اقتصاد ما بعد «صدمة الرسوم الجمركية الأمريكية».. إبحار بلا موانئ آمنة

Ad

فى السيناريو الأقل سوءًا لمآلات الحرب التجارية التى أشعلها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على أصدقائه وأعدائه، يعتقد محللون أن زعماء الدول الكبرى سيجتمعون فى نهاية المطاف على طاولة المفاوضات، ويبرمون اتفاقات تقود إلى عودة التجارة وخفض الفائدة وكبح التضخم، لكن هذا لن يمنع التأثير طويل الآجل للصدمة وتداعياتها.

وفقا لهذا التحليل «المتفائل» فإن اتفاقات هذه المرحلة لن تصمد كثيرا، إذ ستعمل الدول «المصدومة» من غطرسة الولايات المتحدة على «فض الاشتباك» مع أمريكا والبحث عن محركات نمو مختلفة لا تخضع لتلك الهيمنة القصوى من واشنطن، وسيبحثون عن عملة (أو عملات) جديدة، وسيضخون رؤوس الأموال فى مناطق أخرى، وسيعملون على تشكيل «اقتصاد عالمى جديد».

وفى مرحلة انتقالية طويلة ومعقدة كهذه، قد لا يكون من الممكن التعويل على أى ملاذ آمن، للدول وللأفراد، وستبقى حركة التذبذبات الكبيرة فى الأصول والاستثمارات سمة المرحلة.

وبينما يتم النظر إلى تراجع الرئيس الأمريكى «ترامب» عن رسومه الجمركية على معظم دول العالم، فى معظم التحليلات على أنه ليس «بادرة حسن نية» بل تكتيكا يستهدف من خلاله الرئيس الجمهورى تقليل خسائره المالية والشعبية، يتزايد القلق بين المستهلكين الأمريكيين بشأن التأثير القادم على الاقتصاد ومواردهم المالية، فى ظل ارتفاع توقعات التضخم على الأمد الطويل، وينكمش اقتصاد المملكة المتحدة بشكل غير متوقع فى بداية العام نتيجة ضعف قطاعى التصنيع والبناء، فيما تفشل الصين مرارا فى الخروج من دائرة الانكماش المستمر.

وفى الأثناء أيضا، تشهد ألمانيا أعمق أزمة هوية منذ الحرب العالمية الثانية، فقد أدت سنوات من سياسة «اللعب الآمن» إلى تدهور بنيتها التحتية وتعثر تحولها الرقمى، وتراجع إنتاجيتها. ومع تراجع المركز السياسى للبلاد، وافتقار ائتلاف «أولاف شولتز» المنقسم، إلى الوحدة والإرادة اللازمتين لمعالجة مشاكل البلاد المعقدة، فقد تؤدى النتيجة إلى زعزعة استقرار أوروبا بأكملها.

وفى الهند يواجه الاقتصاد لتحديات جديدة ناجمة عن اضطرابات التجارة العالمية، وفى اليابان، يتعافى الاقتصاد ببطء وسط قلق شديد من تداعيات الحرب التجارية.

تقود الطرق فى معظمها إلى ركود عالمى، وتضخم،و عالم مفتت، وضباب كثيف حول المستقبل.

أعد الملف: أحمد فراج

الدرس «البريطانى» القاسى

«صفعة السندات».. وراء تراجع ترامب عن «الغطرسة الجمركية»

عندما شنّ دونالد ترامب حربه الجمركية فى الثانى من أبريل الجارى، واجه المشرّعون فى أوروبا صعوبة فى فهم إستراتيجيته، هل هى خدعة؟ أم أنه كان يقصد حقًا تدمير التجارة العالمية وأسواق الأسهم والتحالف الغربي؟- وفقا لمجلة “the Atlantic” الأمريكية.

وأشارت المجلة إلى أنه فى التاسع من أبريل، اكتشف ترامب أمرًا معروفا فى المملكة المتحدة مُسبقًا وهو أنه فى مواجهة سوق السندات، دائما ما يكون أمام رقعة شطرنج محدودة الأبعاد، ودائمًا ما يكون الخاسر، فقد مر البريطانيون بهذه التجربة من قبل.

فى سبتمبر 2022، وبعد إقالة بوريس جونسون من زعامة حزب المحافظين، أطلقت رئيسة الوزراء الجديدة، ليز تروس، بيان ميزانية، تم تصميمه ليضرب بقواعد السياسة المالية عرض الحائط. وكانت الميزانية ستُقرّ تخفيضات ضريبية بقيمة 160 مليار جنيه إسترلينى على مدى خمس سنوات، مُموّلة بالكامل من خلال الاقتراض، فى تحدٍّ لنصيحة أكبر مسؤول فى وزارة الخزانة البريطانية، الذى أقالته فى اليوم الأول من إدارتها.

كذلك تم تهميش جهاز الرقابة المالية الحكومى، المُنشأ لمنع الكارثة التى كانت على وشك الحدوث، وتم تجاهل المحللين، الذين حذّروا من أن البلد المثقل بالديون قد يواجه توقفًا مفاجئًا للاستثمار الأجنبى.

