل إلى نحو %6.
واستند "الإتربي" فى هذا التوقع إلى رؤيته بأن الهدف الأساسى من رفع أسعار الفائدة فى الفترة الماضية، والمتمثل فى السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة، قد تحقق بالفعل مع تراجع التضخم إلى حوالى %13.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى البيانات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء والتى كشفت عن ارتفاع معدل التضخم خلال شهر مارس الماضى ليصل إلى %13.6 على أساس سنوى، مقارنة مع %12.8 فى فبراير.
ويُعد هذا الارتفاع هو الأول من نوعه فى أرقام التضخم خلال الأشهر الستة الأخيرة.
وفى سياق متصل، تطرق "الإتربي" إلى التأثير المحتمل لخفض الفائدة على ربحية البنوك، مؤكدًا على قدرة القطاع المصرفى على التكيف وتعويض أى انخفاض فى الأرباح من خلال تطوير وتقديم منتجات مالية مبتكرة ومتنوعة.
كما لفت إلى استمرار جاذبية الشهادات الادخارية بالجنيه المصرى نظرًا للفارق الملحوظ فى العوائد مقارنة مع العملات الأجنبية.
وعلى صعيد التحديات الاقتصادية العالمية، أوضح رئيس البنك الأهلى أن حالة الضبابية التى تخيم على الاقتصاد العالمى وحرب التعريفات التجارية كان لها تأثير مؤقت على حركة الأموال الساخنة، غير أنه أكد أن قرار تأجيل فرض الرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا ساهم فى تخفيف حدة هذه الصدمة وعودة التدفقات النقدية الداخلة إلى السوق المصرية تدريجيًا.
بدرة: الأمر غير محسوم ويتوقف على بيانات التضخم
فهمى: ضرورى للتنمية وتخفيف عجز الموازنة.. مع ضرورة الحذر
