أكد عدد من خبراء ومسئولى قطاع تكنولوجيا المعلومات فى مصر أن وكلاء الذكاء الاصطناعييتميزونبقدرات متقدمة تشمل التفكير، التعلم، واتخاذ القرارات، مما يتيح لهم تنفيذ المهام بشكل ذاتى، متوقعين أن تكون قطاعات البرمجة والبنوك والتعليم والتكنولوجيا المالية من أكثر المجالات المتأثرة بتبنى هذه التقنية على نطاق واسع.
وشددوا على ضرورةإعادة هيكلة سوق العمل محليا وعالميا من خلال استبدال بعض الوظائف التقليدية مثل المهام الروتينية والمكتبية، مع ظهور أخرى جديدة تتطلب مهارات تقنية عالية، إلا نهم رأوا أن تطبيق هذه التقنيات قد يحتاج إلى استثمارات ضخمة فى البنية التحتية الرقمية، خاصة فى المشروعات الكبرى مثل الدلتا الجديدة وتوشكى.
أكد أحمد ماهر الرئيس التنفيذى لشركة “ستراتيجيزت مصر”، على الدور المحورى لوكلاء الذكاء الاصطناعى (AI Agents) باعتبارهم كيانات رقمية مستقلة تعمل نيابة عن الموظفين، موضحًا أن هذه العناصر الافتراضية تمتلك قدرات متقدمة فى التفكير، والتعلم، واتخاذ القرارات، وتنفيذ المهام بشكل ذاتى فى كثير من الأحيان، مما يتجاوز مفهوم الاستجابات الآلية التقليدية ليصبحوا مساعدين رقميين أذكياء يتمتعون بفاعلية عالية.
وأضاف “ماهر” أن تطبيقات وكلاء الذكاء الاصطناعى تتسم بتنوعها، حيث يمكنها العمل كمحللين ماليين يقدمون استشارات استثمارية مخصصة للعملاء، أو نظم بيع ذكية تتفاعل مع العملاء بكفاءة، مشيرًا إلى الانتشار المتزايد لهذه التقنية فى قطاعات حيوية مثل البنوك، وشركات التكنولوجيا، والتعليم، وحتى المجال الزراعى.
وتوقع “ماهر” أن تشهد العديد من القطاعات تحولات جذرية خلال العقد القادم بفضل وكلاء الذكاء الاصطناعى، وعلى رأسها التكنولوجيا المالية (FinTech)، لافتًا إلى أن هذه التقنية ستحدث نقلة نوعية فى مجالات التحليلات الذكية، وكشف الاحتيال، وتوصيات الاستثمار، وتقديم دعم عملاء فائق السرعة والدقة والكفاءة على مدار الساعة، متجاوزة بذلك قدرات الموظفين البشريين.
وفيما يتعلق بمصر، أوضح “ماهر” أن التوسع فى مبادرات الشمول المالى والمدفوعات الرقمية سيعزز بشكل ملحوظ من استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى، ومن ثم ستتمكن شركات التكنولوجيا المالية من خدمة قاعدة عملاء أوسع بوتيرة أسرع وبتكاليف أقل.
ورأى أنه يمكن لوكلاء الذكاء الاصطناعى أن يلعبوا دورا كبيرا فى قطاع تكنولوجيا التعليم (EdTech)، يتمثل فى المساعد التعليمى والمرشد الشخصى للطلاب، وتلبية احتياجاتهم الفردية، بالإضافة إلى تصميم برامج تعليمية مخصصة تتناسب مع أنماط تعلمهم وقدراتهم الاستيعابية.
وأشار إلى الإمكانات الهائلة لوكلاء الذكاء الاصطناعى فى سد فجوة نقص المعلمين وتحسين جودة التجربة التعليمية فى مصر، التى تتميز بكثافة طلابية عالية.
وأوضح أنه فيما يتعلق بالقطاع الزراعى، فتوقع أن يكون تأثير هذه التقنية تدريجياً ولكنه عميق، حيث يمكنها تحليل صور الأقمار الصناعية، ومراقبة صحة المحاصيل، والتنبؤ بالظروف الجوية، وتوجيه المزارعين بشكل دقيق للتعامل مع التقلبات المناخية من خلال أنظمة الإنذار المبكر.