وكانت العواقب سريعة فى المملكة المتحدة فقد انخفض الجنيه الإسترلينى، وارتفع العائد على السندات الحكومية لأجل عشر سنوات إلى ما يقارب %5.

ومع اقتراب أنظمة التقاعد الرئيسية فى المملكة المتحدة من الانهيار، قلبت “تروس” الأمور رأسا على عقب، فقد أقالت وزير ماليتها خلال عودته من اجتماع صندوق النقد الدولى فى واشنطن، واستقالت بعد 45 يومًا فقط من توليها المنصب، لتصبح أقصر رئيس وزراء خدمة فى التاريخ.

وبحسب المجلة، فإنه على عكس الحال فى المملكة المتحدة، المعرضة لالتزامات خارجية تزيد قيمتها على خمسة أضعاف ناتجها المحلى الإجمالى، تتحمل الولايات المتحدة مخاطر أقل بكثير من المستثمرين الذين يتخلصون من الدولار وسندات الخزانة فى آن واحد.

ووفقا للمجلة، فقد كان خطأ “تروس” مجرد غطرسة اقتصادية، وليس جزءًا من إستراتيجية جيوسياسية كبرى، كما تدّعى سياسة ترامب التجارية.

ومع ذلك، بحسب المجلة، يمكن استخلاص بعض الدروس من أوجه التشابه بين الموقفين. ففى كلتا الحالتين، شهدت الأيام الحاسمة انخفاضًا متزامنًا فى أسعار الأسهم والسندات، وهو أمرٌ يحذر منه خبراء التمويل المخضرمون. فعادةً، عندما تنخفض أسواق الأسهم، يلجأ المستثمرون إلى السندات الحكومية الآمنة، أما اليوم، فنشهد هروبًا لرؤوس الأموال من كيان وطنى بأكمله.

وذكرت المجلة أنه منذ استقالة تروس، عانت المملكة المتحدة من ارتفاع دائم فى عائدات السندات وتكاليف خدمة ديونها مقارنةً بنظيراتها الأوروبية. فى الوقت نفسه، ظلت أسعار الفائدة على قروض الرهن العقارى للأسر مرتفعة بشكل مؤلم.

وأشارت المجلة إلى أنه فى هذه الآونة، ينخفض الدولار، ورغم تعليق التعريفات الأمريكية لمدة 90 يومًا، يقترب العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عامًا من %5. وهو ما يعنى أن تكلفة الاقتراض للحكومة الأمريكية أصبحت الآن ضعف ما كانت عليه قبل خمس سنوات، لأن المستثمرين يطالبون بعوائد أعلى مقابل الاحتفاظ بأكثر الديون أمانًا فى العالم.

وبحسب المجلة، فقد استسلم ترامب للسبب نفسه الذى دفع “تروس” للتراجع، فللمرة الثانية خلال ثلاث سنوات، مارس الزعيم المتهور ألعابًا ذهنية مع مستثمرى السندات العالميين وخسر. وكما أضعفت “تروس” بريطانيا على المدى الطويل، فإن أسلوب مناورة ترامب الجمركية ونتائجها ربما أضعفت أمريكا.

وبحسب المجلة، فإنه إذا كانت الولايات المتحدة ترغب فى إعادة التصنيع، لضمان أمنها على المدى الطويل فى مواجهة صعود الصين، فإن منع تدفق السلع المصنعة إلى أمريكا بالقوة هو إحدى طرق تحقيق ذلك، وإن كان محفوفًا بالمخاطر. لكن النتيجة المنطقية لهذا النهج ستكون نهاية هيمنة الدولار. فالعجز التجارى الأمريكى مع بقية العالم هو ما يخلق طلبًا من الأجانب للاحتفاظ بديونها الحكومية. وبمجرد قمع هذا الطلب، ستتوقف الولايات المتحدة عن كونها المورد العالمى للأوراق المالية الآمنة. إضافةً إلى ذلك، وبمعاملة ترامب لأصدقائه الجيوسياسيين السابقين كأعداء، فإنه يُخاطر بالتضحية بجميع المزايا التى تنجم عن هيبة الدولار واستقراره.

الأجندة الحمائية تضرب التحالفات الدولية وتخنق النمو العالمى

قالت صحيفة » ذى ديلى إيكونومى» الأمريكية إن ادعاء ترامب بأن الرسوم الجمركية هى ضرائب تدفعها الدول الأجنبية مخالف للواقع، إذ إنها ضرائب على الأمريكيين.

وتُظهر الأبحاث أن الإجراءات الحمائية التى يقترحها ترامب قد ترفع نفقات الأسر بما يتراوح بين 2600 و3900 دولار سنويًا، مع رفع أسعار المستهلك بنسبة تصل إلى %2.8. لذا فليس من المستغرب أن تكون الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط هى الأكثر معاناة، مما يجعل الرسوم الجمركية سياسة رجعية وضارة، بحسب الصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أن من أغرب ادعاءات ترامب أن الرسوم الجمركية قد تُخفض أسعار المواد الغذائية، لكن الواقع، أنها ستؤدى إلى عكس ذلك تمامًا.

وأوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة تعتمد على الواردات لتوفير %55 من احتياجاتها من الفواكه الطازجة، و%32 من الخضراوات الطازجة، و%94 من المأكولات البحرية. وتضمن هذه الواردات خيارات غذائية متنوعة وبأسعار معقولة على مدار العام.

وحال فرض الرسوم الجمركية، فإنها تُقلص وصول السلع، مما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار وقلة الخيارات، فالرسوم الجمركية الحالية على لحوم الأبقار والمأكولات البحرية والسكر تُضخم التكاليف بالفعل، وإضافة المزيد منها لن تؤدى إلا إلى تفاقم الوضع، وفقا للصحيفة.

وبشأن ادعاء ترامب أن الرسوم الجمركية تحمى الشركات والمزارعين الأمريكيين، فإن التاريخ يُظهر خلاف ذلك. فخلال ولاية ترامب الأولى، أضرّت الرسوم الجمركية المفروضة على البضائع الصينية بالمستهلكين والمزارعين الأمريكيين على حد سواء، إذ أدت الإجراءات الانتقامية من الشركاء التجاريين إلى خفض مبيعات المزارع إلى الصين بأكثر من %50، وزيادة حالات إفلاس المزارع بنسبة %20. وقد أدى هذا الانهيار إلى عمليات إنقاذ حكومية بمليارات الدولارات.

وبحسب الصحيفة، فإن الرسوم الجمركية الأمريكية سترفع تكاليف الإنتاج على المصنّعين الأمريكيين. وسيؤدى فرض رسوم جمركية بنسبة %25 على الواردات من المكسيك وكندا إلى زيادة كبيرة فى تكاليف الإنتاج بالنسبة للمصنّعين الأمريكيين، مما قد يرفع أسعار السيارات بما يصل إلى 3000 دولار، ويخفض أرباح السهم بنسبة تصل إلى %50 لجنرال موتورز وستيلانتس، و%25 لفورد. ومن المرجح أن تُعطّل هذه الخطوة سلاسل التوريد، وتُؤدى إلى فقدان الوظائف.

وتؤكد دراسة حديثة أن الرسوم الجمركية على السلع الوسيطة، وهى مكونات أساسية تُصنّع محليًا، تُقوّض القدرة التنافسية للشركات الأمريكية من خلال رفع تكاليف الإنتاج. وحتى لو أُعفيت المنتجات النهائية لحماية الفئات ذات الدخل المنخفض، فإن ارتفاع تكاليف المدخلات سيظل يُثقل كاهل الشركات الأمريكية، التى غالبًا ما تُحمّل المستهلكين بهذه النفقات، وفقا للصحيفة.

وقدّر تقريرٌ صادرٌ عن وزارة الزراعة الأمريكية فى عام 2021 أن إزالة الرسوم الجمركية على الواردات الزراعية من شأنها أن تُحسّن رفاهية المستهلك الأمريكى بمقدار 3.5 مليار دولار سنويًا. كما خلصت دراسةٌ حديثةٌ أجراها معهد بيترسون للاقتصاد الدولى إلى أن الرسوم الجمركية التى اقترحها ترامب قد ترفع الأسعار بنسبة %2 وتُخفّض نمو الاقتصاد الأمريكى بأكثر من %1 بحلول عام 2026.

وأشارت الصحيفة إلى أن تداعيات الأمر لن تقتصر على الأسر الأمريكية، إذ تُهدّد أجندة ترامب الحمائية بإضعاف التحالفات الدولية وخنق النمو العالمى. كما أن وصف ترامب للاتحاد الأوروبى بأنه “صينٌ مُصغّرة» وتهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة %10 على السلع الأوروبية قد يُفاقم معاناة ألمانيا الاقتصادية، وخاصة فى قطاع السيارات، الذى يُعدّ حجر الزاوية فى اقتصادها.

وبحسب الصحيفة، فإن الحرب التجارية المطولة ستكون كارثة على الاقتصاد العالمى. ويحذر المحللون من أنها قد تُخفض نمو التجارة العالمية بنسبة %2.4، وتُهدد صادرات بقيمة 510 مليارات دولار، وتُقلص نمو الناتج المحلى الإجمالى العالمى بنسبة تصل إلى %2.3.

حتى الـ10% «مؤذية».. الجميع تحت سيف «التعريفات»

تسببت سياسات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى زيادة حالة عدم اليقين فى الاقتصاد العالمى، فقد ترشح ترامب على أساس برنامج اقتصادى أعطى الأولوية لسياسات حمائية شديدة، ومنها فرض تعريفة جمركية على الصين، قبل أن يكشف لاحقا عن رسوم جماعية على معظم دول العالم لا تقل عن %10، وعلى دول أخرى بنسب تصل إلى %50 (قام بتأجيلها لاحقا) وعلى الصين “حاليا” بنسبة %145.