إلا أنه نوه فى الوقت نفسه إلى أن التوسع فى استخدام وكلاء الذكاء الاصطناعى يتطلب استثمارات كبيرة فى البنية التحتية الرقمية، خاصة فى تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى مثل الدلتا الجديدة وتوشكى، التى تمثل فرصًا واعدة لتطبيق هذه التكنولوجيا المبتكرة.
ولفت “ماهر” إلى أن العلاقة بين قطاع البرمجيات ووكلاء الذكاء الاصطناعى ستكون أكثر دقة وتعقيدًا من القطاعات الأخرى، فعلى الرغم من أن هذه التقنية تسهل عملية البرمجة للمهندسين، إلا أنها ترفع من مستوى الكفاءة المطلوب من المبرمجين البشريين.
وأوضح أن المبرمجين التقليديين سيواجهون صعوبة فى مواكبة التطورات، وأن وكلاء الذكاء الاصطناعى سيصبحون عاملاً حاسمًا فى تحديد استمرارية المبرمجين فى هذا المجال.
وأكد أن المبرمجين الأكثر احترافية وإبداعًا وقدرة على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعى لإنشاء برمجيات مبتكرة هم الذين سيتمكنون من الازدهار، بينما سيخرج أولئك الذين يعتمدون على الأساليب التقليدية من المنافسة.
وأشار “ماهر” إلى أن الموجة القادمة من وكلاء الذكاء الاصطناعى ستعتمد على تقنية الحوسبة العصبية (Neuromorphic Technology)، التى تستلهم بنيتها ووظيفتها من الأدمغة البشرى، بدلاً من الاعتماد على بنية تقليدية تفصل بين وحدات المعالجة والذاكرة، لافتا إلى أن الأنظمة العصبية تهدف إلى محاكاة الطريقة التى يعالج بها الدماغ البيولوجى المعلومات ،وذلك من خلال الخلايا العصبية الاصطناعية والوصلات العصبية الاصطناعية.
وأوضح أن شركات كبرى مثل إنتل بدأت بالفعل فى اختبار هذه التقنية وتطبيقاتها فى الروبوتات، مما سيمكن الوكلاء من العمل بكفاءة غير مسبوقة على الهواتف الذكية والأجهزة الصغيرة.
واختتم “ماهر” بالتأكيد على أن الطفرة التكنولوجية الحالية ليست مجرد تطور تقنى، بل هى إعادة تشكيل شاملة لسوق العمل.
حديث الساعة
قالمحمد حسنين رئيس نقابة المبرمجين المصريين، إن “وكيل الذكاء الاصطناعي” يمثل التطور الطبيعى لتقنية الذكاء الاصطناعى التوليدى، التى أصبحت حديث الساعة بعد ظهور “شات جى بى تي” وأدوات مشابهة أخرى، معتبرا أن هذا التطور دفع النقابة إلى التحضير لمؤتمر يناقش تأثير الذكاء الاصطناعى على صناعة البرمجيات فى مايو المقبل، حيث يُعد هذا القطاع من أكثر المجالات تأثراً بظهور هذه الأدوات المتطورة.
وأشار حسنين إلى أن وكيل الذكاء الاصطناعى يُحدث تأثيرًا واضحًا وسريعًا فى مجالات تعتمد بشكل رئيسى على التكنولوجيا الحديثة، و فى الصناعات التى تشهد مهامًا روتينية أو متكررة، فعلى سبيل المثال، سيتأثر بشكل كبير قطاع السوشيال ميديا، الذى يعتمد بشكل كبير على أدوات الذكاء الاصطناعى لتحسين تجربة المستخدم، تحديد المحتوى، وتحليل التفاعلات.
وتابع قائلا إن هناك مجالًا آخر سيتأثر بشكل كبير وهو تحليل البيانات، الذى يعتمد بشكل أساسى على جمع وتحليل كميات ضخمة من الداتا لاستخلاص معلومات مهمة تساعد فى اتخاذ القرارات.