ومع ذلك فإن حتى نسبة الـ%10 من شأنها أن تؤثر على التجارة العالمية وأوضاع الاقتصاد الكلى فى الولايات المتحدة وخارجها، بحسب تقرير نشره مركز بحوث السياسات الاقتصادية الأوروبى.

وذكر التقرير أن برنامج ترامب تعرض لانتقادات واسعة من الاقتصاديين لاحتمالية إبطاء النمو الاقتصادى وزيادة التضخم.

وأشار التقرير إلى أن إستراتيجية ترامب الاقتصادية ترتكز على أربعة محاور رئيسية : خفض الضرائب، وموازنة العجز، وإلغاء القيود التنظيمية، والتعريفات الجمركية. ومن المرجح أن يمدد ترامب تخفيضاته الضريبية وربما يخفضها أكثر. وتشير تقديرات مكتب الميزانية فى الكونجرس إلى أن هذه التخفيضات الضريبية قد تزيد العجز الفيدرالى بما يصل إلى 4.5 تريليون دولار على مدى عشر سنوات.

ومع ذلك، بحسب التقرير، سيسعى ترامب إلى موازنة العجز الفيدرالى، وقد يستخدم تدابير مثل عائدات التعريفات الجمركية وخفض الإنفاق الحكومى لتعويض الزيادات فى العجز الناجمة عن التخفيضات الضريبية. ومن المرجح أن يكون لسياسات ترامب الجمركية الأثر الأكبر على الاقتصاد العالمى. ولا تزال تفاصيل إجراءات التعريفات غير واضحة، وربما تم الترويج لبعض الرسوم كوسيلة للضغط.

ويقدر معهد بيترسون للاقتصاد الدولى أن حوالى %48 من واردات الولايات المتحدة تأتى من دول لا تشمل الصين وشركاء اتفاقية التجارة الحرة. ويشمل هؤلاء الشركاء غير المنضمين إلى اتفاقية التجارة الحرة الاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة واليابان. وحاليًا، تخضع الواردات من هذه الدول للضريبة وفق معدلات الدولة الأولى بالرعاية، كما حددتها منظمة التجارة العالمية.

ومن شأن فرض تعريفة جمركية بنسبة %10 أن يزيد بشكل كبير من ضرائب الاستيراد على معظم أنواع السلع، باستثناء الجلود والأحذية والملابس، والتى تخضع حاليًا لضريبة أعلى من المعدل الشامل البالغ %10 الذى اقترحه ترامب. ومن المتوقع أن تكون الآلات والمواد الكيميائية والإلكترونيات الأكثر تأثرًا بفرض معدل شامل بنسبة %10 إذ تخضع كل منها حاليًا لضريبة أقل من %1، وتشكل مجتمعة ثلثى تريليون دولار من الواردات.

من ناحية أخرى، يحدد الاتحاد الأوروبى حاليًا تعريفاته الجمركية وفق معدلات الدولة الأولى بالرعاية. ففى عام 2022، بلغ متوسط معدل معاملة الدولة الأولى بالرعاية للصادرات الأمريكية غير الزراعية %3.9؛ وفى عام 2023، دخلت %73 من الصادرات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبى بتعريفة جمركية صفرية.

لذلك، قد يؤثر رد فعل انتقامى مماثل بشكل كبير على الصادرات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبى. ومع ذلك، من المحتمل ألا تؤدى التعريفات الجمركية إلى قطع تدفقات تجارية كبيرة، بل قد تعيد توجيهها عبر أطراف ثالثة إلى الولايات المتحدة.

وبحسب التقرير، قد تؤثر تعريفات ترامب والغموض العام المحيط بسياسات التجارة الأمريكية على اقتصاد الاتحاد الأوروبى بعدة طرق. فبشكل عام، قد تؤثر التعريفات بشكل كبير على المصدرين الأوروبيين، وقد تؤدى إلى رد فعل انتقامى من المفوضية الأوروبية. كما قد يكون لها تأثير على التضخم وقرارات أسعار الفائدة فى الأشهر المقبلة. وقد تؤدى السياسات الأمريكية إلى تباطؤ النمو الاقتصادى فى الاتحاد الأوروبى.

وتشير التوقعات الحالية إلى زيادة طفيفة فى النمو الاقتصادى فى العامين المقبلين بعد ركود فعلى فى عام 2023 ونمو معتدل فقط (بنسبة %0.2) فى عام 2024. وفى حالة فرض تعريفة جمركية بنسبة %10، والتشديد المالى الناتج، يتوقع صندوق النقد الدولى أن يكون نمو الاتحاد الأوروبى على مدى العامين المقبلين أبطأ بنسبة %1، مقارنة بالتوقعات الحالية.

وقد خفض البنك المركزى الأوروبى بالفعل توقعات صافى الصادرات لعام 2025. ومن المتوقع أن يتأثر قطاع السيارات فى الاتحاد الأوروبى، على وجه التحديد، بشكل خاص نظرًا للاختلال التجارى الكبير بين القطاعين فى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى. ويتوقع القطاع زيادة التعريفات الجمركية إلى %25 من %2.5 حاليا مما سيجعل سيارات الاتحاد الأوروبى أقل تنافسية بشكل كبير من حيث الأسعار فى السوق الأمريكية.

ووفقا للتقرير، هناك ثلاثة عناصر رئيسية تمثل أفضل استجابة للاتحاد الأوروبى على الرسوم الجمركية الأمريكية. أولاً، ينبغى على الاتحاد الأوروبى السعى إلى اتفاق ثنائى مع الولايات المتحدة، بهدف تجنب فرض الرسوم الجمركية أو تقليل أثرها. ثانيًا، ينبغى على الاتحاد الأوروبى مواصلة تعزيز إصلاح منظمة التجارة العالمية، مع الحفاظ على نظام تجارى فعال قائم على القواعد، إذ يمكن للاتحاد الأوروبى بناء تحالف من الدول لمواجهة الانجراف نحو الحمائية، والذى من شأنه أن يشمل شركاء تجاريين رئيسيين من الشمال والجنوب العالميين. أخيرًا، على الاتحاد الأوروبى تعزيز وتوسيع شبكة اتفاقيات التجارة التفضيلية الخاصة به، ويجب أن يهدف على وجه الخصوص إلى تحسين العلاقات التجارية مع المملكة المتحدة وتوطيد الشراكات التجارية مع دول فى أفريقيا ومنطقة المحيطين الهندى والهادئ.

«الركود».. سيناريو كئيب و«قريب»!

قالت صحيفة “ ذى تليجراف” البريطانية إنه بينما وعد الرئيس دونالد ترامب بإعادة إثراء الأمريكيين، إلا أنه حتى الآن فعل عكس ذلك، فقد أدت سلسلة الأوامر التنفيذية التى أصدرها والتخفيضات فى الوظائف والرسوم الجمركية التى يفرضها إلى زعزعة استقرار قطاعات كبيرة من الاقتصاد الأمريكى، وأثارت المخاوف من ركود محتمل، وهو أمر لم يستبعده ترامب نفسه.

وذكرت الصحيفة أنه سرعان ما تلاشت نشوة السوق الأولية، التى أثارتها آمال تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية، مع إصرار ترامب على المضى قدمًا فى وعوده بفرض رسوم جمركية غير مسبوقة بقيمة 770 مليار دولار فى حرب تجارية عالمية، وترحيل 11 مليون مهاجر غير شرعى قسرًا، وخفض تريليون دولار من ميزانية الحكومة الفيدرالية هذا العام.

وبحسب الصحيفة، أدت سياسات ترامب فى أول 50 يومًا من توليه السلطة إلى انهيار أسواق الأسهم، إذ انخفض مؤشر “ستاندرد آند بورز 500”، وهو مؤشر رئيسى فى “وول ستريت”، بأكثر من %10 منذ ذروته فى فبراير، ماحيا جميع مكاسبه الأولية التى حققها خلال الانتخابات الرئاسية. وبالمثل، انخفض مؤشر “ناسداك 100” بأكثر من %13 منذ فبراير.

أما بالنسبة للاقتصاد الحقيقى، فتلوح فى الأفق علامات تحذيرية، فالاستثمار يتراجع، وفرص العمل المتاحة ضعيفة، وثقة المستهلك تتلاشى بسرعة، وفقا للصحيفة.

وأوضحت الصحيفة أن الركود الاقتصادى ليس مؤكدًا فى الوقت الحالى لكنه شبح يطارد البلاد. لكن حتى مجرد تباطؤ الاقتصاد الأمريكى قد تكون له تداعيات هائلة، ليس فقط على الأمريكيين، بل أيضًا على المملكة المتحدة وأوروبا والعالم.

وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب يشرع فى محاولة طموحٍ لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمى، والحكومة الفيدرالية. وقد أثبت ترامب فى الماضى حساسيته تجاه تقلبات سوق الأسهم، وقد يدفعه الانهيار الأخير إلى تخفيف وتيرة إجراءاته. لكنه لم يُبدِ حتى الآن أى علامات على التمهل.

قال داريو بيركنز، المدير الإدارى فى شركة تى إس لومبارد للأبحاث الاقتصادية: “لم يسبق لنا أن رأينا صناع سياسات مستعدين للقيام بأمور قد تضر بالاقتصاد”.

وبحسب الصحيفة، يتفق الجميع على أن خطر الركود آخذ فى الارتفاع.

قال مارك زاندى، كبير الاقتصاديين فى “موديز أناليتيكس” إن خطر الركود فى الولايات المتحدة قد تضاعف من %15 فى بداية العام إلى %35 اليوم، بينما قدر محللون فى “جى بى مورجان” الخطر بنسبة %40.