وأوضح أنه ومع دخول وكيل الذكاء الاصطناعى إلى المعادلة، ستزداد القدرة على معالجة البيانات بشكل أسرع وأكثر دقة، مما يتيح للشركات والمؤسسات تحسين استراتيجياتها وعملياتها التجارية.
ومع ذلك، أكد حسنين أن التأثير لن يكون كلياً بمعنى اختفاء بعض الصناعات بشكل كامل، على الأقل فى المدى القريب والمتوسط، بل من المتوقع أن تتغير طرق أداء الوظائف بشكل جذرى، موضحًا أن خريطة المؤهلات والوظائف المطلوبة فى المستقبل ستكون مختلفة عن الوضع الحالى، حيث سيصبح وكيل الذكاء الاصطناعى عاملاً أساسياً فى تغيير متطلبات سوق العمل.
وفيما يخص صناعة البرمجيات، أضاف حسنين أن العديد من الأعمال الروتينية التى كانت تستغرق وقتاً طويلاً بدأت تتراجع بفضل استخدام الذكاء الاصطناعى، فعلى سبيل المثال، كانت بعض الوظائف تتطلب عملًا لمدة 16 ساعة بواسطة موظفين اثنين، بينما يمكن الآن إنجاز نفس المهام فى ساعتين بواسطة موظف واحد فقط باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى، مما يؤدى إلى زيادة الإنتاجية العامة من خلال ميكنة كاملة لدورة العمل.
وتوقع حسنين أن يزداد تأثير وكيل الذكاء الاصطناعى بشكل كبير خلال السنوات القليلة القادمة، على الرغم من أن بعض المجالات، مثل الأعمال اليدوية، لن تتأثر بشكل كبير، لكن، ستتغير نوعية الوظائف المطلوبة بشكل جذرى خلال السنتين أو الثلاث سنوات المقبلة، حيث سيتم استبدال بعض الوظائف بوظائف جديدة ذات طبيعة مختلفة.
وعلى الصعيد العالمى، أكد حسنين أن الدول الكبرى مثل أمريكا والاتحاد الأوروبى ستكون الأكثر تأثراً بتبنى وكيل الذكاء الاصطناعى، حيث سيسارعون إلى دمج هذه التقنية فى نماذج مؤسساتهم.
وأضاف أنه على مستوى المنطقة العربية، فتوقع أن تكون مصر والأردن والإمارات والسعودية من أبرز الدول التى ستتأثر بشكل كبير بهذه التكنولوجيا، بالنظر إلى تقدم هذه الدول فى مجال التكنولوجيا وإنتاج البرمجيات فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
ورأى أن تأثير وكيل الذكاء الاصطناعى فى صناعة البرمجيات يُظهر مدى السرعة التى تتغير بها الصناعات المعتمدة على التكنولوجيا، حيث أنه مع استمرار تقدم هذه التقنية من المتوقع أن تكون هناك تحولات كبيرة فى كيفية أداء المهام البرمجية وتحليل البيانات، مما سيخلق فرصًا جديدة ويحسن الكفاءة فى العديد من المجالات.
تحسين تجربة العملاء
وتسريع العمليات الداخلية
وقالأحمد ناصف الرئيس التنفيذى لشركةDopayللتكنولوجيا المالية، إنهلا شك أن الذكاء الاصطناعى، والـAI Agents، يمثل تحولًا جوهريًا فى الطريقة التى تعمل بها الشركات وتقدّم خدماتها، معلقا : “ أصبحنا حاليا أمام موجة جديدة من الأتمتة الذكية، تختلف عن سابقاتها لأنها لا تقتصر على المهام الروتينية أو المتكررة فحسب، بل تمتد لتشمل التفاعل، والتحليل، واتخاذ القرار، بل وحتى بناء علاقات مع العملاء”.
وأضاف أنه فى قطاع حلول التكنولوجيا المالية ، يمكن أن تُحدث الـAI Agentsنقلة نوعية، فمن خلال وكلاء ذكيين قادرين على التفاعل البشرى الطبيعى، يمكن تحسين تجربة العملاء، تسريع العمليات الداخلية، تحليل البيانات الضخمة فى الزمن الحقيقى، وحتى تقديم استشارات مالية مخصصة بناءً على سلوك المستخدم، مما يعنى أن الشركات الصغيرة يمكن أن تقدّم تجارب تشبه تجارب الشركات الكبرى من حيث الجودة والتخصيص، ولكن بتكلفة أقل.
وأشار إلى أنه على مستوى العمل داخل الشركات، فهذه التكنولوجيا ستغيّر شكل الفرق والأدوار الوظيفية ، منوها أن كثيرًا من المهام الإدارية والتحليلية التى كانت تتطلب وقتًا وجهدًا بشريًا ستُنجز بشكل أسرع وأكثر دقة، ولكن فى المقابل، سيزداد الطلب على المهارات الإبداعية، والقدرة على التفاعل البشرى، واتخاذ قرارات ذات بُعد استراتيجى أو أخلاقى، وهى أمور لا يستطيع الذكاء الاصطناعى محاكاتها بالكامل.
وأكد أن فريق عملdopay، يرى أن هذه التكنولوجيا تمثل فرصة حقيقية لتوسيع نطاق الشمول المالى، عبر أدوات ذكية يمكنها التواصل مع شرائح غير معتادة على التعامل مع الأنظمة المصرفية، بلغتها، وبشكل مبسط وسلس، ولكننا نؤمن أيضًا بأن النجاح لا يكون فقط بتبنى التقنية، بل بكيفية استخدامها لخدمة الناس، لا استبدالهم.
ولخص رأيه قائلا إن الـAI Agentsلن تلغى الوظائف البشرية، لكنها ستعيد تشكيلها، وستتميز الشركات التى تستطيع دمج هذه القدرات الذكية ضمن ثقافة عمل إنسانية، تركّز على الثقة، والقيمة، والاستدامة، وليس فقط على الكفاءة والسرعة.
وأعرب عن تفاؤله بأن تتبنى مصر تقنية وكيل الذكاء الاصطناعى وتدمجها فى نماذج أعمالها بسرعة كبيرة، سواء فى القطاعات الحكومية أو الخاصة، وكذلك فى الشركات الناشئة المصرية، مؤكدًا على أن مصر لن تكون متأخرة عن باقى دول العالم فى هذا المجال.
وأضاف أن الوكلاء سيكونون مصممين خصيصًا للتفاعل باللغة العربية وباللهجة المصرية، كما شدد على أن البنية التحتية الرقمية فى مصر قوية وجاهزة لاستيعاب دمج هذه التقنية المتطورة.
شركات محلية بدأت تطبيقها
فيما قالأحمد حسنمدير التسويق فى شركة “ديفوب سلوشن” للبرمجيات إن وكيل الذكاء الاصطناعى سيكون له تأثير بالغ على العديد من المجالات مثل البرمجة و التسويق وكتابة المحتوى كأكثر القطاعات ، إذ أصبح من الممكن أتمتة العديد من العمليات التى كانت تتطلب وقتا وجهدا بشريا كبيرا .
وتابع: على سبيل المثال، يمكن لوكلاء الذكاء الاصطناعى تحليل سلوك المستهلكين بشكل أسرع وأكثر دقة، مما يمكن الشركات من تخصيص حملاتها التسويقية بشكل يتناسب مع احتياجات كل عميل على حدة.
وأضاف أنه يمكن لهؤلاء الوكلاء تحسين استراتيجيات الإعلان الرقمى من خلال تحليل البيانات الضخمة والتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية وإنشاء حملات إعلانية موجهة، تعتمد على تحليل البيانات السلوكية للمستخدمين على الإنترنت، وهو ما يسمح بزيادة فعالية الحملات التسويقية.
وأشار إلى أنه فى مجال كتابة المحتوى، يمكن لوكيل الذكاء الاصطناعى توليد محتوى احترافى يتماشى مع أساليب الكتابة البشرية، بل وتخصيصه ليناسب الجمهور المستهدف، وبالتالى كتابة مقالات، تدوينات، وصفات منتجات، ونصوص إعلانات بشكل فعال وسريع.