وبحسب بنك الاحتياطى الفيدرالى فى “أتلانتا” فإن الاقتصاد الأمريكى فى طريقه إلى انكماش حاد خلال الربع الأول.

فى غضون ذلك، خفّض بنك “جولدمان ساكس” توقعاته للنمو لهذا العام من %2.4 إلى %1.7 فى أعقاب سلسلة الرسوم الجمركية التى فرضها ترامب.

حتى المشرعون الجمهوريون وشركة تسلا، التى يديرها إيلون ماسك، أقرب حلفاء ترامب، دقوا ناقوس الخطر بشأن العواقب الاقتصادية لخطط ترامب. فقد حذّرت السيناتور سوزان كولينز من أن الرسوم الجمركية على السلع الكندية سيكون لها تأثير ضار على اقتصاد ولاية “مين”. وحذرت “تسلا” من أن الشركات المصنعة الأمريكية قد تثقل كاهلها الرسوم الجمركية.

وما أثار قلق المراقبين هو أن ترامب يُضاعف جهوده حتى مع تراجع أسعار الأسهم وتدهور توقعات النمو.

وعندما سُئل ترامب عن احتمال حدوث ركود اقتصادى فى الولايات المتحدة، قال: “أكره توقع مثل هذه الأمور. هناك فترة انتقالية لأن ما نقوم به ضخم للغاية”.

وأعلن ترامب عن خططه لفرض رسوم جمركية واسعة النطاق على الواردات خلال حملته الانتخابية، لكن الاقتصاديين لم يعتقدوا حقًا أنه سيُطبّقها بالكامل.

فى الواقع، ذهب ترامب إلى أبعد مما صرّح به. فخلال الفترة التى سبقت الانتخابات، حدد خططًا لفرض رسوم جمركية تبلغ قيمتها الإجمالية 665 مليار دولار، وفقًا لبنك يو بى إس الاستثمارى. ومنذ توليه منصبه، بلغت قيمة خطط الرسوم الجمركية التى أعلن عنها (والتى لم تدخل حيز التنفيذ بعد) 770 مليار دولار، وهو ما يُعادل سبعة أضعاف المبلغ الذى نفّذه بين عامى 2018 و2019.

السياسات الفوضوية.. غطاء الشركات المفضل لزيادة الأسعار

قال خبراء اقتصاديون إن خطر دخول الاقتصاد الأمريكى فى حالة ركود هذا العام آخذ فى التزايد، مع استمرار تأثير سياسات دونالد ترامب الفوضوية بشأن الرسوم الجمركية على الأسواق، بحسب صحيفة “ذى جارديان” البريطانية.

وانخفضت أسهم وول ستريت بشكل حاد، إذ راهن المستثمرون على أن حرب التعريفات التجارية غير المتوقعة التى يشنها الرئيس الأمريكى، وطريقة تعامله مع الاقتصاد، ستؤثر سلبًا على النمو، فى ظل التراجع الأخير فى ثقة الشركات والمستهلكين.

قال خبراء اقتصاديون إن مخاطر الركود بسبب سياسات ترامب قد ارتفعت مع تزايد قلق المستثمرين العالميين من سياسات ترامب المتهورة ونهجه المتمثل فى البـدء والتوقـف فيما يتعلق بفرض الرسوم الجمركية.

ورفض ترامب استبعاد احتمال انزلاق الاقتصاد الأمريكى إلى حالة ركود هذا العام، محذرًا الشركات والأسر من الاستعداد لـفترة انتقالية واحتمال ارتفاع التضخم. وقال محللون إنه كان بإمكان الرئيس استغلال المقابلة مع قناة “فوكس نيوز” كفرصة لتهدئة التوتر فى الأسواق المالية، لكنه اختار بدلاً من ذلك المضى قدمًا فى نهج فوضوى متزايد، بحسب الصحيفة.

قالت كاثلين بروكس، من منصة التداول XTB، إن ترامب يضع أهدافه السياسية فوق قوة الاقتصاد وسوق الأسهم. وأضافت: “تذبذبه فى الرسوم الجمركية، ورؤاه التقليدية لأمريكا أولاً، يؤثران سلبًا على الاستهلاك ويزعزعان الثقة”.

وخفض خبراء الاقتصاد فى “وول ستريت” توقعاتهم للنمو فى الولايات المتحدة، محذرين من أن الحروب التجارية التى يشنها ترامب أثبتت أنها أكثر ضررا للاقتصاد الأمريكى مما كان متوقعا فى البداية.

وقال محللون فى “جولدمان ساكس” إن احتمالات حدوث ركود اقتصادى فى الولايات المتحدة قد ارتفعت من %15 إلى %20 ثم إلى %35 وحتى %40، حيث تم تعديل التوقعات لتشمل ارتفاع الرسوم الجمركية والتضخم، إلى جانب التأثير السلبى على الناتج المحلى الإجمالى والتوظيف.