وأكد أن هذا التحول لا يقتصر فقط على توليد النصوص، بل يشمل أيضًا تحسين المحتوى وتعديله بما يتناسب مع متطلبات محركات البحث(SEO)، مما يسهم فى تحسين ظهور المحتوى على الإنترنت وزيادة التفاعل معه، علاوة على ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعى لتحليل أداء المحتوى وتقديم توصيات لتحسينه، بناءً على تفاعل الجمهور.
ولكنه أكد أن الموظف الذى يملك القدرة على تطوير نفسه ويعرف كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعى لصالحه سيكون فى وضع أفضل للحفاظ على مكانته المهنية، مشددًا على أنالذكاء الاصطناعى، بدلاً من أن يكون بديلاً كاملاً للبشر، يمكن أن يكون أداة داعمة وموفرة للوقت.
وأكد أنه أصبح بإمكان المبرمجين الاستفادة من “وكيل الذكاء الاصطناعي” لتسهيل عملهم وتقليل الحاجة إلى كتابة الأكواد التقليدية يدويًا، كما أنه يمكن مساعدة المهندسين فيتصحيح الأخطاء البرمجية وهو جزء أساسى من عملية البرمجة يستغرق وقتًا طويلاً ومرهقًا، وبالتالى عند تقديم الكود إلى وكيل الذكاء الاصطناعى، يمكنه أن يحدد بسرعة الأماكن التى تحتوى على أخطاء أو مشكلات فى الأداء ويقدم حلولًا أو تعديلات تصحيحية، موضحا أن هذا لا يقلل فقط من الوقت اللازم لتصحيح الأخطاء، بل يساعد أيضًا فى تحسين جودة الكود النهائى.
وأوضح أن عددًا من الشركات المصرية بدأت بالفعل فى تبنى نموذج وكلاء الذكاء الاصطناعى فى عملياتها، خاصة مع كون مصر سوقًا مفتوحة أمام تقنيات العالم الحديثة .
ليست وليدة اللحظة
وأوضح عمرو طوسون، المدير العام لشركة “تك باركس” لحلول أمن المعلومات فى مصر، أن تبنى تقنيات وكلاء الذكاء الاصطناعى (AI Agents) من شأنه أن يُحدث انعكاسات إيجابية ملموسة على سوق العمل، مشيرًا إلى أن إسناد المهام الروتينية إلى الذكاء الاصطناعى سيتيح للموظفين تخصيص المزيد من أوقاتهم للاضطلاع بمسؤوليات ذات أهمية استراتيجية أكبر.
وأضاف طوسون أن تطبيقات الذكاء الاصطناعى المتقدمة ليست وليدة اللحظة، مستشهداً بدور الذكاء الاصطناعى الحالى فى مهام مثل مراقبة الكاميرات الأمنية للكشف عن أى أنشطة مشبوهة أو محاولات اقتحام، حيث يمكن للذكاء الاصطناعى أداء هذه المهمة بكفاءة تفوق العنصر البشرى، مع القدرة على الإبلاغ الفورى للجهات المختصة.
ولفت إلى إمكانات الذكاء الاصطناعى فى تحليل البيانات الطبية وكتابة تقارير أولية، مما يدعم الأطباء فى عملية التشخيص ويساهم فى تحقيق نتائج أكثر دقة تصب فى مصلحة المرضى، بالإضافة إلى مساعدة الأوساط الأكاديمية من خلال تلخيص النقاط الجوهرية من المراجع والأبحاث.
وأكد طوسون على أن وكلاء الذكاء الاصطناعى يمثلون أداة تمكين قوية لمديرى المشاريع، حيث يساهمون فى متابعة أداء فرق العمل بدقة وفعالية أكبر، وتنظيم وتوزيع المهام بكفاءة عالية، وهو ما سيُحدث تحولاً جوهرياً فى ديناميكيات سوق العمل.
وتوقع طوسون حدوث تغييرات جذرية فى سوق العمل على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا أن هذه المرحلة ستشهد اضمحلال بعض الوظائف التقليدية وظهور أنواع جديدة من الوظائف لم تكن موجودة سابقاً، مستشهداً بمثال قيادة طائرات الدرون، متوقعا أن تشهد هذه الوظيفة، التى تقتصر حالياً على نطاقات ضيقة مثل التصوير السينمائى والتلفزيونى، انتشاراً واسعاً فى المستقبل القريب، لتصبح تخصصاً يُدرس فى الجامعات.
تنمية مهارات الابتكار والإبداع
فى سياق متصل، أكد أحمد عيسى رئيس قطاع تكنولوجيا البيانات والذكاء الاصطناعى فى شركة لينك ديفلوبمنت، على الإمكانات الهائلة لتقنيات الذكاء الاصطناعى فى إحداث تحول إيجابى ملموس فى أداء القطاع الحكومى المصرى، موضحًا أن تبنى وكلاء الذكاء الاصطناعى سيساهم فى تعزيز رضا المواطنين المتعاملين مع الجهات الرسمية، وتسريع وتيرة إنجاز العمليات .
وأضاف أن وكلاء الذكاء الاصطناعى يمكنها كذلكتوفير قنوات تفاعلية ذكية ومتوفرة على مدار الساعة للإجابة على استفسارات المواطنين وتقديم المعلومات المطلوبة بكفاءة وسرعة، مثل الرد على الأسئلة الشائعة حول الإجراءات الحكومية، وتوفير الدعم الفنى الأولى، وتوجيههم إلى الجهات المختصة، علاوة على تسهيل الوصول إلى الخدمات، وتبسيط إجراءات الحصول على الخدمات الحكومية عبر الإنترنت أو تطبيقات الهواتف الذكية، وملء النماذج تلقائياً، وتذكير المواطنين بالمواعيد النهائية، مما يوفر الوقت والجهد ويقلل من الحاجة إلى الحضور الفعلى للمكاتب الحكومية.
وأشار إلى أن وكلاء الذكاء الاصطناعى يمكنهم تحليل بيانات المواطنين (مع الحفاظ على الخصوصية) لفهم احتياجاتهم بشكل أفضل وتقديم خدمات مخصصة تتناسب مع متطلباتهم الفردية، مثل اقتراح الخدمات ذات الصلة أو تقديم معلومات استباقية حول المستجدات التى تهمهم.
وأكد على أن أتمتة المهام اليومية المتكررة والروتينية تُمكّن الموارد البشرية من التركيز بشكل أكبر على نظيرتها ذات الأهمية الاستراتيجية التى تتطلب قدرات الابتكار والإبداع، الأمر الذى من شأنه إحداث تحولات جوهرية فى ديناميكيات سوق العمل.
ظهور مفهوم “ المصانع المظلمة”
بينما أكد محمد شفيق المدير الإقليمي للمبيعات لـ شركة سايبر هورس للأمن السيبراني فى مصر وأفريقيا ، أن وجود وكلاء الذكاء الاصطناعى تسببت فى انتشار مفهوم “ المصانع المظلمة” أى المعتمدة بشكل كامل على الروبوتات والذكاء الاصطناعى فى جميع عمليات الإنتاج، من التصنيع إلى التعبئة والتغليف وحتى التوزيع، بدون الحاجة إلى وجود بشرى داخل المصنع نفسه، موضحَا أنه فى بعض الحالات، المصانع قد تكون خالية من العمال تمامًا، لأن الروبوتات تتولى كل شيء، من تشغيل الآلات إلى جمع البيانات وتحليلها لتحسين الإنتاج.
وأفاد أن الصين تعتبر من أولى الدول التى بدأت فى تبنى نموذج المصانع المظلمة بشكل كبير، ففى مصانع معينة، تم استبدال العمال تمامًا بالروبوتات، فعلى سبيل المثال، شركات مثل “شياومي” و “تنسنت” و”هانغزو” بدأت فى استخدام أنظمة روبوتية متقدمة لتحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف.