وخفّض “مورجان ستانلي” توقعاته لنمو الناتج المحلى الإجمالى لعام 2025 من %1.9 إلى 1.5 %.

ولا يزال العديد من الاقتصاديين يعتقدون أن الولايات المتحدة ستتجنب التعريف المتعارف عليه للركود، وهو ربعان متتاليان من انكماش الناتج المحلى الإجمالى، لكنهم يحذرون من أن أحدث الأرقام تُظهر تزايد المخاطر.

وأظهرت بيانات الاقتصاد الأمريكى مؤخرا انخفاضًا غير متوقع فى إنفاق المستهلكين فى يناير، وتفاقم العجز التجارى الأمريكى إلى مستوى قياسى بلغ 131 مليار دولار فى الشهر نفسه، مع اندفاع الشركات لنقل البضائع قبل فرض الرسوم الجمركية، وأكبر انخفاض فى ثقة المستهلك خلال 4 سنوات فى فبراير.

ويشير نموذج الناتج المحلى الإجمالى الصادر عن بنك الاحتياطى الفيدرالى فى أتلانتا، والذى يتوقع النمو بناءً على البيانات الاقتصادية المتاحة، إلى أن الاقتصاد الأمريكى قد ينكمش بنسبة %2.4 فى الربع الأول (على أساس سنوي). وقد تكون القراءة متقلبة وتتأثر بشدة بالعجز التجارى الأمريكى المتزايد، والذى من المرجح أن يُعالَج فى الأشهر المقبلة.

قال بول دونوفان، كبير الاقتصاديين فى إدارة الثروات العالمية فى بنك يو بى إس: “بدأت الأسواق تشعر بالقلق الآن بشأن آفاق النمو فى عام 2025”.

وبحسب الصحيفة البريطانية، لا تزال سياسة الرسوم الجمركية الفوضوية تسمح للشركات بترويج قصص وهمية لعملائها لتغطية زيادات الأسعار، وقد يحاول بعضها أيضًا رفع الأسعار تحسبًا للرسوم الجمركية التى سيتم التراجع عنها فى النهاية من قبل ترامب، وفقا لتعبيرها.

أفريقيا.. القارة الضحية

أحدثت الرسوم الجمركية المرتفعة التى فرضها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب هزة فى العلاقات التجارية بين واشنطن وعدة دول أفريقية، وقد أثارت مخاوف فى جميع أنحاء القارة، بحسب تقرير لإذاعة صوت ألمانيا “دويتشه فيله”.

وحذّر كاكو نوبوكبو، الخبير الاقتصادى والوزير السابق فى توجو، من أن الرسوم الجمركية ستؤثر سلبًا على الدول الأفريقية التى تعانى بالفعل من أزمات سياسية.

وقال لوكالة فرانس برس: “يبدو أن الدول التى تخلفت عن الركب بسبب العولمة تتزايد أعدادها. ولذلك شهدنا زيادة فى الأنظمة غير الليبرالية، سواء فى أوروبا أو أفريقيا أو أمريكا”. وأضاف: “لكن الحمائية سلاح الضعفاء، وأعتقد أن ترامب أدرك أن الولايات المتحدة هى الآن الأضعف فى المنافسة مع الصين”.

ليسوتو

ومن بين الدول الأفريقية الأكثر تضررًا من الرسوم الجمركية ليسوتو، وهى مُصدّر رئيسى للمنسوجات، وكانت تخضع لرسوم بنسبة %50 (قبل أن يتم تعليقها) على صادراتها إلى الولايات المتحدة، وهى أعلى نسبة فى ظل إجراءات ترامب التجارية الجديدة.

قال وزير التجارة فى ليسوتو موكيثى شيليل إن هذا المعدل المرتفع لا يستند إلى حقائق على الأرض، وإن حكومته تسعى إلى توضيح الوضع مع واشنطن.

وأضاف “لدينا حوالى 11 مصنعًا تُزوّد السوق الأمريكية. وتُوظّف هذه الشركات أكثر من 12 ألف شخص، وهو ما يُمثّل حوالى %42 من إجمالى العمالة فى قطاع النسيج المحلى”.

وأنتجت مصانع الملابس فى ليسوتو سراويل جينز لعلامات تجارية أمريكية كبرى مثل ليفايس ورانجلر. وتُعد الولايات المتحدة ثانى أكبر شريك تجارى لليسوتو بعد جنوب أفريقيا.

وبسبب مخاوف فقدان الوظائف، اقترح شيليل توسيع التجارة الإقليمية دون إغفال الأسواق العالمية.

جنوب أفريقيا

بدوره، قال المحلل دانيال سيلك، مدير شركة “بوليتيكال فيوتشرز” للاستشارات فى كيب تاون، إن الرسوم الجمركية الأمريكية أثرت أيضًا على سوق الأسهم فى جنوب أفريقيا وأضعفت قيمة العملة الوطنية.