وأكد أن فقدان الوظائف بسبب الذكاء الصناعى والاعتماد عليها كلية سيكون هو واحد من أهم وأكبر التحديات فى عصر المصانع المظلمة، مما يؤثر على المجتمع بشكل كبير.
وتابع أنهفى المستودعات اللوجستية التابعة لشركات مثل أمازون وفيدكس بدأت تعتمد بشكل كبير على الروبوتات فى توزيع المنتجات داخل المستودعات، مما أدى إلى تقليص الحاجة للعمال الذين كانوا يتعاملون مع هذه المهام يدويًا، أما فى القطاع الصحى، حتى فى المستشفيات، تم استخدام الذكاء الاصطناعى فى تحليل الصور الطبية وتشخيص الأمراض، وهذا يقلل من الحاجة للعمال فى الوظائف التقليدية مثل قراءة الأشعة.
وأكد أنبعض الوظائف التى تتطلب مهارات ذهنية بدأت تتأثر، فعلى سبيل المثال، الخوارزميات الذكية يمكنها أن تحلل البيانات وتقدم استشارات فى مجالات مثل القانون، المحاسبة، والتمويل، وهو ما قد يهدد الوظائف التقليدية فى هذه المجالات، كما أن الوظائف التى تتطلب مهام تحليلية أو إدارية أصبحت مهددة أيضًا، حيث يمكن للذكاء الاصطناعى الآن أن ينجز العديد من هذه المهام بكفاءة وسرعة أكبر.
وتوقع أن تكون بعض الصناعات مثل الصناعات الثقيلة أكثر تأثرًا، ولكن مع تقدم التكنولوجيا، سيشمل التأثير معظم القطاعات بما فيها القطاعات الخدماتية، الأمر الذى بدوره يؤدى إلىزيادة تركيز الثروة فى أيدٍ قليلة من الشركات الكبرى التى تمتلك هذه التقنيات المتقدمة، وفى المقابل، فالعمالة التقليدية، التى لا تمتلك المهارات اللازمة للتكيف مع التكنولوجيا، ستواجه صعوبة فى تأمين وظائف جديدة، وبالتالى يعمق الفجوة الاقتصادية
ولكن على الجانب الآخر أشار إلى مزايا هذا التحول والتى يأتى على رأسها زيادة الإنتاجية والكفاءة، وتقليل التكاليف والأخطاء البشرية، مشددا على احتياجالمجتمع إلى إعادة تقييم التعليم والتدريب المهنى، إذ لن تكون المهارات القديمة كافية، وسيكون من الضرورى تعليم الشباب كيفية العمل جنبًا إلى جنب مع الذكاء الاصطناعى والروبوتات.
كما سلط الضوء على أن هذه التطورات التكنولوجية، تزيد معها المخاطر الأمنية، حيث تصنيع المصانع المظلمة عرضة للهجمات السيبرانية التى قد تؤدى إلى تعطيل العمليات الإنتاجية، سرقة البيانات الحساسة، أو حتى التسبب فى أضرار مادية كبيرة، على سبيل المثال، يمكن أن تؤدى الاختراقات مثل هجماتDDoS(الحرمان من الخدمة) أو الهجمات على الشبكات الصناعية إلى توقف الإنتاج لفترات طويلة، مما يسبب خسائر اقتصادية ضخمة، كما أنلهجمات السيبرانية يمكن أن تستهدف سرقة الملكية الفكرية أو التجسس الصناعى من قبل منافسين أو أطراف أخرى تهدف إلى الحصول على بيانات حساسة تتعلق بطريقة تصنيع المنتجات أو البيانات المالية للمصانع.
ماهر: مرهونة بالتوسع فى مبادرات الشمول المالى والمدفوعات الرقمية
ناصف: طرح تطبيقات الـAI gents باللغتين العربية والعامية المصرية قريباً
شفيق: تسبب فى ظهور المصانع المظلمة التى بدأت الانتشار بالصين
عيسى: تحدث تحولاً إيجابياً فى أداء القطاع الحكومي
حسن: قطاعات البرمجة والتسويق وكتابة المحتوى الأكثر تأثراً