وتأثرت صادرات جنوب أفريقيا من السيارات بشدة أيضًا. وقال سيلك إن الرسوم الجمركية البالغة %30 قد لا تؤثر على الناتج المحلى الإجمالى لجنوب إفريقيا، ولكنها ستؤثر على قطاعات رئيسية مثل الأعمال الزراعية وصادرات السيارات.

وبحسب سيلك فإن حوالى %10 من سيارات جنوب أفريقيا تُصدر إلى الولايات المتحدة.

وأشار سيلك إلى أن جنوب أفريقيا ستسعى إلى أسواق جديدة لصادراتها الزراعية، لكن النبيذ والمنتجات الطازجة ستتأثر فى البداية. فى حين حذرت جمعية مزارعى الحمضيات فى جنوب أفريقيا من أن الرسوم الجمركية الجديدة قد تعرض 35 ألف وظيفة مرتبطة بالحمضيات فى البلاد للخطر.

وفقًا لسيلك، تُلغى التعريفات الأمريكية فعليًا قانون النمو والفرص فى أفريقيا (أجوا)، وهو برنامج يُتيح للدول المؤهلة فى المنطقة الوصول إلى الأسواق الأمريكية دون رسوم جمركية.

ويضمن هذا التشريع وصولًا معفيًا من الرسوم الجمركية للسلع الأفريقية، كما ساهم فى تطوير القارة صناعيًا، مما خلق مئات الآلاف من فرص العمل فى قطاع النسيج.

وبالنسبة لجنوب أفريقيا، لن تقتصر آثار هذا القانون على هوامش التصدير فحسب، بل ستشمل أيضًا التضخم والتوظيف وسياسة أسعار الفائدة.

كينيا

وتُصدّر كينيا أيضًا الملابس إلى الولايات المتحدة، إلا أن واشنطن فرضت تعريفة جمركية أقل بنسبة %10، مما يعنى أن اقتصادها لن يتأثر بنفس القدر الذى تأثرت به الدول الأخرى. وكانت غانا وإثيوبيا وتنزانيا وأوغندا والسنغال وليبيريا من بين الدول التى ستخضع صادراتها إلى الولايات المتحدة للتعريفة الجمركية الأساسية البالغة %10.

ليبيا والجزائر وتونس

ومن بين المناطق المتضررة شمال أفريقيا، إذ ستُفرض على ليبيا تعريفات جمركية بنسبة %31، والجزائر %30، وتونس %28.

وفى غرب أفريقيا، تُعدّ كوت ديفوار الأكثر تضررًا إذ ستفرض عليها رسوم بنسبة %21، بينما تخضع نيجيريا لرسوم جمركية بنسبة %14.

نيجيريا

وبالنسبة لنيجيريا، تُهدد هذه السياسة بزعزعة استقرار الاقتصادات الهشة التى تُعانى بالفعل من تباطؤ النمو، وأعباء الديون، والاعتماد على صادرات السلع الأساسية.

وتفرض نيجيريا، وهى واحدة من أكبر الاقتصادات فى القارة، تعريفة جمركية متوسطة تبلغ %12.5 على الواردات الأمريكية، بينما تفرض واشنطن تعريفة جمركية بمعدل %3.5 على السلع النيجيرية بموجب قانون النمو والفرص فى أفريقيا (AGOA).

وإذا طبّق ترامب مبدأ المعاملة بالمثل، فقد تُفرض تعريفات جمركية جديدة باهظة على صادرات نيجيريا، ومعظمها من النفط الخام والمنتجات الزراعية، مما يُضعف من قدرتها التنافسية.

ويعانى الاقتصاد النيجيرى من ضغوط، فقد بلغ معدل التضخم %23.18 اعتبارًا من 17 مارس 2025، وانخفضت قيمة العملة النيجيرية بشكل حاد، كما أن خدمة الدين تستهلك %65 من الإيرادات الحكومية. ومن شأن حرب الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة أن تُفاقم هذه المشكلات، فقد بات قانون النمو والفرص فى أفريقيا (أجوا) فى خطر، فمنذ عام 2000، منح قانون أجوا إعفاءً جمركيًا لأكثر من 6000 منتج من الدول الأفريقية المؤهلة.

وقد صدّرت نيجيريا سلعًا بقيمة 6.29 مليار دولار إلى الولايات المتحدة فى عام 2023، معظمها من النفط الخام. وإذا ألغى ترامب قانون النمو والفرص فى أفريقيا أو فرض رسومًا جمركية، فقد تتقلص عائدات نيجيريا النفطية، التى تراجعت بالفعل بسبب انخفاض الإنتاج.

ومن بين الدول الأفريقية الأكثر تضررًا من حملة ترامب لفرض ما يصفه بالتعريفات المتبادلة (المعلقة حتى الآن) مدغشقر (%47)، وموريشيوس (%40)، وبوتسوانا (%37)، وأنجولا (%32)، وجنوب أفريقيا (%30)، وناميبيا (%21)، وزيمبابوى (%18)، وزامبيا (%17).